قاعدة 2:4:4:2: طريقة ثورية لإنجاز المهام والتغلب على التسويف
طريقة مبتكرة لتنظيم المهام وزيادة فعاليتك اليومية مع الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية
القصّةُ تبدأ بـ "سوف أبدأ في إنجاز المهام غداً في تمام السَّاعة الثَّامنة صباحاً" أو "لا لا، سوف أبدأ في تمام السَّاعة الثَّامنة صباحاً، ولكن بعد غدٍ وليس غداً، فإنَّ يوم بعد غدٍ يوافق الثَّامن من الشَّهر" أو "أم من الأفضل أن أبدأ في اليوم الموافق للتَّاسع من الشَّهر وتكون نقطة البدء في السَّاعة التَّاسعة لا الثَّامنة، خاصَّةً وأنَّ المهام المطلوبة منّي عددها تسعةٌ" أو "مهلاً، ماذا لو بدأت في إنجاز تلك المهام في بداية الأسبوع؟! ومن اليوم إلى آخر الأسبوع أعطي لنفسي راحةً قسريَّةً؛ لكي أبدأ ونشاطي قد تجدَّد".
تلك الجمل وغيرها على نفس الشَّاكلة المعبّرة عن التَّسويف والمماطلة لا تقود في النّهاية إلَّا إلى الكثير من المهام المعلَّقة، وتقطع مدَّة الـ Deadline في لمح البصر؛ لنجد أنفسنا قاب قوسين أو أدنى منه، وتختفي وقتها أي اعتباراتٍ أو مسوِّغاتٍ كانت حاضرة عند التَّسويف، ويظهر فقط جبل المهام المعلَّقة التي تراكمت جرَّاءه؛ ليكون الهمُّ الأوَّل والأخير هو إنجازُ تلك المهامِّ، ومن ثَمَّ نشعر بالتوتر وبنوعٍ من الضَّغط يؤثِّر حتماً على جودة أدائنا بالسَّلب.
عزيزي القارئ –وأنا لست ساحراً- لا شكَّ أنَّك تقرأ هذا المقال في الوقت الذي تنتظر فيه مهمَّة أو أكثر لتنجزها، مهلاً لا تغلق المقال وتذهب لتنجز تلك المهام الآن! ففضلاً عن أنَّ القليل من التَّسويف الإضافيِّ -والَّذي أكثرتَ منه- لن يضرَّ، وكذلك فضلاً عن أنَّ قراءتك للمقال شيءٌ يُسعدني، فهذا المقال سوف يساعدك على إنهاء مهامك المتراكمة، إذ يتضمَّن شرحاً لأداةٍ تحقُّق إنجاز هذه المهامِّ، بهدوءٍ دون ضغطٍ، وبجودةٍ مقبولةٍ إلى حدٍّ كبيرٍ، تتمثَّل هذه الأداة في قاعدة 2:4:4:2.
شرح قاعدة 2:4:4:2
أربع خطواتٍ نطبِّق فيها القاعدة وتنتهي أعمالنا المعلَّقة بعدها، ونلاحظ أنَّ اسم القاعدة 2:4:4:2، وهو اسمٌ مكوَّنٌ من أربعة أرقامٍ، كلُّ رقمٍ منها يعبِّر عن خطوةٍ من خطواتها، التي يجب أن تتبَّعَ على التَّرتيب، وخلال شرحها سنُطلِق على كلّ رقمٍ اسم "كود"، إلى شرح خطواتِ القاعدة...
الكود 2 (مهمتان)
يرمز هذا الكود إلى اختيار مهمَّتين من مهامنا المعلَّقة، بعد ترتيب الأولويَّات وليس أكثر من ذلك، وبعد اختيارنا لهما، ننسى باقي المهمَّات ونبدأ فيهما، ولا نفكِّر في أيّ مهمَّةٍ أُخرى إلَّا بعد الانتهاء منهما، وتساعدنا هذه الخطوة على تركيز جهودنا حيث الحاجة أشدُّ، وتُعرف مجازاً بـ"توجيه التَّشتُّت"، فعندما نستغرق في تنفيذ إحدى المهام فإنَّ فرص تشتُّتنا عنها تكون كبيرةً، وواردة، وحتماً سننصرف إلى غيرها، وهنا يتعيَّن علينا أنَّه عند انصرافنا عنها نوجه تركيزنا لمهمَّةٍ أُخرى، وبعد بعض الوقت سنتشتَّت عنها هي الأُخرى، فنعودُ إلى المهمَّة الأُولى وهكذا، إلى أن ننتهي.
الكود 4 (أربع ساعات)
هو الخطوة الثَّانية، وتحدِّد إطار تنفيذ كود 2 أو "خطوتنا الأولى"، فبعد اختيارنا لمهمَّتين من المهام المتراكمة، نعمل عليهما خلال إطارٍ زمنيٍّ محدَّدٍ، نفعل ذلك خلال أربع ساعاتٍ، ونحدِّد أيَّ أربع ساعات من اليوم حسب ظروف دوام العمل، وفي الغالب سيكون من التَّاسعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، ومن المهمّ بعد مرور السَّاعات الأربعة، أن نأخذ ساعةَ راحةٍ نلتقط فيها أنفاسنا، ثُمَّ نبدأ بعدها أربع ساعاتٍ إضافيَّة، من الثَّانية ظهراً إلى السَّادسة مساءً، لنبدأ بإنجاز مهمَّتين جديدتين فيهما.
الكود 4 (أربع مهام)
بعد تطبيقنا للخطوتين الأولى والثَّانية، نلاحظ أنَّنا قد عملنا على أربع مهامٍ، مهمتان كلَّ أربع ساعاتٍ، بينهما ساعةُ راحةٍ، وهذه الخطوة تُقَيِّد عدد المهام التي نعمل عليها خلال يوم العمل الواحد، فلا نزد على أربع مهامٍ في جدول أعمالنا، وهذا التَّقييد يساعد في تحقيق التَّوازن بين الإنتاجيَّة والحفاظ على طاقتنا، وتعدُّ هذه الطَّريقة فعَّالةً في منع التَّحميل الزَّائد وتسمح لنا بإنجاز المهام بجودةٍ عاليةٍ دون الشُّعور بالإرهاق الشَّديد.
الكود 2 (ساعتان)
هذه هي الخطوة المفضَّلة لدينا في الخطَّة، إذ إنَّ العمل المطلوب فيها هو "اللَّا عمل"! السَّاعتان المقصودتان هنا هما ساعتان قبل النَّوم، حيث نبتعد خلالهما تماماً عن جدول الأعمال وعن المهام المتراكمة، وهذا الانفصال يُمكننا من تجديد طاقاتنا الذَّهنيَّة والجسديَّة، ويساعدنا على الحفاظ على صحتنا النَّفسيَّة، وبتجنُّب العمل قبل النوم مباشرةً، نضمن الحصول على نومٍ أفضل، ممَّا يؤدّي إلى بدء اليوم التَّالي بنشاطٍ وحيويَّةٍ.
أمورٌ يجب أخذها في الاعتبار
من الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار، نذكر ما يلي:
الاعتبار الأول
القاعدةُ ما هي إلَّا أداةٌ من أدواتٍ كثيرةٍ تُساعدنا على تنظيم العمل، وفي قاعدة 20/80 خير مثالٍ منتشرٍ تطبيقه على نطاقٍ واسعٍ لإدارة الوقت بشكلٍ جيدٍ، والاعتماد على قاعدة 2:4:4:2 مفيدٌ لا شكَّ، ولكن وحده دون حلٍّ جذريٍّ لن يكفي، فما هو الحلُّ الجذريُّ إذن؟ يتمثَّل في الاعتبار الثَّاني.
الاعتبار الثَّاني
يجب علينا تنمية ما يعرف بـ "الانضباط الذَّاتي"، وهو الحلُّ الأمثل للقضاء على التَّسويف والمماطلة في إنهاء الأعمال، وهذا الحلُّ يُؤتي ثماره على المدى البعيد، بعد التَّمرين والاعتياد على عدد من العادات، فإذا اعتدت على كتابة أهدافك باستمرارٍ، وتدرَّبت على تحديد أولويَّاتك، وواجهت نفسك بنقاط ضعفك ولم تهرب منها أو تتجاهلها، ولم تجلد ذاتك مع كلِّ خطأٍ ترتكبه، وتضع دائماً الخطَّة البديلة لأيّ أمرٍ من الأمور، فمع الوقت وبالتَّدريج سيتحقِّق لديك الانضباط الذَّاتي الَّذي سيفيد في الحدِّ -بل القضاء تماماً- على التَّسويف والمماطلة وتراكم المهام المعلَّقة.
الاعتبار الثَّالث
من الضَّروريّ الحفاظ على توازنٍ صحيٍّ بين العمل والحياة الشَّخصيَّة، فالإفراط في التَّركيز على العمل دون تخصيص وقتٍ كافٍ للاسترخاء والاستمتاع بالأنشطة الشَّخصيَّة يمكن أن يؤدِّي إلى الإرهاق وانخفاض الإنتاجيَّة على المدى الطَّويل، لذلك من المهمِّ تطبيق قاعدة 2:4:4:2 بطريقة تضمن لك فتراتِ راحةٍ منتظمةٍ ووقتاً مخصَّصاً للتَّواصل مع الأسرة والأصدقاء وممارسة الهوايات، وهذا التَّوازن لا يساعد فقط في تجديد طاقتك وزيادة تركيزك خلال أوقات العمل، بل يُعزِّز أيضاً الرِّضا العام عن الحياة ويُسهم في صحتك النَّفسيَّة والجسديَّة.