3 استراتيجيات فعالة لبناء عروض تقديمية تخطف الأنظار
كيف تُحوّل عروضك التقديمية إلى تجارب لا تُنسى باستخدام علم الذاكرة، وفنّ السرد، وتنشيط الحواس؟
تُعدّ القدرةُ على إقناع الجمهور بقضيّةٍ ما الهدفَ الرّئيسيّ لغالبية العروض التقديمية، إذ يسعى المُقدِّمون لكسب تأيّيد الجمهور لفكرةٍ معيّنةٍ. ومع ذلك، إن لم يتمكّن الجمهور من استرجاع ما تم شرحه، فإنّ حتّى أروع الأفكار قد تذهب سدىً دون أن تحظى بالدّعم أو الحماسة المطلوبة. [1]
ويكمنُ السّر في إبداع عروضٍ تقديميّةٍ تبقى خالدةً في ذاكرة الجمهور بالجمع بين الدّقة الفنيّة والمعرفة العلميّة. وفي سعيي لاستكشاف الجانب العلميّ من هذا الموضوع، استعنتُ بخبراتِ الدّكتور تشاران رانغاناث، الأستاذ في علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، ومؤلّف الكتاب الأكثر مبيعاً Why We Remember: Unlocking Memory's Power to Hold on to What Matters حسب تصنيف نيويورك تايمز.
في مناقشتنا، بحثنا في أسباب نسيان أدمغتنا للكثير من المعلومات، بينما تحتفظُ فقط ببعضها. ومن خلال تقديم شرحٍ مفصّلٍ عن علم الأعصاب المُتعلِّق بالذّاكرةِ، ساعدني الدّكتور رانغاناث على تحديد ثلاث استراتيجيّاتٍ فعّالةٍ يُمكن للجميع تطبيقها لإنشاء عروضٍ تقديميّةٍ تخطفُ الأنظار وتترك أثراً لا يُنسى في ذاكرةِ الجمهور:
اجعلها مُجزّأة
يقولُ رانغاناث: "الدّماغ مصمّمٌ لاستغلال مبدأ 'الأقلّ هو الأكثر'"، وهذا يوضّحُ أنّ الجمهورَ يتقبّلُ ويحتفظُ بجزئيّاتٍ صغيرةٍ من المعلوماتِ؛ لأنّ قدرته على تخزين المعلومات في وقتٍ معيّن محدودةٌ.
لنأخذ مثالاً: عندما نحاولُ حفظَ سلسلةٍ تحتوي على 7 أرقامٍ أو أكثر، مثل أرقام الضّمان الاجتماعيّ أو رقم هاتفٍ، نجدُ أنفسنا نُقسّم هذه الأرقام إلى مجموعاتٍ أصغر، كل منها يتكّونُ من ثلاث أو أربع وحداتِ؛ لتسهيل عمليّة الحفظ. وينطبقُ هذا المبدأ أيضاً على المُتحدّثين والمُقدّمين الذين يجب عليهم الحرصُ على تقديم ثلاث إلى أربع رسائل رئيسيّة فقط، بما يسمح للجمهور بتذكّرها بسهولةٍ.
وبالنّسبة لي فإنّني أشاركُ روّاد الأعمال بما يُعرف غالباً بـ"قاعدة الثلاثة"، إلّا أنّ رانغاناث قدّم لي نصيحةً إضافيّةً تتمثّلُ بتلخيص هذه النّقاط الثّلاث في ختام العرض، وهكذا فإنّ التّجزئة مع الإعادة تُشكّل معادلةً مثاليّةً لعرضٍ تقديميٍّ لا يُنسى.
اسرُد قصّة
نميلُ إلى نسيان الأحداث اليوميّة الرّوتينيّة، لكنّنا نحتفظُ بذكرى التّجارب العاطفيّة العميقة، تلك التي غالباً ما تُروى بأفضل صورةٍ عبر القصص. "إنّ القصص تُمثّل جزءاً لا يتجزّأ من طريقتنا الطّبيعية في التّعلّم"، كما يقول رانغاناث. وفي دواخلنا، نحملُ القصص؛ لأنّنا عايشنا نحن وجميع البشر من حولنا الكثير من التّجارب، وعندما يتمكّن المتحدّثون من سرد قصصٍ تُلامس مشاعر جمهورهم، سترسّخُ الرّسالة في أذهانهم.
لدى روّاد الأعمال والمؤسّسين قصصٌ فريدةٌ ومؤثّرةٌ يُمكن مشاركتها، تلك القصص التي يستطيع الجمهور التّعاطف معها حتّى لو لم يكونوا قد بدأوا مشروعاً خاصّاً بهم. كثيراً ما يُذكر عن جيمس دايسون، الرّائد الملياردير، أنّه كان يروي كيف فشل 5126 مرّة قبل أن ينجحَ في اختراع مكنسة دايسون الشّهيرة، وهذه القصّة تجذبُ الجمهور؛ لأنها تلامس مشاعراً يتشاركُ فيها كلّ النّاس في العالم مثل الإحباط والفشل، كما تذكّرهم بالفرحة التي تأتي من تحقيق ما كان يُعتقد بأنّه مستحيلٌ.
حاول أن تأتي بقصصٍ من حياتكَ أو من حياة الآخرين تلقى صدىً لدى جمهوركَ، فهذه القصص لديها القدرة على التّأثير العميق والمستدام.
أضف عناصر تُنشِّط الحواس المتعدّدة
تترسّخُ ذكرياتنا في أذهاننا مقترنةً بمكانٍ وزمانٍ مُحدّدين. لذلك، قد تُثير رائحةٌ معيّنةٌ، أو صورةٌ، أو لحنٌ من أغنيةٍ ذكرى غاليةً على قلوبنا. "هذه الإشاراتُ تمتلكُ قوّةً هائلةً في تحفيز عمليّة استرجاع الذّكريات"، كما يوضّح رانغاناث، الذي يأخذ هذه النّصيحة على محمل الجدّ، إذ يمدمجُ مقاطع الفيديو في محاضراتهِ الجامعيّة، حتّى تصبحَ شيئاً بسيطاً كمشهدٍ من فيلمٍ مشهورٍ، ممّا يُعمّقُ فهم مبدأ معيّنٍ في علم الأعصاب.
ومن خبرتي كمدّربٍ للتّواصل، وجدتّ أن إدراجَ عناصر تٌنشّط مختلف الحواس في العرض التقديمي؛ كالفيديوهات، والصّور، والرّسوم المتحرّكة، يعتبر الطّريقة الأمثل لتحويل العرض من جيدٍ إلى استثنائيٍّ، إذ ليس هناك قاعدةٌ تفيدُ بأنّ عروض PowerPoint يجب أن تقتصرَ على النّصوص والنّقاط البارزة فقط. وهكذا فإنّ إنعاش محتواكَ وإغناءه بصورةٍ أو مقطع فيديو قصيرٍ يُمكن أن يُرسّخ رسالتكَ في ذهن الجمهور.
وأخذاً بنصيحةٍ رانغاناث، دعوني ألخصُ لكم النّقاط الرّئيسيّة لهذا المقال كما يلي: أطلق العنان لقوّة ذاكرة جمهوركَ من خلال تجزئةِ المعلوماتِ، ورواية القصص، وإضافة عناصر تُنشّط الحواس المختلفة في عرضكَ التّقديميّ.