كيف يُحدث الذّكاء الاصطناعي التّوليدي ثورة في قطاع التّجزئة؟
يتيح الذّكاء الاصطناعي فرصاً هائلةً لقطاع التّجزئة للنموّ والتّطور، لكنّه يتطلّب استثماراً في البنيّة التّحتيّة والبيانات لضمان تقديم تجربةٍ سلسةٍ وفعّالةٍ للعملاء
يشهد قطاع التّجزئة تطوّراً سريعاً بفضل الذّكاء الاصطناعيّ التّوليدي، الذّي يُعزِّز من قدرة الشّركات على تحسين تجربة العملاء وزيادة الإيرادات. يُمكن للذّكاء الاصطناعي أن يُقدِّم للتّجار حلولاً مُبتكرةً تُساعدهم على التّميّز في السّوق وتلبية احتياجات العملاء بشكلٍ أكثر دقّةً وفعاليّةً.
أهميَّة الدّقة في استخدام الذّكاء الاصطناعي لخدمة العملاء
أحد الجوانب الأساسيّة التّي يعتمد عليها الذّكاء الاصطناعيّ في قطاع التّجزئة هو تحسين خدمة العملاء. يعتمد نجاح تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ في هذا المجال على قدرتها على تقديم إجاباتٍ دقيقةٍ وفعّالةٍ في الوقت المناسب. فتلعب برامج الدّردشة الذّكيّة أو روبوتات المحادثة دوراً كبيراً في هذا المجال، إذ تستطيع التّفاعل مع العملاء في أيّ وقتٍ على مدار السّاعة. ومع ذلك، فإنَّ هذه الرّوبوتات قد تكون سلاحاً ذا حدين: إذا كانت ردودها غير دقيقةٍ، أو تعتمد على معلوماتٍ خاطئةٍ، سيفقد العملاء الثّقة في الشّركة، ممّا يؤثر سلباً على سمعتها.
وفقاً لما ذكره ريك ماكونيل، الرّئيس التّنفيذي لشركة داينترايس (Dynatrace)، فإنَّ الشركات المتخصّصة في البرمجيّات، مثل داينترايس، ترى إمكانياتٍ هائلةً في استخدام الذّكاء الاصطناعيّ لتحسين خدمة العملاء. في أحد الأمثلة، يوضح ماكونيل كيف ساعده روبوت محادثةٍ مدعومٌ بالذّكاء الاصطناعيّ في حل مشكلةٍ في الفواتير بسرعةٍ. ومع ذلك، أشار أيضاً إلى تجربةٍ سيئةٍ أخرى مع روبوت محادثةٍ لشركة عدساتٍ لاصقة، لم يتمكّن من مساعدته في حلّ مشكلةٍ بسيطةٍ، ممّا دفعه للتّوقف عن التّعامل مع الشّركة.
متطلبات نجاح الذّكاء الاصطناعيّ في خدمة العملاء
يشير ماكونيل إلى أنَّ هناك شرطين أساسيّين لنجاح الذّكاء الاصطناعيّ في خدمة العملاء. الأوّل هو ضرورة تدريب نماذج ذكاء اصطناعيّ على فهم كلّ عميلٍ، لكن دون مشاركة معلوماتهم مع برامج أخرى. الثّاني، هو أهميَّة توافر مصدر بياناتٍ أساسيّ موثوقٍ يمكّن هذه النّماذج من الوصول إليه لتقديم الإجابات الصّحيحة. من المهمّ أن تحتوي هذه البيانات على معلوماتٍ مُحدَّثةٍ حول كل عميلٍ لضمان تقديم حلولٍ مخصّصةٍ، وهو ما لا يمكن تحقيقه باستخدام نماذجٍ عامةٍ مثل "شات جي بي تي" (ChatGPT) دون الحصول على بيانات الشركة الخاصة.
استراتيجيات استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في قطاع التّجزئة
اعتماداً على التّوصيات السّابقة، هناك ثلاثة طرقٍ رئيسةٍ يعتمدها تجار التّجزئة للاستفادة من الذّكاء الاصطناعيّ التّوليدي في تعزيز إيراداتهم:
تجارب تسوُّقٍ مُخصَّصةٍ
يُساعد الذّكاء الاصطناعيّ التّوليدي تجار التّجزئة في تقديم تجارب تسوُّقٍ مُخصَّصةٍ لكلّ عميلٍ بناءً على سلوكيّات الشراء السّابقة. فمثلاً، تعتمد شركة "أمازون" (Amazon) على تتبع تفاعلات العملاء على منصتها لتقديم توصيات منتجاتٍ مُخصَّصةٍ تناسب اهتماماتهم. وعلى نفس المنوال، تستخدم شركة "كارفور" (Carrefour) روبوت المحادثة لتقديم اقتراحاتٍ حول منتجات البقالة بناءً على ميزانيّة العميل وتفضيلاته الغذائيّة.
تجارب الواقع الافتراضي المدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ
ومن خلال دمج تقنيّات الواقع الافتراضي مع الذّكاء الاصطناعيّ، توفّر شركات الأثاث مثل "إيكيا" (Ikea) "وايفير" (Wayfair) تجربة شراءٍ مُحسَّنةٍ تتيح للعملاء تصور كيفيّة ظهور المنتجات في منازلهم قبل الشّراء. على سبيل المثال، تتيح وايفير لعملائها تحميل صور غرفهم الخاصّة، ليقوم برنامج "ديكوريفاي" (Decorify) المدعوم بالذّكاء الاصطناعيّ بتصميم صورٍ واقعيّةٍ تُظهر لهم كيف يمكن أن تبدو الغرفة مع منتجاتٍ معينةٍ.
التّسعير الدّيناميكيّ والعروض التّرويجيّة
كما يساعد الذّكاء الاصطناعيّ أيضاً تجار التّجزئة على تحسين استراتيجيّة التّسعير من خلال التّسعير الدّيناميكيّ. يعتمد هذا الأسلوب على تحليل العديد من المتغيرات مثل تقلبات الطّلب، نشاط المنافسين، وتفضيلات العملاء، ممّا يتيح للشركات ضبط الأسعار والعروض التّرويجيّة بمرونةٍ. فمثلاً، تستخدم شركة ميسيز (Macy's)، الذّكاء الاصطناعيّ لزيادة أو تقليل أسعار المنتجات في الوقت المناسب بناءً على المبيعات، وتقدم خصوماتٍ مستهدفةً للعملاء بناءً على عادات الشراء السّابقة.
التّوقعات المستقبليّة لتأثير الذّكاء الاصطناعيّ على قطاع التّجزئة
إذا نجحت هذه الأساليب في تعزيز الإيرادات كما هو متوقعٌ، فسيسعى تجار التّجزئة الآخرين إلى تبنّي هذه الحلول والاستفادة من قدرات الذّكاء الاصطناعيّ التّوليدي. يعتمد نجاح التّطبيقات بشكلٍ كبير على دقّة البيانات وتخصيص التّجربة لكل عميل، ممّا سيُشكِّل الفارق بين النّجاح والفشل في هذا القطاع التّنافسي.
في الختام، يمكن القول إنَّ الذّكاء الاصطناعيّ التّوليدي يُتيح فُرصاً هائلةً لقطاع التّجزئة للنّموّ والتّطور، لكنّه يتطلّب استثماراً في البنيّة التّحتيّة والبيانات لضمان تقديم تجربةٍ سلسةٍ وفعّالةٍ للعملاء.