فنون القيادة: 8 مستويات للإدارة الفعالة في عالم الأعمال
مراحل المسؤولية التي تعدّ المبدأ الأساسي لرجال الأعمال الذين يطمحون للقيادة الناجحة، وللموظفين الذين يسعون للتميز والتطور السريع.
يؤكِّد العديد من قادة الأعمال أنَّ مفتاح النَّجاح يكمن في محاسبة الموظَّفين على تصرُّفاتهم، ولكنّي اكتشفت أنَّ القادة النَّاجحين يولون اهتماماً بالغاً بمحاسبة أنفسهم؛ إنَّهم يتجنَّبون الانخراط في ألعاب اللَّوم والتَّذمُّر، ويسعون لتحقيق الأهداف على الرَّغم من العقبات الجسام، وبصفتي مستشاراً للأعمال، أعدُّ أيَّ إشارةٍ إلى عقليَّة الضَّحيَّة كإشارةٍ مؤذنةٍ بالفشل. [1]
في الحقيقة، تتَّسع رؤيتي للأمور قليلاً ممَّا هو مذكورٌ في الكتاب الكلاسيكيّ Leading with GRIT لمؤلّفته Laurie Sudbrink، المدرّبة المعروفة في مجال قيادة الأعمال والمتحدّثة البارزة، والتي تُعرف الـGRIT بأنَّها الكرم Generosity، والاحترام Respect، والنَّزاهة Integrity، والصِّدق Truth، حيث تُعدُّ المسؤوليَّة جزءاً لا يتجزَّأ من النَّزاهة، وبوجود هذه الأشياء، يمكن للفرد أن يتحوَّل من مجرَّد تحمُّل المسؤوليَّة إلى تبوؤ مكانة القيادة الفعليَّة.
شاهد أيضاً: أخطر 7 خرافات عن القيادة تُهدّد الأعمال
ومن أجل توضيح مفهوم المسؤوليَّة، نحن -أنا وهي- ندعم بقوةٍ فكرة البدء بـ'سلم المسؤولية' الَّذي كان جزءاً من كلّ دورة إدارةً أساسيَّةً لسنواتٍ طويلةٍ، لكن للأسف، لم يحظَ العديد من المحترفين في مجال الأعمال بفرصةِ دراسة هذا الفصل، ويبدو أنَّ الكثير من المديرين في الشَّركات قد نسوا محتواه؛ لذلك سأوجز من خلال خبرتي الطَّويلة في مجال الأعمال الدَّرجات الثَّمانية الأساسيَّة لهذا السُّلَّم:
- غياب المسؤوليَّة: يقع بعض رجال الأعمال، سواءٌ كانوا موظَّفين أو مديرين أو تنفيذيّين، في فخِّ عدم الإدراك التَّامّ للفشل، وهؤلاء لا يدركون ما المطلوب منهم ولا الخراب الذي يخلّفونه وراءهم. وغالباً ما يظنُّون أنَّهم يؤدُّون عملاً ممتازاً، في حين هم في حقيقة الأمر غافلون عن عدم رضا عملائهم أو الخسائر الماليَّة التي يتسبَّبون بها.
- اللُّوم والشَّكوى: يتَّخذ بعض المحترفين في عالم الأعمال دور الضَّحيَّة، محمِّلين الآخرين أو الظَّروف الخارجيَّة مسؤوليَّة فشلهم، مثالٌ على ذلك هو توجيه الاتِّهامات نحو إدارةٍ غير عادلةٍ، أو إلقاء اللُّوم على الرُّكود الاقتصاديّ، أو توقُّعات العملاء غير الواقعيَّة كأسبابٍ لعدم الوفاء بالالتزامات.
- تقديم الأعذار بدل النَّتائج: يُبرّر العديد من رجال الأعمال والموظَّفين فشلهم بالادِّعاء بأنَّهم كانوا سينجحون لو كان لديهم المزيد من الوقت، أو تمويلٌ أكبر، أو التَّدريب المناسب، لكن في واقع الأمر، يكون التَّسويف وقلَّة التَّركيز وانخفاض الإنتاجيَّة وغياب المعايير هي الأسباب الحقيقيَّة وراء ذلك الفشل.
- انتظار المعجزات: يقع في هذه الفئة المبتكرون الذين يعملون وفق شعار "يكفينا الابتكار لجلب الأنظار، فإذا صنعنا المرغوب جاءنا الرَّاغب"، والتَّنفيذيون الذين لا يوضِّحون توقُّعاتهم، ولا يمكن للموظَّفين الذين لا يعرفون ما المتوقَّع منهم أن يكونوا مسؤولين، ولا يمكن لمؤسِّسي الأعمال أن ينجحوا إذا كان لديهم الشَّغف دون وجود خطَّةٍ واضحةٍ وأهدافٍ محدَّدةٍ.
- الاعتراف بالواقع يقود إلى المسؤوليَّة: يدرك أعضاء فريق العمل الذين يصلون إلى هذه المرحلة حجم العمل والمهام المطلوبة لتحقيق النَّجاح، ويعلم القادة الأذكياء أنَّ عليهم تقديم منتجٍ ذي جودةٍ عاليةٍ، وتطوير نموذج عملٍ مثمرٍ، واستقطاب عملاء حقيقيّين، وكلُّ ما يتطلَّبه الأمر بعد ذلك هو الالتزام والتَّنفيذ الفعَّال.
- تقبُّل تولّي زمام الأمور والمسؤوليَّة: يتطلَّب التَّقدُّم في عالم الأعمال شجاعةً، والتزاماً، وعزيمةً لا تلين، فإذا لم تكن الدَّوافع قويَّةً بما فيه الكفاية، يسهل على الأشخاص العودة إلى أدنى درجةٍ من سُلَّم المسؤوليَّة، وهم يخفون حقيقة ضعف سيطرتهم على مجريات الأمور خلف الأعذار واللَّوم والشَّكاوى.
- تطبيق الحلول المعروفة على التَّحدّيات المتوقَّعة: عادةً ما يعمل الموظَّفون والتَّنفيذيون المميزون في هذا المستوى من المسؤوليَّة، وهم يعترفون بسيطرتهم على الوضع ويفتخرون بكفاءتهم المهنيَّة، ومع ذلك عندما تحدث أمورٌ غير متوقَّعةٍ، قد يكونون سريعين في تحميل المسؤوليَّة لمن هم أعلى رتبة منهم أو يعمدون إلى التَّراجع عن الموقف.
- القبول الكامل للمسؤوليَّة وتحقيقها: هؤلاء هم القادة المحبوبون الذين ينجحون على الرَّغم من كلّ الصُّعوبات، والموظَّفون الَّذين يبتكرون طُرقاً جديدةً لإرضاء العملاء، وتحقيق أهدافٍ غيرِ مسبوقةٍ، وابتكارِ منتجاتٍ جديدةٍ لأسواقٍ لم تكن متوقَّعةً من قبل.
ومن وجهة نظري، ينبغي أن تكون المسؤوليَّة هي المبدأ الأساسيُّ لرجال الأعمال الذين يطمحون لتغيير العَالم، وللموظَّفين الذين يسعون للتَّميُّز، لكن قبل البدء في تقييم المسؤوليَّة لدى الآخرين، غالباً ما يكون من المفيد أن تقوم بنظرةٍ فاحصةٍ لذاتك في المرآة، هل أنت حقّاً قادر على محاسبة نفسك كي تكون مسؤولاً؟