الرئيسية الريادة الربحية والقيم: ثنائية التحدي في القيادة العصرية

الربحية والقيم: ثنائية التحدي في القيادة العصرية

في عصر الأعمال التنافسية، يواجه القادة تحدي التوفيق بين القيم والمكاسب لضمان استدامة الشركات

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يعيش قادة الأعمال في حالة من التّوتّر المستمرّ بين الرّغبة في تحقيق الأرباح والالتزام بالقيم الأخلاقيّة الّتي تعزّز مصلحة الموظّفين والعملاء وحتّى الكوكب. إنّهم يسيرون على "حبلٍ مشدودٍ"، كما يشيّر موشيه إنجلبرج، الكاتب والمتحدّث والمدرّب التّنفيذيّ، الّذي يتحدّث عن هذه التّحدّيات في كتابه "موجة أماري" (The Amare Wave).

فالكثير من القادة يواجهون ضغطاً كبيراً لتحقيق أرباحٍ ضخمةٍ، وهي ضرورةٌ لا يمكن التّغاضي عنها لاستمرار الشّركات، ولكنّ هذه الأرباح لا يجب أن تكون على حساب القيم والمبادئ الأساسيّة الّتي تحافظ على استدامة العمل والعلاقات الإنسانيّة. فكما يقول مات أوهاير، مؤسّس شركة "فايتال فارمز" (Vital Farms)، يتعلّق الأمر بالتّوازن بين تحقيق الرّبح والالتزام بالقيم.

وفي ثقافة الأعمال الحديثة، يبدو أنّ هناك رسائل مختلطةً حول ما يجب أن نكافئه فعلاً. من جهةٍ، يثني على الشّركات الّتي تعظّم من القيمة التي يحصل عليها المساهمون، ومن جهةٍ أخرى، تُنتقد عندما تحقّق هيمنةً ونموّاً كبيرين يفوقان الحدود المقبولة. ويعبّر هذا التّناقض عن تحدٍّ أكبر: هل نستمرّ في دعم ثقافة التّوسّع اللامحدود؟ أم يمكنّنا تشجيع الشّركات على التّوازن بين الرّبحيّة والأخلاق، وتلبية احتياجات جميع الأطراف، بما في ذلك الموظّفين، العملاء، المجتمعات، والمساهمين؟

التّحوّل من "الأعمال كحرب" إلى "العمل بحب"

تقوم بعض الشّركات بتبنّي فكرة "الأعمال كحربٍ"، حيث يركّز القادة على المنافسة الشّرسة والتّفوّق على الآخرين. ولكنّ هذه العقليّة لم تعد مجديةً في العصر الحديث. على العكس، هناك حاجةٌ ملحّةٌ لتبنّي فكرة أنّ الأعمال يمكن أن تكون قوّةً للخير والوحدة، وليس ميداناً للصّراع.

كما يتحدّث موشيه عن أنّ القادة الحقيقيين هم أولئك الّذين يستطيعون تحويل الرّسائل المختلطة في بيئة العمل إلى فرصٍ للابتكار والقيادة الأخلاقيّة. يجب على القادة التّفكير في كيفيّة تحقيق الرّبح مع مراعاة تأثير قراراتهم على الموظّفين، العملاء، المجتمع، والبيئة.

إليك بعض الخطوات العمليّة الّتي يقترحها إنجلبرج لتحقيق هذا التّوازن:

  • حافظ على منظور الأرباح الصّحيح: يجب أن تكون الأرباح نتيجةً طبيعيّةً لتحقيق قيمةٍ حقيقيّةٍ لجميع الأطراف المعنيّة، وليس الهدف الوحيد للعمل.
  • وسّع تعريف النّجاح: لا يتعلّق النّجاح فقط بالأرباح، بل يشمل جوانب أخرى مثل التّأثير البيئيّ، تحقيق الرّضا الوظيفيّ، وتوفير بيئة عملٍ إيجابيّةٍ.
  • القيادة بالنّزاهة: يجب أن تكون النّزاهة في القيادة عنصراً أساسيّاً؛ القادة الّذين يهتمّون بفعل ما هو صحيحٌ بقدر اهتمامهم بالرّبحيّة يخلقون بيئة عمل مفعمةً بالإيجابيّة والتّقدير.
  • اطرح الأسئلة الكبيرة: قبل اتّخاذ أيّ قراراتٍ استراتيجيّةٍ تهدف إلى زيادة الأرباح، يجب على القادة طرح أسئلةٍ تتعلّق بتأثير هذه القرارات على المدى الطّويل.
  • التّوافق بين القيم الشّخصيّة وقيم العمل: من الضّروريّ أن يعكس القادة قيمهم الشّخصيّة في أعمالهم، ممّا يساهم في خلق ثقافة تنظيميّة مستدامة ومبنيّة على مبادئ أخلاقيّة.

إنّ التحديّ الأكبر الذي يواجه القادة هو القدرة على خلق ثقافةٍ تكافئ التّوازن بين الأرباح والإنسانيّة. فالقادة الذين ينّجحون في هذا سيمكّنون شركاتهم من البقاء والازدهار في المستقبل. كما يقول أفلاطون: "ما يتمّ تقديره وتشجيّعه في أيّ مجتمعٍ هو ما سيزداد وينتشر فيه.". وبالتالي، إذا كافأنا الشركات التي تسعى لتحقيق توازن بين مصالح جميع الأطراف، سنتمكّن من بناء ثقافة أعمالٍ تعود بالنفع على الجميع.

نعم، الربح مهمٌّ، لكنه ليس كلّ شيءٍ. النّاس، البيئة، والقيم الأخلاقية جزءٌ لا يتجزّأ من نجاح أيّ مؤسسة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: