كيف تُعِدُّك الأبوة لتصبح رائد أعمال ناجحاً دون أن تدري؟
صحيحٌ أنّ فكرة أن تصبح رائد أعمالٍ قد تبدو محفوفةً بالمخاطرِ، لكنّ تجربة الأبوةِ قد تكونُ هي التحضير المثاليّ الذي يجعلك مستعداً لهذهِ الخطوةِ أكثر مما تظنُّ
من الأمور التي أحببتُها عندما بدأتُ رحلتي في العملِ الحُرِّ، كانت قدرتي على اصطحابِ أطفالي من وإلى المدرسةِ. كان هذا الأمرُ يحتلُّ مكانةً خاصةً في قلبي.
الأبوةُ والأمومةُ هي وظيفةٌ بدوامٍ كاملٍ بكلِّ ما تحمله الكلمةُ من معنى. إنّها مزيجٌ من الفرحِ والتعبِ، من الإحباطِ والسّعادةِ، من الاستنزافِ والطّاقةِ المتجددة. قد يشعرُ الكثيرُ من الآباءِ، خصوصاً الجدد منهم، أنّ الوقت لا يكفي للقيامِ بأيّ شيءٍ إضافي. وبالنسبةِ لي، كانت تلك اللّيالي التي لم أتمكّن فيها من الحصولِ على قسطٍ كافٍ من النومِ جزءاً من تجربةِ الأبوةِ التي لا تُنسى، لكنّها لم تكن سهلةً على الإطلاقِ.
ومع ذلك، تبيّن لي مع مرورِ الوقتِ أن تجربة الأبوةِ هي في الواقع إعدادٌ مثاليٌّ لريادةِ الأعمالِ. إذا كنت تشاركُ بفاعليةٍ في تربيةِ أطفالك، فأنت بالفعل تمارسُ دوراً تدريبياً في ريادةِ الأعمالِ، دون أن تدرك ذلك.
الأبوةُ تتطلبُ العمل الجماعيّ
إذا كنت متزوجاً أو لديك شريكُ حياةٍ، فستعرفُ أن الأبوة تتطلّبُ مستوىً عالياً من التّعاونِ والتّفاهمِ. الأبوةُ تُعلِّمك كيفيّة التّخلي عن رغباتك الشّخصيةِ والتفكيرِ في مصلحةِ الأسرةِ ككلٍّ. يجبُ عليك اتخاذُ قراراتٍ مشتركةٍ مع شريكِ حياتك، وهذا بالضّبط ما يحدثُ في عالمِ الأعمالِ. القدرةُ على اتخاذِ قراراتٍ مشتركةٍ وتقبُّلِ آراءِ الآخرين هي مهارةٌ أساسيةٌ في ريادةِ الأعمالِ، حيث يتعيّنُ على الشركاءِ المؤسّسين التّعاون لتحقيقِ النّجاحِ.
في الواقع، العديدُ من الشّركاتِ النّاجحةِ قامت على أكتافِ أكثر من مؤسّسٍ واحدٍ. إذا كنت قد تعلّمت من خلالِ تجربةِ الأبوّةِ كيف تتعرّفُ على نقاطِ ضعفك، وتعترفُ بنقاطِ قوةِ شريكِ حياتك، وتعملُ معه كفريقٍ واحدٍ، فأنت بالفعلِ على الطّريقِ الصّحيحِ لتصبح رائد أعمالٍ ناجحاً. العملُ الجماعيُّ هو أساسُ نجاحِ الأعمالِ الصّغيرةِ، وهو نفسه الذي يجعلك تتفوّقُ في دورك كأبٍ.
ولا يقتصرُ هذا على الآباءِ الذين لديهم شركاءُ فقط، بل ينطبقُ أيضاً على الآباءِ العازبين. في هذهِ الحالةِ، تكونُ الشّراكةُ بينك وبين طفلك. يجبُ عليك التفكيرُ في مصلحةِ طفلك، حتى لو كان ذلك يعني التّضحية ببعضِ احتياجاتِك الخاصةِ. التّعاطفُ، الصّبرُ، الحزمُ، والتّعاونُ هي كلها صفاتٌ تعلّمتها من خلالِ تجربتي في الأبوّةِ، وهي نفسها التي تساعدني الآن في إدارةِ فريقي وأعمالي.
الأبوةُ تُعلِّمك التحلي بالمرونة
في عالمِ الأبوّةِ، ليس هناك دائماً إجابةٌ واضحةٌ أو سهلةٌ. وفي عالمِ الأعمالِ، تواجهك التّحدياتُ نفسها. بدءُ عملٍ تجاريٍّ يتطلّبُ منك القدرة على اتخاذِ قراراتٍ سريعةٍ عندما لا تسيرُ الأمورُ كما هو مخططٌ لها. في كثيرٍ من الأحيانِ، ستجدُ نفسك مضطّراً للتكيفِ مع المواقفِ الجديدةِ وإيجادِ حلولٍ مبتكرةٍ للمشاكلِ غيرِ المتوقعةِ، تماماً كما تفعلُ عندما تجدُ نفسك تغيّرُ حفاضاتِ طفلك، بينما تحاولُ تهدئتهُ والتّحدث مع شريكِ حياتك عبر الهاتفِ.
بمعنى آخر، تجربةُ الأبوةِ هي تدريبٌ ممتازٌ على كيفيةِ إدارةِ الأعمالِ الصغيرةِ. القدرةُ على التكيفِ والمرونةِ في مواجهةِ التّحدياتِ هي مهاراتٌ أساسيةٌ يكتسبُها الآباءُ، والتي تجعلهم مستعدين بشكلٍ طبيعيٍّ للتّحدياتِ التي قد تواجههم في ريادةِ الأعمالِ.
شاهد أيضاً: 7 نصائح للأزواج الذين يتشاركون ميدان العمل
الأبوةُ تعني التحلّي بالصبرِ
في ريادةِ الأعمالِ، غالباً ما يتعيّنُ عليك الانتظار لفتراتٍ طويلةٍ قبل أن ترى ثمار عملك. عملك الجديدُ لن يحقّق النجاح الفوريّ الذي تأملهُ، وهذا يعني أنك بحاجةٍ إلى المثابرةِ والاستمرارِ في العملِ، دون أن تفقد الأمل. هذهِ المهارةُ الصّعبةُ هي شيءٌ يحتاجه العمل فعلاً. تربيةُ الأطفالِ تعلّمك أنّ بعض الأمورِ تستغرقُ وقتاً أطول مما كنت تتوقّعُ، وأنّ النّتائج لا تأتي دائماً على الفورِ، لكنّك تعلمُ أيضاً أنّ الصّبر يؤتي ثمارهُ في النهايةِ.
الأبوةُ تعني تحديد الأولوياتِ وإدارة المهامِّ المتعددةِ
عندما تكونُ أباً، ستجدُ نفسك ترتدي العديد من القبعاتِ في وقتٍ واحدٍ. يجبُ عليك أن تكون قادراً على تحديدِ أيٍّ من هذهِ القبعاتِ هي الأهمُّ في لحظةٍ معينةٍ. هل يجبُ أن تذهب مع طفلك إلى المسرحيةِ المدرسيّةِ أم يجبُ أن تتأكّد من أنّه قد أكمل واجباتِه المنزليّة؟ أنت من يقررُ. وبنفسِ الطّريقةِ، في ريادةِ الأعمالِ، يتعيّنُ عليك اتخاذُ قراراتٍ حاسمةٍ بشأنِ أيِّ المهامِّ تستحقُّ الأولوية وأيِّها يمكنُ تأجيلُها.
إحدى جمالياتِ امتلاكِ عملك الخاصِّ هي أنّه يسمحُ لك بإنشاءِ جدولك الخاصِّ، لكن الأهمّ من ذلك هو أنّه يمنحُك القدرة على اتخاذِ قراراتك الخاصةِ والتحكمِ في وضعك الماليِّ. بالنسبةِ للعديدِ من الآباءِ، تُعدُّ هذه الفوائدُ أمراً ذا قيمةٍ كبيرةٍ. صحيحٌ أنّ فكرة أن تصبح رائد أعمالٍ قد تبدو محفوفةً بالمخاطرِ، لكنّ تجربة الأبوةِ قد تكونُ هي التّحضير المثاليّ الذي يجعلك مستعدّاً لهذهِ الخطوةِ أكثر مما تظنُّ.