الرئيسية الريادة كيف استخدم ستيف جوبز الفكاهة ليصبح قائداً لا يُنسى؟

كيف استخدم ستيف جوبز الفكاهة ليصبح قائداً لا يُنسى؟

إطلاق الآيفون لم يكن مجرّد ثورةٍ تكنولوجيّةٍ، بل قدّم درساً عميقاً في القيادة من خلال استغلال حسّ الدعابة لكسب ثقة الجمهور

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يعدّ إطلاق الآيفون حدثاً محوريّاً في تاريخ التّكنولوجيا، ليس فقط لأنّه كشف عن منتجٍ غيّر وجه العالم الرّقميّ، ولكنّه قدّم أيضاً درساً في القيادة من خلال شخصيّة ستيف جوبز الفريدة. فعندما اعتلى جوبز المسرح، قدّم للعالم ما وصفه بأنّه "آيبودٌ بشاشةٍ واسعةٍ مع واجهة لمسٍ"، و"هاتفٌ محمولٌ ثوريٌّ"، و"جهاز اتّصالاتٍ عبر الإنترنت رائدٌ". وبينما لم يفهم الجمهور حينذاك تماماً المغزى من الجهاز الثّالث، سرعان ما أدرك أنّ هذا المفهوم سيجعل الآيفون جزءاً أساسيّاً من الحياة اليوميّة.

كان عرض الآيفون الأوّل مليئاً باللّحظات المثيرة، ولكن من بين أكثرها طرافةً ودهشةً، تلك اللّحظة الّتي قدّم فيها جوبز درساً غير مباشرٍ في القيادة، فأثناء استعراضه لمزايا الهاتف، فتح تطبيق "خرائط غوغل" (Google Maps)، حدّد موقعاً قريباً لمقهى "ستاربكس" (Starbucks)، واتّصل به مباشرةً ليطلب: "4000 كوبٍ من القهوة للاستلام، من فضلك". وبعد لحظاتٍ من الصّمت المربك، ضحك جوبز قائلاً: "أنا أمزح فقط، الرّقم خاطئٌ" قبل أن يغلق الخطّ.

أمام الآلاف من الحاضرين، لم يكن هذا مجرّد استعراضٍ تقنيٍّ، بل كان تجسيداً للطّريقة الّتي يجب أن يتعامل بها القائد مع اللّحظات الحرجة. كان بإمكانه أن يعرض الميزة بطريقةٍ جافّةٍ، لكنّه اختار أسلوباً مرحاً جعله أقرب إلى الجمهور، وأرسل رسالةً واضحةً: لا يجب أن يكون القائد الفعّال دائماً جادّاً بصرامةٍ، بل يمكنه أن يخلق بيئةً إيجابيّةً حتّى في أكثر اللّحظات توتّراً.

الفكاهة كسلاحٍ قياديٍّ

في كتابه "الاختيار الإبداعيّ" (Creative Selection)، يروي كين كوكيندا، أحد المهندسين المسؤولين عن تطوير لوحة مفاتيح الآيفون الأصليّ، تفاصيل حول التّدريبات الّتي سبقت إطلاق الجهازأثناء استعراض جوبز لأداء متاجر "آبل" (Apple)، وبينما كان الجميع يتوقّع انتقاله إلى الموضوع التّالي، فاجأ الجميع بعبارةٍ غير متوقّعةٍ: "في الواقع، لدي رسالةٌ لأولئك الّذين جزموا بأنّ متاجرنا ستفشل حتماً". عندها، ظهرت على الشّاشة شريحةٌ جديدةٌ تحمل صورة رجلٍ ممسكٍ بفنجان قهوةٍ، وأعلاها بخطٍ عريضٍ: "ما رأيكم في فنجانٍ كبيرٍ من... اصمتوا تماماً؟" دون حذف أيّ كلمةٍ.
استغرق الجمهور بضع لحظاتٍ لاستيعاب ما حدث، قبل أن ينفجر المكان بالضّحك، ممّا اضطر جوبز إلى التّوقّف مؤقّتاً حتّى تهدأ القاعةلم تكن هذه مجرّد نكةٍ، بل كانت لحظةً قياديّةً مؤثّرةً. في الواقع، في الوقت الّذي يتعامل فيه معظم القادة مع الانتقادات بالجدّيّة المطلقة، أظهر جوبز أنّه قادرٌ على الرّدّ بطريقةٍ ساخرةٍ -ولكن بذكاءٍ- ليحوّل الموقف إلى نقطة قوّةٍ لصالحه.

ما الذي يجعل القائد مؤثّراً؟

كان ستيف جوبز معروفاً بجدّيّته الصّارمة، وحرصه على الكمال، وعدم تسامحه مع الأداء الأقلّ من المتوقّع. لكن، كما يظهر في هذه المواقف، كان أيضاً شخصاً يتمتّع بحسٍّ فكاهيٍّ أصيلٍ، وكان يعرف متى يستخدمه لجذب انتباه الجمهور وكسب ثقتهم. عندما تكون التّحدّيات كبيرةً، والفريق يعمل تحت ضغوطٍ هائلةٍ، فإنّ القادة الّذين يوازنون بين الجدّيّة والمتعة هم أكثر قدرةً على الحفاظ على تماسك فرقهم، وبناء بيئة عملٍ إيجابيّةٍ، وتحفيز من حولهم.

الفكاهة أداة للاتصال وبناء الثقة

في النّهاية، ليست الفكاهة مجرّد وسيلةٍ للتّرفيه، بل هي أداةٌ قياديّةٌ قويّةٌ، إذ إنّ القادة الّذين يتمتّعون بحسّ الدّعابة يصبحون أقرب إلى فرقهم، وأكثر قدرةً على بناء علاقاتٍ قويّةٍ، والأهمّ، أكثر تأثيراً. لم يكن جوبز مجرّد مبتكرٍ عظيمٍ، بل كان قائداً يفهم أنّ التّواصل الفعّال لا يعتمد فقط على الرّؤية والإستراتيجيّة، بل على القدرة على جعل النّاس يشعرون بشيءٍ، سواءً كان ذلك الإلهام، التّحفيز، أو حتّى مجرّد لحظة ضحك مشتركةٍ.

لذلك، في المرّة القادمة الّتي تجد نفسك في موقفٍ قياديٍّ، تذكّر درس ستيف جوبز: لا تأخذ نفسك بجدّيّةٍ مفرطةٍ، أطلق نكةً، وأظهر لفريقك أنّك إنسانٌ؛ لأنّ في النّهاية، القادة الّذين يجيدون الضّحك هم غالباً من يُأخذون على محمل جدٍّ أكثر.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: