الرئيسية التنمية عندما يختلف جمهورك الفعلي عن المتوقع: كيف تنجح رغم ذلك؟

عندما يختلف جمهورك الفعلي عن المتوقع: كيف تنجح رغم ذلك؟

قد يكون تحديد جمهورك المستهدف بشكلٍ خاطئٍ ضربةً قاسيةّ، ولكن التكيّف يمكن أن يحوّل هذا الخطأ إلى فرصة للنّمو

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تعدّ معرفة الجمهور المستهدف من أهمّ عناصر النّجاح لأيّ علّامةٍ تجاريّةٍ ناشئةٍ، ولكن ما العمل إذا اكتشفت لاحقاً أنّ جمهورك الحقيقيّ مختلفٌ تماماً عن الجمهور الّذي خطّطت له؟ قد يبدو هذا الوضع كارثيّاً، إلّا أنّ التّعامل الصّحيح مع هذا الخطأ قد يحوّله إلى فرصةٍ للنّموّ والتّميّز. إليك قصّتي الخاصّة، وكيف استطعت تحويل هذا التّحدّي إلى نقطة انطلاقٍ لنجاحٍ أكبر.

البداية… منتجٌ للأطفال أم للكبار؟

في صيف عام 2022، أسّستُ شركة "هوغيمالز وورلد" (Hugimals World)، لتقديم دميةٍ محشوّةٍ ثقيلة الوزن، صمّمتها بملمسٍ ناعمٍ وشكلٍ جذّابٍ، مع إمكانيّة غسلها في الغسّالة. كنت أبحث عن حلٍّ يريحني من القلق، خاصّةً عندما أحاول النّوم، وأردت أن أشارك هذه التّجربة مع غيري ممّن يعانون من القلق. ورغم أنّني استشرت مختصّين في العلاج النّفسيّ لتطوير المنتج بما يتناسب مع البالغين القلقين، إلّا أنّني كنت واعيةً أنّ هذه الدّمى المحشوّة تعتبر غالباً ألعاباً للأطفال، لذا كانت خطّتي التّسويقيّة موجّهةً بالكامل للأسر والأطفال.

لم أكن أعتقد أنّني مخطئةٌ؛ فقد لاقى المنتج نجاحاً ملحوظاً بين الأطفال وأولياء الأمور على حدٍّ سواءٍ، حيث حصل على جوائز مثل "أفضل لعبةٍ" من "غود هاوسكيبنغ" (Good Housekeeping) و"بارنتس" (Parents)، كما تأهّل هوغيمالز للتّنافس على جائزة "لعبة العام" من "جمعيّة الألعاب" (Toy Association). كان هذا الإنجاز مذهلاً بالنّسبة لعلّامةٍ تجاريّةٍ ناشئةٍ.

بعد ستّة أشهرٍ، لاحظنا شيئاً غير متوقّعٍ: أكثر من نصف عملائنا كانوا بالغين يشترون هوغيمالز كوسيلةٍ للرّعاية الذّاتيّة لهم أو لأصدقائهم، في ظلّ تزايد الوعي حول أهمّيّة الصّحّة النّفسيّة وتزايد "ترند الكبار" الّذين يجدون في الألعاب راحةً نفسيّةً وشعوراً بالحنين إلى الطّفولة. بدأت التّعليقات تتوالى من العملاء البالغين بعباراتٍ مثل "أفضل شيءٍ اشتريته للحدّ من قلقي"، و"لم أكن أدري كيف كنت أنام بدونها!".

الأمر لم يتوقّف هنا، بل انتشر مقطع فيديو على "تيك توك" (TikTok) يظهر ردّة فعل شخصٍ بالغٍ عند احتضان دمية هوغيمال ليحصد أكثر من 12 مليون مشاهدةٍ. كانت هذه الإشارة واضحةً: أنّ هناك شريحةٌ ضخمةٌ من الجمهور لم أكن قد أخذتها بعين الاعتبار، وهي الكبار الباحثون عن الرّاحة النّفسيّة والهدوء.

التّغيير في الاستراتيجيّة: احتضان الجمهور الجديد

بعد هذا الاكتشاف، بدأنا بإجراء تغييراتٍ في استراتيجيّتنا التّسويقيّة لإدراج صورٍ ومحتوياتٍ تستهدف الكبار، ممّا لاقى ترحيباً كبيراً من العملاء البالغين الّذين شكرونا على تطبيع فكرة استخدام الدّمى كوسيلةٍ للتّخفيف من التّوتّر. وبحلول موسم الأعياد لعام 2022، بدأت مجلّات الهدايا الشّهيرة بوضع هوغيمالز كخيارٍ مميّزٍ لكافّة الأعمار، من طلّاب الجامعات وحتّى كبار السّنّ. وبفضل هذا التّوجّه، تميّزت علّامتنا التّجاريّة بين المنافسين الّذين كانوا يركّزون فقط على فئة الأطفال.

اليوم، أنا فخورٌ بأنّني أقود علّامةً تجاريّةً تعيد تعريف الرّعاية الذّاتيّة لكافّة الأعمار، وتعلّمت درساً أساسيّاً: لا تقلّل أبداً من إمكانيّات منتجك في الوصول إلى جمهورٍ أوسع ممّا تتوقّع.

قصصٌ لروّاد أعمالٍ آخرين تغيّر مسارهم

ومن جهةٍ أخرى، ليست تجربتي فريدةً من نوعها، فقد واجه العديد من روّاد الأعمال نفس التّحدّي، واضطرّوا لتغيير مسارهم بعد اكتشاف جمهورٍ أوسع أو مختلفٍ. إليك بعض القصص الملهمة:

تجربة "فورتي غودز" (Forti Goods)

أطلقت شارون كيفيل، مؤسّسة شركة "فورتي غودز" (Forti Goods)، في 2020 منتجها في سوقٍ ضيّقٍ جدّاً، مستهدفةً مستخدمي القنب الّذين لديهم أطفالٌ، من خلال تقديم أثاثٍ مزوّدٍ بأدراجٍ قابلةٍ للقفل عبر تطبيقات الهواتف، لحفظ الموادّ بشكلٍ آمنٍ. اعتقدت أنّ هذا التّخصّص سيوفّر الوقت والمال.

ولكنّها اكتشفت لاحقاً أنّ الحاجة لتخزينٍ آمنٍ تتجاوز مستخدمي القنب بكثيرٍ، إذ أبدى عملاء اهتماماً باستخدام الأثاث لتخزين أشياء حساسةٍ أخرى مثل الأدوات الحادة أو الحساسة وحتى الأدوية. لذلك، قرّرت توسيع جمهورها ليشمل الأهالي والمضيفين في مختلف القطاعات. وبهذا التّغيير، استطاعت الشّركة تجاوز تحدّياتٍ ماليّةٍ وتحقيق نموٍّ ملحوظٍ.

تجربة "باور تو بيتش" (Power to Pitch)

أرادت كاتي دن وشريكتها كات ويفر من "باور تو بيتش" (Power to Pitch) مساعدة مؤسّسي الشّركات النّاشئة في تأمين تمويلٍ استثماريٍّ، إلّا أنّ استراتيجيّتهم الانتقائيّة كانت تحول دون مساعدة أغلب المتقدّمين. بعد مراجعةٍ لنهجهم، قامتا بإطلاق برنامجٍ جديدٍ يركّز على التّمويل غير المخفّف، مثل المنح وحملات التّمويل الجماعيّ، ما سمح بمساعدة شريحةٍ أوسع من المؤسّسين، وحقّق نجاحاً ملحوظاً، حيث ساعدت الشّركة مؤخّراً في تأمين أكثر من 700,000 دولارٍ لمختلف الشّركات.

تجربة "شيكي كوكتيلز" (Cheeky Cocktails)

تعلّمت إبريل واتشيل، مؤسّسة "شيكي كوكتيلز" (Cheeky Cocktails)، أنّ تقديم منتجٍ بجودةٍ ممتازةٍ لا يكفي لبناء جمهورٍ دائمٍ. فكانت تعتمد في البداية على جودة المنتج فقط، حيث ركّزت على تقديم مشروبات كوكتيل طازجةٍ بدون إضافاتٍ صناعيّةٍ. ولكنّ، هذه الاستراتيجيّة كانت مكلّفةً ومعقّدةً من ناحية الشّحن.

وبعد إعادة التّفكير، أطلقت الشّركة منتجها تحت اسمٍ جديدٍ يركّز على تحسين جاذبيّة العلّامة التّجاريّة وتصميمها الجذّاب. حيث جعل هذا التّوجّه العملاء ينجذبون للمنتج كجزءٍ من هويّتهم، واليوم، تجاوزت مبيعات الشّركة الشّهريّة ما كانت تحقّقه سنويّاً في السّابق.

في النهاية، تشترك هذه القصص في رسالةٍ واضحةٍ: كروّاد أعمالٍ، علينا أن نكون مستعدّين لمراجعة افتراضاتنا حول الجمهور المستهدف، والاستماع بعنايةٍ للعملاء وتعديل توجّهاتنا حسب احتياجاتهم وتطوّرات السّوق. هذه المرونة والإصرار على التّكيّف يمكن أن يحوّلا الأخطاء الأولى إلى فرصٍ قويّةٍ للنّموّ والنّجاح.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: