التغليف المبتكر: كيف يؤثر شكل المنتج على سلوك المستهلك؟
استراتيجيات لبناء الروابط العاطفية مع العلامة التجارية من خلال التغليف، مما يضمن الحفاظ على ولاء العملاء لمنتجاتك
بصفتنا رواد أعمال، نحن مسؤولون عن إبداع أشياء جديدةٍ ومفيدةٍ، سواء كان ذلك منتجاً أو خدمةً أو مزيجاً منهما، وكانت تجاربي الأولى في مجال ريادة الأعمال تُركّز على البرامج كخدمةٍ، ولم يسبق أن خطرَ في بالي من قبل ما الذي يُمكن أن أتعلّمه من الشّركات التي تعتمد على المنتجات. ولكن بعد انتقالي للعمل في تصنيع الأغلفة والعبوات، وهو عالمٌ يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المنتجات، أصبحت مُقتنعاً بأنّ رأيي كان يجانبه الصّواب، وأن جميع رواد الأعمال يُمكنهم تعلّم دروسٍ مهمّةٍ من تغليف المنتجات. [1]
أصبحت أدرك أنّ التغليف هو جانبٌ فريدٌ من عالم المنتجات؛ لأنّه غالباً ما يمثّل العلامة التجارية، لدرجة أنّ التّغليف الجيد للمنتجات يُمكن أن يُؤثّر على سلوك المستهلك؛ إنه بمثابة نموذجٍ مُصغّرٍ للعالم الأوسع، ويحمل دروساً يُمكن أن تنطبقَ على قادة الأعمال ورواد الأعمال. نحن جميعاً مستهلكون، بما في ذلك المستثمرون الذين تأمل في جذبهم، والموظفون المحتملون الذين تأمل أن ينضمّوا إلى فريقك، والعملاء الذين تأملُ أن يشتروا منتجاتك. لذا، من خلال فهم كيفيّة تأثير التغليف على سلوك المستهلك، يُمكنك فهم كيفيّة جذب الأشخاص المناسبين إلى عملكَ المتنامي، بغضّ النّظر عمّا تُقدّمه.
وأثناء مناقشة التغليف مع العلامات التجارية الرّائدة والمتنامية، نُركّز غالباً وبالدّرجة الأولى على جوانبه النّفسية، ثم على العناصر الرّئيسية التي تُؤثّر على قرارات المستهلك.
دعونا نتناول أوّلاً الجانب النّفسي للتغليف، الذي يتضمّن ثلاثة مجالاتٍ رئيسيّةٍ تُؤثّر على سلوك المستهلك:
- الجاذبية البصرية: تمكنك الجاذبية البصرية من جذب انتباه أشخاصٍ معيّنين وتشكيل تصوّراتهم عنك، وعن شركتك، وعن منتجك. وهناك سبب وراء انتشار المقولة الشّائعة "الواقع هو ما ندركُه بحواسنا" على نطاقٍ واسعٍ، إذ ما نراه يُؤثّر غالباً على ما نعتقده. وتعتبر الأشياء التي تتمتّع بجاذبيّةٍ بصريّةٍ أفضل أو أعلى جودةً، سواء كانت موقع ويب، أو منتجاً، أو شخصاً. بينما لا يمكن للجاذبيّة البصريّة أن تحلَّ محلّ الجودة أو الجوهر، فإنّ تجاهل دور الجاذبيّة البصريّة قد يُضعف الجهود التي بذلتها في تعزيز رسالة شركتك ومنتجاتك.
- التناغم العاطفي: يلعب التّناغم العاطفيّ دوراً مركزيّاً في العديد من القرارات التّجاريّة، بدءاً من الصّورة المصغّرة لمقطع الفيديو إلى تصميم التغليف المحرك للذّكريات، وعندما نتجاوز حدود العلاقات التجارية، يجب أن تكونَ الرّابطة العاطفيّة لعملائنا مع منتجاتنا في طليعة أفكارنا.
- المعالجة المعرفية: بالنّسبة لمعظم النّاس، حتّى أولئك الذين يتميّزون بالتّفكير الاستراتيجيّ المُعقّد، فإنّ اتّخاذ القرارات الصّعبة على مدار اليوم يُمكن أن يكونَ مرهقاً ذهنيّاً وجسديّاً. فأدمغتنا تتوق إلى معلوماتٍ واضحةٍ وبسيطةٍ؛ لأنّ عالمنا معقّدٌ للغاية. والأشخاص والشركات الذين يجعلون رسائلهم سهلة الفهم، فهم بذلك يُعزّزون التّواصل، ويثبتون جدارتهم ومصداقيتهم، وعند اختبار العناصر الرّئيسيّة لشركتك، يجب أن يكونَ هدفك هو تقليل الحاجة إلى المعالجة المعرفيّة.
شاهد أيضاً: التغليف الفعال: بائع صامت على رفوف المتاجر
والآن بعد التّوصل إلى فهم الجانب النّفسي لتغليف المنتجات، دعونا نراجع العناصر التي تُؤثّر على تلك الرّوابط العاطفيّة مع العلامة التجارية، وكيف يُلهم التغليف تلك التّفاعلات:
المظهر والإحساس
تؤثّر الألوان والخطوط والرّسومات في كيفيّة تصوّر منتجك أو خدمتك أو شركتك. وفي عالم التغليف، ننظر عادةً إلى هذا في سياق كيف سيبدو منتجك على الرّف أو يشعر به المستهلك في يده. كما يجب عليك أيضاً تطبيق هذه العناصر على موقع الويب الخاصّ بك، والعروض التّقديميّة، ومتجر البيع بالتّجزئة، ونقاط الاتّصال الأخرى مع المستهلك.
ويمكن أن ينقلَ المظهر والإحساس بمنتجاتك شعوراً بالحنين، ممّا سيؤدّي إلى سلوكيّاتٍ استهلاكيّةٍ معيّنةٍ، ويمكن أن يخلقوا أيضاً شعوراً بالطّمأنينة أو العصريّة الزّائدة، ممّا يثير سلوكيّاتٍ مختلفةً للأشخاص الآخرين. بغضّ النّظر، سترغب في خلق اتّصالٍ عاطفيٍّ ونقل رسالتك مع أقلّ قدرٍ ممكنٍ من المعالجة المعرفيّة.
الانطباعات الأولى
تخلق الانطباعات الأولى أساساً يُمكن أن يكونَ من الصّعب تغييره لاحقاً، إذ يُمكن أن يُحدّد الانطباع الأوّل الرّائع ما إذا كان طريقك نحو تحقيق أهدافك مفروشاً بالورود أو إذا كنت تواجه تحديّاً كبيراً، تذكّر أنّه قد تختلف بدايات تواصل الجهات المساهمة مع شركتك؛ لذا يجب التّعامل مع المستثمر المحتمل بشكلٍ مختلفٍ عن الموظّفين أو العملاء.
رواية القصة
القصص فعّالةٌ للغاية في التّواصل، ولديك الآن -أكثر من أيّ وقتٍ مضى- العديد من الفرص والوسائل لروايتها. وتجد أنّ معظم الأغلفة تحكي على الأقلّ قصّةً واحدةً لا تُنسى عن المنتج أو العلامة التجارية أو كلاهما. والآن، تخيّل عدد الوسائل لرواية القصص لديك عبر قنوات التسويق، والعلاقات العامة، ووسائل الاتّصال الدّاخليّة. وتعدّ القصص جيدةً بشكلٍ خاصٍّ في بناء الرّوابط العاطفيّة. إذ إنّ معظم النّاس سينسون تفاصيل قصّتك؛ لكنهم سيتذكرون كيف شعروا عندما سمعوها. استفد من كلّ فرصةٍ لرواية قصّةٍ مختصرةٍ وواضحةٍ وجذّابةٍ تبني الرّوابط العاطفيّة التي تحتاجها.
سهولة الاستخدام
بينما يُفكّر معظم روّاد الأعمال وقادة الأعمال في سهولة الاستخدام ضمن سياق منتجهم أو خدمتهم، فإنّهم ينسون أنّها تمتدّ إلى العديد من جوانب أعمالهم. في عالم التغليف، نصمّم تغليفاتٍ سهلة الفتح أو على النّقيض تحتاج إلى وقتٍ أطول لخلق تجربةٍ عميقةٍ عند فتح الصّندوق،
وبصفتكَ قائد أعمالٍ، فكّر في المستوى الأمثل لسهولة الاستخدام لمنتجاتك وخدماتك، وموقع البيع بالتّجزئة، والمساحة المكتبيّة، وعلاقات المستثمرين. وعلاوةً على ذلك، يُمكن أن تساهمَ سهولة الاستخدام إمّا في تعزيز العمل الجيّد الذي قمت به أو تُفقده قيمته.
الوظائف الأساسية
ربّما يكون العنصر الأكثر أهميّةً هو ما يفعله منتجك أو خدمتك، أي وظائفه الأساسيّة، ومن المحتمل أنّك تُركّز على هذا بشكلٍ كبيرٍ، لكن لا تنسَ جميع الجوانب الأخرى المهمّة في شركتك، بدءاً من الأدوار داخل فريقك إلى المورّدين الذين تختارهم.
في عالم التغليف، الوظيفة الأساسية هي حماية المنتج. وعلى الرّغم من أنّه قد يبدو من السّهل افتراض أن مهندسي التّغليف أو المصمّمين لا يفقدون أبداً التّركيز على الوظائف الأساسيّة للتغليف، لكنّني رأيت هذا يحدث مرّاتٍ عديدةٍ، فهذه التّصاميم لا تدوم طويلًا، وتأثيرها على العلامة التجارية قد يكون كارثيّاً.
لقد رأيت أيضاً مؤسّسين أذكياء وقادة أعمال ينسون التّفكير في الوظائف الأساسيّة للجوانب المختلفة لشركتهم. على سبيل المثال، تصميم برامج تحتوي على ميّزاتٍ نادراً ما تستخدم وتُقلّل من الوظيفة الأساسيّة أو إرسال عرضٍ استثماريٍّ لمستثمرٍ يشبه عرضاً مقدّماً لعميلٍ.
ركّز على كيفيّة تأثير هذه العناصر الأساسيّة على الأطراف المعنيّة، وخاصّة فريقك، وعملائك، والمستثمرين. إذا تمكّنت من الاستفادة منها لخلق اتّصالٍ عاطفيٍّ قويٍّ، وتحسين الجاذبيّة البصريّة، وتقليل المعالجة المعرفيّة، فستكون قد وضعت احتمالات النّجاح في صفك، وإذا كنتَ تتساءل عن الشّركات الأخرى التي تُحقّق ذلك بنجاحٍ، انظر إلى تغليف أيّ علامة تجارية رائدة، وسترى أمامك شاهداً عمليّاً عمّا أقوله.