كيف تُخفّض مخاطر الإصابة بأمراض القلب بمقدار 20%؟
دليلٌ علميٌّ يؤكّد على فعالية التمارين البسيطة في تعزيز الصّحة العامّة
إذا بحثت في محرّكِ البحثِ جوجل عن "كيفيّة تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب"، ستجدُ نصائح متطابقة من مصادر موثوقةٍ تتراوحُ من مراكزِ مكافحةِ الأمراضِ والوقايةِ منها في الولاياتِ المتّحدة إلى جامعةِ هارفارد، وحتى الخدمةِ الصّحيّةِ الوطنيّةِ البريطانيّةِ. وتتضمّن هذه النّصائح الإقلاعَ عن التّدخينِ، والانتقالِ إلى نظامٍ غذائيٍّ معتدلٍ، والحفاظ على جدول نومٍ منتظمٍ، وتقليل مستوياتِ التّوترِ.
هذه النّصائح ممتازة للغاية، ولكنّها في الواقعِ العمليّ قد تكون صعبةَ التّنفيذ، خصوصاً إذا كنت رائدَ أعمالٍ مشغولاً. فقد تجدُ نفسكَ، بسبب ضغوطِ العملِ، تتناولُ الوجبات السّريعة في وقتٍ متأخّرٍ من اللّيلِ، بينما تقوم بالرّدِّ على البريدِ الإلكترونيّ لساعاتٍ طويلةٍ.
بقدرِ ما قد تطمح لتناولِ اللّوز فقط كوجبةٍ خفيفةٍ، والالتزام بالنّومِ بدقّةٍ في تمامِ السّاعةِ العاشرة مساءً كل ليلةٍ، وإدراج ما لا يقلّ عن ثلاثين دقيقةٍ من التّمارين الرّياضيّةِ في جدولك اليوميّ، إلّا أنَّ الحياةَ الواقعيّةَ المعقّدةَ للبالغين. ومع مسؤوليّاتٍ مهنيّةٍ مُرهِقةٍ، وعلى الأرجح، ستجدُ نفسكَ في نهايةِ المطافِ تتناول الشيبس تحت وطأة التّوتر في وقتٍ متأخّرٍ من اللّيلِ، بينما تكون جالساً للاطّلاع على البريدِ الإلكترونيّ للسّاعةِ السّادسةِ عشرة على التّوالي.
هل هذا الوضع مُرضٍ؟ بالطبع لا. هل يُعدّ شيئاً ينبغي التّقليل منه قدرَ الإمكانِ؟ بالتّأكيدِ. لكن في أيّامك الّتي تكون فيها على درجةٍ عاليةٍ من النّشاطِ والتّوترِ، هل يُمكنك فعل شيءٍ ما، حتى لو كان بسيطاً، يُسهم في تحسين صحّة قلبك؟ الجواب يكمن في دراسةٍ جديدة ومُفيدةٍ أُجريت في جامعةِ تولان. وكلّ ما تحتاجه لتطبيقِ نصائح هذه الدّراسةِ هو زوج من السّاقين السّليمتين، وسُلّم يُمكنك الصّعود عليه.
الصعود على السلالم يُقلّل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب
في هذا البحثِ، حللّ العلماءُ بياناتَ صحيّةٍ تخصّ 450,000 بالغاً بريطانيّاً على مدى أكثر من عقدٍ من الزّمنِ. وبعد التّحكّم في العواملِ المعروفةِ الّتي تزيدُ من خطرِ الإصابةِ بأمراض القلب، مثل اختيارات الأسلوب الحياتيّ والمخاطر الجينيّة، اكتشفَ الفريقُ البحثيّ أنّ صعودَ خمسة طوابق أو أكثر يوميّاً يُسفر عن تقليل مخاطرِ الإصابة بأمراض القلب بنسبة 20%.
"تُعتبر الفتراتُ القصيرةُ من الصّعودِ العنيفِ للسّلالم وسيلةً فعّالةً من حيث الوقت لتحسينِ اللّياقةِ القلبيّةِ الرّئويّةِ وملّفِ الدّهونِ، خصوصاً بالنّسبةِ لأولئك الّذين لا يستطيعون تحقيقَ التّوصياتِ الحاليّةِ بشأنِ النّشاطِ البدنيّ" ،هكذا علّق مُؤلّف الدّراسةِ، الدّكتور لو تشي.
أو بمعنىً آخر، يُعتبر استخدامُ السّلالمِ تغييراً طفيفاً يُحدث فارقاً كبيراً في صحّة القلب.
لا تدع الأهداف الصحيّة الطموحة تُحبطك
لا أعتقدُ أنّ هناك حاجةً للإسهابِ في شرحِ النّقطةِ هنا. الفكرةُ واضحةٌ تماماً، في المرّةِ القادمةِ الّتي تخرجً فيها لشراءِ القهوةِ، اصعد بذلك الفنجانِ بنفسكَ إلى مكتبكَ بدلاً من الضّغط على زرّ طلبِ المصعدِ.
يُعتبر هذا البحث الأحدث في سلسلةٍ طويلةٍ من الدّراساتِ التي تُظهر أنّ التّغييراتِ البسيطةَ في أسلوبِ الحياةِ، يّمكن أن تُحدِثَ تأثيراً أكبر ممّا قد تتوقّعُ. فقد أظهرت الدّراسات أنّ بضع ثوانٍ فقط من التّمارينِ الشّاقةِ يُمكن أن تُحسّنَ من الآثارِ السّلبيّةِ للجلوسِ لفتراتٍ طويلةٍ. مجرّد 15 دقيقة من المشي يوميّاً يًمكن أن تضيفَ سنواتً إلى عمركَ.
بالطّبع، إذا كان بإمكانك ممارسة المزيدِ من التّمارينِ، فينبغي أن تفعلَ. التّمرينُ مفيدٌ بشكلٍ كبيرٍ لصحّتك العقليّة والجسديّة، ولا أحد يُعارضُ هذا الأمر. لكن عندما تُخبر البالغين المشغولين بأنّه يتعيّنُ عليهم ممارسة التّمارينِ لعدّةِ ساعاتٍ في الأسبوعِ، أو أن يمشوا 10,000 خطوة يوميّاً (والّتي، يُظهر الأمر، أنّها رقم مُختلقٌ تماماً)، يُمكن أن يكون التّأثيرُ غير المقصود هو الإحباطُ والاستسلامُ.
هذه الدّراسة الأخيرة حول المشي على السّلالمٍ تذكيرٌ آخر بأنّ قليلاً من التّمارينِ يُعتبر أفضل بكثيرٍ من عدم ممارسةِ أيّ تمارينٍ على الإطلاقِ. لا تدع النّصائح الصّحيّة الطّموحة تُلهيك عن إجراء تغييراتٍ صغيرةٍ في أسلوبِ حياتك الّتي يُمكن أن تُسفرَ عن تحسيناتٍ كبيرةٍ في صحّتكَ.