دعم الصحة العقلية للآباء: كيف يمكن للتكنولوجيا تغيير حياتهم؟
تقريرٌ حديثٌ يُؤكّد أن دعم الصحة العقلية للآباء لا يُعزّز رفاهيّة الأسر فحسب، بل يُشكّل استثماراً في مستقبل بيئات العمل، مع التّركيز على دور شركات التّكنولوجيا في تحقيق هذا الدّعم
تُعدّ الصحة العقلية للآباء من المواضيع الحيويّة الّتي تؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على رفاهية الأسرة بأكملها، وفي ظلّ التّحدّيات الّتي يُواجهُها الآباء في العصر الحديث، خاصّةً في بيئات العمل الّتي تتطلّب الكثير، باتَت الحاجة إلى دعم الصحة العقلية للآباء أكثر إلحاحاً، ومع التّطوّر السّريع للتكنولوجيا واعتماد الشّركات على العمل عن بعد والتنوّع في بيئات العمل، أصبح للشّركات التّكنولوجيّة دورٌ رئيسيٌّ في دعم الصّحّة النّفسيّة للعاملين، لا سيّما الآباء.
أهميّة الصحة العقلية للآباء
في تقريرٍ حديثٍ صادرٍ عن الجرّاح العامّ للولايات المتّحدة، فيفيك مورثي، تمَّ التّركيز على أهمّيّة دعم الصحة العقلية للآباء لما له من تأثيرٍ كبيرٍ على رفاهيّة الأطفال والأُسر، إذ إنّ الآباء الّذين يعانون من مشكلاتٍ نفسيّةٍ غالباً ما ينقُلُون هذه التّحدّيات لأبنائهم، ممّا يؤدّي إلى ظهور مشاكل نفسيّةٍ وعاطفيّةٍ وسلوكيّةٍ لدى الأطفال، كما ويشيرُ التّقرير أيضاً إلى وجود نقصٍ في المُتخصّصين المُدرَّبين على التّعامل مع مشكلات الصحة العقلية للآباء، ما يزيد من تفاقُم الوضع.
تجارب شخصيّةٌ
أشارت الخبيرة في الصحة العقلية، بارول بهانداري، إلى تجربتِها الشّخصيّة كأمٍّ عاملةٍ في قطّاع التّكنولوجيا، إذ تحدّثت عن الصّعوبات الّتي واجهتها في التّوفيق بين دورها كأمٍّ ومسؤوليّاتها المهنيّة، خصوصاً بعد العودة من إجازة الأمومة. كان الإرهاق والحرمان من النّوم ونقص الدّعم المُتاح للآباء عوامل رئيسيّةً في تدهور صحّتها العقليّة، ورغم إدراكها لضرورة التّغيير في مكان العمل، إلّا أنّها لم تتمكّن من ذلك، ممّا زاد من تحدّياتها اليوميّة.
دور شركات التكنولوجيا في دعم الصحة العقلية للآباء
تُعتَبر شركات التّكنولوجيا من بين أكثر الشّركات تقدّماً في خلق بيئات عملٍ مرنةٍ وداعمةٍ للموظّفين. ومع ذلك، فإنّها غالباً ما تغفل عن توفير الدّعم الكافي للآباء، خاصّةً فيما يتعلّق بالصحّة العقليّة، إذ يُمكن لهذه الشّركات أن تقودَ الجهود لتحسين أوضاع الآباء العاملين من خلال عددٍ من التّدابير، ومنها:
- زيادة فرص الحصول على الرعاية الصحية العقلية: رغم أنَّ العديدَ من الشّركات تُقدّم برامج مساعدةً للموظّفين، إلّا أنَّ هذه البرامج قد تكون غير معروفةٍ أو غير مُستغلّةٍ بشكلٍ كافٍ؛ لذلك يجب على الشّركات التّأكّد من أنَّ هذه الموارد مُتاحةٌ ومعروفةٌ للآباء العاملين.
- تطوير ونشر الموارد الدّاعمة للآباء: من الضروريّ توفير الموارد التي تُساعد الآباء على التّعامل مع الضّغوط والتّحدّيات اليوميّة، ويجب أن تكونَ هذه الموارد يجب مرئيّةً وسهلة الوصول.
- تعزيز السّياسات الدّاعمة للصّحّة العقليّة: يمكنُ للشّركات تبنّي سياساتٍ مرنة، مثل العمل من المنزل أو العمل بدوامٍ جزئيٍّ، ممّا يُساعد الآباء على تحقيق توازنٍ أفضل بين العمل والحياة الشّخصيّة، إذ يجب مراعاة تطبيق هذه السّياسات بشكلٍ عادلٍ ومناسبٍ لكلّ موظّفٍ بناءً على احتياجاته الخاصّة.
- تحقيق المساواة في إجازات الوالدين: هناك تفاوتٌ في إجازات الوالدين بين مختلف الصّناعات والمهن. في تجربتها الشّخصيّة، أشارت بارول إلى عدم المساواة في إجازة الأمومة مقارنةً بإجازة الأب، ممّا أدّى إلى شعورها بعدم التقدير؛ لذا يجب على الشّركات أن تسعى لتحقيق المساواة في هذه الأمور لضمان شعور الموظّفين بالإنصاف والتّقدير.
دعوةٌ إلى العمل
تُعتَبر الاستشارة الصّادرة عن الجرّاح العامّ دعوةً صريحةً لأصحاب العمل للتّحرّك واتّخاذ خطواتٍ حقيقيّةٍ لدعم الصحة العقلية للآباء، والشّركات التّكنولوجيّة لديها الفرصة لتكون رائدةً في هذا المجال من خلال تقديم بيئات عملٍ مرنةٍ، ودعمٍ نفسيٍّ، وموارد تُساعد على تحسين جودة الحياة للعاملين، فمن خلال هذه الجهود، لا يُمكن للشّركات تحسين إنتاجيّة موظّفيها فحسب، بل يمكنُها أيضاً تحسين رفاهية الأُسر والمجتمع ككلّ.