كيف تكون صادقاً مع نفسك مع الحفاظ على المهنية في بيئة العمل؟
استراتيجيات فعالة لتعزيز الصدق واحترام الحدود والمعايير المهنية
اعترف رئيسٌ تنفيذيٌّ في شركة تعمل في مجال التكنولوجيا مؤخَّراً على منصَّة LinkedIn بأنَّه يقوم بقضم أظافره خلال الاجتماعات التي تُبثُّ عبر برنامج Zoom، وأوضح أنَّه يمارس هذه العادة طوال حياته، وأراد أن يشارك هذا الجانب من شخصيته كنوعٍ من إظهار الضَّعف الإنسانيّ، ولقد استند في ذلك إلى مبدأ كن على طبيعتكَ في العمل بوصفه مبدأً يستحقُّ الاحترام.
وقد جاءت الرُّدود متباينةً، فبعض النَّاس أشادوا بصراحته، لا سيَّما من يشاركونه نفس العادة، بينما انتقد آخرون هذا الإفصاح، فمنهم من عدَّ الأمر مقزّزاً أو لا داعي للإفصاح عنه، لكن اعتراف المدير التَّنفيذيَّ يثير تساؤلاتٍ مهمَّةً، مثل: "إلى أيّ مدىً ينبغي أن نكشف عن جوانبنا الحقيقيَّة في بيئات العمل؟" و "ما الذي يُعدُّ مناسباً لمشاركة الآخرين به؟" [1]
تدور إشكاليَّة المصداقيَّة في مكان العمل حول ذلك الصّراع الذي يعتمل في داخلك بين أن تكون على طبيعتك أو تحافظ على مهنيتك، ومن الأهميَّة بمكان العثور على توازنٍ يتيح لك أن تكون على طبيعتك دون تجاوز الحدود أو جعل الآخرين يشعرون بعدم الارتياح، وبينما يدرك الأشخاص ذوو الخبرة بإحساسهم ما هو مناسب من خلال التَّجربة، قد يحتاج الأشخاص الأصغر سنّاً إلى توجيهاتٍ محدَّدةٍ للخوض بفعاليَّة في هذا التَّوازن الدَّقيق.
شاهد أيضاً: كيفية التعامل مع الموظف "الباندا" في بيئة العمل
وتشير الأبحاث إلى أنَّ الأفراد ذوي الذكاء العاطفي العالي يميلون إلى التَّعبير عن أنفسهم بصدقٍ فضلاً عن مراعاتهم التَّلميحات الاجتماعيَّة، فالمصداقيَّة، في هذا السّياق، تتضمَّن أن تكون صادقاً مع مراعاة تأثير كلماتك وأفعالك على الآخرين، فالأمر لا يقتصر على التَّعبير عن نفسك فحسب، بل على القيام بذلك بطريقة تتماشى مع الأعراف والسُّلوكيَّات المتعارف عليها في بيئة العمل.
النَّزاهة والقيم
تصرَّف بما يتماشى مع نزاهتك وقيمك، إذ تنبع المصداقيَّة من الاتّساق بين معتقداتك وأفعالك، فبدلاً من التَّعبير عن كلّ ما تشعر به أو تعتقده، أظهر قيمك من خلال سلوككَ، إذ إنَك ستكسب الاحترام بهذه الطَّريقة.
التَّواصل باحترام
عامل الآخرين باحترامٍ، معترفاً بوجهات نظرهم حتى في حالة الخلاف، فمن شأن هذا أن يوضِّح المصداقيَّة من خلال الاعتراف بالإنسانيَّة المشتركة وتعزيز التَّفاعلات الإيجابيَّة.
المشاركة الملائمة للموقف
عند مشاركة المعلومات الشَّخصيَّة، تأكَّد من ملاءمتها للموقف، بينما يمكن لقصَّةٍ شخصيَّةٍ موجزةٍ أن تُضفي طابعاً إنسانيّاً عند التَّعامل مع الآخرين، لكن تحاشى المبالغة في المشاركة وحاول ألا يأخذ النِّقاش مجرى بعيداً عن أهداف الشَّركة.
إظهار نقاط الضَّعف بشكلٍ مدروسٍ
أظهر نقاط ضعفك بشكلٍ استراتيجيٍّ لإضفاء الطَّابع الإنسانيّ على التَّعامل مع الآخرين، ويمكن أن تساعد مشاركة التَّجارب الشَّخصيَّة ذات الصّلة بشكلٍ موجزٍ في بناء الرَّوابط الإنسانيَّة، لكن تذكَّر الحفاظ على المهنيَّة والتَّركيز على الأمور المتعلِّقة بالعمل.
تنظيم العواطف
قم بإدارة استجاباتك العاطفيَّة وأسلوب التَّواصل بشكلٍ مهنيٍّ، وتجنَّب ردود الفعل المندفعة التي قد تبدو عدوانيَّةً أو غير مهنيَّةٍ، وبدلاً من ذلك، تعامل مع المخاوف بهدوءٍ وقدّم ملاحظاتٍ بناءةً أو حلولاً عمليَّةً.
الوعي بالسّياق الاجتماعيّ
كن مدركاً لبيئة العمل والمعايير الثَّقافيَّة، واعمل على تكييف أسلوبك في التواصل ومستوى المشاركة الشَّخصيَّة بناءً على السّياق الاجتماعيِّ لضمان توافقها مع التَّوقُّعات المهنيَّة.
ومن خلال تبنِّي هذه الاستراتيجيَّات، يمكنك اجتياز إشكاليَّة المصداقيَّة بفعالية، إذ يتعلَّق الأمر بأن تكونَ على طبيعتك مع احترام الحدود والحفاظ على المهنيَّة، ويمكن لشخصيَّتك الحقيقيَّة أن تتألَّق بطريقةٍ تُسهِم بشكلٍ إيجابيٍّ في ديناميكيَّات العمل والعلاقات دون المساس بالسُّلوكيَّات الملائمة في بيئة العمل أو فعاليَّته، وتذكَّر أنَّ المصداقيَّة لا تعني مشاركة كلِّ شيءٍ، بل أن تكون صادقاً مع نفسك مع مراعاة الآثار المترتبة على تصرفاتك على الآخرين في مكان العمل.