كيف غيّرت نظرتي للوقت من خلال قاعدة التقويم؟
خدعة من علم النفس الإدراكي لتغيير نظرتك للوقت ولجعل العواطف تعمل لصالحك وتساعدك على اتخاذ القرارات
قبل بضعة أسابيع، طلبتُ من ابني الذي يعيشُ سنوات المراهقة، مرافقتي في بعض المهمّات. كانت ليلة السّبت، لكنّه كان يقضي الوقت في المنزل دون أن يفعلَ أيّ شيءٍ مميّزٍ.
-"أوه، لا!"
- "ماذا؟"
تنّهد وأعرب عن ذلك بقوله: "هل يجب عليّ الذّهاب؟ أُريد فقط الاسترخاء".
لم أكن أتّحدث. كنت أرغبُ في تحقيقِ التّوازن لنفسي، لكنّني أردتُ أن يقضي أيّ منّا الوقت معاً، فأخذتُ بضع دقائق للتّفكير. وفجأة، خطرت لي فكرةٌ.
- فقلت له: "نعم، يجب عليك. هيّا، دعنا نذهب". عندما تجبره على المجيء، لا يُمكنك تخيّل مزاجه. لكن هذا المزاج يتغيّر عندما أشاركه الأسباب الكامنة وراء قراري.
-"مرحباً"، قلتُ لابني: "هل تعرف لماذا لم أسمح لك بالبقاء في المنزل؟"
- أجاب: "لا، لماذا؟"
- قلت: "لهذا الرّقم" لقد عرضت عليه آلةً حاسبةً على هاتفي، ويبدو أنّها أظهرت رقماً عشوائيّاً: 364.
- "هل هو رقمٌ كبيرٌ؟"، سألت ابني.
- أجاب: "حسناً، إنّها سنةٌ واحدةٌ تقريباً".
-قلت: "نعم، إنّه كذلك. ولكن، هناك شيء آخر". تظاهرت بالصّمت وجلست للحظةٍ، ثمّ قلتُ : "ربّما هذا هو عدد عطلات نهاية الأسبوع المتبقيّة لدينا معاً".
- "أنت قريبٌ من أن تصبحَ مراهقاً، وهذا يعني أنّك ربّما عشت مع والدتك لفترةٍ أطول ممّا كنت ستعيشها معنا بعد الآن. إذا غادرت المنزل عندما غادرت أنا منزل عائلتي، فهذا ما بقي لدينا من الوقت تقريباً؛ لذلك أريد أن أقضي الكثير من الوقت معك"، وتابعت: "لأنّه لا يوجد شيءٌ أستمتعُ به أكثر من قضاء الوقت معك ومع أخواتك".
استغرق الأمر بعض الوقت، لكن في النّهاية كان ابني سعيداً، وكانت اللّيلة رائعةً: تحدّثنا وضحكنا وقضينا وقتاً رائعاً. توضّح هذه القصّة كيفيّة استخدام أداةً قويّةً للذكاء العاطفي، وهذا ما أسمّيه قاعدة التّقويم.
ما هي بالضّبط قواعد التقويم وكيفيّة استخدامها لتحديد الأولويّات واتّخاذ قراراتٍ أفضل وتحفيز نفسك والآخرين دعونا نناقشها. (إذا وجدت قيمةً في هذا الدّرس، فقد تكون مهتمّاً بالدورة التّدريبيّة المجانيّة التي تُعلّم نفسكَ وفريقكَ كيفيّة بناء الذكاء العاطفي).
كيف تساعد قواعد التقويم على استخدام الحيل النفسية لـ "إعادة التشكيل"
قاعدة التقويم بسيطةٌ: حدّد موعداً نهائيّاً قريباً منك، ويمكن أن يكونَ في المستقبل القريب أو البعيد، ثمّ قيّم مقدار الوقت المتبقّي لك. ولكن الحيلة: بمجرّد تحديد مدّتها، حاول تغيير الطّريقة التي تقيس بها وقتها. على سبيل المثال، عندما قرّرت ما إذا كان يجبُ على ابني مرافقتي أم لا، فكّرت في عمره ومقدار الوقت الذي تركناه معاً .في البداية، حسبت أنّه إذا غادر ابني المنزل في نفس عمري، فسيكون لدينا حوالي 7 سنواتٍ.
للوهلة الأولى، يبدو الأمر كبيراً. لكن عندما ضربت السّبعة في 52 عطلة نهاية أسبوع، حصلت على هذا الرّقم 364. التّفكير في عدد عطلات نهاية الأسبوع المتبقيّة مع ابني على أنّه أقلّ من عدد الأيام في السّنة القمريّة غيّر وجهة نظري تماماً. لقد ساعدني ذلك على اتّخاذ قراراتٍ أفضل لقضاء تلك الفترة مع ابني بحكمةٍ.
كما تستند قاعدة التقويم إلى أداةٍ أخرى لها جذورٌ في علم النّفس المعرفيّ، وهي تقنيةٌ يٌسمّيها المعالجون: إعادة التشكيل، أي تغيير طريقة تفكيركَ وشعوركَ من خلال تغيير وجهة نظركَ عن عمدٍ للوضع.
هذا ما فعلته مع نفسي وابني: لقد أعدّتُ تشكيل الطّريقة التي رأيت بها تلك السّاعات، ولم تكن مجرّد ليلةٍ عاديّةٍ أخرى، بل كانت واحدةً من 364 عطلة نهاية أسبوع لن أعود إليها أبداً. والآن لقد أصبح من الواضح لديّ كيفيّة استخدامها. بغضّ النّظر عن وضعكَ، ستعمل إعادة التشكيل بهذه الطّريقة؛ لأنّه من المحتمل أنّك تعرف مقدار الوقت المتاح لديك. في العمل، قد يفعل فريقكَ الشّيء نفسه. وفي المنزل، ستفعل عائلتكَ الشّيء نفسه، إذاً فكيف يُمكنك استخدام قاعدة التقويم.
ربّما، في وقتٍ مبكّرٍ من مشروع فريقكَ، ستلاحظ أنّ الفريقَ لا يتحرّك بالحماس اللّازم لإنجاز المهمّة. يمكنك تقدير عدد الأسابيع المتبقيّة، وحتّى عدد السّاعات، ثم عرّفهم على اجتماعكَ التّالي من خلال إظهار رقمهم واطلب منهم: "هل هو رقمٌ كبير؟" بمجرّد الحصول على انتباههم، والاستفادة منه للحصول على التّأثير العاطفيّ أو ربّما تقضي أنت وعائلتك أسبوعاً في إجازةٍ، وتشعر بعدم رغبة أحدٍ في الخروج، يُمكنكَ أن توضّح لهم عدد الأيّام أو السّاعات المتبقيّة معاً، وهذا يساعدهم على إعادة تخيّل كيفيّة عرض بقيّة الوقت، وبالتّالي يحفّزهم على العمل. لذا، أقترح عليكَ أن تسأل َنفسك الأسئلة التّالية:
كيف يُمكنك استخدام قاعدة التقويم اليوم لاتّخاذ قراراتٍ أفضل ومساعدة نفسكَ والآخرين على التّحفيز؟ كيف يُمكنك استخدام الإجابات لإعادة تشكيل وجهة نظركَ من الوقت وجعل العواطف تعمل في صالحكَ، بدلاً من ضدّك؟