كيف تتعامل مع ضعف أداء موظفيك؟
خطط لتحسين الأداء وأخرى لتطوير النجاح، يجب على الشركات أن تتبنّاها في استراتيجيات عملها الهادفة إلى تحقيق أفضل أداء للقوى العاملة فيها.
هل تلجأُ إلى أفضل السّبل لتطوير أداء الموظفين الذين لا يحقّقون النّتائج المرجوّة؟ وهل إطار عملكَ يُعزّز من قدراتهم ويضمن بقاء مؤسّستكَ في نطاق التزامات قوانين العمل الرّاهنة؟ إنّه استفسار يُطرح بإلحاحٍ من قبل كلّ صاحب عملٍ، فما هي الخطوة المُثلى التي يُمكن اتّخاذها؟ كيف أستطيع أن أُسهمَ في تحسين مستوى موظفيّ؟ وكيف نعملُ على تحسين أداء فريقنا وشركتنا دون أن نجدَ أنفسنا محلّ مساءلةٍ قانونيّةٍ؟ للأسف، لا تقتصرُ عمليّة التّحسين على تطبيق أفضل الطّرق المتّبعة فحسب، بل تتعلّق أيضاً بالجانب القانونيّ. [1]
بصفتي محامياً مختصّاً في قانون العمل والإعلام، وكمستشارٍ سابقٍ للأعمال، تعاملت مع العديد من العملاء الذين وجدوا أنفسهم طرفاً في نزاعاتٍ عماليةٍ، سواء كانوا أرباب عملٍ أو موظّفين، وغالباً ما كانت هذه النّزاعات تدورُ حول أداء الموظّفين وكيفيّة تقييمهم، حيث تُستخدم مقاييس الأداء في كثيرٍ من الأحيان كأساسٍ لإنهاء الخدمة.
كما هو معلومٌ لدى الجميع، وخصوصاً في الولايات الّتي تشهد نسبةً عاليةً من الدّعاوى القضائيّة مثل كاليفورنيا، من الضّروري التّأكّد من توثيق كافة الإجراءات بدقّةٍ وضمان توافقها مع قوانين العمل المعمول بها، ولهذا الأمر تأثيرٌ بالغٌ على كيفيّة إدارة المؤسّسات لأداء موظّفيها.
والآن إليكم ما اكتسبته من خبرةٍ عبر السّنين، وما أحرص على مشاركتهِ مع عملائي:
إعادة تعريف مسار التطوير
بدلاً من الاعتمادِ على خطط تحسين الأداء (PIPs) كوسيلةٍ لتبرير إنهاء خدمات الموظّفين ذوي الأداء المُتدنّي، ربّما يتعيّن علينا صياغة خططٍ لتعزيز النّجاح (SIPs) بهدف دعم الموظّفين نحو تحقيق الأهداف، وهذا ليس مجرّد تغييرٍ في التّسمية فحسب، بل هو تحوّلٌ في طريقة التّفكير.
إنّ اللّغةَ التي نستخدمها لها القدرة على تغيير طريقة تفكيرنا كما بيّنت الدّراسات، وبالتّالي النّتائج التي نُحقّقها. خذ، على سبيل المثال، الفرق بين قول "يجب أن أفعلَ" و"لديّ الفرصة لأفعلَ"، نلاحظُ أنّ معنى "لديّ الفرصة لأفعل" شيئاً، بدلاً من "يجب أن أفعله"، يُحوّل النّظرة إلى نتيجةٍ متفائلةٍ، إذ بدلاً من النّظر إلى كمّية العمل المُتوجّب عليكَ بصفتهِ عائقاً ويحول دون استمتاعكَ، فكّر في أنّ لديك الفرصة لإنجاز هذا العمل، ما يمكّنك من دفع فواتيركَ والتّمتع بإجازاتكَ. والآن، كيف تغيّرت نظرتكَ إلى العمل؟
شاهد أيضاً: لا تسمح للأداء المتوسط بتخريب فريقك
الفرق بين خطط تحسين الأداء (PIPs) وخطط تطوير النجاح (SIPs)
يكمن الفارقُ الأساسيّ بين خطط تحسين الأداء وخطط تطوير النّجاح في مدى إشراك الموظّفين والغاية المنشودة من العمليّة، فإذا كان الهدفُ من خطط تحسين الأداء -كما جرت العادة- هو إنشاءُ أدّلةٍ موثقةٌ لتبرير فصل الموظّفين ذوي الأداء الضّعيف، في المقابل تهدفُ خطط تطوير النّجاح إلى ضمّ الموظّفين بشكلٍ فعّالٍ في عمليّة التّطوير، لمساعدتهم على تحقيق النّجاح.
هذا النّهج مستمدٌّ من أبحاثي الخاصّة ويستفيدُ من الأعمال المبتكرة للدّكتور جيه بي باوليو فراي وبيل بنجامين من معهد Institute for Health and Human Potential (IHHP)، وإطار عملهم للفرق ذات الأداء العالي. مع العلم، المبدأ الأساسيّ للمعهد هو أنّ الفرق ذات الأداء العالي تحتاجُ إلى عنصرين أساسيّين: المسؤوليّة والرّعاية.
ويمكنُ تحقيق الأداء العالي في الفرق عندما توفّر القيادة رعايةً عاليةً مقترنةً بمسؤوليّة عاليةٍ. وبالمقابل، عندما تُظهر الشّركات ميلاً نحو التّجنّب العالي والمسؤوليّة المنخفضة، يميل الموظّفون إلى الرّحيل أو يُجبرون على المغادرةِ.
شاهد أيضاً: تقاسم الأرباح مع الموظفين منفعة للجميع
كيف تُطبّق خطط تطوير النجاح؟
بادئ ذي بدء، يُطمأن الموظّف إلى أنّه مهمٌّ وجزءٌ لا يتجزّأ من الفريق، وأنّ الهدف المشتركَ هو نجاحه، ويتمّ بعدها تقديم التوجيهات له حول المجالات التي لم يستوفِ فيها المعايير المطلوبة، وكيفيّة تقييم هذا الأداء، ثمّ يستخدمُ الموظّف هذه الملاحظات لصياغةِ خطّته الخاصّة لتطوير النّجاح.
وعقب إعداد الموظّف لخطّتهِ، يُراجعها صاحبُ العمل ويُثريها بأهدافٍ إضافيّةٍ، ومعايير محدّدةٍ، وطرقٍ لقياس النّجاح المُعاد تعريفهُ، فهذه الاستراتيجيّة تُركّزُ على النّجاح بدلاً من مجرّد الأداء، وهي تهدفُ إلى التّطوير لا إلى خلق مبرّرٍ للفصل.
وبوصفي محامياً في مجال الإعلام والعمل، فقد شهدتُ الكثيرَ، وسابقاً كاستشاريٍّ تنظيميٍّ، لاحظتُ أنّ الشّركات التي تدمج الموظّفين في عمليّة تطوير خطط نجاحهم تُحقّق أداءً أفضل وتشهدُ معدّل دورانٍ أقلّ للموظّفين.
من ناحيةٍ أُخرى، تلك الشّركات التي تُولي اهتمامها لإنشاء أدلّةٍ موثقةٍ كأساسٍ للتّبريرات، تجد نفسها غالباً في نفس الوضع مجدّداً بعد فترةٍ. والأخطر من ذلك، أنّ هذه الشّركات تواجه نسبةً أعلى من النّزاعات العمالية والدّعاوى القضائيّة المُتعلّقة بممارسات التّوظيف. فأيّ نوعٍ من الشّركات تطمحُ لأن تكونَ؟