قاعدة وارن بافيت الأولى في التوظيف: هذه الصّفة أهم من الذكاء
يُشدّد بافيت على أنه إذا لم يمتلك الموظفون المحتملون هذه الصفة، فإن ذكاءهم العقليّ وحده "سيكون كارثيّاً".
قليلةٌ هي الأسماءُ الّتي تحظى بالاحترامِ والإعجابِ في عالمِ الأعمالِ والاستثمارِ مثل وارن بافيت، المعروفِ باسمِ "معلم أوماها". إذ يشتهرُ بافيت ببراعتهِ الاستثماريّةِ الاستثنائيّةِ، والتزامهِ الثّابتِ بالممارساتِ الأخلاقيّةِ.
وأحد أهم الدّروس الّتي يُقدّمها بافيت هو أهميّةُ توظيفِ الأشخاصِ الّذين يتمتّعون بالنّزاهةِ، ولذا يُكرّر بافيت هذه العبارة كثيراً:
"عندما تبحثُ عن شخصٍ لتوظيفه، ابحث عن ثلاثِ صفاتٍ: النّزاهة، الذّكاء، والطّاقة. وإذا لم يُكن لديه الأولى، فإنّ الثّانيةَ والثّالثةَ ستكونان كارثةً".
بالنّسبةِ لبافيت، النّزاهةُ ليست مجرّد صفةٍ جيّدةٍ يتمتّعُ بها المرءُ؛ بل هي أساسٌ غير قابلٍ للتّفاوضِ تُبنى عليه الشّركاتُ النّاجحةُ.
النزاهة كميّزةٍ تنافسية
تأكيدُ وارن بافيت على النّزاهة ليس نابعاً من موقفٍ أخلاقيٍّ فحسب؛ بل له تأثيراتٌ واسعةٌ النّطاقِ على اتّخاذِ القراراتِ والنّجاحِ على المدى الطّويلِ. إذ يعتقدُ بافيت أنّه عندما يعملُ قادةُ وموظّفو الشّركةِ بنزاهةٍ، فهم أكثر احتماليّةٍ لاتّخاذِ قراراتٍ تعودُ بالنّفعِ على المنظّمةِ ككلّ، بدلاً من السّعي للمكاسبِ على المدى القصيرِ أو الانخراطِ في الممارساتِ غير الأخلاقيّةِ.
وبهذا أتّفقُ معه، ففي عملي كمدرّبٍ تنفيذيٍّ، لاحظتُ أنّ العديدَ من الشّركاتِ الّتي تتميّز بثقافةٍ قويّة تقوم على النّزاهةِ، وتمتلك ميزةً تنافسيّةً. فالشّركات الّتي تعطي الأولويّة للسّلوك الأخلاقيّ تميلُ إلى جذبِ عملاءٍ مخلصين وموظّفين ملتزمين، مما يُعزّز من بيئةِ الثّقة الّتي لا يمكنُ تقديرُ قيمتها في عالمِ الأعمالِ.
دروسٌ ثمينةٌ لقادة الأعمال
بحملُ تأكيدُ وارن بافيت على أهميّةِ توظيفِ الأشخاص الّذين يتمتّعون بالنّزاهةِ في طيّاته دروساً عميقةً لا تُقدّرُ بثمنٍ للقادةِ المُخضرمين وروّاد الأعمالِ الطّامحين:
1. زراعة بذور الثقة
الاستثمارُ في الأفرادِ الّذين يتّسمون بالنّزاهة يُعزّز من بيئةِ الثّقةِ والمسؤوليّةِ، وهو ما يُدرُّ عائداتٍ معنويّةٍ وماديّةٍ على المدى الطّويلِ. فعندما يُظهر شخصٌ ما حكمةً في تصرفاته، يكسبُ ثقةَ الآخرين، وبالأخصّ الّذين يعملون ويتعاونون عن كثبٍ. في هذا الإطار، يبدأ الزّملاءُ في العملِ برؤيةِ بعضهم البعض كمصدرٍ للثّقة ومسؤولين عن تصرّفاتهم. ونتيجةً لذلك، يشعرٌ النّاسٌ بالأمانِ عندَ التّواجدِ والتّفاعلِ مع بعضهم.
2. تحديد الإطار العام للسّلوك الأخلاقي
من الضّروري أن تكونَ النّزاهةُ جزءاً لا يتجزّأ من تصرّفات الأفرادِ في عالمِ الأعمالِ، وهذا يبدأ بالقادةِ الّذين يُحدّدون معاييرَ السّلوكِ الأخلاقيّ. فعليهم أن يُجسّدوا القيمَ الّتي يدعمونها وأن يُرسوا معاييرَ الأخلاقِ في جميعِ أنحاءِ المُنظّمة. فالقائدُ الّذي يُنفّذ مبادئ النّزاهة في تصرّفاته يُصبح نموذجاً يُحتَرم. ومن خلال توظيفِ وترقيّةِ الأشخاصِ الّذين يتمتّعون بالنّزاهة، سيتّجه العاملون طبيعيّاً نحو احترامِ قراراتهم، لأنّها تُتَّخذُ نيابةً عن الآخرين والمنظّمةِ.
شاهد أيضاً: طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم
أصبحَ إيمانُ وارن بافيت بأنّ النّزاهةَ هي الأساسُ الّذي تُبنى عليه الشّركاتُ النّاجحةُ كمنارةِ توجيهٍ للقادةِ في المشهدِ التّجاري المتغيّر باستمرارٍ اليوم. إذ تُذكِّرنا كلماته بأنّ النّزاهةَ ليست فضيلةً فحسب، بل ضرورةً استراتيجيّةً كذلك.