كيف غيّرني كتاب "توقّف: أنت لست قائمة مهامّ"؟

هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا

في لحظةٍ كنت فيها بأمسّ الحاجة لذلك، بدأت الاستماع إلى كتاب روبرت بوينتون "توقّف: أنت لست قائمة مهامٍّ" (Do Pause: You Are Not a To-Do List). كانت حياتي تمضي بوتيرةٍ سريعةٍ للغاية، وكانت قوائم مهامّي اليوميّة طموحةً بشكلٍ مبالغٍ فيه. والمفارقة أنّني استمعت إلى الكتاب الصّوتيّ على الطريق أثناء انشغالي بحياتي الغارقة بالمهام! 

يستهلّ بوينتون، الّذي يصمّم ويسهّل برامج وخلواتٍ وورش عملٍ للشّركات والأفراد، كتابه بمقدّمةٍ تأمّليّةٍ حول المعاني المتعدّدة للتّوقّف: كيف ومتى نتوقّف لجذب انتباه الآخرين، لنكون أكثر إنتاجيّةً، لنعيش اللّحظة الحاضرة، وكيف يمكن للتّوقّفات أن تساعدنا في ضبط التّوقيت الصّحيح. يقول إنّ الفرق بين الضّغط على زرّ التّوقّف في آلةٍ، وفي إنسانٍ هو أنّه عندما تضغط على زرّ التّوقّف في آلةٍ، فإنّها تتوقّف؛ أمّا عندما تضغط على زرّ التّوقّف في إنسانٍ، فإنّه يبدأ. ذلك الفراغ بين الانشغال وما يليه، في رأيه، هو المكان الّذي يحدث فيه العمل الحقيقيّ. ومحاولة الارتقاء إلى معايير الآلات تعني أنّنا نعيش في حالة اندفاعٍ مستمرٍّ. 

ورغم أنّه لم يضف شيئاً جديداً بالنّسبة لي، مثل أنّنا نبلغ أسمى مراتب التّعلّم عندما نكون في حالةٍ من الرّاحة، وأنّ التّوقّفات يمكن أن تشعل شرارة الإبداع والإنتاجيّة، إلّا أنّه قدّم ذلك بأسلوبٍ سلسٍ وجذّابٍ، جعلني أعيد النّظر لا في التّوقّفات الكبيرة (كالإجازات الطّويلة والعطل المجدولة) فحسب، بل في كيفيّة إدراج فترات راحةٍ قصيرةٍ في حياتي اليوميّة أيضاً. كما كان تذكيراً مهمّاً بأنّ الإفراط في كلّ شيءٍ لا يسهم في الإبداع أو الإنتاجيّة، بل يؤدّي بالتّأكيد إلى تدنٍّ كبيرٍ في جودة الحياة. 

من خلال أمثلةٍ حيّةٍ من خلواته وورش العمل الارتجاليّة، واعتماده على الفنون لإظهار الطّرق الّتي يمكن أن تكون فيها التّوقّفات ذات معنًى، يعدّ الكتاب تذكرةً قيّمةً بكيف يمكن للتّوقّف أن يلهم الإبداع. وفي زمنٍ أصبح فيه الذّكاء الاصطناعيّ متفشّياً، فهو تذكيرٌ مهمٌّ بأنّ البشر ليسوا، ولا ينبغي أن يقارنوا، بالآلات. 

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد أكتوبر من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملًا عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.