تضارب المصالح في العمل: كيف تحمي نزاهتك وسمعتك؟
اتّخاذ القرار الخاطئ في موقف تتعارض فيه مسؤوليّاتك المهنيّة مع مصالحك الشّّخصيّة، قد يكلّفك سمعتك، وظيفتك، وحتى حريّتك... فكيف تتعامل مع هذه المواقف؟
هل سبق أن وجدتَ نفسك في موقفٍ تتعارض فيه مسؤوليّاتك المهنيّة مع مصالحك الشّّخصيّة؟ كأن يطلبَ منك عميلٌ إنجازَ عملٍ خاصٍ يُدفع لك مباشرةً وليس لشركتك؟ أو أن تجدَ نفسك مضطراً لاختيارِ من يستحقّ التّرقية بين صديقٍ مقرّبٍ وزميلٍ آخرَ مؤهّل؟
في حياتنا العمليّة، تعارضُ المصالحِ أمرٌ لا مفرّ منه. وقد يقودُ اتخاذُ القرارِ الخاطئِ إلى نتائجَ كارثيّة، مثل التّّعرّضِ لدعاوى قضائيّةٍ أو غرامات، بل قد يصلُ الأمرُ إلى فقدانِ الوظيفة أو السّجنِ في بعضِ الحالات.
بصفتي محامياً وأستاذاً في القانون ووكيلَ مواهب، أؤمنُ بشدّةٍ بأهميّةِ أخلاقيّاتِ العمل. وأعملُ على إرشادِ العملاءِ والشّّّركاتِ حول ضرورةِ فهمِ تعارضِ المصالحِ وكيفيةِ التّعاملِ معهُ بوعيٍ ومسؤوليّةٍ عندَ حدوثهِ، سواء كنتَ أنتَ من تواجههُ أو أحدَ موظفيكَ.
ما معنى تعارضِ المصالح؟ ببساطةٍ، هو الحالةُ التّي تتداخلُ فيها مصالحُك الشّّخصيّة أو التّزاماتُك الخاصّة مع واجباتِك المهنيّة، مما يجعلكَ أمامَ خيارٍ صعب: إمّا التّصرفُ بما يخدمُ مصلحةَ الآخرين، أو التّّركيزُ على مصلحتِك الشّّخصيّة فقط.
هناك ثلاثة أنواعٍ رئيسيّةٍ من تضارُب المصالح
- الماليّة: كأن يقوم الموظف بالتّرويج لمنتجٍ يمتلك فيه حصةً ماليّةً دون إخبار الشّّركة بذلك.
- الشّّخصيّة: مثل المحامي الذي يمثّل طرفين متعارضين في نفس القضية.
- المهنيّة: عندما يقوم مسؤولٌ بترقية صديقٍ على حساب زميلٍ آخر يستحق التّرقية.
تضارُب المصالح ليس واضحاً دائماّ، لذا من الضروري أن يكون الشّّّخص على درايةٍ بالإشارات التّي تدل على وجود تضارُبٍ محتملٍ. يُنصَح الفرد بسؤال نفسه أسئلةً مثل: "هل هناك أيّ شيءٍ في هذا القرار قد يؤثّر على نزاهتي المهنيّة؟ هل أنا شفافٌ بما يكفي مع زملائي أو رؤسائي بشأن هذا الموقف؟". إذا كانت الإجابات غير مريحةً، فقد يكون هناك تضارُبٌ في المصالح.
مخاطر تضارُب المصالح
من المهم عدم تجاهل تضارُب المصالح، حيث يمكن أن يؤدي إلى تداعياتٍ قانونيّةٍ، مثل الغرامات أو فقدان الوظيفة أو حتى السجن في بعض الحالات الخطيرة. علاوةً على ذلك، يُلحق تضارُب المصالح ضرراً جسيماً بثقافة العمل، ويُضعِف الثّقة بين الموظفين والعملاء والقادة، حيث يتوقّع الجميع أن تكون القرارات نزيهةً وغير متحيّزةً. فعندما يحجب الشّّّخص معلوماتٍ مهمةً تؤثّر على اتّخاذ قرار معينٍ، فإنّه في الواقع يُخفي الحقيقة، ممّا يُضرُّ بمصداقيته.
إدارة تضارُب المصالح لمواجهة تضارُب المصالح بطريقةٍ فعّالةٍ
هناك عدة استراتيجياتٍ يُمكن اتّباعها لإدارة تضارُب المصالح:
- الرفض: في بعض الحالات، قد يكون الحل الأمثل هو الابتعاد عن الموقف بشكلٍ كاملٍ لتفادي أيّ شبهة.
- الإحالة: إذا كان لديك شبكة علاقاتٍ واسعةً، يُمكنك إحالة المشروع أو العميل إلى شخصٍ آخر يمكنه التّعامل مع الوضع دون وجود تضارُبٍ.
- التّخفيف من المخاطر: في حالاتٍ معينةٍ، قد يكون بالإمكان إدارة تضارُب المصالح دون الانسحاب الكامل. مثلاً، قد يمتنع عضو مجلس إدارةٍ لديه مصلحةٌ ماليّةٌ في شركة مورِّدةٍ عن التّصويت على العقود المتعلقة بتلك الشّّركة.
الهدف هنا هو اتخاذ خطواتٍ استباقيَّةٍ وشفافةٍ، ووضع الأولوية على الأخلاقيات المهنيّة بدلاً من المكاسب الشّّخصيّة. من خلال ذلك، يُمكن حماية سمعة الفرد والشّّركة، وضمان بيئة عملٍ قائمةً على الثّقة والنّزاهة.