كيف يُمكن للمخاطرة المدروسة أن تُحقّق النجاح لأعمالك؟
من دفع الأجور العالية إلى الاستثمارات غير التّقليديّة، تعرّف على فعاليّة اتّخاذ القرارات الجريئة في عالم الأعمال شديد التّنافس
إذا كُنتَ ترغبُ في أن تزدهرَ شركتكَ وتنموَ، عليكَ أن تُعيدَ التّفكير في المخاطر التي تتجنّبها، فالمخاطرةُ ليست بالضّرورة شيئاً سلبيّاً، بل يمكن أن تكونَ مفتاحاً لتحويل عملكَ وإيصاله إلى مستوياتٍ جديدةٍ من النّجاح.
في المؤتمرات المُتخصّصة في صناعة البناء، غالباً ما يتعرّض زميلي لانتقاداتٍ من باقي الزّملاء في المؤتمر، بحيث يصفونه بالكاذب؛ لأنّه يصرف رواتباً لفريق العمل أعلى بكثيرٍ من المُعدّلات المعتادة في السّوق، الأمرُ الّذي يصعب عليهم تصديقه، ولكن بالنّسبة له، هذا النّهج ليس إلّا جزءاً من استراتيجيّةٍ أوسع لتحقيق النّجاح.
وما لاحظتهُ خلال هذه المؤتمرات هو أنّ معظمَ النّاس يخشون المخاطرة، وإنّهم يُفضّلون اتّباع الطّرق التّقليديّة الّتي تضمن لهم نتائج متوقّعةً، حتّى لو كانت محدودةً، ومع ذلك في عالم الأعمال يعتبر التّمسكَ بما هو مألوفٌ ليس دائماً الخيار الأفضل.
لماذا تدفع رواتب أعلى؟
مُعدّل السّوق لا يعني الكثير، فإذا كان هدفكَ هو تقديم قيمةٍ استثنائيّةٍ لعملائكَ، ادفع لفريقكَ رواتب أعلى من المُعتاد؛ لتضمن أنّك تستقطبُ أفضل المهارات والكفاءات في السّوق، وهذه الاستراتيجيّة لم تكن مجرّد خيارٍ عشوائيٍّ، بل كانت مفتاحاً لبناء أكبر شركةٍ في العالم لتشييد المباني الفولاذيّة الجاهزة، وهذا مثالٌ فقط من بين الكثير.
المخاطرة وإعادة التّفكير
الكثيرون يرون أنّ إدارةَ شركةٍ يعني مواجهة مخاطر كبيرةٍ، لكنّني أرى الأمور بشكلٍ مختلفٍ، فإذا كُنت تُدير عملكَ بطريقةٍ تقليديّةٍ، فأنت في الواقع لا تُخاطر، بل تُطبّق أساليب مجرّبةً ومعروفةً لتحقيق نتائج مضمونةٍ، الخطر الحقيقيّ يبدأ عندما تبدأ في تجربةِ أشياء جديدةٍ وغير مسبوقةٍ، فهذا النّوع من المخاطرة يُعرّضكَ لبعض القلق، لكنّه أيضاً يُوفّر لك فرصة أن تكونَ رائداً في مجالكَ، فإذا كُنتَ مُستعدّاً لتحمّل هذا النّوع من المخاطرة، يُمكنكَ تحقيق نجاحاتٍ كبيرةً وتغيير عملكَ بالكامل.
شاهد أيضاً: 10 استراتيجيات لتجعل أعمالك متقدمة على المنافسين
المخاطرة لتحقيق الربّح
على سبيل المثال، عندما بدأ صديقي شركتهُ قبل أكثر من عشرين عاماً، رأيتُ فرصةً كبيرةً في قطّاع البناء، كان هذا القطّاع مقاوماً للتّغيير لسنواتٍ طويلةٍ، ولم يكُن العملاء راضين عن الخدمات المُقدّمة. ولكن، كان لدى صديقي رؤيةٌ لتحويل هذا القطّاع بالكامل من خلال معالجة المشاكل الشّائعة، مثل: عدم الاتّساق في التّسعير، وعدم الاهتمام ببناء علاقاتٍ طويلة الأمد مع العملاء، والأجور الضّعيفة للموظّفين، والتّأخير في تسليم المشاريع.
حسناً، ما كان من صديقي إلّا تغيير هذه المعادلة بالكامل، والتّركيز على بناء علاقاتٍ طويلة الأمد مع العملاء من خلال توفير أسعارٍ مناسبةٍ، كما دفع أجوراً أعلى للموظّفين لضمان جذب أفضل المواهب، ولكن الأهمّ من ذلك هو أنّه قام باستثمارٍ كبيرٍ في تحسين عمليّة البناء، حيث اتّبع طرقاً جديدةً لتسريع العمل في مواقع البناء وتحويلها إلى خطوط تجميعٍ فعّالةٍ.
المنافسة هي المحرك للتغيير
في اقتصاد السّوق، المنافسة تفرضُ دائماً التّغيير، حتى لو أنّك نجحتَ في أن تكونَ رائداً في مجالك، إلّا أنّ المنافسين سيحاولون دائماً تبنّي نفس أسلوبكَ، إذن ما الّذي عليك فعله الآن؟ الأمر بسيطٌ، لا تتوقف عند هذا الحدّ فقط، عليك تطور أساليبك وأهدافك بشكلٍ مستمرٍّ وتغيير خططك إذا لزم الأمرُ، لضمان ولاء عملائك ونجاح مشاريعكَ، ولاتّخاذ خطواتٍ جديدةٍ نحو المجهول.
هذا الاتّصال المستمرّ بالمخاطرة هو ما يجعلُ حياة رائد الأعمال مثيرةً وملهمةً، فالرّكود ليس خياراً، والمغامرة هي السّبيل لتحقيق النّجاح، إذ إنّ المخاطرة ليست عدوّاً، بل قد تكون أكبر حليفٍ لك إذا كُنتَ ترغب في تحويل عملكَ، فالجرأةُ في اتّخاذ قراراتٍ غير تقليديّةٍ يُمكن أن تفتحَ لك أبواباً جديدةً، وتضعكَ في مقدّمة المنافسة. لذا، لا تخشَ المُخاطرة، بل احتضنها واستفد منها لتحويل رؤيتكَ إلى واقعٍ ناجحٍ.