الرئيسية الريادة 4 مبادئ لبناء إرث قيادي يستحق التقدير

4 مبادئ لبناء إرث قيادي يستحق التقدير

عندما تتجاوز القيادة حدود العمل إلى الحياة بأكملها، تنشأ تأثيراتٌ دائمةٌ تُبنى على الثّقة، والعلاقات الحقيقيّة، والتّواصل العميق

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

براين براولت، الرّئيس السّابق للمجلس العالميّ لمنظّمة روّاد الأعمال (Entrepreneurs’ Organization - EO)، وهو مؤسّس إرث ذو معنى، حيث يبتكر تجارب تحويليّةً في القيادة من خلال برامج التّعليم التّنفيذيّ، وورش عملٍ لتطوير القيادة، وورش عملٍ مخصّصةٍ للأزواج. تحدّثنا معه عن كيفيّة تبنّي القيادة في مختلف جوانب الحياة لبناء إرثٍ مستدامٍ.

في سنّ الخامسة، أطلقتُ مشروعي الأوّل: كشك "هوت دوجٍ" (Hot Dog) في الحيّ، إذ استخدمت أموال عيد ميلادي لشراء طبّاخة بريستو الّتي كانت تطهو ستّة هوت دوج في الدّقيقة، وبعد أن أقنعت والدتي بتوفير المستلزمات مقدّماً، سدّدت لها المبلغ، واحتفظت بربحٍ قدره 14 دولاراً. في العام التّالي، توسّع المشروع بانضمام صديقٍ لي، حيث أضفنا عرضاً ترفيهيّاً لجذب الأطفال. لم يكن العرض مبهراً، لكنّه علّمني درساً بالغ الأهمّيّة: لا يتعلّق النّجاح فقط بالمعاملات، بل يعتمد على بناء تواصلٍ حقيقيٍّ مع الآخرين.

اليوم، من خلال منظّمة تطوير القيادة الّتي أسّستها، أركّز على خلق تجارب تتمحور حول الإنسان. تمتدّ هذه التّجارب من برامج التّعليم التّنفيذيّ إلى برامج إثراء الأزواج الّتي أقدّمها بالتّعاون مع زوجتي، جان، وهي مدرّبة علاقاتٍ معتمدةٌ من منظّمة "غوتمان" (Gottman). أحياناً، يثير هذا التّداخل التّساؤلات، كما سألني أحدهم مؤخّراً: "هل أنت معلّمٌ تنفيذيٌّ، أم رائد أعمالٍ، أم مستشارٌ للأزواج؟" كان سؤالاً منطقيّاً، ولكنّه افترض أنّ القيادة محصورةٌ في مجالاتٍ منفصلةٍ.

غالباً ما نحاول فصل حياتنا المهنيّة عن شخصيّاتنا في المنزل أو في المجتمع، لكنّي اكتشفتُ أنّ الطّريقة الّتي نظهر بها في مجالٍ معيّنٍ تؤثّر على جميع جوانب حياتنا الآخرة. لذلك، أتبنّى 4 مبادئ أساسيّةٍ لبناء إرثٍ ذو معنىً، ليس فقط في قاعات الاجتماع، ولكن في جميع نواحي الحياة.

1. امنح الثقة قبل استحقاقها

يعتقد الكثيرون أنّ الثّقة يجب أن تكتسب تدريجيّاً، لكنّي وجدت العكس، إذ إنّ تقديم الثّقة أوّلاً يخلق بيئةً تزهر فيها التّحوّلات بشكلٍ طبيعيٍّ. عندما بدأت مشروعي الأوّل في خدمات التّنظيف المخصّصة، نما العمل بالكامل من خلال العلاقات والسّمعة، فقد منحنا الموظّفين ثقةً مطلقةً في التّعامل مع العملاء ومعاملتهم بكرامةٍ، ممّا أسهم في بناء شراكاتٍ استمرّت لعقودٍ. بالطّبع، ينطوي هذا النّهج على مخاطرةٍ، لكنّي أفضّل أن أثق بالنّاس بنسبة 90% حتّى لو خاب ظنّي أحياناً، بدلاً من العيش في حالةٍ من الحذر الدّائم.

أصبح مبدأ الثّقة المُسبقة حجر الأساس في طريقتي لتطوير القادة خلال تولّي رئاسة مجلس إدارة المنظّمة العالميّة، إذ كُنت أحرص على خلق بيئةٍ يشعر فيها الأعضاء بالأمان لمشاركة أفكارهم، وطلب المساعدة، وإظهار الضّعف، ممّا عزّز نجاحهم المهنيّ ونموّهم الشّخصيّ على حدٍّ سواء.

2. اجعل العلاقات مفتاح الحلول

تأثّرت كثيراً بمسيرة والدي الّتي علّمتني أنّ الحلول العظيمة تأتي من علاقاتٍ إنسانيّةٍ قويّةٍ. فقد كان والدي، الحاصل على درجة الدّكتوراه والعالم في شركة "كوداك" (Kodak)، مبتكراً بارعاً طوّر تقنياتٍ لا زالت تؤثّر على التّصوير الفوتوغرافيّ حتّى اليوم.

لم يقتصر تأثيره على عمله فقط، بل كان حاضراً في مجتمعنا أيضاً. في الوجبات العائليّة، كان ينهي دعواته بعبارةٍ: "ساعدنا على تذكّر من هم أقلّ حظّاً"، ثمّ يطبّق هذه الكلمات عمليّاً عبر مساعدة الشّباب المحرومين في بناء سيّارات السّباق، والتّطوّع في المسجد، وحتّى خلع معطفه لإعطائه لامرأةٍ محتاجةٍ.

من هنا، أصبحت العلاقات هي البوصلة الّتي توجّه كلّ ما أفعله، سواءً في تنمية القادة العالميّين، أو في خدمة المجتمع؛ فالتّميّز التّقنيّ قد يكون مرضيّاً، لكنّ التّأثير الحقيقيّ ينبع من تحسين حياة الآخرين.

3. اربط دائماً بين العقل والقلب

في برامجنا التّطويريّة، نناقش كثيراً كيف يتحقّق النّموّ الأعمق عندما نأتي إلى كلّ تفاعلٍ بكامل ذواتنا –عقلاً وقلباً. سواءً في مفاوضاتٍ مع عميلٍ أو خلال اجتماع فريقٍ، أجد أنّ منح الآخرين انتباهاً كاملاً –دون التّحقّق من الهاتف، أو التّفكير في المهمّة التّالية– يفتح المجال للحظات تواصلٍ حقيقيّةٍ يمكن أن تغيّر مسار أيّ علاقةٍ.

يتجلّى هذا المبدأ في حياتي الشّخصيّة من خلال ممارساتٍ بسيطةٍ، حيث أقضي وقتاً منفرداً مع كلّ من أطفالي وأحفادي، ممّا يعزّز من روابطنا العائليّة بطرقٍ عميقةٍ.

4. النمو من خلال مشاركة الضعف

لسنواتٍ، كنت أشعر بأنّيّ محتالٌ في المناصب القياديّة الّتي تولّيتها. حتّى خلال قيادتي للمنظّمة، كُنتُ أطرح على نفسي السّؤال: "لماذا أستحقّ أن أكون هنا؟" لم يتغيّر هذا الشّعور إلّا عندما بلغت 52 سنةً، وقرأت كتاب "اكتشف شمالك الحقيقيّ" (Discover Your True North) لبيل جورج، والّذي غيّر مفهوم القيادة لديّ. لم تعد القيادة تعني أن تكون الأذكى في الغرفة، بل أصبحت ترتكز على الذكاء العاطفي، والاهتمام الحقيقيّ بالآخرين.

قادني هذا الإدراك إلى مبدأٍ أساسيٍّ: الاعتراف بالجهل أو الخطأ يخلق مساحةً للآخرين لفعل الشّيء نفسه؛ فإظهار الضّعف بصدقٍ، سواء في العمل أو في المنزل، هو ما يبني الثّقة الحقيقيّة الّتي تجعل النّموّ ممكناً.

حان الوقت لبناء إرثٍ ذو أهمّيّةٍ

أكثر من أيّ وقتٍ مضى، يحتاج العالم إلى قيادةٍ متكاملةٍ تتجاوز الفواصل التّقليديّة بين الحياة المهنية والشخصية، لتعكس الإمكانيّات البشريّة الكاملة. قد تبدو التّحدّيات الّتي نواجهها هائلةً، لكن من خلال بناء علاقاتٍ قائمةٍ على الثّقة، والإحضار الكامل لذواتنا إلى كلّ تفاعلٍ، يمكننا إحداث تغييرٍ حقيقيٍّ. وكما تعلّمت منذ عقودٍ عندما كُنتُ أبيع الهوت دوج، فإنّ الإرث الدّائم لا ينمو من الإنجازات وحدها، بل من كلّ تواصلٍ حقيقيٍّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: