كم مرّةً تخيّلت أنّك ترمي مديركَ من الشّباكِ؟
لا تقلق لست الوحيد ضمن دائرةِ التّخيلاتِ تلك، ولكن ما رأيكَ أن تخرجَ منها إلى منطقةٍ أكثر مرحاً لتخفّفَ توتركَ ذاك؟
تقولُ إحصائيّاتٌ غريبةٌ، أنَّ 1 من بينِ كلِّ 10 موظّفينَ تخيّلَ أنّهُ يقتلُ مديرهُ في العملِ، فلماذا يحدثُ هَذا؟، وهَل منَ الممكنِ أنّهُ شيءٌ مفيدٌ؟، هَلْ يساعدُ التّخيّلُ على تخفيفِ الغضبِ؟، والأهمُّ هلْ يمكنُ أنْ يتحوّلَ إلى حقيقةٍ؟، وأمّا السّؤالُ الأكثرُ طرافةً، لمَاذا لا تتخيّلُ الأمرَ بطريقةٍ كوميديّةٍ أشبهَ بأفلامِ الكارتونِ، حيثُ ينتهي حلمُ اليقظةِ وأنتَ تضحكُ بعدَ أنْ تُنفّس غضبكَ، حسناً لمَ لا؟.
على المدراء اتّخاذ الحيطةِ والحذرِ
في عامِ 2018، وجدَ استطلاعٌ شملَ ما يزيدُ عن 2200 شخص، أنَّ واحداً من بينِ كلِّ 10 موظّفينَ تخيّل أنّهُ يقتلُ مديرهُ، بسببِ إحباطهِم في مكانِ العملِ نتيجةَ تصرّفِ المديرِِ، وهوَ ما يجبُ أن يؤديَ بالمدراءِ للمزيدِ منَ الحيطةِ والحذرِ، قبلَ أن يرميهمْ أحدُ الموظّفينَ من الشّباكِ، فليجرّبُ المديرُ أنْ يجعلَ مكتبهُ في الطّابقِ الأرضيّ مثلاً.
الاستطلاعُ الّذي أجراهُ مركزُ خدماتِ الأعمالِ التّجاريّةِ عبرَ الإنترنتِ "Expert Market"، بالتّعاونِ مع شركةِ الاستطلاعِ "Vivatic"، وِصفَت نتائجهُ بالمثيرةِ للقلقِ، ووفقاً لهُ فإنَّ عمّالَ البناءِ يمتلكونَ أسوأَ علاقةٍ مع مدرائهمُ المباشرينَ، إذْ أنَّ 22% منهم، اعترفوا بأفكارٍ قاتلةٍ قدْ راودتهُم.
هَل أنتَ مديرٌ في مجالِ البناءِ؟، حسناً امسح قطراتِ العرقِ من فوقِ جبينكَ، وابدَأ باتّخاذِ كافّةِ التّدابيرِ الّتي من شأنهَا عدمُ تنفيذِ موظّفيكَ لتخيّلاتهم، جرّب مثلاً إبعادَ الأدواتِ الحادّةِ، ووضعَ حارسٍ شخصيٍّ!.
في المرتبةِ الثّانيةِ يأتي العاملونَ في مجالِ الإعلامِ إذْ إنّ 15% منهم، اعترفُوا بامتلاكهِم تخيّلاتٍ قاتلةٍ تجاهَ مدرائهِم، هَذا أمرٌ رائعٌ حقّاً، على الأقلّ بالنّسبةِ لي، أتمنّى أنْ يدركَ مدرائي المخاطرَ قبلَ أن يُعيدوا إليّ هذه المقالةَ لتعديلهَا!.
شاهد أيضاً: سبب فشل قادة الشركات الناشئة: الملل
ومنَ الطّريفِ جدّاً معرفةُ أنَّ 52% من المشاركينَ في الاستطلاعِ، قالوا إنّهم مستعدّونَ للاستغناءِ عن زيادة رواتبهُم، مقابلَ طردِ مديرهُم منَ العملِ، بمعنى آخرَ هم مستعدّونَ حرفيّاً لبيعِ مديرهِم، هَل لكَ أنْ تتخيّلَ حجمَ الشّماتةِ؟، ربّما تستطيعُ أن تكونَ أكثرَ لطفاً معهُم في المرّةِ القادمةِ، يا عزيزي المدير.
وبحسبِ الاستطلاعِ فإنَّ 73% ممّن شملهُم، قالوا إنّهم قادرونَ على القيامِ بعملِ مديرهِم أفضلَ منهُ، ربّما كُلّنا مدراءٌ بالفطرةِ، أساساً ماذَا يفعلُ المديرُ غيرَ إلقاءِ الأوامرِ وتوجيهِ الإنذاراتِ والتّهديدِ بالفصلِ، كُلّها أمورٌ سهلةٌ نستطيعُ القيامَ بها، حسناً أنا أمزحُ قليلاً هُنا.
قتلُ المديرِ أمرٌ إيجابيٌّ، تخيّل!
سواءً كنتَ مديراً خائفاً من التّعرّضِ للقتلِ، أو موظّفاً عاديّاً تَخشى من أنْ تُصبحَ قاتلاً، تنفّسوا الصّعداءً قليلاً، فالأمرُ شائعٌ ويعتبرُ ظاهرةً طبيعيّةً، حتّى أنّهُ إيجابيٌّ تماماً، وفقاً لدراسةٍ أجراهَا علماءُ النّفسِ الجنائيّونَ، ونشرتهَا صحيفةُ ديل ميل البريطانيّةِ الشّهيرةِ. إذ تكشفُ عالمةُ النّفسِ الجنائيّ، الدّكتورةُ جوليا شو، السّرَ، وتقولُ إنَّ تخيّلِ قتلِ مديرنَا، يمنعنَا من القيامِ بالقتلِ في الواقعِ، كوننَا ننجحُ في التّنفيسِ عن غضبنَا خلالَ التّخيّلِ.
وتضيفُ العالمةُ المشاركةُ في أبحاثٍ فخريّةٍ في جامعةِ كوليدج لندن، إنَّ الدّراسةَ أجريَت على 139 موظفاً وموظّفةً، وتبيّنَ أنّ أكثرَ من نصفهم تخيّلوا قتلَ مديرهِم، لافتةً أنّ الأوهامَ الإجراميّة تعتبرُ بمثابةِ تمرينِ تعاطفٍ، كمَا أنَّها ضروريةٌ ليتصرّفَ الموظّفونَ على نحوٍّ أخلاقيٍّ.
ربّما بدأَ المدراءُ الّذين يقرأونَ هذهِ المادّةِ، بالتّخلّصِ من كافّةِ الأمورِ الإيجابيّةِ الّتي فكّروا أنْ يتّبعوها لتجنّبِ تحوّلِ التّخيّلاتِ إلى واقعٍ، ويحفّزون موظّفيهم على تلكَ التّخيّلاتِ من خلالِ المزيدِ من الضّغطِ عليهم، ويريحونَ أنفسهُم من إمكانيّةِ تنفيذهَا، حسناً جرّبوا أن تقرأوا بعضَ الكتبِ عن علمِ نفسِ العملِ.
أفكارٌ مغلوطةٌ عن المدراء
ربّما نمتلكُ كموظّفينَ وموظّفاتٍ الكثيرَ من الأفكارِ المغلوطةِ والأحكامِ المسبقةِ عن المدراءِ، الّذين هُم بالنّهايةِ بشرٌ مثلنا، يأكلونَ ويشربونَ، هَل تصدّقُ أنّهم يدخلونَ إلى الحمّامِ أيضاً. وفيمَا يلي بعضٌ من هذه الأفكارِ:
- عندمَا تَرى المديرَ وهوَ يمشِي بثقّةٍ داخلَ مكتبهِ، تعتقدُ وكأنّهُ يستعدُّ لمعركةٍ استراتيجيّةٍٍ، لكنْ في الواقعِ ربّما يكونُ يبحثُ عن قلمهِ فقطْ.
- ربّما تحسدُ المديرَ على أناقتهِ وثيابهِ الرّسميّةِ، الّتي تجعلكَ تظنُّ وكأنّهُ نجمٌ هوليوديّ، لكن في الواقعِ ربّما يكونُ مستاءً منهَا ويفضّلُ ارتداءَ الجينزِ فقَط.
- قدْ تجدُ المديرَ جادّاً وحازماً وغاضباً في العملِ، ثم تراهُ مصادفةً في متجرِ البقاليةِ بينمَا يشتري المحارمَ النّسائيّةَ لزوجتهِ، أو المنظّفاتِ للمنزلِ.
- حينَ تجدُ المديرَ مندمجاً خلفَ شاشةِ هاتفهِ المحمولِ، ربّما تعتقدُ أنّهُ يمارسُ عملاً هامّاً منَ الحماسِ البَادي على وجههِ، بينمَا يمكنُ أن يكونَ يمارسُ لعبةَ البابجي فقَط!.
- المديرُ يوجّهُ لكَ الأوامرَ والطّلباتِ في الصّباحِ، ثم يتلقّاها من زوجتهِ وأطفالهِ مساءً، فالحياةُ عادلةٌ نوعاً مَا.
في المرّةِ القادمةِ الّتي تتخيّلُ فيها نفسكَ تقتلُ مديركَ، جرّب تخيّلَ أنّك تصفعهُ على مؤخرّتهِ، أو أنّك تأمرهُ بتنظيفِ المكتبِ والحمّاماتِ، كعقوبةٍ لهُ، ربّما تكونُ هذهِ الخيالاتُ أكثرَ فكاهةٍ وتسليةٍ، من قتلهِ في حلمِ اليومِ، ما يعني أنّهُ ربّما لن يكونَ متاحاً يومَ غدٍ لقتلهِ مجدّداً، إلّا إنْ كانَ "مثلَ القطِّ بسبع أرواحٍ".
ويصادفُ اليومَ 16 أكتوبر، يومُ المديرِ العالميّ، الّذي تمّ الاحتفالُ فيهِ لأوّلِ مرّةٍ عامَ 1963 م في الولاياتِ المتّحدةِ الأميركيّةِ، ومنذُ ذاكَ الوقتِ تحتفلُ فيهِ العديدُ منَ البلدانِ حولَ العالمِ.