كيف أحدثت تحولات قيادة سام ألتمان وOpenAI موجةً من الهلع بين الشركات؟
الشركاتُ التي بنَتْ منتجاتِها معتمدةً على واجهةِ برمجةِ تطبيقاتِ ChatGPT وجدت نفسَها في سباقٍ مع الزمنِ للتعامل مع عدم اليقين الشديدِ الذي تلت مغادرةَ ألتمان.
قد يكونُ سام ألتمان في طريقه للعودةِ إلى OpenAI بعد الاضطراباتِ الأخيرةِ في مجلسِ الإدارةِ وإقصائهِ، لكنّ الشّركاتِ النّاشئةَ التي تستعينُ بتقنياتِ الشّركةِ تتّخذُ من لحظةِ الغموضِ هذه فرصةً لتنويعِ خياراتها، حتى وإن تطلّب الأمرُ تحمّلَ بعض الآلامِ.
في ظلّ تطوراتِ دراما OpenAI هذا الأسبوعِ، كان على فيل كالسادو، أن يخفّفَ من قلقِ المستثمرين في شركتهِ النّاشئة Outropy، المتّخذة من نيويورك مقرّاً لها، والتي تطورُ مساعداً ذكيّاً بالذّكاءِ الاصطناعيّ لمدراء الهندسةِ والمديرين التّنفيذيين. بعد يومين من إقالةِ ألتمان في 17 نوفمبر، أرسلَ كالسادو "تحديثاً طارئاً للمستثمرين" ليطمئنهم.
كمهندسِ حاسوبٍ مخضرمٍ، حرصَ كالسادو على شرحِ كيف أنّ Outropy، رغمَ بنائها في الأصلِ على بنيّةِ GPT 3.5، وهي نسخةٌ مبكّرةٌ من مساعدِ ChatGPT الذّكيّ الشّهير من OpenAI- تعملُ بكفاءةٍ عند استخدامِ نموذجٍ لغويٍّ كبيرٍ (LLM) بديلٍ. جرّبتِ الشركةُ، على سبيلِ المثالِ، استخدامَ Llama 2، الذي طورتهُ Meta.
كان ذلك، بمثابةِ تمرين إخلاءٍ ضروريٍّ، حسبما يقولُ كالسادو. فإظهارُ المستثمرين المتوتّرين أنّ تقنيتهُ متوافقةٌ مع LLMs أخرى يُعدُّ "استراتيجيةً للتّقليلِ من المخاطرِ"، وهي خطوةٌ كان المستثمرون في النّظامِ البيئيّ للذّكاء الاصطناعيّ يطالبون بها حتى قبل إقالةِ ألتمان.
أدّى عدمُ الاستقرارِ الأخيرِ في OpenAI إلى تعزيزِ الحاجةِ إلى التنويعِ، كما يقولُ توم تاولي، مستشارُ الشركات النّاشئة ومطوّر ويبٍ يصمّمُ دوراتٍ تمهيديةً حول الذكاء الاصطناعي التوليدي: "إذا كنت شركةً تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على هذا، سأكون فوراً في حالةِ قلقٍ"، يقولُ تاولي لمجلة Inc.
"إذا كنتَ تبني شركةً، أو كنتَ مطوّراً، يجبُ عليك التّساؤلُ: 'ما هو مستقبلي هنا؟ وماذا يجبُ أن أبني؟' الاستقرارُ أمرٌ بالغُ الأهميّةِ بالنسبةِ للمطوّرين".
كانت تجربةُ تبديلِ LLM التي قام بها كالسادو موجّهةً لمعالجةِ هذه المسألةِ بالذّاتِ، ولا بأس من أن تجرّبَ الشّركاتُ النّاشئةُ الأخرى ذلك أيضاً. كما يقولُ، كان على Outropy أن توضّحَ "لماذا ما نفعلُهُ ليس مجرّد إضافةٍ بسيطةٍ على ChatGPT، إنهُ أكثرُ تعقيداً من ذلك. ونستطيعُ استبدالَ ChatGPT بنظامٍ مماثلٍ إذا لزمَ الأمر".
ردّدت شركاتٌ أخرى هذا الموقفَ. في رسالةٍ إلى المستخدمين يوم الثلاثاء، سعى تيموثي يونغ، الرّئيسُ التّنفيذيُّ لشركة Jasper AI، إلى شرحِ كيف أنّ مساعدَ الكتابةِ الذّكيّ الذي تقدّمُهُ الشّركةُ للمسوّقين لن يتأثّرَ بالتّغييراتِ الإداريةِ في OpenAI. "إذا واجهنا أيّ مشكلةٍ مع أحدِ نماذجنا، فإنّنا قادرون على التّحوُّلِ السّريعِ في تشكيلتنا للحفاظ على استمرارية الخدمة"، كتب يونغ في البريد الإلكترونيّ الذي حصلت عليه Inc.
في أعقابِ الإقالةِ الأوليّةِ لألتمان، بدأت أكبرُ منافسي OpenAI في استقبالِ استفساراتٍ من مستخدمي OpenAI، والتي بدت كمقدّماتٍ لبدايةِ هجرةٍ: فقد اتّصلَ أكثرُ من 100 مستخدمٍ بـ Anthropic في نهايةِ الأسبوعِ الماضي، بينما تواصلَ آخرون مع Cohere وGoogle Cloud، وفقاً لما ذكرتهُ The Information.
يتعلّق الأمر بالاستمرارية التّجارية، كما يقول ديفيد فانو، المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ لـ Teal، وهي منصّةٌ لتطوير الحياة المهنيّة: "ماذا يحدثُ إذا لم يكن المهندسون موجودين وتعطّلَ النّظامُ؟" بالنّسبةِ لـ Teal، التي تستخدمُ تقنيّةَ GPT لميّزةِ المساعدةِ في الكتابةِ على منصّتها، فإنّ الاضطراب في OpenAI "لهُ تداعياتٌ مباشرةٌ على كيفيّةِ تحقيقِ الأرباحِ لدينا [و] على تصوّرنا لمستقبلِ الأعمالِ".
إلّا أنّ التّحوُّل من GPT إلى أداةٍ أخرى ليس بالأمر الهيّن للجميع. إذ تتميّزُ تكنولوجيا OpenAI بنجاحها الكبيرِ نظراً لسهولةِ استخدامها وبساطةِ تكاملها؛ خصائصٌ تفتقرُ إليها العديدُ من الأدوات الأخرى، حسب قولِ فانو.
الشّركاتُ التي قد تواجهُ أكبر التحدّياتِ في هذه الفترةِ المضطربةِ هي تلكُ التي لا تستطيعُ التكيُّفَ بسهولةٍ. فتحت مظلّة عمالقةِ الذكاء الاصطناعي، هناك العديدُ من الشّركاتِ النّاشئةِ التي تعتمدُ على واجهةِ برمجةِ تطبيقاتٍ موجودةٍ مثل ChatGPT، وتضيفُ عليها واجهتها الخاصّة وعلامتها التّجارية. ومع ظهورِ OpenAI ككيانٍ أقلّ ثباتاً ممّا كان يُعتقدُ سابقاً، تبدو هذه الشّركاتُ معرّضةً لمواجهةِ مستقبلٍ صعبٍ، وإعادةِ هيكلةٍ تقنيّةٍ محتملةٍ قد تهدّدُ وجودها.
شاهد أيضاً: رسميّاً: سام ألتمان يعود كرئيسٍ تنفيذيٍّ لـ OpenAI
على سبيلِ المثالِ، وُصفت Jasper AI بأنّها "غلافٌ"، ولكن هناك شركات أخرى أقلّ موارداً قد تعاني إذا لم تكن قد تنوّعت في توافقها مع واجهاتِ برمجةِ تطبيقاتٍ مختلفةٍ، كما يقولُ فانو: "إذا كانت معظم القدرةِ الفكريةِ معتمدةً على OpenAI، وهم يضعون واجهةً عليها، فسيتأثّرون بشدّةٍ بعدم الاستقرار في OpenAI."
كذلك شرح فانو: "لا أعتقدْ أنّ أحداً في مأزقٍ تامٍّ، ولكن أعتقدُ أنّهم سيحتاجون إلى إعادةِ هيكلةٍ كبيرةٍ".
أصبح ChatGPT ظاهرةً إلى درجةٍ أنّه ليست فقط الشّركاتُ النّاشئةُ غيرُ المعروفةِ هي التي تعتمدُ على تقنيته لمنتجاتها الرّئيسيّةِ. في فبراير، أطلقت Snap تطبيقَ My AI، وهو روبوتُ محادثةٍ يعتمدُ على تقنيّةِ GPT، وأعلنت مورغان ستانلي عن أداةٍ لإدارةِ الثّرواتِ بالتّعاونِ مع OpenAI في مارس، والتي تستخدمُ أيضاً تقنيّةَ GPT.
في الوقتِ الرّاهنِ، ينتظرُ الجميعُ لمعرفة إن ما حدث، سيتغيّرُ في OpenAI. إذ مع عودةِ ألتمان وإعادة هيكلةِ مجلسِ الإدارةِ الذي أطاح به، من المحتملِ أنّ التّغييراتِ الواسعة المخيفة قد لا تحدث.