كيف تتجنب الرحيل الجماعي للموظفين؟
طرقٌ فعالةٌ للحفاظ على أفراد فريقك، ممّا يضمن لك النجاح والتطور، حتى وإن كنت ممن لا يبالون بأهمية الاحتفاظ بالموظفين.
بقلم سوزان لوكاس Suzanne Lucas، استشارية الموارد البشرية والمعروفة بـ Evil HR Lady
لقد كنتُ شاهدةً على معاناة شركةٍ صغيرة في أحضانِ الموت، حيث بلغ عددُ موظفيها نحو الخمسين. ظننتُ أن بإمكانهم ربما قلبَ الأمورِ لصالحهم، لكنّ فريقَ الإنتاجِ بأكمله تقدمَ باستقالاته، واحدًا تلو الآخر. وما زلتُ لا أدري إن كان بالإمكانِ إقناع أيٍّ منهم بالتراجعِ عن قرارهِ أو إذا كان على الشركةِ بالفعل البدءُ من نقطة الصفر. مع ذلك، أيقنتُ أنه كان من الممكن تجنّبُ هذا النوع من الهروبِ الجماعي.
قد لا يبدو الاحتفاظُ بالموظفين أمراً يستحقُّ القلقَ بالنسبة لك، ففي نهايةِ المطاف، وفي سوقٍ يبدو أنه يفضِّل أصحاب العمل - مع الإعلانِ عن تسريحاتٍ في شركاتٍ كبرى مثل Nike، وCisco Systems، وInstacart الأسبوع الماضي - قد تعتقدُ أن بإمكانكَ الاستمرار في نهجكَ الراهنِ دون مبالاة. لأنه، برأيك، إذا ما استقالَ موظفون، يمكن ببساطةٍ استبدالُهم.
هذا نهجٌ خاطئ. أنْ يكون لديك موظفونَ يستقيلون بين الحينِ والآخر هو أمرٌ يمكن قبولُه، وقد يكونُ حتى مفيداً لشركتك، لكنك لا ترغبُ بالتأكيد في أن تكون مثلَ تلك الشركةِ المذكورةِ آنفاً، التي تخسر قسماً بأكمله. وبالطّبع، لا تريد خسارةَ حتى واحد من أفضلِ الموظفينَ أداءً لديك. إليك بعضُ الاستراتيجيات للتعاملِ مع قضيةِ الاحتفاظِ بالموظفين حتى عندما تظنُ أنه لا داعيَ للقلق.
شاهد أيضاً: لماذا يتطلّع الرؤساء إلى استقالات الموظفين بفارغ الصبر؟
الموظفون أهمُّ من العملاء
بدأت الشركةُ تواجهُ صعوباتٍ ماليةً ليس بسبب خطأٍ منها. تقدمُ الشركةُ خدماتِها للناطقينَ بالإنجليزيةِ في مدينةِ بازل بسويسرا، حيثُ أُقيم. ومع تسريحِ الشركاتِ الكبرى للعمالِ واستقدامِ عدد أقلّ من العمالةِ الوافدة، قلّ عددُ العملاءِ المحتملين للشركة.
نتيجةً لذلك، دخلت القيادةُ في حالةٍ من الذعرِ. أرادوا القيامَ بكل ما في وسْعهم لإرضاءِ عملائهم المحدودين، ممّا أدّى إلى الاستجابةِ لكلِّ طلباتِ العملاءِ دون التشاورِ مع فريقِ الإنتاجِ لمعرفةِ ما إذا كان ذلكَ ممكناً أو عملياً أو حتى الأفضل للقيامِ به.
ماذا كانت النتيجةُ؟ فريق عملٍ مرهقٍ وعملاءَ لم يكونوا شاكرينَ بل أصبحوا يطالبونَ بالمزيدِ. وفي تطورٍ غير متوقعٍ، اتضحَ أنَّ التغييراتِ التي أجرتْها الشركةُ لإرضاءِ العملاءِ الأكثرِ صخباً لم تكنْ هي التغييراتِ التي أرادها العملاءُ الأقل صوتاً، وشهدت الشركةُ رحيلَ العملاء دونَ أن يقولوا كلمةً قبل مغادرتِهم.
لقد عيّنتَ موظفيكََ لأنهم خبراءُ في مجالهم، وتجاهُلُهم أثناء محاولتكَ إرضاءَ طلباتِ العملاءِ غير المنطقيةِ كان بمثابةِ وصفةٍ للكارثةِ لهذا العمل، وستكونُ كذلكَ بالنسبة لكَ. في بعضِ الأحيان، يكونُ العميلُ مخطئاً، ويمكن لفريقِك ذي الخبرةِ العاليةِ شرحَ السببِ لهم وتزويدَهم بما يحتاجونَ إليه بالفعل، حتى لو لم يكنْ هذا هو طلبهم الأصليّ.
موظفّوك قد يعرفون شركتَك أفضل منك
شركتُك هي طفلُك، وكأي والدٍ جيدٍ، تعتقد أن طفلكَ هو الأجملُ على الإطلاق. لكن موظفيكَ همْ مجردُ مُربِّين للطفلِ، ويمكنهم التعرفُ على الطفلِ القبيحِ عندما يرونه. أثارَ الموظفونَ في هذه الشركةِ الصغيرةِ المشكلاتِ بشكلٍ متكررٍ واقترحوا تغييرات، لكنَّ القيادةَ كانتْ مصممةً على أن التركيزَ على العميلِ أولاً هو الطريقُ إلى النجاحِ. لقد تجاهلوا أفكارَ وخبراتِ موظفيهم ولم يستمعوا إليهم أبداً.
عندما تجاهلَ فريقُ القيادةِ هذه الاقتراحات، تراجعتْ مشاركةُ الموظفين بشكلٍ كبير.
شاهد أيضاً: بحثٌ جديد: 3 من كل 4 موظفين يرون أن مدراءهم غير فعّالين
موظّفوك يريدون مهنةً، وليس مجرد وظيفة
من الضروريّ أن تسألَ موظفيكَ عن أهدافهم المهنيّةِ وما يرغبونَ في تحقيقه. قدْ تظنُّ أنكَ كشركةٍ صغيرةٍ أو ناشئةٍ لا تستطيعُ تقديمَ ما يريدونه، وأنَّ عليهم ببساطةٍ التقدمُ ونسيانُ الأمرِ إذا لم يكنْ هناك منصبٌ متاحٌ في الشركةِ يلبّي تطلعاتِهم للنّمو.
ومع ذلك، قد تكونُ لديكَ ميزةٌ أكبر في بعضِ المواقفِ، حيث تمتلكُ المرونةَ لتعديلِ الأمورِ. معرفةُ ما يريده موظفوكَ قد تفتحُ عينيكَ على إمكانياتٍ لم تكنْ تفكرُ فيها من قبْل. وحتى إذا لم تكنْ لديكَ المرونةُ الكافيةُ لتلبيةِ كلِّ رغباتِهم، فإنَّ طرحَ الأسئلةِ والاستماعَ بإخلاصٍ سيعزّزُ قدرتَك على الاحتفاظِ بهم.
عندما كنتُ أراقبُ هذه الشركةَ وهي تقتربُ من نهايتِها، لاحظتُ أن المديرينَ كانوا ينقلونَ الأشخاصَ من وظيفةٍ إلى أخرى دونَ استشارتِهم حولَ رغبتِهم في ذلك، وهذا بحدِّ ذاتهِ وصفةٌ للكارثة.
تدريب المدراء (بمن فيهم أنت)
قد تكونُ شخصاً مليئاً بالأفكار أو شخصاً منتجاً، لكن هلْ أنتَ ماهرٌ في الإدارةِ؟ العديدُ من المدراءِ لم يتلقَّوا تدريباً رسمياً في إدارة الأفراد، والمدراءُ السيئونَ يخلقونَ بيئةَ عملٍ غيرَ سعيدة. يمكنُ للجميعِ تعلُّمُ كيفيةَ أن يصبحوا مدراءَ أفضل، والتدريبُ يمكنُ أن يساعد. هناكَ مبادئُ أساسيةٌ يحتاجُ كل مديرٍ إلى معرفتِها، مثل قوانينِ الأجورِ وإجازاتِ الغيابِ والتحرشِ الجنسيّ، بالإضافةِ إلى مهاراتٍ مثلِ كيفيةِ إجراءِ المقابلاتِ وتدريبِ الموظّفينَ وكتابةِ التقييمات. يمكنُ لمدرائكَ تعلُّمَ كلِّ هذهِ الأمورِ إذا أرادوا ذلك.
الإدارةُ الجيدةُ لن تضمنَ بقاءَ الموظفينَ إلى الأبد، لكنها ستساعدُ في ذلك. هناكَ مقولةٌ مأثورةٌ تقولُ إن الناسَ يتركونَ المدراءَ، وليسَ الوظائفَ، وهذا صحيحٌ إلى حدٍّ كبير. إذا استطعتَ الاستثمارَ في التدريبِ الإداريِّ المناسب، فستسهمُ بشكلٍ كبيرٍ في سعادةِ الموظفينَ والاحتفاظِ بهم.
مغادرةُ فريقٍ كاملٍ في تتابعٍ سريعٍ تشيرُ إلى وجودِ مشكلةٍ في القيادةِ. إذا لزمَ الأمرُ، حاولْ منعَ حدوثِ ذلك بتدريبِ قيادتكَ وتغييرِ نفسِك. وإذا كنتَ تفتقرُ إلى المهاراتِ الإداريةِ وترغبُ في التركيزِ على مجالاتٍ أخرى، ففكِّرْ في تعيينِ شخصٍ ما للقيامِ بالإدارةِ اليوميةِ بينما تستفيدُ أنتَ من مهاراتِك.
شاهد أيضاً: طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم
لا يمكنُ تجاهلُ أهميّةِ الاحتفاظِ بالموظفين، حتّى لو كنتَ تعتقدُ أنَّ بإمكانكَ توظيفُ آخرين بسهولة. التوظيفُ السريعُ لا يعني أنَّ الموظفينَ الجددَ سيكونونَ جاهزينَ للعملِ بنفسِ مستوى موظفيكَ الحاليّين. حتى في الأوقاتِ التي تتلقَّى فيها مئاتِ الطلباتِ في يومٍ واحدٍ بعد نشرِ إعلانِ وظيفةٍ، لا يعني ذلك أنك يمكنُ أنْ تعاملَ موظفيكَ الحاليّين بشكلٍ سيئ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.