عندما لا تسمح ميزانيتك: 4 خطوات لتجذب المواهب برواتب متواضعة
في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، تحمل المؤسسات عبء إجراء حوارات أصعب مع المتقدمين للوظائف بشأن الرواتب، إليك كيفية التواصل بفعالية مع المرشحين وتقديم عروض جذابة رغم التحديات المالية.
حين تجلسُ أمام مرشّحٍ بارعٍ، وأنتَ لست على استعدادٍ، أو لا تملك القدرةَ لتحقيق تطّلعاته الماليّة، لا تزال هنالك نفحة أملٍ لإتمامِ الاّتفاق. [1]
في ظلالِ الجائحةِ، كان الموظّفون يمسكّون زمامِ الأمورِ، حيثُ ارتفعت نسب الاستقالات إلى مستوياتٍ قياسيةٍ، إذ أكثر من نصف الموظّفين الذين ألقوا بأعباء وظائفهم في العام 2021م حصلوا على رواتب أعلى في مهامهم الجديدة. وكان من المُمكن للأشخاص الراغبين في تغييرِ وظائفهم توقّع زيادةٍ بنسبة 20% في الأجور بعد الانتقال، ممّا ساهم في رفع جميع الرّواتب والأجور للعمّال في القطاع الخاصّ بنسبة 5% خلال عام 2021م، وفقاً لإحصائيات مكتبِ العمل الأمريكيّ.
لكن منذ ذلك الحين، بدأت أمواج سوق العمل تهدأ ببطءٍ، على عكس توقّعات العمّال التي بقيت على حالها، مما ألقى بظلال فجوةٍ بين الطّرفين. وكشفت بياناتٌ حديثةٌ من Gusto، مزوّد خدمات الرّواتب، أنّ الشّركات بدأت تدفع 3.5% أقل للموظّفين الجدد مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. وفي الوقت نفسه، أظهرت أحدث تقارير الوظائف أنّ متوسط الأجور الساعية، رغم أنّها لا تزال أعلى من مستوياتٍ ما قبل الجائحة، قد بدأت تتباطأ.
ومن جهةٍ أخرى، وصلت توقّعات الرّواتب إلى ذروتها في يوليو. فكيف يمكنك الحديث عن الرّواتب التي هي أقل من المتوقّع مع المحافظة على تقديم عرضٍ جذابٍ؟ إليك بعض الآراء من الخبراء:
شارك وقارن البيانات المتعلقة بالرواتب
قبل الخوضِ في مناقشاتٍ ماليّةٍ مع الأفراد الرّاغبين في الانضمامِ لفريق العمل، يُفضّل على قادة الشّركات الوقوف على درجةِ عدالة الرّواتب التي يتقاضونها، لضمان نقاشٍ أكثرَ صدقاً وفاعليّةً، كما تشير كيم سكوت، المدرّبة السّابقة للرّؤساء التّنفيذيّين في شركات Dropbox وTwitter، وصاحبة كتاب القيادة الصادر عام 2017 بعنوان "Radical Candor".
على سبيل المثال، يُمكن للقادة مقارنة رواتبهم مع رواتب العاملين الأقلّ أجراً في الشّركة، كما تقترح سكوت، وتحديد الفرص المُتاحة لتوزيع الثّروة بشكلٍ أفضل. وفي شركة سكوت للتدريب والاستشارات، Radical Candor، تقوم هي وشريكها بتنفيذِ هذا التّمرين بالفعل في نهاية كلّ عام، كما توضّح.
ثمّ، إذا تأكّدت العدالة في توزيع الرّواتب، وظلّت الميزانيةُ محدودةً لدرجة عدم القدرة على زيادة الرّواتب بشكلٍ كبيرٍ، يُمكنك الإفصاح عن ذلك بكلّ شفافيةٍ لفريق العمل والمتقدّمين الجدد للوظائف. "أوصي بالإفصاح الكامل للأشخاص"، تقول سكوت، "فالنّاس قد يظّنون [أنّ الفجوةَ] أسوأ ممّا هي عليه في الواقع".
وبشكلٍ أفضل، يُمكن للقادة أن يؤكّدوا لأعضاء الفريق أنّه في حال قرّروا زيادة رواتبهم الخاصّة، سيقومون بزيادة الرّواتب للجميع أيضاً، كما تقول. ويُمكن أن تجعل هذه الجهود الصّادقة من السّهل على الأشخاص قبول الرّواتب المتواضعةِ.
تسليط الضوء على الاستقلالية وفرص التقدم الهرمي
تتمتّع الشّركات النّاشئة والصغيرة، على وجه التحديد، بقدرةٍ فريدةٍ على تقديم بيئة عملٍ تشجّع على الاستقلالية وتوفير فرصٍ للنّموّ المهنيّ التي قد تكون أقلّ توافراً في الشّركات الكبيرة، كما يشير الباحث والمستشار في مجال الموارد البشرية، جوش بيرسن. ويضيف بيرسن: "كلّما كانت الشّركة أكبر حجماً، كلّما كانت الوظيفة أضيق أفقاً. وعلى العكس من ذلك، كلّما كانت الشّركة أصغر، كلّما كانت الوظيفة أوسع".
لذا، يتعيّن على أصحاب العمل تسليط الضّوء على هذه الجوانب الإيجابيّة خلال عملية التّوظيف. فمثلاً، فيما يتعلّق بالاستقلالية، يُمكن لأصحابِ العمل التّأكيد على السّلطة الكبيرة في اتّخاذ القرارات التي يحملها الدّور الوظيفيّ المعروض، كما يُوضّح المدرّب التّنفيذي، جون بالدوني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأصحاب العمل الضّمان للمرشحين أنّ القيادة ستكون على استعدادٍ للاستماع بشكلٍ شخصيٍّ لآرائهم ورؤاهم، كما تقول كيم سكوت: "أعتقد أن هذا يشكّل فرقاً كبيراً بالنّسبة للأشخاصِ".
شاهد أيضاً: 3 طرق لتبسيط التدريب والإعداد للفِرَق الموزعة
وتمنح هذه الاستقلاليّة الكبيرة والقدرة على تطوير مهاراتٍ متعدّدةٍ وبسرعةٍ، فرصاً متعدّدةً للتقدّم الوظيفي، كما يشير بيرسن. ويضيف: "هذه نقطةُ جذبٍ رئيسةٍ، خصوصاً بالنّسبة للأشخاص الذين يطمحون لأن يصبحوا مديرين عامين أو في مناصب قياديّةٍ مماثلةٍ". ويؤكّد بالدوني على أنّ هذا التّقدّم سيترافق، بالطّبع، مع زياداتٍ مستحقّةٍ للرّواتبِ في المستقبلِ.
إبراز ثقافة ورسالة الشركة
بعيداً عن الفرص المهنيّة، تحظى ثقافة المكان بأهميّةٍ بالغةٍ، قد تتفوّق حتى على الأجر الذي يحصل عليه الفرد، وفقاً لإحدى الدّراسات. وهكذا، عندما يشيرُ المتقدّم للوظيفة إلى إمكانيّة الحصول على راتبٍ أعلى في مكانٍ آخر، يمكن للقادة أن يوضّحوا سبب اعتقادهم بأنّه سيجد الرّضا والسّعادة في الانضمام لفريقهم، كما يقول بالدوني: "لأنكم لن تتغلّبوا في معركة الرّواتب".
مثلاً، قد يشرح القادة بتفصيلٍ وأمثلةٍ عن الدّعم والتّعاون والطّموح الذي تتميّز به ثقافة الشّركة، ويضيف بيرسن أنّه: "وبسبب حجم الفريق الصغير، يُمكن لمدير التّوظيف في شركةٍ صغيرةٍ أن يوضّح هذه النّقاط بمصداقيةٍ عاليةٍ، بينما ربّما لا يمكن لمدير التّوظيف في شركةٍ كبيرةٍ قول ذلك".
ستجذب جوانبٌ مختلفةٌ من ثقافة الشّركة مرشّحين مختلفين، كما يقول جيم لينك، كبير موظّفي الموارد البشرية في جمعية إدارة الموارد البشرية. فمع المرشّحين الأصغر سناً، "إذا تمكنتم من التّحدّث عن ثقافات الشّمول والابتكار والتّعاون أو التّعلم، فإن ذلك سيثير الإعجاب"، يشرح لينك.
كما يُمكنكم أيضاً التّأكيد على رسالة الشّركة، والتي قد تكون أكثر تركيزاً في شركةٍ صغيرةٍ، "في شركتنا، على سبيل المثال، لدينا حوالي 40 شخصاً. أقول بكلّ صدقٍ، كلّ شخصٍ يعمل معنا يمكنه كسب المزيد من المال في مكانٍ آخر"، يقول. "لكنّهم يحبّون رسالتنا، ويحبّون الحقيقة التي تتيح لهم أن يكونوا جزءاً من شيءٍ ما وأن يخلقوا شيئاً".
ترويج الفوائد الوظيفية
مجالٌ آخر يُمكن فيه للشّركات أن تظهر تفرّدها: الفوائد الوظيفيّة. إذ "تعتبر الإجازات المدفوعة بلا حدودٍ أو التّدريب على التّطوير الوظيفيّ والقياديّ من الفوائد -المقبولة على نطاقٍ واسعٍ وذات احترامٍ عالٍ- التي يُمكن أن تنظر الشّركات في توفيرها"، كما يقول لينك. وإذا كنت توفّر جدول عملٍ مرنٍ أو هجينٍ، "فتباهى به وأعلن عنه بصوتٍ عالٍ"، يضيف.
شاهد أيضاً: استراتيجيات تصفية واختيار أفضل المواهب عند التوظيف
ما يعنيه ذلك بالنّسبة لكلّ شركةٍ قد يُكون مختلفاً، من تقليل الدّوام الأسبوعيّ أو إعطاء بعض ساعات نهاية العمل في بعض أيّام الجمعة، كما يقول: "نحن في SHRM نتفاجأ دائماً بمدى الإبداع الذي تظهره الشّركات عندما تحاول معالجة القضايا المتعلّقة بالمرونة والرّشاقة الوظيفيّة".
بالإضافة إلى ذلك، فكّر في المناطق التي يُمكنك فيها إضافة فوائد ماليّةٍ لموظّفيك بجانب رواتبهم. على سبيل المثال، يُمكن أن تصبح خيارات الأسهم في شركةٍ صغيرةٍ أكثر قيمةً في حال تمّ الاستحواذ عليها أو طرحها للاكتتاب العام، كما يُقول بيرسين.
وتقول بالدوني: "لا تحتاج الفوائد الرّائعة إلى أن تكونَ باهظة الثّمن، طالما أنّها تساعد الموظّفين على الشّعور بالانتماء، ويُمكن أن تكونَ فعّالةً -أعتقد خاصّةً في الشّركات النّاشئة- بالنّسبة للنّاس الذين يرغبون في الانتماء إلى شيءٍ أكبر منهم".