دروس من Steve Jobs: الثقة أساس القيادة الناجحة
كيف شكّلت فلسفة ستيف جوبز القياديّة حجر الزّاوية في نجاح Apple، بالاعتماد على ترك مساحةٍ من الحريّة المدروسة لأعضاء الفرق الموهوبين
ترك ستيف جوبز، مؤسّس شركة أبل (Apple)، إرثاً غنيّاً بالدّروس حول القيادة والنّجاح، ومن بين هذه الدّروس، بَرزت فكرة الثّقة كعنصرٍ أساسيٍّ في القيادة الفعّالة، إذ كان جوبز يُؤمن بأنّ القائد الجيّد هو من يثّق بفريقه، ويمنحه الحريّة ليُبدع ويتفوّق.
الثّقة عنصرٌ أساسيٌّ في القيادة
كان جوبز يعتقدُ أنّ أفضلَ طريقةٍ لاكتشاف الشّخص الذي يتمتّع بمهاراتٍ قياديّةٍ جيدةٍ هي من خلال ملاحظة مدى ثقته بفريقه، فالمدير الّذي يتدخّل في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ لا يمكنه أن يقود فريقاً مبدعاً وموهوباً، في حين أنّ القائدَ الذي يثق بقدرات فريقه، ويمنحهم المساحة للابتكار والإبداع، هو القائد الذي يستحقّ أن يتولّى زمام الأمور.
فلسفة ستيف جوبز في بناء فريق عملٍ ناجحٍ
في كتاب السيرة الذاتيّة الذي كتبه والتر إيزاكسون عن ستيف جوبز، نجد أنّ جوبز كان يسعى إلى بناء شركةٍ تضع النّاس في المقام الأول، ورغم أهميّة المنتجات والأرباح، إلّا أنّها كانت تأتي بعد تقدير الفريق. كان جوبز يرى أنّ الأشخاص َالأذكياء والموهوبين، إذا زُودوا بالأدوات والموارد المناسبة، يُمكنهم تحقيق ما يفوق التّوقّعات، وكان يُؤمن بأنّ إعطاء الفريق الثّقة والمسؤوليّة يُعزّز من شعورهم بالملكيّة والمُساءلة تجاه العمل.
القيادة بالثّقة والإلهام
أوضح جوبز في أحد تصريحاته أنّ سر النّجاح يكمن في الثّقة بقدرات الفريق وعدم معاملتهم كأطفال، فالثّقة الكبيرة التي كان يمنحها لفريقه كانت تدفعهم لتحقيق أشياء عظيمةٍ، كما أنّ جوبز كان قادراً على إلهام الآخرين بشكلٍ استثنائيٍّ، ممّا جعلهم مُستعدّين لبذل أقصى ما لديهم من أجل تحقيق رؤية الشّركة.
المتطلبات الأساسيّة للقائد الناجح
لتحقيق النّجاح كقائدٍ، لا يكفي الاعتماد على السلطة وحدها، إذ يجب أن يتحلّى القائد بسماتٍ أساسيّةٍ تجعله موضع ثقةٍ واحترامٍ من قبل فريقه، وهذه السّمات تتلخّص في ثلاث نقاطٍ رئيسيّةٍ: الشّخصيّة، التّأثير، والكفاءة.
- الشّخصيّة: يجب على القائد أن يتمتّعَ بنزاهةٍ عاليّةٍ، وأنّ يكون قادراً على اتّخاذ القرارات الصّحيحة حتّى في أصعب الظّروف، فالنّزاهة تعني التّصرّف بأخلاقٍ وقيّمٍ حتّى عندما لا يكون أحد يُراقبكَ، وهذا يُعزّز من ثقة الفريق في قيادتكَ.
- التّأثير: الثّقة هي الأساس لبناء التّأثير، فعندما يثق النّاس في قائدهم، يكونون أكثر استعداداً للاستماع إليه واتّباع توجيهاته، والتّأثير يُعزّز من مصداقيّة القائد، ويزيد من قُدرة الفريق على تحقيق الأهداف المُشتركة.
- الكفاءة: لا يُمكن للقائد أن يكونَ فعّالاً إذا لم يكن كُفؤاً في مجاله، فالكفاءة تبني الثّقة بين القائد وفريقه، ممّا يؤدّي في النّهاية إلى تحقيق التمّيز والنّجاح.
ختاماً، يظهر أنّ القيادة الفعّالة تتطلّب مزيجاً من الثّقة والتّمكين والإلهام. كان ستيف جوبز مثالاً حيّاً على القائد الذي يثق بفريقه، ويُحفّزه على تحقيق المستحيل، ومن خلال تركيزه على الثّقة والتّوقعات العاليّة، أسّس ثقافة التمّيز داخل "أبل"، وهي ثقافةٌ استمرّت في دفع الشّركة نحو النّجاح حتّى بعد رحيله. القائد الذي يتعلّم من هذه الدّروس، سيجد أنّ الثّقة بقدرات فريقه هي المفتاح الحقيقيّ لتحقيق العظمة.