كيف قلصت فنادق هيلتون في الإمارات هدر الطعام بنسبة 62%؟
تحدثت مجلة .Inc العربية إلى إيما بانكس، نائب الرئيس لاستراتيجية وتطوير الأغذية والمشروبات في فنادق هيلتون في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، حول كيفية نجاح مبادرات "الفطور الأخضر" و"رمضان الأخضر" في تقليل هدر الطعام
هذا المقال متوفر باللغة الإنجليزية هنا
أطلقت فنادق هيلتون في الإمارات العام الماضي مبادرة "الفطور الأخضر" في 13 فندقاً، بالتَّعاون مع المبادرة الوطنيَّة الإماراتيَّة للحدّ من فَقدِ وهدر الطَّعام، "نعمة"، وخلال فترة 13 أسبوعاً، سجَّلت فنادق هيلتون في جميع أنحاء الإمارات انخفاضاً بنسبة 62% في هدر الطَّعام [1] ، وجاءت هذه المبادرة بعد النَّجاح الذي حقَّقه برنامج "رمضان الأخضر" التَّجريبيّ، الذي طبَّق نفس المبادئ على بوفيهات الإفطار والسُّحور خلال شهر رمضان لعام 2023.
تقول إيما بانكس، نائب الرَّئيس لاستراتيجيَّة وتطوير الأغذية والمشروبات في هيلتون أوروبا والشَّرق الأوسط وإفريقيا: "يُعدُّ الإفطار الوجبة المشتركة في معظم الفنادق، ونحن ندرك أنَّه من أكبر المساهمين في هدر الطَّعام في قطَّاع الضّيافة"، وتضيف: "نقدّم 1.8 مليون وجبة إفطار سنويّاً في هذه الفنادق الثَّلاثة عشرة، والآن تخيّل تكرار هذا النَّوع من التَّخفيض عبر ممتلكات هيلتون والقطَّاع الفندقيّ بأكمله".
تهدف المبادرات إلى تقليل هدر الطَّعام وزيادة الوعي بين الموظَّفين والنُّزلاء، وتوضّح بانكس أنَّ المبادرة تعالج "هيكليَّة الاختيارات المعيبة" المدمج في قطَّاع الضّيافة، وهذا الهيكل، كما تشرح، يؤدّي إلى عقليَّة "الأكثر هو الأفضل"، وهو ما يشجّع النُّزلاء على إعادة النَّظر فيه، وتؤكّد أنَّ حسن الضّيافة وتقليل هدر الطَّعام ليسا متناقضين.
بهذه الكلمات، تسعى هيلتون إلى تعزيز ثقافةٍ جديدةٍ في قطَّاع الضيافة، حيث يتمُّ تحقيق التَّوازن بين تقديم خدماتٍ متميزةٍ وتقليل الهدر، ممَّا يُسهم في مستقبلٍ أكثر استدامةً، وتُضيف: "الأمر منطقيٌّ من النَّاحية التّجاريَّة أيضاً ولا تريد أن تدفعَ ثمن الطَّعام، وتطبخه، وتستخدم الكهرباء والمواد الكيميائيَّة لغسله وتنظيفه، ثُمَّ ترميه".
بالإضافة إلى "نعمة"، تعاونت هيلتون مع Winnow Solutions، وهي شركةٌ بريطانيّةٌ تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة هدر الطعام، ومع The Waste Labs الإماراتيَّة للتَّسميد، وبرنامج الأمم المتَّحدة للبيئة (UNEP) في غرب آسيا، ووزارة البيئة والتَّغير المناخيِّ في الإمارات، والعديد من الجهات الأخرى.
وتقول بانكس إنَّ الفريق يسعى أيضاً إلى إنشاء نموذجٍ لأفضل الممارسات في إدارة هدر الطعام في صناعة الضِّيافة.
شاهد أيضاً: The Waste Labs: شركة ناشئة في دبي تسعى لتقليل هدر الطعام
من رمضان الأخضر إلى الفطور الأخضر
استلهم الفريق من حملة Recipe of Change "وصفة التَّغيير" التَّابعة لبرنامج الأمم المتَّحدة للبيئة، والتي تعاونت هيلتون معها العام الماضي لإطلاق برنامج "رمضان الأخضر" التَّجريبي، فعمل الفريق على اتّباع نهجٍ مكوّنٍ من سبعة محاور لتقليل هدر الطَّعام، بما في ذلك زيادة الأغذية المحليَّة إلى 30% على الأقلّ من مشتريات الفندق، وممارسة فنِّ الطَّهو المستدام، وإدخال تدخلاتٍ سلوكيَّةٍ في غرف الطَّعام، وتقليل البلاستيك أحادي الاستخدام، وقياس هدر الطعام، وتحويل الفائض الآمن إلى بنوك الطعام أو كافتيريات الموظَّفين، وتسميد النّفايات العضويَّة.
بعد نجاح البرنامج التَّجريبيّ العام الماضي، وأعاد الفريق إحياء "رمضان الأخضر" في رمضان 2024 في 32 فندقاً من فنادق هيلتون عبر سبع دولٍ، وفي البوفيهات، وضع الفريق "رسائل تذكيريَّة" بمهارةٍ ودقَّةٍ لتشجيع النُّزلاء على التَّفكير في استهلاكهم وفتح حوارٍ مع موظَّفي الاستقبال.
في رمضان 2024، كانت رسالة حملة "وصفة التَّغيير" التَّابعة لبرنامج الأمم المتَّحدة للبيئة: "نصف هدر الطعام، ضعف البركة"، وتقول بانكس: "رمضان هو شهر الكرم والضِّيافة والمشاركة وكسر الخبز مع أحبائك، ووجدنا أنَّ استخدام رسالةٍ فنيَّةٍ كهذه يتردَّد صداها مع النَّاس ويفتح باب النِّقاش بطريقةٍ محترمةٍ".
شاهد أيضاً: الطعام الحلال: من تقليد إسلامي إلى ظاهرة عالمية مستدامة
استخدام الذكاء الاصطناعي لتقليل هدر الطعام
تستخدم Winnow، أحد شركاء هيلتون، نظاماً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يشمل كاميرا وميزاناً ذكيّاً وجهازاً لوحيّاً لتحديد ما يصل إلى 600 صنف من الطَّعام، ووزنها، وحساب تكلفة التَّخلُّص منها، تُنتج تقارير يوميَّةٍ وأسبوعيَّةٍ وشهريَّةٍ بناءً على البيانات، ممَّا يساعد المطابخ على فهم كيفيَّة تحسين العمليَّات، وتحديد النّقاط التي تتطلَّب تغييراتٍ سلوكيَّةٍ، واكتشاف فرص الابتكار في التَّحضير والطَّهي والتَّقديم.
يقول مارك زورنس، الرَّئيس التَّنفيذيُّ والمؤسِّس المشارك لشركة Winnow، في مقابلة عبر البريد الإلكترونيّ مع مجلة عربية .Inc: "تَبيَّن بياناتنا أنَّ 10% من الطَّعام الذي يتمُّ شراؤه في المطبخ يُهدر في المتوسط. ليس لأنَّ الطُّهاة يريدون رمي الطَّعام، ولكن لأنَّهم نادراً ما يمتلكون الوسائل لمعرفة مقدار الإنتاج وكمية الهدر".
يدرِّب فريق Winnow موظَّفي المطبخ على استخدام التِّقنيَّة ويقدِّم أفضل الممارسات لتقليل هدر الطعام، كما يقوم الفريق بتحديد التَّوفير المحقَّق من خلال تقليل هدر الطعام باستخدام منهجيَّة "الأرباح والخسائر لهدر الطعام"، التي تساعد المشغِّلين على تحديد التَّوفير في التَّكاليف وتأثيرات الهامش النَّاتجة عن مبادرات تقليل هدر الطعام.
تقول بانكس إنَّ البيانات ساعدت في تعميق فهم الفريق واتِّخاذ إجراءاتٍ تصحيحيَّةٍ، ممَّا أدَّى إلى انخفاض بنسبة 62% في هدر الطعام في مواقع التَّجربة التَّجريبيَّة والمواقع الأوليَّة للتَّجربة، ونتيجة لذلك، قام الفريق بتقليل حجم المخبوزات والأجبان، وتقطيع الفواكه بطريقةٍ مختلفةٍ، وتقديم المزيد من محطَّات الطَّهي المباشر.
تقول بانكس إنَّ القدرة على قياس ورؤية نتائج عملهم حفَّزت الفريق وأثارت حماسته وأضافت: "لقد كان هذا تغييراً جذريّاً في المطبخ، في البداية، كان الطُّهاة يعتقدون أنَّه لا يوجد لدينا هدر للطعام، ولكن عندما بدأنا بفحص الصَّناديق، اكتشفنا كميَّة الهدر الموجودة، وهذا التَّغيير أثَّر بشكلٍ كبيرٍ على طريقة عمل الصِّناعة، وأيضاً على سلوك المستهلكين الذين يريدون تحقيق أكبر منفعةٍ لقاءَ ما يدفعونه في البوفيهات، فأصبحوا الآن يفكرون بشكلٍ أكثر وعياً في استهلاكهم، ويحرصون على عدم هدر الطَّعام".