كيف يمكن للتفكير كمؤسس شركةٍ ناشئةٍ أن يُحسِّنَ زواجك
إن أردت لحبك أن يدوم، فتعامل مع علاقتك كشركةٍ ناشئةٍ، لا كعملية دمج
بقلم جيسيكا ستيلمان Jessica Stillman، مساهمة في Inc.com
قد يبدو أنّ الحبَّ والأعمالَ عالمان مختلفان جدّاً في الحياةِ، ولكن كما أشارَ العديدُ من المعالجين، فإنّ النّاسَ هم النّاسُ أنفسهم. فعدمُ الأمانِ، والحكاياتُ الّتي عفا عليها الزّمن، والرّغبةُ الشّديدةُ باستحسانِ الطّرفِ الآخر، والصّراعاتُ على السّلطة الّتي يُمكن أن تجعلَ الحفاظِ على شراكةٍ رومانسيّةٍ صعباً، يُمكن أن تؤثّرَ أيضاً على العلاقاتِ بين زملاءِ العملِ أو المؤسّسين المشتركين. [1]
لهذا السّببِ، عندما بدأ آرثر بروكس Arthur Brooks، الباحثُ في السّعادةِ في جامعة هارفارد وكاتبُ المقالاتِ في مجلّةِ Atlantic، في استقصاءِ السّببِ وراءَ زيادةِ فرصِ النّجاحِ للزّيجاتِ الّتي تتمُّّ عندما يُكون الشّريكان في أواخر العشرينيّات أو بدايةِ الثلاثينيّات من عمرهما من أجلِ مقالته الأخيرة، تحوّلَ تفكيرهِ إلى عالمِ الأعمالِ.
يَفترضُ بروكس أنّ الزّواجَ في سنواتٍ مبكرّةٍ يجعلك شبيهاً بـرواد الأعمال الّذين لا يمتلكون خبرةً، مليئين بالحماسِ، ولكن عرضة لارتكابِ أخطاءِ المبتدئين الّتي يُمكن أن يتجنّبها الأشخاصُ ذوو الخبرةِ. (وهذا هو أيضاً السّبب الّذي يجعل متوسط العمرِ لرؤساءِ الأعمالِ النّاجحين أكبر من 40 عاماً). من ناحيةٍ أخرى، يَظنّ أنّ الأشخاصَ يصبحون عالقين في طرقهم أكثر ممّا ينبغي. وفي وقتٍ لاحقٍ من العمرُ تُصبحُ العلاقاتِ شبيهةً بعمليّةِ دمجِ الشّركاتِ الّتي تفشلِ بسببِ عدمِ توافقِ ثقافاتِ الشّركاتِ.
شاهد أيضاً: 6 حيل نمو بسيطة للشركات الناشئة
ويختتمُ بروكس بقوله "إذاً، المكانُ المثاليّ للشّراكةِ الرّومانسيّةِ الدّائمةِ هو مشروعٌ جديدٌ بين شريكين ناضجين ليسا معتادين جدّاً على طريقتهما لدرجةِ تجعلهما يتصرّفان كالشّركات الكبرى ذاتِ التّقاليدِ الرّاسخةِ".
الحب هو مشروع ناشئ، وليس اندماج شركات
هذا يمكنُ أن يكونَ مفيداً إلى حدٍّ ما لمن يكونون في العشرينيّات من العمرِ، ويمارسون العلاقاتِ العاطفيّةِ بنشاطٍ. ولكن ماذا عن بقيّتنا الّذين تزوّجوا بالفعلِ أو تجاوزوا نافذةَ العشقِ السّحريّةَ كأمرٍ من الماضي؟ لا يُمكنك إعادة عقاربِ السّاعةِ للوراءِ أو العثور على الشّريكِ المثاليّ خلال تلكَ الفترةِ "المثاليّة". هل يُمكن لهذه الاستعارةِ المجازيةِ "الزّواجُ كمشروعٍ ناضجٍ" أن تُعلّمَ أيّ شيءٍ لأولئك الّذين ليسوا مقبلين على النّافذةِ المثاليّةِ لدخولِ شراكةٍ دائمةٍ؟
شاهد أيضاً: قليل من نجاح شركة ناشئة قد يكون معضلة جمّة
نعم، يُجيبُ بروكس بأسلوبهِ المفيدِ (أكتب كثيراً عن أعماله هنا). على الرّغم من أنّه لا يُمكنك بالضّرورة التّحكّم بمسألةِ عمرك عندَ الزّواجِ، يُمكنك أن تتعاملَ بوعيٍ مع علاقتك كمشروعٍ تقوم أنت وشريكك ببنائه معاً، بغضّ النّظرِ عن عمرك. على سبيل المثال، نظراً لأنّكما تزيدان من فرصِ نجاحِ علاقتكما إذا رأيتما نفسيكما كمستثمرين في بناءِ كيانٍ واحدٍ معاً، لا يُحبّذُ بروكس وجودَ حسابين ماليّين منفصلين.
ويكتبُ قائلاً "في دمج الشّركات، يجبُ أن يكونَ هناك دمج ماليّ. والأمرُ نفسهُ ينطبقُ على الزّواج: الحفاظُ على التّمويلِ الماليّ منفصلًا يُقلّل من فرصِ النّجاحِ. قد يبدو منطقيّاً أن يحتفظَ الشّخصُ بأموالٍ منفصلةٍ لتجنّبِ الخلافاتِ غير الضّرورية، خاصّةً عندما يكون كلّ من الشّريكين مَصدرين لكسبٍ مستقرٍّ. ولكن تشيرُ الأبحاثُ إلى أنّه عندما يجمعُ الأزواجُ أموالهم، ويتعلّمون العمل معاً في التّوفير والإنفاق، يزدادُ مستوى رضا العلاقةِ لديهم، ويقلّ احتمالُ انفصالهم".
قد لا يكونُ ذلك مُمكناً من اليومِ الأوّلِ -إذا كانَ لدى بروكس أي شكّ، أدعوه للنّظرِ في فوضى دفاترِ محاسبةِ زوجي- ولكنّه هدف يجبُ على الأزواجِ السّعيّ نحوه تدريجيّاً، كما يعتقدُ بروكس.
كما يُحذّرُ بروكس من محاولةِ تقسيمِ المهامّ بنسبةِ 50-50 في الزّواجِ. يبدو هذا الهدف مثيراً للإعجابِ، ولكنّ الواقع لا ينجحُ بهذه الطّريقةِ أبداً. فالنّاسُ لديهم مهارات، وقدرات، وتفضيلات مختلفة، وإذا حاولت أن تقوم بجميعِ الحساباتِ كمعادلةٍ رياضيّةٍ، فلن تنتهي بالعدالةِ، بل ستنتهي بالاستياءِ.
من الواضحِ أنّهُ ليس من المقبولِ أن يكونَ أحد الشّريكين متكاسلاً أو متطفّلاً. سيشعرُ الشّريكُ الآخر بعدمِ الاحترامِ، وهو معذورٌ في ذلكِ، والاحترامُ أمرٌ لا يمكنُ التّفاوض فيه. ولكن من المرجّح أن تصلَ إلى مشاعرِ الاحترامِ المُتبادلِ، والعدالةِ من خلالِ الكرمِ والثّقةِ أكثر ممّا تصلُ إليها من خلال الملاحقةِ المهووسةِ لمن غسلَ كلّ صحنٍ أو قام بكلِّ مهمّةٍ.
يُذكّرُ بروكس القرّاء: "وجدَ الباحثون أنّ الرّجالَ والنّساءَ الّذين يُظهرون أعلى مستوياتٍ من الكرمِ تجاه شريكهم هم الأكثرُ احتمالاً للقول إنّهم سعداءٌ جدّاً في زواجهم".
الاستعارة المجازية مهمة
النّقطةُ الأساسيّةُ هنا هي أنّ الاستعارةَ المجازيّةَ مهمّةٌ. إذا فكّرت في علاقتكَ كاندماجٍ بين كيانين موجودين بالفعل، فسوف تتورّطُ في صراعِ السّلطةِ. أنا أحبُّ أن أنام السّاعة التّاسعة مساءً، وأنت لا تنام أبداً قبلَ منتصفِ اللّيلِ. من يُحدّدُ جدول النّومِ العائليِّ؟ أنا أفضّلُ رحلاتِ الشّاطئ، وأنتَ تُحبُّ التّزلجَ. إلى أين نذهبُ في عطلتنا؟ عندما تنظرُ إلى هذه الأسئلةِ الشّائعةِ من خلال عدسةِ المقايضةِ (واحدة بواحدة)، فإنّك تضعُ نفسكَ في مأزقِ المرارةِ والاختلافِ.
بدلاً من ذلكَ، انظر إلى حياتكما الجديدةِ معاً كمشروعٍ جديدٍ يمكنكما بناؤه من الأساسِ. لا تبدأ المحادثاتِ بالتفكيرِ فيما كنتَ ستفعلهُ بشكلٍ منفصلٍ؛ بدلاً من ذلكَ، استمتع بأن تحلمَ بما يُمكنكما القيام به بشكلٍ فريدٍ معاً.
أنجحُ الشّراكاتِ ليست سلسلة من التّفاوضاتِ المشدّدةِ حول من يفقدُ ماذا (ولأكون صادقةً، زواجي على الأقلّ يشيرُ إلى أنّ الكثيرَ من تنازلاتِ التّسويةِ لا يُمكن تجنّبها). إنّها مشاريعٌ شغفيّةٌ تجلبُ شيئاً جديداً إلى العالمِ، حيثُ يساهمُ كلّ شريك بكلّ ما أوتي. من المفيدِ أنّ جميع روّاد الأعمالِ الّذين يقرؤون هذا يمارسون هذه الطّريقة أصلاً. كلُّ ما عليكَ فعله هو تطبيقها على العلاقاتِ العاطفيّةِ بالإضافةِ إلى الأعمالِ.