كيف تحوّل الاجتماعات من عبء إلى أداة للنجاح؟
الاجتماعات المصغّرة والفعّالة هي الطّريق الأمثل لتحقيق إنجازاتٍ ملموسةٍ دون التّورّط في ساعات من الحوار غير المنتج
عندما بدأت رحلتي في مجال التّكنولوجيّا قبل حوالي ثماني سنواتٍ، استشرت صديقتي بشأن الأسئلة المهمة التي يمكن طرحها خلال مقابلات العمل. وقد نصحتني بسؤالٍ لافتٍ: "هل تتميز الشّركة بثقافة اجتماعاتٍ خفيفةٍ، متوسطةٍ، أم ثقيلةٍ؟" حينها، لم أكن أدرك مدى أهميّة هذا السّؤال، الذي يكشف الكثير عن طبيعة البيئة الّتي ستصبح جزءاً منها. اليوم، وبعد سنواتٍ من الخبرة، أقدّم لكم أفضل النّصائح لتعزيز ثقافة الاجتماعات الخفيفة والفعّالة.
1. التّحضير المسبق
لا شيء يُضاهي التَّحضير المسبق الجيِّد الذي يعزّز كفاءة الاجتماعات، حيث يتيح للجميع فرصة قراءة واستيعاب المواضيع المراد مناقشتها. يجب أن تشمل المواد المعدّة للنّقاش النّقاط الأساسيّة، البيانات ذات الصّلة، والأسئلة الّتي تحتاج إلى إجابةٍ. حيث يساهم هذا التّحضير في جعل الاجتماعات أكثر إنتاجيّةً، إذ يأتي الجميع على درايةٍ كاملةٍ بالمعلومات والأفكار، مما يسهّل اتّخاذ قراراتٍ سريعةٍ حول الخطوات التَّالية.
2. تحسين الرّسائل
إذا كان بالإمكان استبدال الاجتماع برسالةٍ عبر منصّة "سلاك" (Slack) مثلاً، فهي فرصةٌ مثاليّةٌ لتحسين جودة الرّسائل وجعلها أكثر وضوحاً وفعاليّةً. إذ ينبغي أن تركز الرّسائل على الإجابة عن الأسئلة الأساسيّة: "من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ وكيف؟" مع توضيح الإجراءات المطلوبة بشكلٍ دقيقٍ.
ليس شرطاً أن تكون الرّسائل الطويلة أكثر كفاءةٍ. شخصيّاً، أجد نفسي مذنباً في هذا الجانب، حيث أكتب أحياناً رسائل مطولةً كان يمكن اختصارها دون فقدان المعنى. وعلى سبيل المثال، بدلاً من قول: "أعتقد أنّه يجب علينا النّظر في تداعيات مشروعنا الأخير "، يمكن القول ببساطةٍ: "فلنناقش تداعيات المشروع الأخير".
3. استخدام الذّكاء الاصطناعيّ
يُعتبر إعداد ملخصاتٍ دقيقةٍ عنصراً أساسيّاً آخر في تحسين جودة الرّسائل. هل جربت يوماً كتابة ملاحظاتٍ أو ملخصّات؟ يمكنك تسهيل هذه المهمة باستخدام الذّكاء الاصطناعيّ، حيث يوفر الكثير من الوقت. كلّ ما عليك فعله هو تقدّيم النّقاط الرّئيسيّة وعناصر العمل لتساعد في تنظيم الرّسائل عبر "سلاك" أو رسائل المتابعة عبر البريد الإلكترونيّ. كما يمكنك تجريب أدواتٍ مثل "شات جي بي تي" (ChatGPT) أو غيرها من أدوات الذّكاء الاصطناعيّ لتبسيط هذه العمليّة بشكلٍ فعّالٍ.
4. تعديل الاجتماعات المتكررة
إذا كنت تعمل في بيئةٍ تشهد عدداً كبيراً من الاجتماعات، حاول تعديل ما يمكنك تغييّره. وفي حال كنت المسؤول عن تنظيّم الاجتماع، فاغتنم الفرصة لإجراء تعديلاتٍ تساهم في تحسين الفعّاليّة. ربما لا يكون من الضّروري عقد الاجتماع بشكلٍ أسبوعيٍّ؛ يمكنك تقليل التّكرار إلى كلّ ثلاثة أسابيعٍ، أو اعتماد لقاءاتٍ سريعةٍ، أو حتى تبادل الرّسائل الصوتيّة. لا تتردد في تجربة أساليب مختلفةٍ لتجد ما يتناسب مع احتياجاتك واحتياجات فريقك.
5. تجنّب الاجتماعات باهظة التّكلفة
كانت هناك مزحةٌ شائعةٌ تقول إنّ وجود عددٍ كبيرٍ جداً من الأشخاص في اجتماعٍ واحدٍ قد يكلف مليون دولارٍ، بسبب مشاركة أفرادٍ لا حاجة فعليّةً لحضورهم. وفي كثيرٍ من الأحيان، ليس من الضّروري أن يحضر الاجتماع جميع أعضاء القسم. ركز على دعوة المشاركين الأساسييّن فقط لتحقيق أقصى قدرٍ من الإنتاجيّة. يمكنك إشراك الآخرين لاحقاً إذا استدعت الحاجة لذلك. المفتاح هنا هو أن تكون ذكيّاً في اختيار الحاضرين لضمان كفاءة الاجتماع.
6. التّفاعل غير المتزامن
ليس من الضّروري أن يتطلّب كلّ شيءٍ تفاعلاً مباشراً. إذ يمكن التّعامل مع العديد من التّحديثات بطريقةٍ غير متزامنةٍ باستخدام أدواتٍ مثل "لوم" (Loom) لتقدّيم تحديثاتٍ عبر الفيديو أو المستندات التّعاونيّة، ممّا يسمح لأعضاء الفريق بإضافة مدخلاتهم وفقاً لجداولهم الزّمنيّة. يُعد هذا النّهج مثاليّاً للفرق العالميّة الّتي تعمل عبر مناطق زمنيّةٍ مختلفةٍ. لضمان توحيد المعلومات بين الجّميع، يمكن إنّشاء نموذجٍ مخصصٍ للتّحديثات غير المتزامنة، يتضمن المقاييس الأساسيّة، العوائق، والإنجازات.
7. وضع إرشاداتٍ واضحةٍ للاجتماعات
أبلغ وحدد إرشاداتٍ واضحةٍ للاجتماعات لضمان فهم الجّميع لها. ويمكن أن تتضمن هذه الإرشادات البدء والانتهاء في الوقت المحدد، إعداد جدول أعمالٍ واضحٍ يُشارك مسبقاً، وتحديد أدوارٍ مثل مسؤول الوقت ومسجّل الملاحظات. كما قد تُسهم قواعد بسيطةٌ مثل "تشغيل الكاميرات" أو "الامتناع عن تعدد المهامّ" بشكلٍ كبيرٍ في تحسين التّفاعل وزيادة فعاليّة الاجتماعات.
8. تجربة الاجتماعات المصغّرة
كما يمكن اعتماد تنسيقٍ صارمٍ لمدة 15 دقيقةٍ أن يسهم في التّركيز على الإنجاز، ويقلل من إرهاق الاجتماعات. فيتم تقسيم الاجتماع إلى جزأين: الجزء الأول، مدته 10 دقائقٍ، مخصصٍ للنّقاش المركّز مع استخدام مؤقّتٍ مرئيٍّ، والجزء الأخير، مدته 5 دقائقٍ، لتأكيد الإجراءات والخطوات التّالية. يُعد هذا الأسلوب فعالاً لاتخاذ القرارات السّريعة، وإجراء اللقاءات الدّورية، وتقدّيم تحديثات الحالة. فقط تأكد من البدء في الوقت المحدد. فالهدف ليس التّسرّع، بل استغلال الوقت بكفاءةٍ، وستتفاجأ بمدى الإنجاز الممّكن خلال هذه الفترات القصيرة والمركّزة.
9. بناء ثقافة الاجتماعات الخفيفة
يتطلّب خلق ثقافة الاجتماعات الخفيفة على مستوى الشركة، دعماً من القيادة وجهوداً مستمرّةً من جميع الأعضاء. حفّز الفريق على التّساؤل عن فائدة الاجتماعات واقتراح بدائل عند الضّرورة. وكافئ الفرق الّتي تنجح في إيجاد طرقٍ مبتكرةٍ للتّعاون مع تقليل عدد الاجتماعات. في النّهاية، الهدف ليس إلغاء الاجتماعات تماماً، بل جعلها أكثر جدوىً وإنتاجيّة.
وكما يقول الخبير في إدارة الأعمال، باتريك لينسيوني: "رغم أنّ الاجتماعات غالباً ما تكون مرهقةٍ ومزعجةٍ، إلّا أنّه لا ينبغي أن تبقى كذلك، يمكننا تحسين جودة الاجتماعات وجعلها أكثر فعّاليّةً؛ فالأمر كله يعتمد على وجود نيّةٍ واضحةٍ وتصميمٍ لتحقيق ذلك".
شاهد أيضاً: 7 استراتيجيات ذهبية لضمان نجاح أي اجتماع