كيف تتجنب الظهور بمظهر المتعصب مع الحفاظ على مشاعر الآخرين؟
من يتمتع بالذكاء العاطفي يتجنب فعل هذه الأمور الأربعة لتكون علاقاته أفضل وأقوى
بصفتي صاحب عملٍ صغيرٍ، تعاملتُ مع نصيبي العادل من المتعصّبين على مرّ السّنين؛ أنت تعرف بالضّبط ما أقصد. أولئك الأشخاص الذين يحبون دائماً إثبات ذكائهم، الذين يصرّون دائماً على أن يكونوا على حقٍّ أو أن يحصلوا على ما يريدون. يمكن أن يكون صعباً أن تتعاملَ مع هذا النّوع من السّلوك يوماً بعد يومٍ... لكن مع مرور الوقت، أدركتُ شيئاً مثيراً للدّهشةِ إلى حدٍّ كبيرٍ:
في كثيرٍ من الأحيان، كنتُ أنا الشّخص الذي يتصرّف بطريقةٍ سيئةٍ. [1]
في بعض الأحيان، أعلم أنّني أتصرّف بشكلٍ سيئٍ ولا أستطيع أن أمنعَ ذلك. إمّا لأنّني لم أنم جيّداً، أو لأنّني جائعٌ، أو فقط في مزاجٍ سيئٍ. ولكن في أحيانٍ أخرى، كنتُ الشّخصَ الذي تصرّف بطريقةٍ سيئةٍ حتى من دون أن أدركَ ذلك. وأراهن أنّك كذلك. فكيف يمكننا التوقّف عن التّصرّف بشكلٍ سيئٍ؟ كيف يمكننا تجنّب تدمير علاقاتنا مع الآخرين، وأن نصبحَ متعاونين ولاعبي فريقٍ أفضل؟
قبل عدّة سنواتٍ، شاركني صديقي بنصيحةٍ مذهلةٍ. كان قد حضر للتوّ برنامجاً دراسيّاً مكثّفاً جدّاً لتحسين مهاراته في التّدريس والإرشاد، وهو نوعٌ من "برنامج الماجستير" لمساعدة الآخرين. لم أنسَ أبداً ما شاركه معي، لأنّ النّصيحةَ مبنيةٌ بشكلٍ قويٍّ على مبادئ الذكاء العاطفي، أي القدرة على فهم وإدارة العواطف.
إليكَ أربعة أشياءٍ يمكنكَ القيام بها لتجنّب تدمير علاقاتكَ مع الآخرين، والظّهور كشخصٍ أحمق أو فظٍّ. (إذا وجدت قيمةً في هذا الدّرس، قد يهمّكَ الاشتراك في دورتي المجانيّة، التي تُعلّمك كيفيّة بناء الذكاء العاطفي في نفسكَ وفريقكَ).
شاهد أيضاً: أول مؤشر للنجاح، هل هو الذكاء العاطفي أم الذكاء العقلي؟
لا تحاول إثبات ذكائك
ليس هناك عيبٌ في أن تكون ذكيّاً، أو في اتّخاذ قراراتٍ ذكيّةٍ، أو في القيام بأشياء ذكيّة. تبدأ المشاكل عندما تشعر بأنّك تحتاج إلى إثباتِ أنّك أذكى من الجميع، إذ يجعلك هذا تبدو وكأنّك بحاجةٍ إلى أن تكونَ في مركزِ الاهتمامِ. وعندما يكون اهتمامكَ الأساسيّ هو إظهار ذكائك، فإنّك تجعل الآخرين يشعرون بالغباء، ممّا يجعلهم لا يحبّذون وجودكَ معهم.
بدلاً من التّفاخر، ساعد الآخرين واترك عملك يتحدّثُ عن نفسه. وعندما يتعلّق الأمر بحلّ المشكلات، سيكون الأمر أفضل عندما تعمل مع فريقكَ (أو شريكك، أو عائلتك) لإيجادِ حلٍّ بدلاً من محاولةِ تقديم الإجاباتِ بمفردكَ.
شاهد أيضاً: استثمار الذكاء العاطفي في العمل.. كمن يقول للمستحيل كُن فيكون
لا تحاول إثبات صحّة ما تقول
يجب ألّا تتنازل عن قيمك مطلقاً، أو تدعم الآخرين عندما يقومون بشيءٍ يسبّب الضّرر. ولكنّك أيضاً لا ينبغي أن تجعلَ تصحيحَ الآخرين خياركَ الافتراضيّ.
النّاس مرتبطون عاطفيّاً بمعتقداتهم. فإذا كشفتَ كلّ نقطةِ ضعفٍ في استدلال شريكك بلا رحمةٍ، سيشعر بأنّه مستهدفٌ، وستتولّى الأميغدالا (اللوزة الدّماغية المسؤولة عن الاستجابات الانفعاليّة) السيطرةَ، ولن يكون تركيزه على الاستماع أو النّقاش العقلانيّ، بل سيدافعُ عن نفسه أو يهاجمُ بالمقابل.
لذلك، حتّى إذا كنت على حقٍّ وكان الآخرون على خطأٍ، تذكّر أنّه ليس من واجبك تصحيح كلّ تصريحٍ خاطئٍ. إذا فعلت ذلك، سيبدأ النٌاس في التّحوّل عنك.
لا تقل: "كنت أعرف ذلك بالفعل"
نحن جميعاً مذنبون في قول هذا للآخرين، ولكن فكّر في ذلك: ما هو الخير الذي يتحقّق فعلاً عندما تخبر شخصاً ما بهذا الأمر؟
في أفضل الأحوال، هذا يرسل رسالةً بأنّك "تعرف كلّ شيءٍ" ويثير عدم الرّغبة لديهم في مواصلة نقاشهم. في أسوأ الأحوال، يقفل الشّخص الآخر فمه مع شعوره بالغباء، ممّا يثنيه عن مشاركة أفكارٍ قيّمةٍ مستقبلاً. وبدلاً من ذلك، دعِ الشّخص الآخر يتحدّثُ، ويُمكنكَ أن تومئ برأسك كعلامةٍ للموافقةِ، فحتّى لو كنت تعرف ما يقولونه من البداية، فربما لا تعرف أين سيصلون في النّهاية.
لا تقل: "لماذا لا يمكن أن يكونوا مثلي؟"
في بعض الأحيان نتمنّى أن يكون المزيد من النّاس في العالم مثلنا، ونعتقد أنّ ذلك سيجعل الأمور... أسهلَ. لكن خمِّن ما سيحدث؟ سيجعل ذلك الأمور أكثر مللاً أيضاً. ويمكن أن يكون من الصّعب العمل أو العيش مع الآخرين الذين تختلفُ شخصياتهم كثيراً عن شخصيتك، ولكن هذه الاختلافات هي بالضّبط ما يجعلكَ تنمو وتتطوّر.
لذا، تقبّلْ التّنوع. وبدلاً من إجبار الجميع على القالب نفسه، انظر إلى ما يمكنك أن تتعلّمه منهم.
نحن جميعاً نلعبُ دور الشّخص المتعسّف في بعض الأحيان، ولكن إذا مارست هذه الأمور الأربعة، ستكون متعاوناً ولاعب فريقٍ أفضل، وستبني علاقاتٍ أقوى أثناء ذلك.