الرئيسية الريادة كيف تجذب عملاءك في رمضان؟ السر يكمن في قصتك!

كيف تجذب عملاءك في رمضان؟ السر يكمن في قصتك!

خلال الشّهر الفضيل، لا يبحث عملاؤك فقط عن المنتجات، بل عن قصصٍ مُلهمة تعبّر عن قيم الشّهر الفضيل، وهذا قد يكون مفتاحك للوصول إليهم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

رمضان ليس مجرّد شهرٍ يمتنع فيه المرء عن الطّعام والشّراب، بل هو زمنٌ تتجلّى فيه لحظات التّأمّل والعطاء والتّكاتف المجتمعيّ. وفي هذا الشّهر الفضيل، يطرأ تحوّلٌ لافتٌ في سلوك المستهلكين، ممّا يفسح المجال أمام العلامات التّجاريّة لاقتناص فرصةٍ ذهبيّةٍ تؤهّلها للتواصل مع الجمهور بفاعليّةٍ وصدق. غير أنّ التّسويق في رمضان لا ينبغي أن يقتصر على مجرّد عرض المنتجات أو الدعوة إلى شرائها، بل يرتكز قبل كلّ شيءٍ على فهم روح الشّهر ومخاطبة الناس بما يلامس قيمه الأصيلة.

وقد تحدّثت مجلّة "عربية .Inc" مع ثلاثة خبراء في مجالات التّسويق والعلاقات العامّة، وهم: ذهارا بهاتيا، المديرة العامّة للعلاقات العامّة في وكالة "كاتش إنترناشونال" (Katch International)؛ وهي وكالةٌ متخصّصةٌ في مجالات التّسويق والعلاقات العامّة والإعلام وتنظيم الفعاليّات، وتتّخذ من لندن ودبي مقرّاً لها. بالإضافة إلى دينا السّيسي، رئيسة قسم التّسويق والعلاقات العامّة في شركة "تالي" (Taly) للدفع الرقميّ، ومقرّها في مصر. كذلك تحدّثنا إلى حسين دجاني، الرّئيس التّنفيذيّ للمبيعات والتّركيز على العملاء في مجموعة "بترومين كوربوريشن" (Petromin Corporation) المتخصّصة في زيوت التّشحيم وخدمات السّيّارات، ومقرّها في السّعوديّة.

جاءت هذه الحوارات بهدف استقصاء آرائهم حول الاستراتيجيّات الناجحة التّي تمكّن الشّركات الصّغيرة من استهداف العملاء خلال رمضان بنجاحٍ وفعاليّة.

سواءً أكنت صاحب مشروعٍ ناشئٍ، أو تمثّل علامةً عالميّة، فإنّ الأفكار التّي يقدّمها هؤلاء الخبراء ستساعدك على خوض الموسم الرمضانيّ بروحٍ هادفةٍ وأثرٍ عميق.

فهم سلوك المستهلك في رمضان

وفقاً لتقرير نسخة 2024 من "سوق دبي الدّولي للمحتوى الإعلاميّ" (Dubai International Content Market)، يشهد الشّرق الأوسط تبدّلاً كبيراً في سلوك المستهلكين خلال رمضان، حيث ترتفع أولويّة الأمور المتعلّقة بالإيمان والعائلة والرّفاهيّة الشّخصيّة. وبذلك يتغيّر نسق التّسوّق؛ إذ يزداد الطّلب على العروض الخاصّة والتّخفيضات الفوريّة وخيارات التّوصيل المتميّزة، ولا سيّما في الأيّام العشرة الأخيرة من الشّهر.

وعلى صعيد المحتوى الرّقميّ، نجد أنّ نسبة 30% من أبناء الجيل "زد" وجيل الألفيّة يواظبون على الاستماع إلى المدوّنات الصّوتيّة (البودكاست) كلّ يومٍ خلال رمضان، وغالباً ما يكون ذلك بعد وجبة الإفطار، سعياً وراء تعميق الجوانب الرّوحيّة والشّخصيّة. أمّا في ما يتعلّق بالفيديو، فلا تزال "يوتيوب" منصّةً رائدةً، إذ ارتفعت فيها نسبة البحث عن محتوى "أسلوب الحياة الإسلاميّ" بمعدّل 2.3 مرّة منذ عام 2023. يُضاف إلى ذلك تزايد الاهتمام بالصّحة واللّياقة، فقد سُجّل ارتفاعٌ بنسبة 60% في تنزيل مقاطع الفيديو الخاصّة بتدريبات حمل الأثقال، ممّا يؤكّد أنّ جانب العناية بالجسد يكتسب هو الآخر قيمةً بالغةً في هذا الشّهر، جنباً إلى جنب مع الصّيام.

وفي هذا السّياق، تشير ذهارا بهاتيا ودينا السّيسي إلى ضرورة أن تواكب الشّركات هذه التّغيّرات وتستجيب لها، سواءً على صعيد التّسويق أو التّواصل مع الجمهور. فتقول السّيسي:

"في رمضان، تتغيّر دوافع المستهلكين تغييراً ملحوظاً؛ فهم يركّزون على الأهل والرّوحانيّة والمجتمع، وتنعكس هذه القيم على قراراتهم في الشّراء. كما يرتفع الإنفاق على الطّعام والهدايا والأعمال الخيريّة، مع قضاء وقتٍ أطول على شبكات التّواصل الاجتماعيّ، خصوصاً عند السّحور وبعد الإفطار".

من جهتها، تبيّن بهاتيا أنّ تباطؤ وتيرة الحياة اليوميّة يقابله ازديادٌ في حجم التّفاعل الرقميّ: "اعتاد النّاس في رمضان أن يخفّفوا من حركة أعمالهم، فيجدون فسحةً لتصفّح مواقع التّواصل الاجتماعيّ ومشاهدة الفيديوهات واستكشاف خيارات التّسوّق الإلكترونيّ. وهذه الفترة من الهدوء تتيح للعلامات التّجاريّة فرصةً ثمينةً للتواصل مع المستهلكين بعمق".

وفي ما يخصّ الأوقات الملائمة للتّفاعل الرقميّ، يشدّد حسين دجاني على تغيّر أنماط استخدام الناس للإعلام، جرّاء تبدّل نظامهم اليوميّ. فهم يسهرون عادةً إلى وقتٍ متأخّر، مع بلوغ ذروة الوجود على الشّبكات الاجتماعيّة ومنصّات البثّ الإلكترونيّ والمتاجر الإلكترونيّة بين السّابعة مساءً والثالثة فجراً. فيقول:

"في السّعوديّة، يرتفع معدّل المشاهدة على يوتيوب بنسبة 35% فما فوق، ويُقبل الناس خصوصاً على محتوى التّرفيه والطّعام والمواد الدينيّة. هنا بالذّات تكمن الفرصة المثلى للعلامات التّجاريّة كي تجتذب انتباه الجمهور عبر محتوى شيّق وملائم".

كما يوضّح الخبراء أنّ كلّ علامةٍ تجاريّةٍ تسعى للنّجاح في رمضان مطالبةً بالتّركيز على التّوقيت والمنصّة؛ حيث تشهد مشاهدة الفيديوهات قفزةً واضحةً في هذا الشّهر. تقول بهاتيا: "من المحوريّ أن تحضر العلامة التّجاريّة على منصّات الفيديو، وفي مقدّمها يوتيوب، حيث يزيد الإقبال على المشاهدة. ولا بدّ من انتقاء الوقت المناسب؛ إذ ينبغي التّوجّه إلى الجمهور وقت السّحور والإفطار، حين يكون النّاس في أعلى درجات التّفاعل".

ويُضيف كلٌّ من بهاتيا ودجاني أنّ للعاطفة دوراً مهمّاً في خيارات الناس خلال رمضان، إذ يميلون إلى العلامات التّي تتوافق مع قيم الكرم والعناية بالنّفس والعطاء. فتقول بهاتيا: "في رمضان، يركّز كثيرون على تهيئة أجواءٍ أسريّةٍ دافئة، وعلى تنمية الذّات روحيّاً؛ فيبحثون عن علامات تجاريّة تعزّز فكرة العطاء والصّدقة التّي يقوم عليها هذا الشّهر".

أمّا دجاني، فيرى أنّ الطعام والعائلة وأجواء الاحتفال ما زالت تشكّل أضلاع التّجربة الرّمضانيّة. فهو يشير إلى أنّ الطّلب على المطاعم وخدمات التّوصيل يتضخّم، وقد ارتفعت طلبات تطبيقات توصيل الطّعام في السّعوديّة بنسبة 50% إبّان الإفطار والسّحور. كما تزداد مبيعات السّلع الفاخرة والعطور والاحتياجات المنزليّة، في انعكاسٍ لجوانب الرّعاية الذّاتيّة وإهداء الآخرين في هذا الشّهر الفضيل.

في المحصّلة، يتّفق الخبراء على أنّ الأصالة واحترام التّقاليد الدينيّة والثقافيّة والتّخطيط الذّكيّ للتواصل هي الأسس التّي ينبغي للعلامات التّجاريّة الاعتماد عليها لتعزيز علاقتها بالجمهور في رمضان.

قوّة السّرد القصصيّ

ترى بهاتيا والسّيسي ودجاني أنّ جوهر أيّ حملةٍ رمضانيّةٍ فاعلة يكمن في السّرد القصصيّ. إذ يمنح هذا الشّهر الشّركات الصّغيرة فرصةً ثمينةً للتّواصل الحقيقيّ مع الجمهور دون الحاجة لميزانيّاتٍ ضخمة. وهو ما يتحقّق إن هي أحسنت توظيف قيم الأسرة والإيمان والكرم في محتواها.

تقول بهاتيا: "إنّ الحكاية هي نواة الحملة الرمضانيّة النّاجحة؛ فالأمر لا يتعلّق بالتّسويق لمنتجك وحسب، بل بصياغة قصّةٍ تمسّ قيم رمضان وأحاسيسه. ويستجيب المستهلكون بقوّة أكبر للرّسائل التّي ينقلها المؤثّرون؛ إذ تضفي مرويّاتهم عنصر المصداقيّة واللّمسة الشّخصيّة المحبّبة".

وتؤكّد السّيسي أنّ المحتوى الوجدانيّ الحقيقيّ هو ما يحرّك المشاعر ويستقطب الجمهور. لذا، يمكن للشّركات نشر مشاهد خلف الكواليس أثناء تحضير وجبات الإفطار للموظّفين، أو مشاركة تأمّلاتٍ روحانيّة، أو تسليط الضّوء على محتوى يولّده المستخدمون أنفسهم، وكلّ ذلك يعزّز الأواصر العاطفيّة من دون إنفاقٍ كبير.

أمّا بهاتيا فتمضي قائلةً: "في رمضان، ينجذب النّاس إلى الفيديوهات الّتي تروي قصّةً، أو تقدّم لهم فائدةً، من وصفةٍ رمضانيّة إلى رسالةٍ مؤثّرة، أو جولةٍ خلف السّتار لكيفيّة احتفاء علامةٍ ما بالشّهر. فلا تكتفِ بمخاطبة جمهورك؛ بل أشركهم في حوارٍ يحترم أجواء هذا الشّهر وقدسيّته".

حملاتٌ واعيةٌ ثقافيّاً

إلى جانب السّرد القصصيّ، يؤكّد الخبراء الثلاثة على ضرورة التّحلّي بحساسيّةٍ عاليةٍ تجاه الجوانب الثّقافيّة والدّينيّة في رمضان. فلا بدّ للعلامات التّجاريّة أن تركّز على الأصالة والاحترام وتبنّي قيم المجتمع عوضاً عن السّعي المحموم وراء زيادة المبيعات.

تقول بهاتيا: "ينبغي على العلامات التّجاريّة أن تضع في حسبانها الأهميّة الرّوحيّة والاجتماعيّة لهذا الشّهر، فتبدأ حملاتها برسائل تستوعب هذه الخصوصيّة من دون استغلالٍ فجّ".

وتعقّب السّيسي: "على العلامات التّجاريّة أن تُظهر تقديرها لما يمثّله شهر رمضان من قيمةٍ دينيّة، فتتجنّب أيّ محتوى قد يُعدّ تجاريّاً بحتاً، أو يخلّ بحرمة الصّيام والروحانيّة الكامنة فيه".

أمّا دجاني، فيوصي بتغليب مبدأ "الكرم" على مبدأ "الخصومات" عند صياغة الرّسائل التّسويقيّة، والحذر من نشر صور المأكولات والمشروبات قبل موعد الإفطار، فضلاً عن مراعاة مواقيت الصّلاة عند جدولة المحتوى. وحين يكون المغزى هو الانسجام مع قيم رمضان، تشدّد السّيسي على ضرورة إعادة توجيه الرّسائل الإعلانيّة وفق ما يهمّ الناس حقّاً في هذا الموسم.

"على المسوّقين أن يعدّلوا حملاتهم بما يتناسب مع روح رمضان التّي تدور حول الكرم والتّكاتف والشّكر. ويُستحسن صناعة محتوى يخاطب الثقافة المحليّة بانسجامٍ واهتمام، والاستفادة من المنصّات الرقميّة في الأوقات الأكثر نشاطاً"، برأي دينا السّيسي.

كما تقترح السّيسي إطلاق باقاتٍ وعروضٍ رمضانيّة تتماشى مع روح الشّهر. ويوافقها دجاني في أنّ المستهلكين ينحازون أكثر للتبرّعات والتّسويق الأخلاقيّ، متوقّعين من العلامات التّجاريّة برامجاً تعزّز العمل الخيريّ والاستدامة. ويرى الخبراء ضرورة الاستعانة بمتخصّصين محليّين لضمان أن تأتي الحملات متوافقةً مع عادات الناس وتقاليدهم. فتشدّد بهاتيا: "ابحث عن الخبراء المحليّين، وأجرِ دراسةً وافيّةً لتتأكّد من أنّ حملتك تعبّر بصدقٍ عن هذا الموسم".

أمّا السّيسي، فتوصي بالتّعاون مع الخبراء وإجراء مراجعاتٍ دقيقةٍ للحملة قبل إطلاقها، لضمان ملاءمتها ثقافيّاً. ومن جانبه، يلفت دجاني الانتباه إلى أهميّة استخدام اللغة العربيّة الفصيحة والهاشتاغات المحليّة الخاصّة بشهر رمضان من أجل مزيدٍ من المصداقيّة.

تقول بهاتيا متوجّهةً خصوصاً للشركات الصّغيرة: "يمثّل رمضان فرصةً ذهبيّةً للتقارب مع الجمهور؛ لكن ينبغي التّعامل معه بحكمةٍ ورويّةٍ وضمن حدود الميزانيّة. ابدأ بمحتوى يُسلّط الضّوء على قضايا المجتمع والعائلة والامتنان، فهي قيمٌ راسخةٌ في هذا الشّهر".

وتضيف أنّ مخاطبة الجمهور باللغة المحليّة تمثّل عاملاً مهمّاً؛ إذ يُحبّذ 62% من المستهلكين أن يُخاطَبوا بلغتهم الأمّ، ممّا يعزّز الارتباط بالعلامة التّجاريّة.

العمل الخيريّ والمجتمع أوّلاً

يشدّد دجاني على أهميّة إدماج مبادئ المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات (CSR) في حملات رمضان، لأنّ المستهلكين يستجيبون بقوّة للرسائل التّي تتضمّن أنشطةً خيريّةً ومبادراتٍ اجتماعيّة. يقول: "رمضان شهر العطاء، والناس ينجذبون نحو العلامات التّجاريّة التّي تُسهِم في قضايا اجتماعيّة هادفة".

يمكن للعلامات التّجاريّة أن تضع خططاً تقتضي تخصيص جزءٍ من عائداتها للأعمال الخيريّة، أو تنظيم مبادراتٍ تعود بالنّفع على المجتمع. ففي السّعوديّة والإمارات مثلاً، تطلق بعض العلامات التّجاريّة حملاتٍ بعنوان "اشترِ واحدة وتبرّع بأخرى" خلال رمضان، حيث تذهب السّلعة الثّانية لمن يحتاجها. وتضيف السّيسي: "إنّ دمج العمل الخيريّ في الحملة، كأن يُخصَّص جزءٌ من المبيعات لصالح التّبرّعات، يتناغم مع قيم رمضان، ويُحفّز النّاس على الشّراء".

بدورها، تقترح بهاتيا بناء شراكاتٍ مع مؤسّساتٍ خيريّةٍ أو مع مؤثّرين مهتمّين بالعمل المجتمعيّ، للوصول إلى قاعدةٍ جماهيريّةٍ أوسع مع الحفاظ على الجوهر القيميّ للشهر. فتقول: "قد يُتاح لك أن تتعاون مع مؤثّرين أو جهاتٍ أخرى أو حتى جهاتٍ خيريّة، فتوسّع نطاق انتشارك، وتجعل حملتك أقرب لروح رمضان".

التّوقيت مسألةٌ جوهريّة

يشكّل الإعلام الاجتماعيّ ركیزةً مهمّةً في استقطاب العملاء، ويؤكّد دجاني والسّيسي أنّ منصّات مثل إنستغرام وتيك توك والحملات المباشرة (Live Shopping) تمتلك قوّةً كبيرةً في التّأثير. إذ يتيح المحتوى التّفاعليّ والشّراكات مع المؤثّرين فرصة التّواصل الصّادق مع الجمهور، وإظهار المنتجات أو الخدمات على نحوٍ فوريّ.

وفيما يخصّ الميزانيّات المتواضعة، يشير الخبراء إلى أهميّة الاستعانة بالمؤثّرين المصنَّفين "ميكرو" أو "نانو"، فهم غالباً ما يقدّمون نسبة تفاعلٍ عالية بتكلفةٍ أقلّ من المشاهير. تقول بهاتيا:

"إنّ التّعاون مع مؤثّرين محليّين أو صُنّاع محتوى هو وسيلةٌ ناجعةٌ للوصول إلى جمهورهم من غير أعباءٍ ماليّةٍ كبيرة، مع الحفاظ على نبرةٍ أصيلة".

وتنبّه السّيسي إلى ضرورة أن تتوافق الحملات مع أوقات السّحور والإفطار والإعداد للعيد، إذ تعزّز هذه الفترات أهميّة المحتوى الذّي يشاركه المستخدمون أنفسهم والإعلانات الموجّهة. وتوضح أنّ من أساليب رفع مستوى التّفاعل تقديم نصائح رمضانيّة أو وصفات طعامٍ أو رسائل تحفيزيّة تحاكي أجواء الشّهر.

كما تؤكّد على أنّ إبداع محتوى مناسبٍ لشاشات الهاتف أمرٌ أساسيّ، وتنصح بإنتاج فيديوهاتٍ قصيرةٍ لافتة، تُعرَض في منصّات إنستغرام وتيك توك وفيسبوك، بينما يمكن الاستفادة من يوتيوب للفيديوهات الأطول. ويجمع الخبراء الثلاثة على أنّ التّوقيت هو مفتاح الوصول إلى أعلى نسبة تفاعل؛ إذ تشدّد السّيسي على أنّ نشر المحتوى في ساعات السّحور (2–4 فجراً) وما بعد الإفطار (5–7 مساءً) يُضاعف فرص المشاهدة والتّفاعل.

ويحثّ دجاني على مراعاة أوقات الذّروة المسائيّة، مشيراً إلى أهميّة الإحاطة بمواقيت الصّلاة واحتمالات السّهر ليلاً. أمّا بهاتيا، فتضيف أنّ التّخطيط المبكر وجدولة المنشورات بواسطة أدواتٍ مخصّصةٍ يساعدان الشّركات الصّغيرة على توفير حضورٍ فاعلٍ، حين يكون الجمهور في أوج نشاطه.

وفي وقت الإفطار، حيث تهيمن أجواء العائلة، يكتسب المحتوى الذّي يتضمّن بثّاً مباشراً وتعاوناً مع المؤثّرين فعاليّةً كبيرة، إذ يخلق إحساساً بالألفة والتّرابط. أمّا في السّحور، حيث يتراجع الصّخب، وتعمّ سكينةٌ نسبيّة، فيبقى التّفاعل الرقميّ قائماً، سواءٌ في تصفّح المحتوى الدينيّ أو طلب الطعام عبر التّطبيقات. ويشير دجاني إلى أنّ هذه السّاعات المتأخّرة تمثّل فرصةً للشركات كي تبادر ببثّ الإشعارات الفوريّة وتقديم العروض الخاصّة التّي تثير اهتمام المستهلكين.

تضيف بهاتيا: "يُعدّ التّسويق الحواريّ (Conversational Marketing) عبر منصّات مثل واتساب أو ماسنجر مثالاً فعّالاً، لكونه يتيح حواراً مباشراً وشخصيّاً يشعر فيه العميل بقرب العلامة التّجاريّة منه. على سبيل المثال، قد ترسل له الشّركة توصياتٍ بوجبات السّحور أو رسائل روحيّة مقتضبة تنسجم مع طبيعة الشّهر".

التّحويلات البيعيّة عبر العروض التّرويجيّة

يتطلّب تحقيق المبيعات في رمضان مزيجاً من التّخطيط والحثّ العاطفيّ والعروض التّي تستثمر عامل الإلحاح. وتشدّد بهاتيا على أنّ التّعاون مع شركاء آخرين يزيد من فرصة انتشار الحملة، سواءً كانوا مؤثّرين أم شركاتٍ أم مؤسّساتٍ خيريّة، على أن تُحافظ الحملة على جوهر الشّهر وقيمه.

أمّا السّيسي ودجاني، فيلفتان النّظر إلى الدور الذّي تؤدّيه العروض الحصريّة في رمضان والحملات التّرويجيّة القائمة على عنصر السّرعة، لا سيّما خلال فترات الإفطار والسّحور. وتلفت السّيسي إلى أنّ الحسومات المؤقّتة والعدّ التّنازليّ وكلمات مثل "الفرصة الأخيرة" أو "العرض الحصريّ" تُلهب حماسة الجمهور للإقدام على الشّراء.

ويتّفق الخبراء الثّلاثة على أنّ "إعادة الاستهداف" (Retargeting) تمثّل عنصراً حاسماً لزيادة المبيعات؛ فهي تُركّز على استقطاب من سبق له التّفاعل مع العلامة أو زيارة موقعها. ويوضح دجاني أنّ هذه الاستراتيجيّة فعّالةٌ في ضبط النفقات ورفع نسب التّحويل؛ إذ ينصح باستهداف العملاء السّابقين وزوّار الموقع السّابقين بعروضٍ رمضانيّة مميّزة. وتشدّد السّيسي على حملات إعادة الاستهداف لمن هجَروا سلال التّسوّق دون إكمال العمليّة، مع تقديم عروضٍ بريديّة شخصيّة.

كما يُذكّر الخبراء بضرورة تحسين تجربة المستخدم على الهاتف الجوّال، لأنّ أيّة عقبةٍ في إتمام الدّفع قد تُفقد الشّركة عميلاً محتملاً. ويشير دجاني إلى أنّ العشر الأواخر من رمضان تشكّل فرصةً ذهبيّةً لزيادة المبيعات؛ إذ يتضاعف الإنفاق في هذه الفترة، داعياً العلامات التّجاريّة إلى تكثيف عروضها التّرويجيّة آنذاك. ويقترح تطوير برامج الولاء بمنح نقاطٍ إضافيّةٍ أو تخفيضاتٍ خاصّة، ممّا يحثّ العملاء على تكرار الشّراء ويعزّز ولاءهم.

أخطاءٌ شائعة ينبغي تفاديها

يحذّر الخبراء من أنّ النجاح في حملات رمضان يستلزم وعياً ثقافيّاً عميقاً وصدقاً في الرسائل، إلى جانب اختيار التّوقيت الملائم. وتنبّه بهاتيا إلى أنّ "بعض العلامات التّجاريّة قد تركب موجة رمضان من دون خطّة واضحة أو فهمٍ كافٍ لخصوصيّة الشّهر"، وهو ما يعرّضها لمخاطر الوقوع في المبالغة التّجاريّة أو الإساءة الثقافيّة.

وتشدّد السّيسي على أنّ نقص الوعي الثّقافيّ والتّركيز المفرط على المبيعات دون تقديم رسالةٍ ذات مغزى من الأخطاء الشّائعة، وتنصح الشّركات بإجراء بحثٍ معمّق، والتّعاون مع مؤثّرين محليّين، وخلق محتوىً أصيل. كما يمكن لاختبار الحملة على نطاقٍ ضيّق قبل إطلاقها أن يكشف أيّة ثغراتٍ محتملة.

وترى بهاتيا أنّ الإفراط في النّزعة التّجاريّة قد يبعث برسالةٍ منفّرة إلى الجمهور، لأنّ "رمضان يتجاوز فكرة التّسوّق؛ فهو فترةٌ للعبادة والتّفكّر واللّقاءات الاجتماعيّة". ويضيف كلٌّ من السّيسي ودجاني أنّ السّعي وراء المبيعات بطرقٍ عدوانيّةٍ يُضعف ثقة المستهلك، بدلاً من استثمار قيم العطاء والامتنان المتأصّلة في هذا الشّهر.

كما تشير السّيسي إلى ضرورة التّزام التّوقيت والاستهداف المحليّ، محذّرةً من نشر المحتوى على نحوٍ متقطّعٍ، أو في غير أوقاته المناسبة، لأنّ ذلك قد يحدّ من التّفاعل. ويؤكّد دجاني على وجوب احترام فترات الصّيام والصّلاة والعادات المحليّة. ومع اقتراب عيد الفطر، تنصح السّيسي بأن يُضفي المسوّقون طابعاً احتفاليّاً دافئاً على حملاتهم، بعيداً عن أساليب البيع العدوانيّ.

"اصنع حكايتك الخاصّة"

في ختام هذه الرؤى، تنصح بهاتيا الشّركات بتجنّب الحملات النمطيّة الخاوية من العمق: "أهمّ ما أوصي به هو أن ينسج كلّ مشروعٍ حكايتَه الخاصة. فرمضان يحمل معاني روحيّةً وثقافيّة شديدة الأهميّة، والنّاس باتوا قادرين على تمييز الحملة الصّادقة عن تلك التّي تلوّح بشعاراتٍ جوفاء".

وتضيف السّيسي أنّ الأهمّ هو بناء روابط إنسانيّة حقيقيّة مع الجمهور: "أضف إلى حملتك بُعداً عاطفيّاً ينطلق من قيم الانتماء والإيمان والعطاء. فالأصداء التّي تتركها في نفوس الناس أهمّ من أيّ مؤشّر بيعٍ آنيّ".

أمّا دجاني، فيؤكّد أنّ استراتيجيّات التّسويق في رمضان ينبغي أن تنطلق من غايةٍ معنويّةٍ تتجاوز حسابات الرّبح المباشر. ويوضّح: "العلامة التّجاريّة التّي تفهم خصائص رمضان، وتحترمها ستحظى بولاء الناس وثقتهم على المدى الطّويل، لأنّهم يدركون أنّها تراعي حاجاتهم وأحاسيسهم في وقتٍ له قيمته الرّاسخة في وجدانهم".

بهذا، تكتمل الصّورة حول أبرز النصائح والإرشادات التّي قدّمها الخبراء الثلاثة، موجّهةً للشركات والمسوّقين الطّامحين إلى خوض سباق رمضان بنجاح. فمع مراعاة الأصالة الثقافيّة والقيم الرّوحيّة، والحرص على توقيتٍ واعٍ، واعتماد سردٍ قصصيٍّ عاطفيّ، تستطيع العلامات التّجاريّة ترك بصمتها في موسمٍ يزخر بفرصٍ لا حصر لها، ويشجّع في جوهره على التّأمّل والتّواصل والتّراحم المجتمعيّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: