كيف تساعد فريقك على حلّ نزاعاته ذاتيّاً؟
تساهم ثقافة الاستقلاليّة في بناء بيئة عملٍ أكثر إنتاجيّةً وكفاءةً، حيث يتمكّن الموظّفون من التّعامل مع التّحديّات دون الحاجة إلى تدخّلٍ دائمٍ

تخيّل هذا السّيناريو: أنت الرّئيس التّنفيذيّ، تمضي يومك في متابعة أعمالك الاستراتيجيّة، وفجأةً يطرق أحد مديريك بابك ليشتكي من مديره المباشر. أين المشكلة الحقيقيّة؟ بدلاً من معالجة الأمر مع مديره مباشرةً، قرّر اللّجوء إليك مرّةً أخرى، لتجد نفسك عالقاً في دوّامةٍ من المشكلات الدّاخليّة، وكأنّك خطّ دعمٍ لحلّ دراما الفريق.
بطبيعة الحال، تشعر برغبةٍ في التّدخّل وحلّ الأمور، فهذا جزءٌ من دورك كقائدٍ، أليس كذلك؟ ولكنّ الحقيقة الّتي يجب أن تواجهها هي أنّك لست مضطرّاً لأن تكون حلّال المشكلات في كلّ مرّةٍ. هذا السّيناريو يعكس ظاهرةً شائعةً تعرّف باسم "المثلّثيّة" (Triangulation)، حيث يتجنّب الموظّف المواجهة المباشرة مع الطّرف المعنيّ، ويطلب التّدخّل من طرفٍ ثالثٍ، وهو في هذه الحالة، أنت. المشكلة في هذه الدّيناميكيّة أنّها تضعف ثقافة الثقة داخل الفريق، وتستهلك وقتك في إدارة صراعاتٍ ينبغي أن تُحلّ داخليّاً.
إذا كنت راغباً في بناء فريقٍ قويٍّ ومستقلٍّ، عليك أن تساعد موظّفيك على التّعامل مع المشكلات بأنفسهم بدلاً من الاعتماد عليك كوسيطٍ دائمٍ.
وإذا لم يتمكّنوا من ذلك، فقد يكون الوقت قد حان لاستخدام وسيطٍ محترفٍ بدلاً من أن تصبح أنت هذا الوسيط.
هل أنت مصلح أم مدرّب؟
قبل أن تسارع لحلّ أيّ مشكلةٍ، اسأل نفسك:
- كم مرّةٍ تجد نفسك تتدخّل لحلّ مشكلات الآخرين؟
- ما الحدود الّتي يجب أن تضعها لتمكين فريقك من حلّ المشكلات بأنفسهم؟
- متى تشعر أنّك تميل إلى الحلّ بدلاً من التّوجيه؟
ستساعدك إجابتك على هذه الأسئلة في تحديد ما إذا كنت تتصرّف كمصلحٍ يتولّى حلّ المشكلات بنفسه، أم مدرّبٍ يساعد فريقه على تنمية مهاراتهم في إدارة النّزاعات.
كيف تدرّب فريقك على حلّ المشكلات؟
إذا كنت راغباً في إنشاء بيئة عملٍ صحّيّةٍ وفعّالةٍ، عليك أن تنتقل من دور الوسيط إلى دور المدرّب، وإليك بعض الخطوات العمليّة:
- ضع سياسةً واضحةً لعدم المثلّثيّة: أخبر فريقك أنّ دورك هو التّوجيه، وليس التّوسّط في النّزاعات، إذ يجب أن يتحدّث الأفراد مع بعضهم مباشرةً قبل اللّجوء إليك.
- ادفعهم للحلّ الذّاتيّ أوّلاً: عندما يأتيك موظّفٌ يشتكي من مشكلةٍ مع زميله أو مديره، اسأله مباشرةً: "هل تحدّثت مع مديرك حول هذا الأمر؟ ماذا كان ردّه؟" بدلاً من تقديم حلٍّ فوريٍّ، وجّههم إلى تجربة المواجهة المباشرة أوّلاً.
- كن مدرّباً، لا حلّال مشكلاتٍ: عندما يطلب منك أحد الموظّفين التّدخّل، لا تعطهم الحلّ جاهزاً، فاسألهم: "كيف يمكنك التّعامل مع هذه المشكلة بنفسك؟" أو "ما الخطوات الّتي يمكنك اتّخاذها لحلّها مباشرةً؟"في الحقيقة، يعزّز هذا الأسلوب مهاراتهم القياديّة والاستقلاليّة.
5 خطوات عملية لتكون مدرّباً ناجحاً
إذا كنت راغباً في تطوير فريقك ليتعامل مع مشاكله بفاعليّةٍ، اتّبع هذه المبادئ:
- ضع توقّعاتٍ واضحةً لحلّ النّزاعات: شجّع موظّفيك على حلّ مشاكلهم بأنفسهم قبل اللّجوء إليك، إذ يجب أن يكون دورك استشاريّاً، وليس تحكيميّاً.
- تحقّق من دوافعك الشّخصيّة: هل تتدخّل لأنّك تريد أن تكون محبوباً، أو لأنّك تشعر بأنّك الوحيد القادر على حلّ الأمور؟ تذكّر أنّ دورك الحقيقيّ هو تمكين الفريق، وليس حمل أعبائهم عنهم.
- وفّر بيئةً آمنةً للحوار: أنشئ ثقافة عملٍ تجعل الموظّفين يشعرون بالرّاحة في التّعبير عن آرائهم وأخطائهم دون خوفٍ من اللّوم، فكافئ الحلول الذّاتيّة، وشجّع الشّفافيّة.
- قدّم أدواتٍ لبناء المهارات: زوّد فريقك بالموارد الّتي تساعدهم على حلّ المشكلات بأنفسهم، مثل: التّدريب على إدارة النّزاعات، الذكاء العاطفي، والمحادثات الفعّالة.
- اعرف متى تحتاج إلى محترفٍ: في بعض الحالات، قد يكون من الأفضل الاستعانة بمدرّبٍ محترفٍ أو وسيطٍ خارجيٍّ، خاصّةً عندما تكون النّزاعات معقّدةً، وتتطلّب تدخّلاً متخصّصاً.
بصفّتك قائداً، قد تشعر أنّ مسؤوليّتك تفرض عليك التّدخّل لحلّ أيّ مشكلةٍ، لكن في الواقع، تمكين فريقك من التّعامل مع الصّراعات بأنفسهم هو ما يجعل منك قائداً أقوى وأكثر تأثيراً. كما يقول المثل الشّهير: "لا تعطِ الرّجل سمكةً تطعمه ليومٍ، بل علّمه الصّيد تطعمه مدى الحياة".
ضع الحدود الصّحيحة، وامنح فريقك الأدوات الّتي يحتاجونها ليكونوا أكثر استقلاليّةً. بهذه الطّريقة، لن تثقل كاهلك بالمشكلات اليوميّة، وسيشكرك فريقك على مساعدتهم في تطوير مهاراتهم القياديّة وحلّ المشكلات بأنفسهم؛ هذا هو دور القائد الحقيقيّ.
شاهد أيضاً: 5 عبارات تشجيعية لإلهام فريقك يجب أن تكون على لسان كل قائد