كيف تتخلّص من سمعة "المستمع السيئ" كشخص منفتح؟
تقدّم الأبحاث حلولاً فعّالةً لتغيير الانطباع الخاطئ عن المنفتحين وتحسين التّواصل مع الآخرين بأسلوبٍ أكثر وعياً
هل تعتقد أنَّ النّاس يرونك شخصاً منفتحاً؟ على الرّغم من الطّاقة الإيجابيّة والحماسة الّتي يتمتّع بها الأشخاص المنفتحون، فإنَّ الأبحاث الحديثة تشير إلى أنّهم قد يُساء فهمهم في كثير من الأحيان باعتبارهم لا يستمعون جيداً، وهنا نعرض كيف يمكنك تغيير هذا التّصوّر وتحسين مهاراتك في الاستماع.
توضّح أندريا فوجينيكي، مدرّبة الاتّصالات التّنفيذيّة في شركة "توك أباوت توك" (TALK ABOUT TALK)، أنَّ الشّخص المنفتح لديه القدرة الطّبيعيّة على جذب الآخرين وتوليد الحماس أثناء التّواصل، وبفضل طاقته وحضوره القويّ، يتمكّن من التّفاعل الاجتماعيّ وإضفاء الحيويّة على المحادثات. ومع ذلك، تسلّط الأبحاث الضّوء على مشكلةٍ دقيقةٍ، فبغضّ النّظر عن مدى تفاعله، قد يعتقد الآخرون أنّ الشّخص المنفتح لا يستمع بشكلٍ جيدٍ، ما يمكن أن ينعكس سلباً على مصداقيّته في العلاقات الاجتماعيّة.
مشكلة الإدراك الخاطئ
أظهرت دراسةٌ أكاديميّةٌ نُشرت تحت عنوان "هل تستمع إليّ؟" من جامعة هارفارد وستانفورد، أنَّ النّاس غالباً ما يرون الأشخاص المنفتحين كأفرادٍ لا يستمعون جيدّاً، حيث شملت الدّراسة أكثر من 2400 شخصٍ، وخلصت إلى أنَّ المنفتحين قد يُساء فهم حماستهم وكثرة تفاعلهم على أنّها محاولةٌ لعرض أنفسهم، بدلاً من الاستماع الحقيقيّ، ورغم أنَّ هذه الأبحاث لا تعكس بالضّرورة سلوكيّات الاستماع الفعليّة، لكنّها تُبرز فجوة الإدراك، حيث يعتقد المنفتحون أنّهم يستمعون بانتباهٍ، بينما يفهم الآخرون ذلك على نحوٍ مختلفٍ.
الحلول الممكنة لتحسين الاستماع
إذا كنت شخصاً مُنفتحاً، فإنَّ الخطوة الأولى نحو تحسين هذا التّصوّر الخاطئ تبدأ بفهم كيفيّة رؤية الآخرين لك، وهنا 3 استراتيجيّاتٍ بسيطةٍ يُمكن أن تساعدك في تحسين هذا التّصوّر، دون أن تفقد مزاياك كشخصٍ منفتحٍ:
تقليل الحديث والتّركيز على الاستماع
من العادات الشّائعة لدى الأشخاص المنفتحين رغبتهم في ملء كلّ لحظةٍ من المحادثة بالكلام. ومع ذلك، من الأفضل مقاومة هذه الغريزة والسّماح للآخرين بالتّعبير عن أنفسهم، فحاول تتبّع مقدار الوقت الّذي تتحدّث فيه خلال أيّ محادثةٍ. وفي النّقاشات الفرديّة، استهدف التّحدّث بنسبة أقل من 50% من الوقت، وفي المجموعات، حاول أن تقلّل من حصّتك من الحديث مقارنةً بعدد المشاركين، ممّا سيتيح لك الفرصة للاستماع بشكلٍ أفضل.
ضبط لغة الجسد
لغة الجسد لها تأثيرٌ كبيرٌ في التواصل، فعندما تُجري محادثةً، حاول أن تُظهرَ اهتمامك البالغ عبر الاتّصال البصريّ والإيماء واستخدام تعابير وجهٍ تعكس التّفهم والتّعاطف، فالجلوس قليلاً نحو الأمام يشير إلى أنّك حاضرٌ ومهتمٌّ بما يقوله الشّخص الآخر، إذاً تساعد هذه الإشارات على إبراز اهتمامك، ما يعزّز إدراك الآخرين لك كمستمعٍ جيّدٍ.
تغيير العقليّة
يكمن التّحدّي الأكبر لدى المنفتحين في عقليّة الاستماع، فحتّى إذا كُنتَ تستمع، فإنَّ التّفكير فيما ستقوله بعد ذلك يعني أنّك لا تستمع بشكلٍ كاملٍ، فحاول التخلّص من المشتتات، وركّز بشكلٍ كاملٍ على المتحدّث، إذ إنّ هدفك هنا هو الفهم، وليس الرّدّ، فعندما تدرّب نفسك على الاستماع من أجل الفهم، ستلاحظ أنَّ الآخرين يبدؤون في تقييمك كشخصٍ مستمعٍ فعلاً.
لماذا هذا مهمٌّ؟
إذا استطعت تحسين مهارات الاستماع لديك، ستصبح أكثر فاعليّةً في بناء العلاقات وتعزيز الثّقة مع الآخرين. وعلى الرغم من أنَّ الشّخص المنفتح قد يكون مليئاً بالطّاقة والحيويّة، إلّا أنّ التّعديل البسيط في سلوكيّات الاستماع يُمكن أن يصنع فارقاً كبيراً في الطّريقة الّتي يراك بها النّاس.
لذا، تذكّر أنّ كونك منفتحاً لا يعني فقط التّفاعل والتّحدّث، بل يشمل أيضاً القدرة على الاستماع بتركيزٍ وفهمٍ، وبتبني هذه الاستراتيجيّات، ستتمكّن من تغيير التّصوّر السّلبيّ الّذي قد يحمله الآخرون عنك، دون أن تفقد جاذبيّتك الطّبيعيّة وطاقتك الحيويّة.