كيف تخفض التكاليف بذكاء عند مواجهة شركتك لأزمة سيولة؟
في ظلّ الأزمات المالية، يبقى خفض التّكاليف الخيار الوحيد لضمان استمرارية الشّركة. من خلال استراتيجياتٍ ذكيّة وتقنياتٍ حديثة، يمكنك تجاوز التّحديّات دون المساس بجودة أعمالك
عندما تعاني الشّركات من نقص السّيولة النّقديّة، تصبح الحاجة إلى خفض التّكاليف ضرورةً ملحّةً لاستمرارها في السّوق. يتطلّب هذا التّحدّي اتّخاذ قراراتٍ صعبةٍ قد تؤثّر على الموظّفين، العملاء، والمورّدين. ومع ذلك، يمكن تحقيق التّوازن من خلال تخفيض التّكاليف بطرقٍ مدروسةٍ تضمن استدامة الشّركة على المدى البعيد.
ضرورة خفض التّكاليف
إذا كانت شركتك تواجه صعوباتٍ ماليّةً، ولا تستطيع تأمين مصادر تمويلٍ جديدةٍ، فقد يصبح خفض التّكاليف الخيار الوحيد المتاح. ولكن هذه العمليّة تتطلّب دقّةً كبيرةً، حيث يجب التّخلّي عن الأنشطة الأقلّ أهمّيّةً دون التّأثير على جوهر العمل أو جودة الخدمات المقدّمة للعملاء. في هذا السّياق، يأتي دور الذّكاء الاصطناعيّ في مساعدة الشّركات على تبسيط بعض الوظائف وتقليل الاعتماد على القوى العاملة البشريّة في مجالاتٍ محدّدةٍ، وهو ما دفع العديد من الشّركات للاستثمار في تقنياتٍ مثل روبوتات المحادثة.
وفقاً للخبير بيتر كوهان، مؤسّس شركة "بيتر إس كوهان وشركاؤه" (Peter S. Cohan & Associates)، فإنّ العديد من الشّركات بدأت بالاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ لتعويض العمالة البشريّة في الوظائف غير الحرجة. يمكن للذّكاء الاصطناعيّ تولّي مهامٍّ مثل إنشاء الصّور أو كتابة الأكواد البرمجيّة، ممّا يساهم في تقليل الحاجة إلى عددٍ كبيرٍ من الموظّفين لهذه الأنشطة.
على الرّغم من أنّ الذّكاء الاصطناعيّ لم يستبدل البشر بالكامل في جميع الصّناعات، إلّا أنّ قطاع ألعاب الفيديو يعدّ من الأمثلة البارزة على ذلك. فمنذ عام 2020، شهدت الصّناعة تباطؤاً في النّموّ، وبدأت الشّركات في تقليص عدد الموظّفين. ووفقاً لتقريرٍ من "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal)، سرّحت شركات الألعاب أكثر من 11,500 موظّفٍ في عام 2023 وحده. يعود هذا التّراجع جزئيًّا إلى قدرة الذّكاء الاصطناعيّ على إنتاج المحتوى بكفايةٍ عاليةٍ، ممّا يقلّل من الحاجة إلى فرق تطويرٍ كبيرةٍ.
أحد مطوّري ألعاب الفيديو قرّر تقليص حجم فريقه بنسبةٍ تصل إلى 80%، وأصبح يعمل الآن بفريقٍ يتراوح بين 20 إلى 25 شخصاً فقط، معتمداً على الذّكاء الاصطناعيّ لإنتاج الصّور وكتابة الأكواد البرمجيّة. هذا التّوجّه لم يقتصر على الألعاب فقط، بل امتدّ إلى مجالاتٍ أخرى مثل صناعة المحتوى والإعلانات.
الخطوات العمليّة لخفض التّكاليف
إذا كانت شركتك تعاني من نقص السّيولة، تقدّم "هارفارد بيزنس ريفيو" ثلاث نصائح رئيسيّةٍ لخفض التّكاليف بشكلٍ ذكيٍّ دون التّأثير على مستقبل الشّركة:
-
دمج الأنشطة غير الأساسيّة: يجب تقليص الأنشطة الّتي لا تضيف قيمةً مباشرةً للعمل، مثل الحفلات السّنويّة أو الفعاليات الكبيرة. يمكن دمج أنشطةٍ أخرى مثل برامج التّدريب لتقليل النّفقات دون التّأثير على الجودة.
-
إعادة هيكلة الوظائف غير الضّروريّة: يمكن الاستفادة من الوظائف الشّاغرة دون تعيين موظّفين جددٍ، وتوزيع المهامّ على الموظّفين الحاليّين لتخفيف النّفقات.
-
تقليص الإدارة الزّائدة: يخصّص جزءٌ كبيرٌ من الميزانيّة للإشراف الإداريّ في الكثير من الشّركات، ولكن يمكن تقليص عدد المشرفين عندما تصبح الأنشطة الرّوتينيّة أكثر استقراراً.
قد يكون خفض التّكاليف مؤلماً، ولكن يمكن تقليل الأثر السّلبيّ على الموظّفين والمورّدين والعملاء إذا تمّ اتّباع استراتيجيّاتٍ ذكيّةٍ. استخدام الذّكاء الاصطناعيّ لتقليل التّكاليف غير الحرجة يضمن بقاء الشّركة قادرةً على المنافسة في السّوق والازدهار في المستقبل. اتّخاذ القرارات المناسبة لتقليل التّكاليف وتوظيف التّقنيات الذّكيّة هو السّبيل لضمان استمراريّة الشّركات في ظلّ الظّروف الاقتصاديّة الصّعبة.