عمر العلماء: تجربة مبهرة تؤيد منصب وزير الذكاء الاصطناعي
بدوره المحوري في تعزيز تنافسية الإمارات في الذكاء الاصطناعي ودعم المواهب، لفت عُمر العلماء الأنظار بشدة لأهمية منصبه عالمياً، وفي حواره الأخير مع ألتمان تأكدت ضرورة هذا الاتجاه
اختارته مجلة التايم الأمريكية كواحدٍ من أهمّ 100 شخصيَّةٍ عالميَّةٍ في مجال الذكاء الاصطناعي ضمن مجموعةٍ مهمَّةٍ من المؤسَّسين لهذه التِّقنيَّة، مثل: سام ألتمان، وإيلون ماسك، وغنسن هوانغ الرَّئيس التَّنفيذي لشركة نفيديا وغيرهم، إنَّه معالي عمر سلطان العلماء أوَّلُ وزير للذكاء الاصطناعي في العالم، والذي نجح في سنواتٍ قليلةٍ للغاية في تنفيذ رؤية الإمارات العربيَّة المتَّحدة؛ لتعزيز تبنِّي التُّكنولوجيا وترسيخ مكانة الدَّولة ليس فقط عربيَّاً ولكن عالميَّاً أيضاً.
فمن هو عمر العلماء وكيف تمكّن من تحقيق هذه الطَّفرة المشهودة في الإمارات والتي جعلت كلَّ الدُّول تنتبَّه لضرورة وجود وزير ذكاء اصطناعي لديها؟ [1]
من هو معالي عمر العلماء؟
بعد حضوره الطَّاغي في قمَّة حكومات العالم المنعقدة في دبي فبراير 2024 لفت معالي عمر العلماء الأنظار بشدَّةٍ لأهميَّة وجود وزير ذكاء اصطناعي في كلِّ دولةٍ ترغب في أن يكونَ لها مكانٌ في المستقبل، ومع حواراته الذَّكيَّة والملهمة مع كلِّ من سام ألتمان الرَّئيس التَّنفيذيّ لشركة Open AI ومبتكر أنظمة CHatGPT ومع غنسن هوانغ الرَّئيس التَّنفيذيّ لشركة نيفيديا، فإنَّنا لا بدَّ أن نستعرض الدَّور الذي يقوم به معاليه لتحقيق الاستفادة الهائلة من الذكاء الاصطناعي مع الانتباه لطريقة السَّيطرة عليها في الوقت ذاته.
عمر العلماء من مواليد 16 فبراير 1990 في دبي، وقد تلقَّى تعليماً عاليَّاً ساهم مع طموحه الشَّديد في تحقيق نجاحٍ لافتٍ في نشر تقنيَّة الذكاء الاصطناعي في الإمارات، فهو حاصلٌ على دبلوم في إدارة المشروعات من الجامعة الأمريكية في الشارقة، بالإضافة إلى شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية في دبي، وهو أيضاً عضوٌ في المنتدى الاقتصاديّ العالميّ، مما يُبرز تأثيره ليس العربي فقط، ولكن الدُّولي أيضاً في مجال الاقتصاد وتطبيق التِّقنيَّات الحديثة للنُّهوض بالدَّولة. [2]
تولَّى عمر العلماء منصب وزير الذكاء الاصطناعي في الإمارات عام 2017؛ ليكون بذلك أوَّل وزير ذكاء اصطناعي في العالم، وفي 2020 ومع نجاحه الواضح أُضيفت إليه مهامٌ أُخرى مثل الملف الاقتصاديّ الرَّقمي، وهو الآن مدير عام مكتب رئاسة الوزراء بالإضافة لمجموعةٍ أخرى من المناصب والعضويات التي تعكس طموحه الشَّديد وثقة الدَّولة به.
شاهد أيضاً: كيف تطلق العنان لإمكانيات عملك بالذكاء الاصطناعي
كيف سلط حوار عمر العلماء مع سام ألتمان الضوء على دور الإمارات البارز في مجال الذكاء الاصطناعي؟
بسؤالٍ مباشرٍ من عمر العلماء إلى سام ألتمان عمَّ كان سيفعله إذا كان وزيراً للذكاء الاصطناعي أجاب ألتمان بلا ترددٍ أنَّه كان سيفعل بالضبط ما يفعلونه في الإمارات، مشيداً بتجربة الدَّولة في دمج الذَّكاء الاصطناعيّ في التَّعليم والقطَّاع الحكوميّ ومبيناً أهميَّة تبنِّي موقفٍ إيجابيٍّ من هذه التِّقنيَّة دون خوف، بل بالعثور على طريقةٍ تدعم تقارب النَّاس العاديين مع هذه التكنولوجيا ليشعروا كأنَّهم في المستقبل.
كما اتَّفقت رؤيتهما معاً بشأن التَّحديَّات التي تواجه استغلال الذكاء الاصطناعي بطريقةٍ مُثلى، فدائماً ما يرى عمر العلماء ووفقاً لخطة الإمارات أهميَّة تطوير المهارات الرَّقميَّة لاستشراف المستقبل والتَّعامل مع هذه التِّقنيَّة بمحاور متعدِّدة تشمل الجوانب الأخلاقيَّة ودراسة قدرتها على التَّغيير سواء الإيجابيّ أو السَّلبي مع عدم تبنِّي نموذجٍ عالميٍّ واحدٍ فقط؛ ليُطلق مبكِّراً للغاية وعام 2018 تحديداً أوَّل معسكر صيفي للذكاء الاصطناعيّ في الإمارات، ويستقطب معه 2200 طالبٍ في أوَّل 24 ساعة فقط لدعم المواهب وزيادة نشر التِّقنيَّة بطرقٍ آمنةٍ. [3]
كما أكَّدا معاً ضرورة إيجاد كيانٍ تنظيميٍّ مبكِّرٍ لتقنيَّة الذكاء الاصطناعي يُشبه الأمم المتَّحدة لتجنُّب أيّ مخاطرٍ على المجتمع العالميّ، ليس فقط من الرُّوبوتات القاتلة كما تُصوَّر السِّينما، ولكن من التزييف العميق والاستخدام غير الأخلاقيّ لها، والذي يُهدّد الكثير من جهود دعم هذه التِّقنيَّة على مستوى العالم.
كيف يمكن لوزارة الذكاء الاصطناعي أن تفيد الدول سواء المتقدمة أو النامية؟
حذَّرت اليوروبول أو وكالة تطبيق الأمن الأوروبيّ مراراً من قدرة الذكاء الاصطناعي على زيادة الجرائم الإلكترونية، وعلى الرَّغم من ذلك فتقنيَّات الذكاء الاصطناعي تجتاح العالم بتسارعٍ غير مسبوقٍ، ولا مفرَّ من محاولة التَّعامل معها ليس فقط لتجنُّب مخاطرها المستقبليَّة، ولكن لتحقيق الاستفادة الشَّاملة منها أيضاً.
فيشعر الكثير من خبراء الذكاء الاصطناعي بقلقٍ عميقٍ من ظهور تسونامي من المعلومات المضلِّلة، مثل الصُّور التي انتشرت لضرب أهدافٍ أمريكيّةٍ تبيَّن زيفها، ولكن بعد أن أثَّرت سلباً على البورصة الأمريكية، كما أن التَّأثير في الانتخابات وخصوصيَّة البيانات يمثِّل إزعاجاً كبيراً. [4]
ومن هنا يأتي أهميَّة دور وجود وزارة للذكاء الاصطناعي مبكِّراً لمحاولة إيجاد التَّوازن المطلوب في استخدام هذه التِّقنيَّة، ويُشبِّه عمر العلماء الأمر بوزارة الطَّاقة، والتي لم تكن ضروريَّةً وقت استخدام النَّاس الفحم والنَّار، ولكن مع ظهور البترول وضرورة توزيع الطَّاقة أصبحت أساسيَّةً في كلِّ الدُّول، وكذلك وزارة الاتِّصالات؛ لذا لا بدَّ أن تدعمَ كلُ الدُّول هذه الفكرة وتُطبِّقها عاجلاً غير آجل إذا رغبت في مواكبة التَّطوُّر. [5]
شاهد أيضاً: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على المهارات الإنسانية في العمل؟
كيف تتعامل الدول المختلفة الآن مع الذكاء الاصطناعي؟
عدم انتشار فكرة وجود وزارة متخصِّصة في الذكاء الاصطناعي بمختلف دول العالم لا يعني إطلاقاً عدم اتِّخاذ خطواتٍ قويَّةٍ في دمجه والاستفادة منه، سواء في الدُّول المتقدِّمة أو النَّامية، مع محاولة السَّيطرة على مخاطره في الوقت ذاته.
فالبلاد النَّامية الآن تدرك أهميَّة استثمار تقنيَّة الذكاء الاصطناعي في الرِّعاية الصِّحيَّة والزِّراعة والتَّعليم، وبدأت الكثير منها في بناء البنية التَّحتيَّة اللازمة، مثل: الهند والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا، كما نفَّذت الصِّين خطَّة تطوير الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي، أمَّا في الشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأطلقت كلَّ من مصر وتونس والأردن استراتيجيَّاتها الوطنيَّة للذكاء الاصطناعي، كما ألحقت مصر مهام تكنولوجيا الابتكار بوزارة الاتِّصالات دون أن تُنشئ وزارةً مستقلَّةً، كما حقَّقت المملكة العربيَّة السُّعوديَّة خطواتٍ إيجابيَّة في هذا الشأن مع ملاحقةٍ قويَّةٍ للإمارات المتصدِّرة عربيَّاً.
أما نهج الدُّول المتقدِّمة فيختلف بشكلٍ كبيرٍ، فمع وجود البنية التَّحتيَّة الملائمة للاستخدام الفوريّ لهذه التِّقنيَّة، فإنَّ معظم المبادرات تُركِّز على الاستثمار في البحث والتَّطوير باستخدام الذكاء الاصطناعي مع توجيه عنايةٍ أكبر لضمان الاستخدام المسؤول والأخلاقيَّ والتَّأكيد على ضرورة التَّعاون بين القطاعين العام والخاصّ في هذا الأمر، وهذا يتضّح بشدةٍ في عدَّة مبادراتٍ أطلقتها كلٌّ من الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبيَّة وغيرها، وبياناتٍ تنظيميَّة وصل عددها إلى 37 عام 2023 فقط، والتي تدلُّ على الاستخدام الفعليّ للذكاء الاصطناعي في الكثير من مجالات الحياة مع ظهور الحاجة القويَّة لتنظيمه أكثر. [6]
لمزيدٍ من قصص النجاح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.