كيف يُمكن للمستخدمين الأوائل أن يقودوك للفشل؟
استراتيجيات ذكيّةٌ لتجنّب الوقوع في دوّامة تعقيد المنتج وضمان وصوله للسّوق الأوسع
كمؤسِّسٍ تقنيٍّ، من الطَّبيعيّ أن تكونَ من أوائل المتبنِّين للتُّكنولوجيا، ممَّا يجعلكَ تبني منتجاتٍ تُلبِّي احتياجات أشخاصٍ مثلكَ، لكن في الواقعِ يُمثِّل هؤلاء المستخدمون الأوائل فقط 10 إلى 15% من السُّوق الكلّيّ، ممَّا يجعل من السَّهل أن تُخطئ في فهم متطلَّبات العملاء الرَّئيسيين، ويُطلق علماء النَّفس على هذا التَّحيُّز التَّأكيديّ، وأنا أسمِّيه الفشل بسبب التَّركيز على المستخدمين الأوائل. [1]
الجانب الإيجابيُّ هو أنَّ المستخدمين الأوائل لا يتردَّدون في الاشتراك كعملاءٍ تجريبيين، وسيقدِّمون ملاحظاتٍ مُبكِّرةٍ حول جودة المنتج، لكنَّ الجانب السَّلبيَّ هو أنَّهم ليسوا مؤشِّراً جيِّداً لسهولة الاستخدام وفاعليَّة التَّشغيل، وهما عاملان حاسمان للوصول إلى السُّوق الأوسع من العملاء العاديين، انظر فقط إلى النِّضال الطَّويل الَّذي واجهتهُ المحافظ الرَّقميَّة وأتمتة المنازل في قبول السُّوق.
شاهد أيضاً: لماذا لا يزال منتج Apple الأوّل مهماً بعد 40 عاماً على إطلاقه؟
يُمكن أن يؤدِّي الاعتماد الزَّائد على آراء المستخدمين الأوائل إلى دوامة من التَّكاليف الباهظة، إذ سيطلبون المزيد والمزيد من الميِّزات والتَّحكُّم الدَّقيق في التُّكنولوجيا والتَّكامل، ممَّا يُزيد من تعقيد المنتج ويُقلِّل من سهولة استخدامه للعميل العادي، والنَّتيجة هي فجوةٌ أكبر وأصعب لعبورها للوصول إلى السُّوق الحقيقيّ.
كثيرٌ من النَّاس في عالم الأعمال سمعوا أو قرأوا كتاب Crossing the Chasm لـ Geoffrey A. Moore، لكنَّ معظم روَّاد الأعمال لا يدركون مدى ارتباطه بهم، في الواقع يدورُ الكتابُ حول فهم الفروق بين المستخدمين الأوائل والعملاء الرَّئيسيين وإدارة جهود التَّسويق والتَّطوير لعبور هذه الفجوةِ الحرجةِ.
إليكَ النّقاط الأساسيَّة الَّتي يجبُ فهمها؛ لتحقيق إدارة وتسويق منتجٍ مثاليّين لزيادة الاستفادة من المستخدمين الأوائل، وكذلك لتعظيم فرصتكَ مع العملاء الرَّئيسيين لاحقاً:
- جمع الملاحظات من جميع فئات العملاء: قد يكون المستخدمون الأوائل الأكثر صخباً والأكثر استعداداً للتَّسجيل، لكن يجبُ أن تشملَ لجنة تقييم التُّكنولوجيا الخاصَّة بك عملاء من الفئة الأولى المُبكّرة، والفئة المُتأخِّرة، وحتَّى المتأخِّرين في تبنّي التُّكنولوجيا، وتُشكِّل هذه الفئات الثَّلاث الأخيرة عادةً ما يصل إلى 85% من السُّوق الحقيقيّ.
- الاهتمام بميّزات سهولة الاستخدام بقدر الاهتمام بالوظائف: الميِّزات الَّتي تصمِّمها للمستخدمين غير التِّقنيين -مثل الأدلَّة التَّوجيهيَّة للإعداد، ولوحات التَّحكُّم لتشغيل صفحة النَّظرة العامَّة، والأزرار البسيطة للعمليَّات المعقَّدة- لن تحصل على ملاحظاتٍ كثيرةٍ من المستخدمين الأوائل، إذ سيطلبون ميزاتٍ تقنيَّةً معقَّدةً وأنيقةً.
- تبسيط واجهة المستخدم وإزالة الفوضى: لا ينزعج المستخدمون الأوائل من واجهات المستخدم الكثيفة ذات الخيارات العديدة للتَّحكُّم في التُّكنولوجيا والمرونة لفعل أيّ شيءٍ تقريباً، أمَّا المستخدمون العاديُّون، فيفضِّلون رؤية مساحاتٍ بيضاء أكبر، ويتأثَّرون أكثر بزر "شراء بنقرةٍ واحدةٍ" من أمازون (Amazon).
- موازنة التَّركيز على الأناقة الهندسيَّة: يواصل العديد من روَّاد الأعمال التِّقنيين "تحسين" النِّظام وإضافة معايير جديدةٍ للمستخدمين للقلق بشأنها، فقط لأنَّهم يستطيعون القيام بذلك، في مرحلةٍ ما، يصبح هذا هندسةً قهريّةً، وتؤدِّي المبادلة بين سرعة طرح المنتج، والتَّكلفة، وسهولة الاستخدام إلى إخراج المنتج من السُّوق المستهدفة.
- استخدام المستخدمين الأوائل للقيام بالتَّسويق الشَّفهيّ: لا يُمكنكَ تجاهل المُستخدمين الأوائل أو معاداتهم، وهم قادةُ الرَّأي الأوائل لديك؛ لذا هم مطلوبون لبناء الصُّورة الَّتي سيتَّبعها الآخرون، والتَّحدِّي هو جذبهم بحلٍّ مبتكرٍ مبنيٍّ على تكنولوجيا رائعةٍ، مع الحفاظِ على سهولةِ استخدامهِ، وتوقيتهِ، وفعاليَّتهِ من حيث التَّكلفة لبقيَّة العملاء.
المستخدمون الأوائل هم شريحةُ سوقٍ حاسمةٍ، ولكن صغيرةٌ، يجب التَّعامل معها باحترامٍ، ويمكنهم أن يكونوا أفضل المبشِّرين لمنتجكَ أو أكبر المنتقدين في اللَّحظة الحاسمة عندما تعبر الفجوة إلى شريحة العملاء الرَّئيسيَّة الأكبر.
لكن، لا تكن راضياً بسبب حماس المستخدمين الأوائل، إذ إنَّك ما تزال بحاجةٍ إلى نفس ردِّ الفعل من الفئات الأُخرى من السُّوق واستراتيجيَّة تسويقٍ مناسبةٍ لتوسيع الأعمال إلى الفئات الأُخرى، فما تزال نسبة 10% قادرةً أن تُلقي بكَ في وادي الموت، بدلاً من أن تُساعدكَ على تربُّع قمَّة النَّجاح، حتَّى لو كانت الفرصة كبيرةً.