إدارة التوتر في العمل: كيف تحوّل الضغط إلى دافع للنجاح؟
ضغط العمل قد يكون إيجابيّاً أو سلبيًاً، ويجب على الموظفين والمديرين التّعاون لتحويل التّحديات إلى فرصٍ للنّمو وتحقيق التّوازن الصّحي بين العمل والحياة
أصبحت إدارة التوتر من المهارات الأساسيَّة الَّتي يجب على كلّ فردٍ إتقانها لتحقيق النَّجاح الشّخصيّ والمهنيّ، إذ يتطلَّب هذا الأمر فهماً عميقاً لنوعي التوتر: التوتر الإيجابي (Eustress) والتوتر السلبي (Distress)، ومعرفة كيفيَّة الاستفادة من الأوَّل وتجنُّب تأثيرات الثّاني.
عندما يتحدَّث الخبراء عن التوتر، غالباً ما يتمُّ التّركيز على جوانبه السلبيَّة، مثل التوتر النّاتج عن تراكم المسؤوليَّات والضَّغط المستمرّ، ولكن هناك جانباً آخر للتوتر، وهو الجانب الإيجابيّ، وهو تلك المشاعر الَّتي تدفعُنا إلى التّحدِّي والإنجاز، مثل الشُّعور بالحماس عند تولّي مهامٍّ جديدةٍ أو تحقيق هدفٍ مُهمٍّ، فهذا النَّوع من التوتر يُمكن أن يكون مُحفّزاً للنُّموّ والإبداع.
الفرق بين التوتر الإيجابي والتوتر السلبي
التوتر الإيجابي، كما تمَّ تعريفُه، هو ذلك النَّوع الَّذي يُعزّز الأداء، ويمنح الشّخص شعوراً بالإثارة والإنجاز. مثلاً، إذا كنت تبدأ وظيفةً جديدةً أو مشروعاً صعباً ترغب في النَّجاح فيه، فقد تشعر بتوتر إيجابي يجعلك أكثر تركيزاً ودافعيَّةً. في المقابل، التوتر السلبي هو ذلك الشُّعور بالإرهاق والقلق النّاتج عن مواقف ضاغطةٍ بشكلٍ مفرطٍ، مثل فقدان الوظيفة أو مشاكل في التوازن بين العمل والحياة، وهذا النَّوع من التوتر يُمكن أن يؤدّي إلى انخفاض الأداء وتدهور الصّحة العامَّة.
كيفيَّة التعامل مع التوتر
التوتر، سواءٌ كان إيجابيّاً أو سلبيّاً، هو جزءٌ من حياتنا اليوميَّة. ومع ذلك، يمكننا تعلُّم كيفيَّة تحويل التوتر السلبي إلى فرصٍ للنُّموّ، وذلك من خلال إعادة تقييم مواقف التوتر وتحديد الأولويَّات بوضوح. على سبيل المثال، عندما تواجه ضغوطاً كبيرةً في العمل، يمكنك إعادة ترتيب الأولويَّات والتّركيز على الأهداف الأكثر أهميَّة.
كما تعدُّ اللّقاءات الفرديَّة مع المديرين والزملاء فرصةً مهمَّةً لإعادة توجيه الجهود. من خلال هذه الاجتماعات، يُمكن للموظَّفين الحصول على فرصةٍ لمناقشة مشاعر التوتر الَّتي قد يشعرون بها. بهذه الطَّريقة، يمكنهم تعديل استراتيجيَّاتهم وتحويل التوتر السلبي إلى طاقةٍ إيجابيَّةٍ تدفعُهم نحو التَّقدُّم.
دور المدراء في إدارة التوتر
يلعب المدراء دوراً حيويّاً في مساعدة فرقهم على إدارة التوتر، إذ من خلال خلق بيئة عملٍ داعمةٍ، يُمكنهم تمكين الموظَّفين من التَّعامل مع الضُّغوط بطريقةٍ صحيَّةٍ، فالتَّعاطف والتَّواصل الفعَّال هما حجرُ الأساس في هذه العمليَّة، إذ إنّ المدير النَّاجح هو الَّذي يستمع بإنصاتٍ لموظَّفيه، ويُخصِّص وقتاً للتّحدُّث عن رفاهيتهم الشّخصيَّة والمهنيَّة.
إحدى الأدوات الفعَّالة الَّتي يُمكن للمديرين استخدامها هي توزيع العمل بشكلٍ متساوٍ، فعندما يتمُّ توزيع المهامّ بناءً على نقاط القوَّة والضَّعف لكلّ عضوٍ في الفريق، يُصبح بإمكان الجميع العمل بفعاليَّةٍ وتجنُّب الإرهاق، كما أنَّ تشجيع التَّعاون بين أعضاء الفريق يُعزّز من قدرتهم على دعم بعضهم البعض خلال الفترات المزدحمة.
نصائح للحدّ من التوتر والإرهاق
- التَّعاطف: اجعل التَّعاطف جزءاً من ثقافة العمل، واستمع بنشاطٍ إلى أعضاء فريقكَ وافهم مشاعرهم وتحدّياتهم.
- إعادة تحديد الأولويَّات: مع تغيُّر الأهداف والمهامّ، من المهمّ أن تُحدِّث الأولويَّات بانتظامٍ لتجنُّب التَّشتُّت والتوتُّر غير الضَّروري.
- إدارة التّوقُّعات: كُن واضحاً بشأن ما هو مُتوقَّع من الفريق، وما هي المواعيد النّهائيَّة الواقعيَّة، فهذا يُساعد على تقليل التوتر وتوفير بيئة عمل أكثر تنظيماً وراحةً.
إدارة التوتر ليست مجرّد مهمةٍ فرديَّةٍ، بل هي مسؤوليَّةٌ مشتركةٌ بين الموظَّفين والمدراء، ومن خلال بناء بيئة عملٍ تُعزِّز التَّواصل والثّقة، يُمكن للجميع التَّكيُّف مع التحدّيات وتحويلها إلى فرصٍ للنَّجاح والنُّموّ، وعندما يُدار التوتر بشكلٍ صحيحٍ، يُمكن أن يكونَ أداةً قويّةً للتَّحفيز والإبداع، وليس سبباً للقلق والإرهاق.