في يوم النوم العالمي: لماذا يجب أن تأخذ قيلولة خلال الدوام؟
من أينشتاين إلى دافنشي، تعلّم كيف يمكن لغفوة قصيرة أن تجدّد طاقتك وتعزّز إنتاجيتك
هل حاولت يوماً أن تأخذَ غفوةً قصيرةً وأنت تُمسك ملعقةً فوق طبقٍ معدنيٍّ، فإذا استرخت يدك وسقطت الملعقة، يوقظك صوت الارتطام في اللَّحظة ذاتها التي تبدأ فيها بالنوم؟ أو هل فكَّرت في تغيير عادات نومك لتصبح عبارةً عن النَّوم لمدَّة 15 دقيقةٍ فقط كلَّ أربع ساعاتٍ على مدار اليوم؟ قد تجد هذين السُّؤالين غريبين بعض الشَّيء، ولكن في الحقيقة، ليسا كذلك؛ لأنَّ "ألبرت أينشتاين" كان يمكنه الإجابة بنعم على السُّؤال الأوَّل، حيث كانت تلك إحدى عاداته، كذلك "ليوناردو دافنشي" لو كان بيننا اليوم وقرأ هذا المقال، لابتسم مؤكِّداً بإصبعه نحو نفسه بفخر، وهو يجيب على السُّؤال الثَّاني.
تلك العادات لاثنين من العباقرة مختلفة في التَّفاصيل لكنَّها متَّفقة في النَّتيجة، وهي الحصول على قسطٍ من "القيلولة"، وبالبحث والمعرفة، نجد أنَّ الأمرَ لا يقتصر على "أينشتاين" و"دافنشي" فحسب، بل "جون كيندي" أيضاً كان يأخذ قيلولته على كرسيٍّ هزازٍ في مكتبه بالبيت الأبيض، مؤمناً بأنَّ هذا سرُّ يقظته في أوقاته الدّبلوماسيَّة الحرجة.
"القيلولة" كموضوعٍ ليست بالأمر الهين كما قد يبدو للوهلة الأولى، ولا ينتهي شأنها عند الإشارة إلى قصص أينشتاين ودافنشي وكيندي فقط، ولكن للقيلولة أساسٌ علميٌّ يدعمها، فكيف ذلك؟ إليك الشرح:
في دراسةٍ نُشرت في العام 2010 بمجلة Science Direct، تمَّ التَّحقيق في آثار القيلولة على نشاط الدِّماغ، وتوصَّلت الدِّراسة إلى أنَّ القيلولة لمدَّة 20 دقيقةٍ تحسِّن بشكلٍ ملحوظٍ من اليقظة والمزاج عند الاستيقاظ مقارنةً بالأشخاص الَّذين لا يأخذون قيلولةً، وذلك دون أن تسبِّب الخمول أو الشُّعور بالتَّعب الذي قد نشعر به بعد النَّوم لفتراتٍ طويلةٍ.
شاهد أيضاً: لزيادة الإنتاجية: تغلّب على مشكلة اضطراب النوم في رمضان
وفي دراسةٍ أُخرى نُشرت في العام 2019 بمجلة الطِّب والعلوم، توصَّلت الأبحاث إلى أنَّ القيلولة لمدَّة 30 دقيقةٍ تؤثِّر إيجابيَّاً على أداء رياضييّ الكاراتيه من خلال تحسين القدرات المعرفيَّة لديهم، وعدَّت الدِّراسة القيلولة استراتيجيَّةً فعَّالة لمكافحة ما يُعرف بـ"التَّدهور المعرفيّ والجسديّ" الذي يحدث في فترةِ ما بعد الظُّهر.
دراسةٌ ثالثةٌ نُشرت في مجلَّة Behavioral Brain Research استكشفت تأثير القيلولة مقارنةً بتأثير الكافيين أو الدَّواء الوهميّ على الأداء الإدراكيِّ، ووجدت أنَّ القيلولة كانت الأفضل. وفقاً لهذه الدِّراسة، أدَّت القيلولة إلى تحسينٍ ملحوظٍ في التَّعلُّم الإدراكيّ مقارنةً بالدَّواء الوهميّ، كما أظهرت النَّتائج فوائدَ محدودةً للكافيين في تحسين الذَّاكرة بالمقارنة مع القيلولة.
للحصول على أقصى فوائد من القيلولة، هناك عدَّة اعتباراتٍ يجب مراعاتها عند أخذ قيلولة، فكما يحتاج الكمبيوتر أو اللَّابتوب إلى إعادة تشغيل "Restart" من وقت لآخر ليعمل بكفاءةٍ أفضل، كذلك يحتاج عقلنا إلى ما يُشبه "إعادة التَّشغيل" ليعمل بشكلٍ أفضل، وتوفِّر القيلولة هذا التَّأثير على العقل، من خلال ما تضخُّه من طاقةٍ تُجدِّد نشاط الجسم وتبقيه متيقِّظاً بعدها دون الشُّعور بالخمول أو التَّعب.
وإليك خطوات القيلولة وما يجب أن تراعيه:
- مدَّة القيلولة يجب ألَّا تتجاوز 20 دقيقةٍ كحدٍّ أقصى.
- الوقت المثاليُّ لأخذ القيلولة يكون في السَّاعتين ما بين الواحدة والثَّالثة ظهراً.
- اختر مكاناً هادئاً ذا إضاءةٍ خافتةٍ لأخذ قيلولتك، ونظراً لأنَّ الوقت المثاليَّ للقيلولة يأتي خلال ساعات العمل، فإنَّ قاعة الاجتماعات، على سبيل المثال، قد تكون المكان المثاليَّ لذلك.
قد لا أنصحك بحمل ملعقةٍ كما كان يفعل أينشتاين، لكنَّ ضبط المنبّه أمرٌ ضروريٌّ لضمان عدم تجاوز الوقت المحدَّد للقيلولة، ولا داعي للتَّذكير بضرورة الابتعاد عن عادة تأجيل المنبّه "Snooze" التي يعتاد عليها الكثيرون عند الاستيقاظ صباحاً، والتي قد تؤدّي إلى التَّأخُّر عن مواعيدنا، ففي القيلولة لا مجال للتَّأخير لتحقيق الفائدة المرجوَّة منها. ولا تقلق إذا شعرت بأنَّك لم تغفُ فعليَّاً، فالمهمُّ هو الاسترخاء والتَّنفُّس بعمقٍ وهدوءٍ خلال فترة القيلولة.
ختاماً، يجب التَّنويه -بل التَّأكيد- على أنَّ القيلولة التي نتحدَّث عنها تختلف عن تلك التي يمارسها بعضهم في المنزل بعد وجبة الغداء، والتي قد تستغرق أكثر من ساعةٍ، ما نتحدَّث عنه هنا هو عشرون دقيقة فقط، وعشرون دقيقةٍ قد تُحدِث فارقاً كبيراً في يومك.
فريق عمل عربية .Inc يودُّ التَّذكير بأنَّه غير مسؤولٍ عن أيّ تبعاتٍ إداريَّةٍ قد يواجهها الموظَّف الذي يتمُّ ضبطه نائماً في قاعة الاجتماعات المجاورة لمكتبه بعد قراءة هذا المقال.
لمزيدٍ من النصائح المفيدة للصحة النفسية والجسدية، تابع قناتنا على واتساب.