الرئيسية الريادة كيف تُدير الصراعات بين الأجيال لتبني فريق عمل متماسك؟

كيف تُدير الصراعات بين الأجيال لتبني فريق عمل متماسك؟

مع تزايد التوترات بين جيل الطفرة، إكس، الألفية، وزد، كيف يمكن للقادة تحويل التنوع بين الأجيال إلى ميزة تنافسية بدلاً من تحدٍ يهدد فريق العمل؟

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

اليوم، تبرزُ قضيّةُ إدارةِ الصّراعات بين الأجيال المختلفة كواحدةٍ من أهمّ التحدّيات التي تواجهُ المؤسّسات والقادة على حدٍّ سواء. مع وجود أربعة أجيالٍ مختلفةٍ تعملُ جنباً إلى جنبٍ في الوقت الحالي - جيلُ طفرة المواليد (Baby Boomers)، وجيلُ إكس (Generation X)، وجيلُ الألفية (Millennials)، وجيلُ زد (Generation Z) - تتزايدُ التوترات وتتعقّدُ بفعلِ التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي تركتها جائحةُ كورونا، بالإضافة إلى دخول جيلٍ جديدٍ إلى سوق العمل بمعتقداته وتطّلعاته الخاصة.

يمكنُ أن تكونَ عواقبُ عدمِ التّصدّي لهذه الانقسامات وخيمةً، فقد تؤدّي إلى تقويضِ فرقِ العمل الأكثر كفاءةً وتماسكاً. في جوهرِ هذا الصراع يكمنُ سوءُ الفهم المتبادل، وغيابُ التواصلِ الفعّال، وفشلٌ في الاستماع بانتباهٍ واحترام. تتفاقمُ هذه الحالةُ عندما تتشبّثُ كلُّ فئةٍ من هذه الأجيال بمواقفها ومعتقداتها حول الأجيال الأخرى، ممّا يخلقُ حالةً من الجمود والانسداد في العلاقات المهنية. وكما أشارَ الكاتبُ الشهيرُ جورج أورويل: "يتخيّلُ كلُّ جيلٍ أنه أكثرُ ذكاءً من الجيل الذي سبقهُ وأكثرُ حكمةً من الجيل الذي سيأتي بعده".

الحقيقةُ هي أنّنا جميعاً، بغضّ النظرِ عن الجيل الذي ننتمي إليه، نعتقدُ في أعماقنا أنّ طريقتنا في التّعامل مع الأمور هي الأفضل. ولكن، إذا تأمّلنا في تاريخِ البشرية، سنجدُ أنّ الخبرات المتراكمة عبر الأجيال تشكّل نسيجَ المستقبل، وأنّ الماضي برمّتهِ يساهمُ في رسم معالم الغد. من هنا تنبعُ أهمّيةُ تعزيز الفهم المتبادل والتعاون بين الأجيال، والاستفادة من هذه التعدّدية لتحقيق أقصى استفادة من كلِّ جيل.

أتذكّرُ جيّداً عندما انتقلتُ للعمل في قطاع التّكنولوجيا قبلَ ثماني سنوات، وكيف شعرتُ بالدّهشةِ من بعض الأمور التي لاحظتها في هذا المجال. كان هناك اعتقادٌ سائدٌ بأنّ بلوغ سن الخامسة والثلاثين أو أكثر يعني أنّك قد تجاوزتَ ذروةَ عطائك المهني، وأنّ التكنولوجيا هي ميدانٌ للشباب فقط. ورغمَ أنّ متوسّطَ عمرِ العامل الأمريكي كان يبلغُ 42 عاماً في ذلك الوقت، إلّا أنّ هذه الأفكارَ المتجذّرةَ شكّلت حواجزَ غير مرئيّة أمام الكفاءات الأكبر سنّاً. ولكن الحقيقةُ هي أنّ تحقيقَ التوازنِ المثاليِّ في بيئة العمل يتطلّبُ دمجَ طاقةِ الشباب مع خبرةِ الكبار، وهذا الخليطُ هو الذي يخلقُ بيئةَ عملٍ مبتكرة ومنتجةٍ حقّاً.

خلق الظروف الملائمة وبناء الثقة

لضمانِ تعاونٍ فعّال بين الأجيال المختلفة، يجبُ على المؤسّسات أن تسعى جاهدَةً لفهم وتقدير وجهات النّظر المتنوّعة التي تحملها كلُّ فئةٍ من فئاتِ القوى العاملة. يبدأُ ذلك بخلق بيئةٍ شاملة يشعر فيها كلُّ جيلٍ بأنّه جزءٌ لا يتجزّأ من المجتمع المهني. وهذا يتطلّبُ استثماراً حقيقيّاً في أدواتِ التواصل مثل الاستطلاعات والمجموعات الاستشارية والمحادثات الفردية، التي تتيحُ للمؤسّسات طرحَ الأسئلة الصحيحة وفهمَ التحدّيات الفريدة التي تواجهُ كلَّ جيل.

لكن، يجبُ أن ندركَ أنّ الاتصالَ بين الأجيال يمكنُ أن يتعثرَ إذا غابت الثقةُ والاحترام المتبادل. لذا، يجبُ على القادة التفكيرُ في إنشاءِ منصّات حوارية تربطُ الموظفين من مختلف الأعمار، بحيثُ يتبادلونَ المعرفةَ والخبرات، ويتعلّمونَ من بعضهم البعض. يمكنُ أن تكونَ هذه الحواراتُ فرصاً لاستكشافِ الاختلافاتِ والتشابهاتِ بين الأجيال، وفتح قنواتٍ للتفاهم المتبادل.

النمو والتعلم

فيما يتعلّق بالتمييز العمري في مجال التكنولوجيا، يبرزُ تحدٍّ آخر يتمثّل في الفكرةِ السائدةِ بأنّ الأشخاصَ الأكبر سنّاً غير قادرين على مواكبةِ التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة. هذا التصوّرُ الخاطئ يعزّزُ الصورَ النّمطية، ويخلقُ دورةً مغلقةً من التحيّز، حيث يتمُّ تجاهلُ العمال الأكبر سنّاً في فرصِ التعلّم والتطوير، ممّا يقلّل من فرصهم في التعرّض لهذه التّقنيّات، ويعزّزُ الفكرةَ السلبيةَ عن قدراتهم.

وبالمثل، فإنّ الموظفين الجدد في بداية مسيرتهم المهنية يحتاجون أيضاً إلى فرصٍ للتعلّم والتطور لزيادة معرفتهم وتعزيز فرصهم المهنية. من هنا تأتي أهمّيةُ مبادرات التدريب وإعادة التأهيل التي يمكنُ أن تخدمَ غرضين: تلبية احتياجات التعلّم للمهنيين المبتدئين، وفي الوقت ذاته سدّ الفجوة بين الأجيال.
 

التعاطف وبناء الروابط

عندما نتوقّفُ لنفهمَ تجاربَ وتحدّياتِ الآخرين، يمكنُنا بناء فرق عملٍ أقوى وأكثرَ تماسكاً عبرَ الأجيال. يتطلّبُ ذلك خلقَ ثقافةٍ منفتحةٍ تشجّع على الاستماع والفضول، وتتيحُ للموظّفينَ فرصةَ المشاركةِ في جلسات سرد القصص لتبادلِ رحلاتهم المهنية وتجاربهم الحياتية. يمكنُ أيضاً التفكير في تنظيم برامجِ تظليلٍ وظيفيٍّ عبرَ الأقسام والأجيال، ممّا يتيحُ للموظفينَ فرصةَ اكتسابِ رؤى جديدة وفهمٍ أعمق لزملائهم.

إنّ إدارةَ الأجيال بفعالية لا تعني فقط تجاوزَ التحدّيات، بل تعني أيضاً استثمارَ التنوعِ الذي تقدّمه كلُّ فئةٍ لتحقيق نتائج أفضل. عندما ننظرُ إلى التنوعِ بين الأجيال كميزةٍ يمكنُ استثمارها، ونبحثُ بنشاطٍ عن طرقٍ لاستغلال القوى الفريدة التي يجلبها كلُّ جيل، نكتشفُ أنّ هذه التعدّديةَ هي مفتاحُ النجاح والابتكار في بيئةِ العملِ المعاصرة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: