الرئيسية المال فن التفاوض: كيف تعقد صفقات يوميّة بنجاحٍ؟

فن التفاوض: كيف تعقد صفقات يوميّة بنجاحٍ؟

استراتيجيات لتعزيز قوّتك التّفاوضيّة وتحقيق صفقاتٍ مربحةٍ تعتمد على دفع الطّرف الآخر للكشف عن أفضل عروضه أوّلاً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هل تعلم أنّك تعقّد صفقاتٍ يوميّاً؟ وفقاً لدراسةٍ نُشرت من قبل "المعاهد الوطنيّة للصّحّة" (National Institutes for Health)، يتفاعل الشّخص العاديّ مع الآخرين أكثر من 12 مرّةً يوميّاً، وتتطلّب معظم هذه التّفاعلات التّفاوض أو التّنازل أو الوصول إلى نوعٍ من الاتّفاق.

لا تقتصر الصّفقات على تلك الّتي تعقّدها مع العملاء أو الزّبائن، أو حتّى مع مديرك أو المستثمرين، بل تمتدّ إلى شراكاتك العائليّة، وعلاقاتك مع والديك، وحتّى مع حيواناتك الأليفة. والأهمّ من ذلك، أنّك تعقّد صفقاتٍ مع نفسك أيضاً، كأن تواجه حلوى مغريةً، وتقرّر أن تستمتع بها اليوم، على وعدٍ بأن تبدأ الحمية الغذائيّة غداً.

دعنا نعود إلى الصّفقات؛ يحبّ الجميع الصّفقات، سواءً أنا أو أنت، ولكن الكثيرين يشعرون بعدم الرّاحة عند عقدها. مع ذلك، الأمر ليس معقّداً، فأنت تعقّد الصّفقات يوميّاً بالفعل، أمّا عقد صفقاتٍ ناجحةٍ فهو التّحدّي الأصعب، ويكمن أصعب جزءٍ فيه في تحديد السّعر المناسب

تعلّمت أهمّ درسٍ في التّفاوض عندما كنت طفلاً، إذ كنتُ بحاجةٍ إلى شراء جهاز كمبيوترٍ للدّراسة، فبدأتُ أبحث في الصّحف والنّشرات الإعلانيّة، حتّى وجدت جهازاً يناسب ميزانيتي الّتي كانت ألف دولارٍ، وعلى الفور، قمت بالاتّصال بالبائع. ولأنّني كُنتُ قليل الخبرة في التّفاوض، قدّمت السّعر المطلوب مباشرةً. استمع جدّي، الّذي كان مديراً تنفيذيّاً سابقاً في شركةٍ كبيرةٍ، إلى حديثي عن الصّفقة. وعندما أنهيتُ المكالمة، بدا عليه الاستياء، فقال جدّي: "الإعلان ذكر أفضل عرضٍ، لكنّك قدّمت له السّعر الّذي طلبه دون تفاوضٍ". في البداية، لم أفهم الدّرس الّذي كان يحاول إيصاله لي، ثمّ أوضح قائلاً: "عندما تتفاوض، لا يمكنك معرفة ما إذا كان البائع مستعدّاً لبيعك الشّيء بدولارٍ واحدٍ أو بمليون دولارٍ، فقد قدّمت ألف دولارٍ مباشرةً دون محاولة معرفة السّعر الحقيقيّ الّذي كان يريده".

بصفتي محامياً، ووكيلاً، ورائد أعمالٍ، أعقّد صفقاتٍ يوميّاً، كما أدرّس دورةً على منصّة "لينكد إن" (LinkedIn) حول الصّفقات، والتّأثير، والإقناع، هناك قاعدةٌ أساسيّةٌ يجب أن تتعلّمها في التّفاوض، سواء كنت تعقد صفقةً بملايين الدّولارات مع إحدى شركات "فورتشن 500" (Fortune 500)، أو تشتري سلعةً مستعملةً على "سوق فيسبوك" (Facebook Marketplace)، ألا وهي:

تجنّب تقديم الرّقم الأوّل

تقديم السّعر الأوّل دون معرفة ما قد يكون الطّرف الآخر مستعدّاً لدفعه يجعلك تفقد ميزتك التّفاوضيّة؛ لأنّك ببساطةٍ لا تعرف السّعر "الحقيقيّ" الّذي يدور في ذهنه.

مؤخّراً، شاركت في صفقةٍ إعلاميّةٍ كُبرى في وكالتنا للمواهب. كانت الصّفقة غير مسبوقةٍ، وبصراحةٍ، لم نكن نعلم كيف نحدّد السّعر المناسب، فأجرينا الأبحاث، وجمعنا البيانات، وحلّلناها بعنايةٍ، وحتّى بعد الاستفسار من جهاتٍ مختلفةٍ، لم نتمكّن من الوصول إلى تقديرٍ دقيقٍ لأتعاب العميل في هذا المشروععندها، تذكّرت نصيحة جدّي: "لا تقدّم الرّقم الأوّل أبداً أثناء التّفاوض". وعندما جلسنا مع العميل لمناقشة الصّفقة وسأل: "كم السّعر؟" كنّا مستعدّين للتّعامل بذكاءٍ، دون أن نفقد ميزتنا.

في تلك اللّحظة، استحضرت نصائح خبير التّفاوض كريس فوس، فسألتهم: "نودّ أن نعرف رأيكم، لماذا تعتقدون أنّ هذا الخيار مناسبٌ جدّاً لهذا المشروع؟" وبعد أن شرحوا أسبابهم، تابعت بسؤالٍ: "بما أنّكم ترون أنّه الخيار المثاليّ، ما القيمة الّتي تستحقّها هذه الصّفقة من وجهة نظركم؟"

عندما قدّم الطّرف الآخر عرضاً مبدئيّاً يشمل مليون دولارٍ مقدّماً و20% من الأرباح المستقبليّة، اضطررت لضبط نفسي حتّى أبدو متماسكاً، إذ كان العرض أعلى بكثيرٍ ممّا توقّعناه بناءً على كلّ التّحليلات الّتي أجريناها، حينئذٍ فكّرت: إذا كان هذا عرضهم الأوّل، فالسّعر الّذي يمكنهم دفعه أعلى بالتّأكيد؛ لذلك طلبت ضعف المبلغ. وعلى الرّغم من أنّنا لم نصل إلى الرّقم الّذي طلبناه بالكامل، إلّا أنّ النّتيجة كانت مرضيةً جدّاً، وكان عميلنا سعيداً جدّاً بالصّفقة النّهائيّة.

لو قدّمت الرّقم الأوّل، لكانت أرباح عميلنا أقلّ بكثيرٍ. إذن، تقديم الرّقم الأوّل يضعف موقفك التّفاوضيّ، ويمنح الطّرف الآخر ميزةً إضافيّةً. لذا، احرص دائماً على دفع الطّرف الآخر لتحديد السّعر أوّلاً عبر سؤالٍ بسيطٍ مثل: "ما هو أفضل عرضٍ لديكم؟"

عندما تسمع الرّقم الّذي يقدّمونه، ستتمكّن من فهم السّعر الحقيقيّ الّذي يدور في أذهانهم. ومن هنا، تستطيع تقييم ما إذا كانت الصّفقة مربحةً أم أنّ التّعامل معهم لا يستحقّ الجهدوتذكّر دائماً: في أيّ تفاوضٍ، لا تضعف موقفك بالتّفاوض ضدّ نفسك، وتجنّب تقديم الرّقم الأوّل لتحافظ على قوّتك التّفاوضيّة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: