فن المحادثة: كيف تجعل كلماتك مفتاحاً لأبواب النجاح؟
قدرتك على التّواصل بشكلٍ جذّابٍ ومؤثّرٍ يُمكن أن تكونَ العامل الفاصل بين النّجاح والفشل، ولكن كيف يُمكنكَ ضمان أنّ محادثاتكَ ليست مجرّد تبادل كلماتٍ، بل وسيلة تواصلٍ حقيقيّ؟
عندما تلعبُ العلاقاتُ الشّخصيّةُ دوراً محوريّاً في تحقيق النّجاح، تصبحُ القدرة على إجراء محادثاتٍ فعّالةٍ أداةً لا غنى عنها، سواء كُنتَ تتحدّثُ مع عميلٍ محتملٍ أو مستثمرٍ أو حتّى زميلٍ جديدٍ، فإنّ قدرتكَ على التّواصل بشكلٍ جذّابٍ ومؤثّرٍ يُمكن أن تكونَ العامل الفاصل بين النّجاح والفشل، ولكن كيف يُمكنكَ ضمان أنّ محادثاتكَ ليست مجرّد تبادل كلماتٍ، بل وسيلة تواصلٍ حقيقيٍّ؟
وفقاً لخبيرٍ في علم الأعصاب، يتميّزُ الأشخاصُ الذين يُتقنون فن المحادثة بقدرتهم على اتّباع نهجٍ محدّدٍ في تواصلهم، ولكن كيف يُمكنكَ التّأكد من أنّك تجري محادثاتٍ ناجحةً، خاصّةً مع أولئك الذين لا تعرفهم جيّداً، أو إذا كُنتَ تسعى لجذب انتباه عميلٍ محتملٍ، أو مستثمرٍ، أو حتّى موظّفٍ جديدٍ، فإنّ إتقان فن المحادثة يُعتبر من أفضل الطّرق لتحقيق ذلك، فعندما تتدفّقُ الأفكار والمعلومات بسلاسةٍ بينك وبين الطّرف الآخر، ستجدُ أنّه يزدادُ اهتماماً بما تقدّمه، سواء كان منتجاً أو فكرةً جديدةً.
ولكن من الصّعب تحقيق هذا التّواصل إذا كانت محادثتكَ تتعرّضُ لوقفاتٍ محرجةٍ أو صمتٍ غير مريحٍ؛ لهذا السّبب يسعى القادة الأذكياء إلى تعلّم كيفيّة الحفاظ على تدفّق المحادثة بشكلٍ طبيعيٍّ وسلسٍ، وقد أشارت Susan Krauss Whitbourne، الأستاذةُ الفخريّة للعلوم النّفسيّة والدّماغيّة في جامعة the University of Massachusetts Amherst إلى أهميّة هذا الأمر في مقالٍ نشرتهُ على موقع "Psychology Today" عام 2017، وما زال هذا المقالُ يحتفظُ بأهمّيته حتّى اليوم.
تشيرُ ويتبورن في مقالها إلى أبحاثٍ توضّح أنَّ الوقفات الصّامتةَ قد تُضعفُ شعور الارتباط بين أطراف المحادثةِ؛ ربّما لاحظت بنفسكَ كيف يُمكن للصّمت أثناء الحديث أن يُسبّبَ شعوراً بعدم الارتياح، وتُضيفُ ويتبورن أنَّ هذه الوقفات المُحرجة تكون أكثر شيوعاً في المحادثات عبر الهاتف أو الفيديو، حيث تغيب بعض الإشارات غير اللّفظية الّتي تُعزّز التّواصل الفعّال في اللّقاءات الشّخصيّة وجهاً لوجهٍ.
إذن، كيف يُمكنكَ الحفاظ على استمراريّة المحادثة، خاصةً عندما تتحدّثُ مع شخصٍ تلتقي به لأوّل مرّةٍ؟ فالخطوة الأولى والأهمّ هي أن تجعلَ الشّخص الآخر يشعرُ بأنّك تستمعُ إليه بعمقٍ، حيث إنّ الجميعَ يتوقون إلى أن يشعروا بأنّ هناك من يستمعُ إليهم، وعندما يشعرُ الشّخص الّذي تتحدّثُ معه بأنّك تستوعب ما يقوله بشكلٍ حقيقيٍّ، فإنّه سيصبحُ أكثر رغبةً في التّواصل معكَ.
كما أنّ الاستماعَ الفعليّ هو المفتاحُ لجعل الشّخص الآخر يشعرُ بأنّك تهتمّ به، قد يبدو هذا بديهيّاً، ولكن تطبيقهُ ليس سهلاً دائماً، فعندما يتحدّث إليك شخصٌ ما عن أمرٍ معيّنٍ، وخاصّةً إذا كان هذا الموضوع لا يتوافق مع اهتماماتكَ المباشرة، قد ينشغلُ ذهنكَ بأمورٍ أخرى، مثل: هل تُضيّع وقتكَ في هذه المحادثة أو كيف ستتعامل مع مشكلةٍ معيّنةٍ تشغل بالكَ أو ربّما تُخطّط لما ستقوله عندما يأتي دوركَ في الحديث.
وكلّما تمكّنت من تهدئة هذه الأفكار وتركيز انتباهكَ بالكامل على ما يقولهُ الشّخصُ الآخر، كانت قدرتكَ على التّفاعل معه بشكلٍ إيجابيٍّ أكبر، وإذا كُنت قلقاً من عدم معرفة ما تقولهُ عندما يأتي دوركَ، فإنّ عبارةً بسيطةً من 3 كلماتٍ قد تكون مفيدةً دائماً تقريباً.
وإلى جانب الاستماع الفعليّ، يلعبُ استخدامُ لغة الجسد دوراً مهمّاً في إظهار اهتمامكَ، حيث تنصحُ ويتبورن بالحفاظ على تواصلٍ بصريٍّ منتظمٍ، لكن دون مبالغةٍ، أمّا في المحادثات عبر الفيديو، يعني التّواصل البصريّ النّظر إلى الكاميرا مباشرةً، كما يُمكنكَ الابتسام والإيماء برأسكَ؛ لتبيّن أنّك تفهمُ النّقاط الّتي يطرحها الشّخصُ الآخر، وإذا كُنتَ ترغبُ في تعزيز هذا التّواصل، يُمكنكَ محاولة عكس وضعيّة جسد الشّخص الآخر بلطفٍ. لكن احذر، إذا كان التّركيزُ على لغة الجسد يصرف انتباهكَ عن مضمون المحادثة، فإنّ الأولويّة دائماً يجب أن تكونَ للتّركيز على ما يُقال.
أمّا نصيحة ويتبورن الأخيرة تتعلّقُ بإيقاع وتدفّق المحادثة، إذ يجبُ الحفاظ على تواصلٍ متبادلٍ مستمرٍّ -كما في لعبة التنس-فإذا كُنتَ تردّ على ما يقولهُ الشّخص الآخر بكلماتٍ قليلةٍ فقط، فإنّك تضع عليه عبء الاستمرار في المحادثة، وعلى الجانب الآخر، إذا استحوذتَ على الحديث وبدأت في سردٍ مطولٍ، فقد يفقدُ الشّخص الآخر اهتمامه بسهولةٍ.
في النّهاية، إذا كُنتَ ترغبُ في المزيد من النّصائح حول كيفيّة إجراء المحادثات بشكلٍ فعّالٍ، يُمكنكَ الرّجوع إلى بعض الكتب المفيدة في هذا الأمر، مثل كتاب "Career Self-Care: Find Your Happiness, Success, and Fulfillment at Work" الصّادر عن دار نشر "New World Library" في عام 2022، ستجدُ فيه أيضاً نصائح حول كيفيّة بناء علاقاتٍ تُساهمُ في تحقيق أهدافكَ الكبيرة، وتذكّر دائماً أنّ القدرةَ على بدء المحادثات والحفاظ على استمرارها من المهارات الأساسيّة الّتي تسهمُ في تسريع نجاحكَ.