خداع الذّات: إشاراتٌ وتحذيراتٌ للقادة يجب الانتباه لها
خداع الذّات يجعل القادة عرضةً للغرور، ممّا يعرقل اتّخاذ القرارات الصّائبة، ويؤثّر على ديناميكية الفريق
هل فكّرت يوماً أنّك قد تقوم بخداع نفسك، أو تقنعها بعادةٍ ضارّةٍ دون وعيٍ؟ قد لا يعترف البعض بذلك بسهولةٍ، ولكنّ الحقيقة هي أنّ القادة كثيراً ما يقعون في هذا الفخّ من دون قصدٍ، فيأخذهم الغرور إلى اتّخاذ قراراتٍ خاطئةٍ، ويعجزون عن رؤية الأمور بوضوحٍ. ويحدث هذا بشكلٍ خاصٍّ لدى القادة الّذين يتربّعون على قمم المؤسّسات، حيث يكون للذات دورٌ كبيرٌ في تشكيل المسار العامّ.
إذا كنت قائداً، وتواجه صراعاتٍ متكرّرةً مع زميلٍ أو عميلٍ، فقد يكون ذلك علامةً على أنّك تُخادع نفسك، دون أن تدرك. فقد يؤدّي بك خداع الذّات إلى إلقاء اللّوم على الآخرين أو تجنّب النّظر في دورك الشّخصيّ بالمشكلة. والنّتيجة؟ تتعقّد الأمور، ويصبح اتّخاذ القرارات الفعّالة صعباً. حيث يمكن لخداع الذّات أن يخفي الحقائق الأساسيّة عن القائد، ويؤدّي إلى تشويه صورة الآخرين في نظره، ويجعل من الصّعب عليه إقناعهم بوجهة نظره، ويضرّ بثقة فريق العمل فيه.
ولتجنّب هذا الخطر، يحتاج القائد إلى فهمٍ حقيقيٍّ لنفسه واستعدادٍ لمواجهة الحقائق، حتّى ولو كانت قاسيةً. وإليك أربع خطواتٍ قد تساعدك على التّغلّب على خداع الذّات وتحقيق قيادةٍ أكثر فعاليّةً:
اخلع القناع
من السّهل أن نرتدي أقنعةً تظهرنا بصورةٍ معيّنةٍ أمام الآخرين، لكنّ القيادة الحقيقيّة تتطلّب شجاعةً كافيةً للتّخلّي عن هذه الأقنعة. فخداع الذّات يترك القائد محاصراً بين ما يريد أن يظهره للآخرين وبين ما هو عليه فعلاً. لذا، إذا كنت تسعى لتطوير قدراتك كقائدٍ، عليك التّخلّي عن هذا القناع والاعتراف بعيوبك وأخطائك.
تبنَّ عقليّة النّموّ
وجدت الأبحاث الّتي أجرتها أستاذة علم النّفس بجامعة ستانفورد كارول دويك أنّ الأفراد الّذين يؤمنون بعقليّة النّموّ يرون أنّه يمكن تطوير قدراتهم بالعمل والاجتهاد. حيث يتمتّع هؤلاء الأشخاص بمرونةٍ أكثر، ممّا يسهّل عليهم التّكيّف مع التّغيّرات وتحقيق إنجازاتٍ كبيرةٍ. وعلى العكس، يجد الأشخاص الّذين يتمسّكون بعقليّةٍ ثابتةٍ أنّ مواهبهم وصفاتهم غير قابلةٍ للتّغيير، ممّا يحدّ من نموّهم وتطوّرهم. تبنّي عقليّة النّموّ يجعل القائد أكثر مرونةً وإبداعاً في مواجهة التّحدّيات، ويقلّل من السّلوكيّات السّلبيّة الّتي قد تضرّ بفريق العمل، مثل التّلاعب أو خيانة الأمانة.
تعاطف مع الآخرين
يرى ميتش وورنر، أحد الخبراء في القيادة، أنّ الاعتراف بإنسانيّة الآخرين هو مفتاح القيادة الفعّالة. إذا تعاملت مع الآخرين كأشخاصٍ لديهم مشاعر ورغباتٌ، فسوف تتواصل معهم بشكلٍ أعمق وأكثر صدقاً. فقد يمنع خداع الذّات القائد من رؤية هذه الحقيقة، ممّا يجعل التّواصل بينه وبين فريقه معقّداً ويزيد من حدّة الصّراعات. كما يساعد إدراك مشاعر الآخرين القائد على بناء علاقاتٍ أقوى وأكثر استدامةً.
انظر من الخارج
النّظرة الخارجيّة تعني التّفكير في احتياجات الآخرين قبل كلّ شيءٍ. إذ يمكن للمنظّمات أن تعزّز هذا التّوجّه من خلال تقديم التّدريب والدّعم لقادتها لتبنّي هذه العقليّة. فعندما يفكّر القائد من منظورٍ خارجيٍّ، يصبح أكثر قدرةً على الاستماع لفريقه، وفهم آرائهم بدون إصدار أحكامٍ. حيث تتيح هذه العقليّة بيئة عملٍ صحّيّةً ومريحةً، ممّا يُشعر الجميع بالاحترام والإنصات.