4 قطاعات يغيّر فيها الذكاء الاصطناعي كيفية قيامنا بالعمل
عندما يتعلق الأمر ببلبلة الذكاء الاصطناعي، هذه القطاعات الأربعة سبّاقة لسواها، وتُلّمح لما هو قادم إلى مواضع أخرى في الاقتصاد.
بدأ الذّكاءُ الاصطناعيّ بالفعلِ بتغييرِ الطّريقةِ الّتي نعملُ بها، وتلك التّغيّرات لن تغدو إلّا أكثرَ تجلّياً بمرورِ الوقتِ. إذ من المرجّحِ أن يخلقَ الذّكاءُ الاصطناعيّ فرص عملٍ جديدةٍ، لمن يرغبُ من النّاسِ بخطفها والإفادة منها، أقلّها على المدى القريبِ. ولكن هذا لا يعني أنّ عليك الاسترخاءَ والقنوطَ وافتراضَ أن لا شيء تحتاجُ فعله، لتتهيّأ لقدوم التّغيّرِ المفاجئ. إذ للقيامِ بذلك، وجّه اهتمامكَ نحو 4 صناعاتٍ رئيسيّةٍ تجلّت فيها تأثيراتُ الذّكاءِ الاصطناعيّ التّحوليّةِ، سواءً الإيجابيّة منها أم السّلبيّة.
شاهد أيضاً: الذكاء الاصطناعي سيخلق حقبة جديدة من التّميّز في خدمة العملاء
العقارات
لا تزال ملامحُ قطاعِ العقاراتِ بشريّةً للغايةِ: سماسرة، ووكلاء، ومستثمرون، وموظّفو قروضٍ، وغيرهم. لكنّ هؤلاء المحترفين يقفون على أكتافِ بنيّةٍ تحتيّةٍ متعاظمةٍ للذّكاءِ الاصطناعيّ تلامسُ كلّ جانبٍ من أعمالهم.
صُمِّم الذّكاءُ الاصطناعيّ في قطّاعِ العقاراتِ بحيث يأخذ المستخدمِ النّهائيّ في الحسبانِ، لإضفاءِ الكفاءةِ والتّثقيفِ إلى عمليّةٍ مليئةٍ بالتّحدّياتِ في بعض الأوقاتِ. إذ تستعينُ أدواتُ البحثِ وتخمينُ الممتلكاتِ العقاريّةِ الآن بالذّكاءِ الاصطناعيّ لإرشادِ ملّاكِ المنازلِ والمستثمرين. على سبيلِ المثالِ؛ تستخدمُ شركةُ Deal Machine للتّقنيّاتِ العقاريّةِ مساعداً عاملاً بالذّكاءِ الاصطناعيّ، اسمهُ "Alma"، لمساعدةِ المستثمرين في تقديرِ التّسعيرِ للصّفقاتِ المحتملةِ، والتّعرّفِ على معلوماتِ الجوارِ، والبتّ في إمكانيّةِ تحقيقِ مكاسب ربحيّةٍ من عقارٍ معيّنٍ.
تستحضرُ مثل هذه الأدوات مستوى جديداً من الكفاءةِ، للمحترفين المخضرَمين والمستثمرين الجددِ على حدٍّ سواءٍ، مزوّدةً كلّاً من المشترين العقاريين، والبائعين، والمحترفين في المجالِ العقاريّ بمعلوماتٍ عاليةِ الجودةِ في الوقتِ المناسبِ، وفي هذا مكسبٌ لكلّ الأطرافِ المعنيّين.
الرعاية الصحية
عندما تفكّرُ في الذّكاءِ الاصطناعيّ في مجالِ الرّعايةِ الصّحيّةِ، فلعلّك تتخيّلُ روبوتات جراحيّةٍ من الجيلِ القادمِ أو أدواتِ تشخيصٍ فائقة التّقدّمِ. تلك الأشياءُ حقيقةٌ، وغالباً ما تؤدّي عملها بأفضلِ ممّا يمكنُ للبشرِ القيامُ به. لكن، كما يُظهرُ دليلُ PwC حول الذّكاءِ الاصطناعيّ في الرّعايةِ الصّحيّةِ بوضوحٍ، فالذّكاءُ الاصطناعيّ لا يقتصر ببساطةٍ على تمكينِ عملِ الأطبّاءِ.
بإمكانِ الأدواتِ المحسّنةِ بالذّكاءِ الاصطناعيّ تعزيزُ، وبشكلٍ متزايدٍ تشكيلَ خططِ علاجٍ مخصّصةٍ من الصّفرِ، لتقودَ إلى نتائج أفضلَ مقارنةً بخططٍ منشأةٍ من قبلِ البشرِ وحدهم. تمنحُ تلكَ الصّحبةُ والتّحفيزُ للمرضى، الّذين يعانون من اضطراباتٍ في الإدراكِ، داعمة سيناريوهاتُ تدريبٍ أكثرَ طبيعيّةً وتعقيداً لمقدّمي الرّعايةِ.
إنّ الذّكاءَ الاصطناعيّ مسؤولٌ بالفعلِ عن اكتشافِ عدّةِ بروتيناتٍ جديدةٍ فريدةٍ من نوعها قد تظهرُ لأوّلِ مرّةٍ قريباً في علاجاتِ الواقعِ الفعليّ. ويُستغَلّ هذا البحثُ بالفعلِ لتطويرِ علاجاتٍ جديدةٍ للملاريا وتخليقِ أنزيماتٍ بمقدورها حلُّ البلاستك.
القطاع المالي
كما هو الحالُ في كلّ من قطاعَي العقاراتِ والرّعايةِ الصّحيّةِ، فإنّ صناعةَ المالِ ما تزالُ في اعتمادٍ شديدٍ على التّفاعلاتِ البشريّةِ. إذ إنّ العديدَ منّا لديه صلاتٌ قويّةٌ مع مستشارين ماليّين، ووسطاء تأمينٍ، ومصرفيّين.
لن يستبدلَ الذّكاءُ الاصطناعيّ تلك العلاقاتِ في أيّ وقتٍ قريبٍ. لكن، في صناعاتٍ أخرى، هو جاعلٌ البشرَ أسرعَ وأفضلَ في أعمالهم. كما يدعمُ الذّكاءُ الاصطناعيّ اكتتابَ المُقرضين وشركات التّأمين، وإنشاء المحافظِ الاستثماريّة للمستشارين الماليّين، واستعادة اتّزانها، والبحث والتنفيذ عالي التّردّدِ لمتداولي الأسهمِ.
تتنامى واحدةٌ من تقنيّاتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ المرتبطةِ بالقطاعِ الماليّ؛ تلبيةً لتعاظمِ التّكرارِ والتّعقيدِ للجرائمِ الرّقميّةِ والاحتيالِ. وفقاً لتقريرِ لجنةِ التّجارةِ الفيدراليّةِ الأميريكيّةِ؛ فإنّ حجمَ الأموالِ المهدورة نتيجةَ الاحتيالِ على المستهلكين قد ازدادت بنسبةِ 30% في العامِ 2022، لتبلغَ ما يقرب 8.8 مليارات دولار أمريكيّ. تستخدمُ نظم الحدِّ من الاحتيالِ والمعزّزةِ بالذّكاءِ الاصطناعيّ، تعلّمَ الآلةِ في تحديد المعاملات الاحتياليّة في الوقت الفعليّ. هذه التّقنيّةُ تساعدُ المؤسّساتِ الماليّة في حمايةِ زبائنها من التّحايل والخسائر الماليّة.
نحن بحاجةٍ للتنبّهِ إلى أنّ الأدواتِ الماليّة المعزّزة بالذّكاءِ الاصطناعيّ لا تخلق موجةً من الابتكارِ ذاتيّ التّدميرِ. إنّ استرجاعاً للأزمةِ الماليّةِ العالميّةِ قد يكون حتّى أسوأ، بوجودِ آلاتٍ تقودنا صوبَ حافّةِ الهاويةِ. لكنّ بمقدورِ الجهاتِ التّشريعيّةِ وقادةِ الصّناعةِ التّوصّل إلى حلٍّ لها مع تطوّرِ الذّكاءِ الاصطناعيّ ولعبه دوراً متزايدَ الأهميّةِ في القطاعِ الماليّ.
تجارة التجزئة
تبدّلت ملامحُ صناعةِ البيعِ بالتّجزئةِ على الدّوامِ خلال السّنين القليلةِ الماضيةِ. باستقراءٍ لصورةِ المشهدِ المتأزّمِ (أو المنكوبِ كما قد يقولُ البعضُ) لتجارةِ التّجزئةِ التّقليديّةِ والتّوسّعِ المزدهرِ لاحتكارِ Amazon الرّقميّ، من السّهلِ تصوّرُ أنّنا بلغنا حالةَ اتّزانٍ مستقرٍّ في المجالِ.
يؤخذُ الذّكاءُ الاصطناعيّ في الحسبانِ في هذهِ القصّةِ، لنكونَ على جليّةٍ. لطالما كانت Amazon رائدةً في استخدامِ خوارزمياتِ تعلّمِ الآلةِ لتلبيةِ اقتراحاتِ المنتجاتِ ذاتِ الصّلةِ، إلّا أنّ دورَ الذّكاءِ الاصطناعيّ في تجارةِ التّجزئةِ المعاصرةِ يتعدّى التّوصياتِ المُخصّصة.
تمنحُ روبوتاتُ الدّردشةِ العاملةِ بالذّكاءِ الاصطناعيّ وأدواتُ المساعدةِ الذّاتيّةِ متاجرَ التّجزئةِ الصّغيرةِ خطوةَ تفوّقٍ ومنافسةٍ. وذلك في مجابهةِ عمالقةٍ مثل Amazon وWalmart؛ فإنّهم عاجزون عن المنافسةِ في السّعرِ، إذ أقلّ الأمرِ أنّهم قادرون على تقديمِ خدمةِ مستهلكٍ أفضل. وعلى أثر الذّكاءِ الاصطناعيّ، فإنّ أنظمةَ كشفِ الاحتيالِ معقّدةٌ على نحوٍّ متزايدٍ كذلك الأمرُ. هذه النظمُ تساعدُ في صونِ أعمالِ تجارةِ التّجزئةِ من الخسائر الماليّةِ، والحفاظ على ثقةِ العميلِ، والبقاءِ بخطوةٍ مسبقةٍ أمام أخطارِ التّحايلِ المتناميةِ ضمن بيئةِ تجارةِ تجزئةٍ متعاظمة الرّقمنةِ والتّرابطِ.
شاهد أيضاً: كيف سيعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الاستدامة وتحقيق أهداف COP28
التّغيير قد حلّ هنا بالفعل
أشكّ في أنّنا سنبلغُ مستقبلَ ما بعد الإنسانِ بتلك السّرعةِ التي يودّها المبشّرون بالذّكاءِ الاصطناعيّ، إلّا أنّني على قدرٍ أكبر من الثّقةِ بأنّ ليس بمقدورنا إعادة الماردِ إلى القمقمِ. كما أنّ ثورةَ الذّكاءِ الاصطناعيّ باتت هنا، وليس بيدنا تمنّي رحيلها، بل كلّ ما بوسعنا فعلهُ هو التّهيّؤ. تلك الصّناعاتُ الأربعُ تعطي لمحةً عمّا هو قادمٌ إلى مواضع أخرى في الاقتصادِ (هذا لا ينفي كونها ذاتها تساهمُ بحصّةٍ كبيرةٍ من النّاتجِ الاقتصاديّ)
إن كنتَ في قلقٍ ممّا يعنيه الذّكاءُ الاصطناعيّ لك على الصّعيدِ المهنيّ والاقتصاديّ، تمعّن كيف تستجيبُ حملةُ الأسهمِ في تلك القطاعاتِ إلى التّغيّراتِ، ومن ثمّ، تَساءل عمّا قد تعنيه تجربتهم بالنّسبةِ لك.