علم النفس التنظيمي: نظريات لزيادة الإنتاجية ودعم التغيير
بدءاً من دراسة سلوك الموظفين وصولاً إلى تقييم الشّركات وتدريب القادة، تعرّف على أساسيات فهم السّلوك البشريّ في مكانِ العمل
60% من الموظّفين يشعرون بالانفصالِ العاطفيّ عن العملِ وفقاً لاستطلاع رأيٍّ لمؤسّسة غالوب، بينما أفادَ 19% بشعورهم بالبؤسِ بسبب العملِ، فقد وصلَ التّوترُ المرتبطُ بالعملِ إلى أعلى مستوياتهِ على الإطلاقِ، إذ يُعاني 44% من العمّال من ضغوطٍ مرهقةٍ يوميّاً. وقد لا يُمثّل هذا الأمرُ مشكلةً لأصحاب العمل طالما يُحقّقون الأرباح، ولكن وجدت نفسُ الدّراسة لغالوب أنّ عدمَ ارتباطِ الموظّفين يُكلِّف الاقتصادَ العالميّ ما يصلُ إلى 7.8 تريليون دولارٍ، فتتراوحُ هذه الخسائرُ بين الانخفاض الواضح في الإنتاجيّة، وتكلفة الاستشفاء من بيئة العمل غير الصّحيّة والمشكلات العقليّة والنّفسيّة المُرتبطة بها.
ومن هنا يبدأُ دور علم النفس التنظيمي، والّذي يهتمّ بخلقِ بيئةِ عملٍ تُعزّزُ رفاهيّة الموظّفين، وبالتّالي زيادة إنتاجيّتهم وتقليل معدّل دورانهم وتقليل مغادرتهم للعملِ، إذ إنّ فكرةَ تدريبِ الموظّفين من جديدٍ واختبارِ أدائهم شديدةُ الإرهاقِ والتّكلفة في أيّ مجالٍ. فما هو علم النفس التنظيمي، وما هي أهمّ أنواعه ومجالات تطبيقهِ؟ وهل يصلحُ لكلّ بيئات العمل؟ وكيف يُساهمُ بالفعلِ في زيادة إنتاجيّة الموظفين؛ وبالتّالي تحسين أرباحِ الشّركة؟ وما مدى سرعة نتائجهِ؟ كلّ هذا وأكثر سنتعرّفُ عليه في الأسطرِ المُقبلة.
ما هو علم النفس التنظيمي؟
علم النفس التنظيمي هو أحدُ فروعِ علم النفس، ويُعرف أيضاً باسم علم النفس الصناعي، وهو الّذي يُطبِّق نظريّاتٍ ومبادئ نفسيّةً متنوّعةً على المنظّمات، وهو ما يُطلق عليه IO أو Industrial-organizational، فيركّز هذا المزيجُ من علم النفس الصّناعيّ وعلم النّفس التّنظيميّ على فهم عوامل الإنتاجيّة في مكان العمل والقضايا المُتعلّقة بالرّفاهيّة الجسديّة والعقليّة للموظّفين. [1]
يؤدّي علم النفس التنظيمي الصناعي مجموعةً واسعةً من المهامّ، بما فيها دراسةُ مواقف العمّال وسلوكهم وتقييم الشّركات وإجراء التّدريب على القيادة، فالهدفُ الأساسيّ لهذا الفرعِ هو دراسةُ وفهمُ السّلوك البشريّ في مكانِ العملِ، وهو الأمرُ شديدُ الأهمّية في مجموعةٍ متنوّعةٍ من المهنِ والصّناعاتِ.
أهمية علم النفس التنظيمي
يُمكن التّفكيرُ في علم النفس التنظيمي الصناعي على أنّ له جانبين، هما: علم النفس التنظيمي وعلم النفس الصناعي، ومن خلالِ فهمِ هذه العوامل يأملُ علماء النّفس تحسينَ الأداء الفرديّ والصّحّة، وفي الوقتِ ذاتهِ تحقيق فوائد متنوّعةٍ للمنظّمةِ، ويُمكنُ تفصيلُ مجال اهتمامِ كلّ فرعٍ كما يلي:
علم النفس الصناعي
يتمثّلُ الدّور الرّئيسيّ له في معرفةِ كيفيّة مطابقةِ الأفرادِ بطريقةٍ أفضل لتأدية أدوارٍ وظيفيّةٍ مُحدّدةٍ، ويُشار إليه بكونهِ علم نفس الأفراد، ويحرصُ العاملون في هذا المجالِ على تقييمِ خصائصِ الموظّفين ثم مطابقتها بالوظائفِ الّتي من المُرجّحِ أن تكونَ إنتاجيّتهم بها أعلى من غيرها من الوظائفِ، وهو يشملُ تدريبَ الموظّفين وتطويرَ معايير الأداء الوظيفيّ.
علم النفس التنظيمي
هو يرُكّز بشكلٍ أكبر على فهم كيفيّة تأثيرِ بيئة العمل في المنظّمة والشّركة على السّلوك الفرديّ، فتعتبرُ كلّ من الهياكل التّنظيميّة والقواعد الاجتماعيّة السّائدة وأساليب الإدارة وتوقّعات الأدوار من العمّال، كُلّها عواملٌ تُؤثّر بشدّةٍ على الطّريقة التي يتصرّفُ بها الموظّفون داخلَ المنظّمةِ.
مجالات عمل علم النفس التنظيمي
يُعتبرُ علم النفس الصناعي التنظيمي مجالاً تطبيقيّاً، إلّا أنّه يحوي على أبحاثٍ نظريّةٍ شديدة الأهمّية أيضاً، كما ويحتوي IO على عددٍ من المجالات الفرعيّة، مثل التّفاعل بين الإنسان والكمبيوتر، وعلم نفس الأفراد والعوامل البشريّة، ومن أهمّ المجالات الّتي يعملُ بها علم النفس التنظيمي الصناعي:
- اختيار الموظّفين بكفاءةٍ: يتضمّنُ هذا المجالُ تطويرَ طريقةِ تقييمِ الموظّفين عند اختيارهم من الأساسِ، وتتمثّلُ في اختباراتِ فحصِ الشّخصيّة المتنوّعة، والّتي تُحدّد ما إذا كان المُتقدّمون للوظيفة مؤهلّين لتولّي مهامٍّ معيّنةٍ أم يحتاجون إلى تأهيلٍ مسبقٍ أم غير مناسبين على الإطلاقِ.
- بيئة العمل: وهو المجالُ الّذي يُعنى بالطّريقة التي يُصمّمُ بها مكانُ العملِ والمُعدّات والإجراءات المُتّبعة؛ لتحقيقِ أفضل أداءٍ ممكنٍ مع تقليلِ الإصاباتِ، سواء في طريقةِ الجلوسِ أو موقع المكتب أو عدد الأفراد أو التّعامل مع الآلاتِ والأجهزةِ وغيرها.
- التّطوير التّنظيميّ: يُساعدُ علماء النفس على تحسينِ أداء المنظّمات من الدّاخل، مع زيادة الأرباحِ وإعادةِ تصميمِ المُنتجات وتحسين الهيكل التّنظيميّ.
- تقييم الأداء: يتولّى علماء النفس في هذا الجانب تطويرَ طُرقِ التّقييم المختلفةِ للموظّفين مع تطبيقِ تقنيّاتٍ تُحدّدُ ما إذا كان الموظّفُ يُمارسُ عملهُ بطريقةٍ جيّدةٍ أم أنّ هناك أيّ نوعٍ من التّقصير مع محاولةِ معرفةِ سببه، وهل هذا نتيجة عوامل فرديّة أم خاصّة بالمؤسّسة.
- التّدريب والتّطوير: يُحدّد المُتخصّصون في هذا المجال نوع المهارات الّتي يجبُ التّدريب عليها لتأدية وظائف مُحدّدةٍ بكفاءةٍ أكبر، بالإضافةِ إلى تطويرِ وتقييمِ برامج تدريبِ الموظّفين.
- القدرات والدّوافع: يهتمّ الخبراء في هذا المجال بفهمِ أفضل طريقةٍ لتحفيز الموظّفين، وفقاً لشخصيّاتهم ومكان العمل ومعرفة ما يتوقّعونه، ممّا يزيدُ من كفاءة الصّحة العقليّة والنّفسيّة وجودة الحياة عموماً، وفي بيئة العملِ خصوصاً.
أهمّ نظريات علم النفس التنظيمي
تعتمدُ المجالاتُ المختلفةُ في علم النفس التنظيمي الصناعي، بما في ذلكَ تحقيق الرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجيّة، على مجموعة نظريّاتٍ أكاديميّةٍ تُفسِّر السّلوك البشريّ والحوافز والدّوافع، وهناك 3 نظريّاتٍ أساسيةٍ يُطبّقها هذا الفرعُ من علم النّفس في مجال العملِ، وهي: [3]
نظرية الخصائص الوظيفيّة
تشيرُ هذه النّظريّة إلى التّصميمِ العامّ للوظيفةِ، وكيف يُمكن أن تُؤثّرَ على الحالةِ العقليّة للموظّف ومستوى إنتاجيّته، فتسمحُ هذه النّظريّةُ للقيادة بتحليلِ مكوّنات الوظيفة المُحدّدة ومعرفة هل تعيقُ أو تُشجّع الموظّفين على الإنتاج، وما التّغييرات الّتي يُمكن إضافتها لتحسينِ مخرجاتِ العملِ.
تتضمّنُ هذه المكوّناتُ شعورَ الموظّف تجاه المهامّ المُحدّدة الّتي تتطلّبها الوظيفةُ وعلاقاتهُ مع القيادةِ والتّعويضات، فإذا كانت الوظيفةُ تتطلّب مهمّاتٍ مُتكرّرةً تُشعر الموظّف بالمللِ، أو متطلّباتٍ مُفرطةً من الإدارة تُشعره بالإرهاق دون أجرٍ مناسبٍ، أو طوارئ دائمةً ومتطلّباتِ تَوفُّرٍ باستمرارٍ في أيّ وقتٍ من اليومِ طوال الأسبوع دونَ حوافزَ ملائمةٍ لشخصيّته وطبيعتهِ، فإنّ هذا سوف يؤدّي إلى انخفاضِ الرّضا الوظيفيّ والإرهاق وانخفاض الإنتاجيّة بالتّالي.
نظرية التّبادل الاجتماعيّ
وتقوم هذه النّظريّةُ على مبدأ أنّ العلاقاتِ الإنسانيّةَ مبنيّةٌ على تحليلِ تكاليفِ وفوائدِ التّواجد في أيّ علاقةٍ، فسواء كانت علاقاتٍ شخصيّةً، مثل الصّداقة والزّواج أو علاقات العملِ، فإنّ الشّخصَ إذا شعرَ أنّهُ يبذلُ الكثيرَ من الجهدِ دونَ ردّ فعلٍ مناسبٍ من الطّرف الآخر، فإنّه سوف ينسحبُ أو يتوقّفُ عن بذلِ هذا الجهد العاطفيّ، فالموظّفُ الّذي يشعرُ بالتّقدير والاحترام والمكافأة على عملهِ الشّاق سوف يستثمرُ المزيدَ من الطّاقةِ والجهدِ والوقتِ في هذا العملِ، ليحافظَ عليهِ أكثر.
تصلحُ هذه النّظريّةُ في أيّ مكان عملٍ عموماً، وفي الأماكنِ الّتي قد تتوفّرُ بها فرص بدء أعمالٍ تجاريّةٍ خصوصاً، فإذا لم يحصل الموظّف على التّقدير الكافي سيظلُّ يتساءلُ عن الفائدة التي تعودُ عليه، ولماذا لا يبدأ عملهُ الخاصّ بنفسهِ، وهنا وفقاً للسّمات الشّخصيّة الّتي يُحدّدها علماء النّفس سوف يتعرّفُ القادة على مدى قدرةِ موظّفٍ ما على تحمّل قدرٍ مُعيّن من الضّغوطِ، وما الطّريقةُ الملائمةُ لتحفيزهِ والحصول على أفضل جهودٍ له، لاستثمارها لأطول فترةٍ ممكنةٍ قبل أن يُفكّرَ في بدء عملٍ خاصٍّ به.
نظرية العدالة
وهي بالضّبطُ كما توحي من اسمها، تُركّز على أنّ العدالةَ من الحوافز الأساسيّة للبشرِ، فكلّ شخصٍ لديهِ آلةٌ حاسبةٌ ذهنيّةٌ تُقيسُ الجهد الّذي يبذلهُ في الوظائف والمهامّ والعلاقات وغيرها وما يشعرون أنّهم يحصلون عليه في المقابلِ، فهناك أشخاصٌ تكونُ العدالةُ بالنّسبة لهم التّقدير المعنويّ المُتساوي، وهناك آخرون تكون المكافآتُ الماديّةُ أو زيادةُ أيّام الإجازاتِ أو غيرها، فإذا شعرَ موظّفٌ أنّه يبذلُ الكثيرَ من الجهدِ، في حين لا يتلقّى نفسَ التّشجيع مثل آخرين، فإنّ هذا بالتّأكيد سوف يُشعره بعدم الرّضا، ويُقلّل من جهدهِ المبذولِ في العملِ.
أهم فوائد تطبيق نظريات علم النفس التنظيمي في مكان العمل
يهدفُ علم النفس التنظيمي الصناعي في الأساسِ إلى تعزيزِ السّلوك البشريّ في بيئةِ العملِ، بما يساهمُ في تطويرِ الجوانب الصّحيّة والاجتماعيّة والنّفسيّة والاقتصاديّة في وقتٍ واحدٍ، ففوائدهُ متنوّعةٌ على الكثير من الجهاتِ، ومن أهمّ المُميّزات العمليّة الّتي لاحظتها المؤسّسات التي طبقّت هذا الفرع في بيئة العملِ: [2] [4]
اكتشاف المواهب وتحسين طرق الاستفادة منها
عبر تحليلِ مجموعةٍ من بياناتِ القُوى العاملةِ وتقديم تقاريرَ مُنتظمةٍ عنها، فإنّ أصحابَ العملِ يكون لديهم الحقائق اللّازمة لاتّخاذ قراراتِ عملٍ مستنيرةٍ، وفقاً للمواهب المُتوفّرة لديهم بالفعل أو تحديد الخبرات والمهارات الّتي تنقصُ الفريقَ، ممّا يُزيدُ من القدرةِ على تطبيقِ استراتيجيّة توظيفٍ فعّالةٍ تضمنُ التّنوع في بيئةِ العملِ، مع تطويرِ الفرصِ لقيادةِ الأعمال من قبل موظّفين يتمتّعون بالمهارةِ والكفاءةِ، لزيادة الأرباح والإنتاجيّة.
تحسين التواصل في مكان العمل والعمل الجماعي
هو من أهمّ الواجبات الأساسيّة للمتخصّصين في علم النفس التنظيمي، إذ تضمنُ المؤسّسةُ الّتي تُطبّق قواعد ونظريّات هذا العلمِ قدرةَ جميعِ أعضائها على تصوّرِ الرّؤية الكليّة للشّركة وفهم الأهداف الرّئيسيّة بما يضمن التّواصل الفعّال وتقليلَ الجهد المبذول في محاولات تواصلٍ فاشلةٍ، فيطوِّر علم النفس التنظيمي ورشَ العملِ الملائمة والبرامج التّدريبيّة المُتخصّصة؛ لتعزيزِ قدرات التّواصل سواء بين الموظّفين بعضهم البعض أو بينهم وبين القادة، ممّا يُقلّل من الصّراع، ويُعزّزُ من العمل الجماعي مع معرفةِ تفضيلاتِ الاتّصال للجميعِ، وهل المباشرة أفضل أم عبر الرّسائل النّصيّة، مع زيادةِ قدرات حلّ النّزاعات.
تعزيز رفاهية الموظف وتحفيزه
هناك علاقةٌ طرديّةٌ لا يُمكن تجاهلها بين رفاهيّة الموظّف ومستوى إنتاجيّتهِ، فيسعى علمُ النفس التنظيمي الصناعي إلى خلقِ ثقافةٍ تدعمُ رفاهيّة الموظّفين في العملِ، ويُمكن أن يتطلّبَ هذا وضعَ لوائح تُحقّق التّوازن المطلوب بين العملِ والحياة الخاصّة مع دعم برامج لإدارة التّوتر وتعزيز الصّحة العقليّة، بما يشملُ تصميمَ مكاتبَ مريحةٍ وعمليّةٍ أو ساعات عملٍ مرنةٍ أو غيرها، فالدّافعُ من العناصرِ الحاسمةِ في رفع إنتاجيّة العمل، ومن خلال تطبيق بعض نظريّات التّحفيز، مثل هرم ماسلو للاحتياجات ونظريّة هيرزبيرج الخاصّة بمؤثّرات رضا العامل وتحفيزهِ، فإنّهُ يُمكن تطويرُ استراتيجيّاتٍ قويّةٍ؛ لتحفيز الموظّفين، سواء بإنشاء برامج حوافز أو توفير فرصٍ للتقدّم المهنيّ أو التّأكّد من أنّ العملَ مُرضٍ ومتوافقٌ مع الأهدافِ الفرديّة للموظّفِ.
تطوير ممارسات القيادة والإدارة
إن تعزيزَ الإنتاجيّةِ في أيّ مؤسّسةٍ يبدأُ من قيادتها، فيعملُ علم النفس التنظيمي الصناعي مع القادة والمديرين لتطويرِ استراتيجيّات قيادةٍ فعّالةٍ مع التّعرّف على أفضل الممارسات الإداريّة، وفقاً لطبيعةِ المجالِ وبيئة العملِ، فيُقدّم التّوجيه والتّدريب الّذي يُساعد القادة على التّعرف على أفضل وسائل التّواصل مع الموظّفين، وكيف يتمتّعون بالذكاء العاطفي لبناء فريقٍ متناسقٍ، ممّا يزيدُ من مشاركة الموظّفين في العملِ، وبالتّالي رفع مستوى الإنتاجيّة.
تشجيع المساهمة الفرديّة
عبر أنشطةٍ شخصيّةٍ يُساعدُ المتخصّصون في علم النفس التنظيمي على إزالة الحواجزِ وتعزيز المهارات الفرديّة لأعضاء الفريقِ ورفع قدراتهم على حلّ المشكلات واتّخاذ القراراتِ الصّحيحة، مع إنشاءِ قنوات اتّصالٍ مفتوحةٍ يتمكّن من خلالها الموظّفون من التّعبير عن أفكارهم ومخاوفهم دون خوفٍ من الانتقامِ أو النّقد، فيُشجّع علماء النفس الفردية؛ لتعزيز نمو بيئة عمل أكثر تنوّعاً وانسجاماً.
تعزيز الابتكار
من خلال تشجيع التّواصل المفتوح والتّعرّف على طرق التّحفيز المُميّزة وتطوير المهارات، فإنّ علمَ النفس التنظيمي الصناعي يُعزّزَ من الابتكار في المؤسّسة، فتطويرُ الأفكارِ من خلالِ العمل الجماعيّ يرفعُ من القدرات الإبداعيّة، ويساعدُ على التّعلّم المستمرّ وتطوير الخبرات بطريقةٍ أسرع من البيئات الّتي لا تتمتّعُ بالتّواصل المفتوح ولا بالقدرة على تبادل الأفكار والخبرات ببساطةٍ ووضوحٍ.
سهولة تنفيذ التّغيير وإدارة التّطوير في المؤسسات
من أصعبِ المهامّ الّتي يواجهها أي فريق إدارة هو تشجيع الموظّفين على التّغيير، سواء بتقبّل طريقةِ عملٍ جديدةٍ أو إدخال تقنياتٍ متطوّرةٍ أو غيرها، فهي من العمليّات الصّعبة الّتي تتطلّبُ التّنفيذ الدّقيق والتّخطيط الاستراتيجيّ، ومن خلال علم النفس التنظيمي يُمكن التّعرّف بسهولةٍ على الأشخاص الأكثر قدرةً على إدارة هذا التّغيير وتشجيع زملائهم عليه، مع إنشاء رؤيةٍ مستقبليّةٍ مقنعةٍ للموظّفين تتماشى مع قيم المُنظّمة وأهدافها، وتُزيدُ بالتّالي من قدرتهم على تنفيذِ الخطط بأكبر قدرٍ ممكنٍ من الدّقة والفاعليّة، مع وضع برامج التّدريب المطلوبة؛ لدعم هذا التّغيير في أفضل شكلٍ وصورةٍ وأسرع وقتٍ لتعامل أفضل مع الكثير من القضايا المستقبليّة بمرونةٍ أكبر.
وفي الختامِ، فإنّ المُتخصّصين في علم النفس التنظيمي الصناعي يتمتّعون بالخبرةِ الكافيةِ؛ لتعزيزِ الثّقافة التّنظيميّة وتطوير التّجارب الإيجابيّة للموظفين على كافّة المستويات، مع تحليل الأداء والسّلوك في مكان العمل، ويتعاملون مع الموظّفين الحاليّين والمحتملين والقادة مع تقديم نصائح لأصحاب العمل قابلةٍ للتّنفيذ؛ لذا قبل أن تستهينَ كصاحب عملٍ بفكرةِ خلق بيئةٍ إيجابيّةٍ في الشّركة، وتُؤكّد أنّ الاحترافيّة لا دخل لها بالمشاعر، وأن من يشعرُ بعدم الرّضا يُمكن استبدالهُ بسهولةٍ، حاول مقارنة مميّزات وإيجابيّات الاحتفاظ بالموظّفين لفتراتٍ أطول وما سيعودُ عليكَ من سمعةٍ أفضل وأرباحٍٍ أكثر، مع توفير تكاليف أكثر في التّدريب والاختيار وغيرها.