كيفية التغلب على "متلازمة صعوبة تأسيس شركة للمرة الثانية"
هذه المرة، أنت تعرف ما لم تكن تعرفه في المرة السابقة، مما يمكن أن يجعل تأسيس شركة جديدة صعباً بالفعل، بغض النظر عن مدى نجاح مشروعك الأول.
بقلم جيف هيدن Jeff Haden، محرر مساهم في Inc.
صديقةٌ لي أنشأت شركتها الأولى ثمّ باعتها بمبلغٍ يتعدّى 80 مليون دولارٍ بقليلٍ. ونظراً لأنّهُ كان لديها مستثمرٌ واحدٌ فقط وديونٌ قليلةٌ جداً، فقد ظلّ معظمُ هذا المال في جيبها. [1]
- تعتقدون أنّ نجاحَها ذاك -والهامشَ الماليَّ النّاتجَ عن ذلكَ- سيجعلُ البدءَ بشركةٍ أخرى سهلاً.
- كلّا، على العكسِ، كما تصفُ هي الأمرَ، إنّها تشعرُ بالشّللِ، ولكّنها تريدُ إنشاءَ شركةٍ جديدةٍ. وكما وصفَ الأمرَ البروفيسور هوارد ستيفنسون Howard Stevenson آنذاك من كليّةِ هارفارد للأعمالِ، هي ترغبُ في "السّعي وراءَ الفرصةِ دونَ النّظرِ للمواردِ المملوكِة حاليّاً." ومع ذلكَ، يبدو أنّ إنشاءَ شركةٍ ثانيةٍ أمراً مخيفاً للغايةِ: جسديّاً، وإدراكيّاً ،وعاطفيّاً.
زبدةُ القولِ، إنّها تُعاني ممّا يُعرفُ بمتلازمةِ ِتأسيس شركةٍ للمرّةِ الثّانيةِ.
بالطّبعِ، هذه المشاعرُ شائعةٌ بالنّسبةِ للعديدِ من روّادِ الأعمالِ، سواءَ كانوا في المرّةِ الأولى أم لا. فقد أظهرت دراسةٌ أُجريت في عام 2015م أنّ روّادَ الأعمالِ كانوا عرضةً للإبلاغِ عن مشاكلٍ تتعلقُ بالصّحةِ النّفسيّةِ، مثل: الاكتئابِ، وإساءةِ استخدامِ الموادِ، والقلقِ، أكثرَ من غيرهم بمرتين. وللمزيدِ، انظر إلى مقال جيسيكا برودر Jessica Bruder "الثّمنُ النّفسيّ لروحِ ريادةِ الأعمالِ" The Psychological Price of Entrepreneurship.
شاهد أيضاً: ثلاثة أمور عليك النظر فيها قبل تأسيس أوّل عملٍ لك
وكما كتبَ ريان هوفر Ryan Hoover في مقالٍ حولَ ما يُسمّيه بـ "قلق تأسيسِ شركةٍ للمرّةِ الثّانيةِ"، يُمكن أن تكونَ العلاقةُ ترابطيّةً وليست سببيّةً، ولكن النّتيجة هي نفسها.
إنشاءُ شركةٍ هو أمرٌ صعبٌ، وإنشاءُ شركةٍ في المرّةِ الثّانيةِ (أو الثّالثةِ أو الرّابعةِ) يُمكن أن يكونَ أصعبَ بكثيرٍ، لأنّك الآن تفهمُ الواقعَ، وتعرفُ أنّ بعضَ الأيامِ ستكونُ مليئةً بالشّكِ، وتعرفُ أنّ بعضَ اللّيالي ستكونُ خاليةً من النّومِ؛ أي تعرّفُ ما لم تكن تعرفهُ.
وهذه المعرفةُ ليست دوماً جميلةً، ما لم تُغيِّر من منظوركَ، وتدركَ أنّ روّادَ الأعمالِ للمرّةِ الثّانيةِ -سواءَ كانت مشروعاتهم الأولى ناجحةً أم لا- يمتلكون أفضليّةً كبيرةً على روّادِ الأعمالِ للمرّة الأولى:
- من الأسهلِ تطويرُ استراتيجيّةٍ صحيحةٍ عندما تتعلّمُ من النّجاحاتِ السّابقةِ أو حتّى الفشل، إذ تشيرُ الأبحاثُ إلى أننّا نتعلّمُ حقّاً من الفشل أكثرَ من النّجاحِ.
- من الأسهلِ تنفيذُ الأمورِ بشكلٍ جيدٍ عندما تكونُ قد تجاوزتَ بالفعلِ مجرّدَ وجودِ فكرةٍ إلى تنفيذها، سواء كان ذلك ناجحاً أم لا.
- من الأسهلِ اتّخاذُ العديدِ من القراراتِ التّكتيكيّةِ اللّازمةِ لبناءِ عملٍ عندما تكونُ قد طوُرتَ سابقاً سلسلةً من الأنماطِ لمطابقتها والاعتمادِ عليها.
- من الأسهلِ أن تكونَ قائداً جيداً عندما تمتلكُ تجربةَ تحويلِ مجموعةٍ من الأفرادِ إلى فريقٍ حقيقيٍّ.
باختصارٍ، الخبرةُ -مهما كانت مؤلمةً- ليست شيئاً عليكَ تجاوزهُ، إذ يُمكن للخبرةِ أن تكونَ ميّزةً تنافسيّةً حقيقيّةً.
كما تُؤكّدُ الأبحاثُ ذلك أيضاً. فوفقاً للبياناتِ المُجمّعةِ في كتابِ "الرّواد العظماء: ما تكشفُ عنه البياناتُ حول الشّركاتِ النّاشئةِ بقيمةِ مليار دولارٍ"، امتلكَ 60٪ من المؤسّسين الذين بنوا شركاتٍ بقيمةِ مليار دولارٍ خبرةً سابقةً في مشروعٍ ناشئٍ؛ بالنّسبةِ للكثيرين منهم، فشلت مشروعاتهم الأولى والثّانية، ولكن قد أسّسوا عدةَ شركاتٍ. وكان 70٪ منهم قد أسّسوا سابقاً شركةً ناجحةً؛ (أخبارٌ جيدةٌ لصديقتي).
شاهد أيضاً: طفرة الأعمال الجديدة: الدوافع وراء تأسيس مزيد من الشركات في عام 2023
إذا كنتَ ترغبُ في إنشاءِ شركةٍ أُخرى، ولكنّكَ تواجهُ صعوبةً في القيامِ بذلكَ فعليّاً لأنّه يبدو أمراً شاقّاً -بوجودِ عواطفٍ متناقضةٍ، بالتّأكيدِ، ولكنّها شائعةٌ للغايةِ أيضاً- خُذ خطوةً للوراء، ثمّ انظر في الخبرةِ التي اكتسبتها، وانظر في التحديات التي قد تغلّبتَ عليها أو الّتي أصبحَ لديكَ فهمٌ أفضل الآن حولَ كيفيّة التّغلبِ عليها في المرّةِ القادمةِ. (إذا لم تكن هناك فائدةٌ أخرى، فإنّكَ تعرفُ ما لا ينجحُ معك)، وانظر في العلاقاتِ الّتي بنيتها، والأشخاصِ الذين عملتَ معهم، والّذين قد تعملُ معهم مرّةً أُخرى.
على الرّغمِ من أنّ هذه الخبرة قد تأتي بتكلفةٍ عاطفيّةٍ، لكن انظر إليها كاستثمارٍ في المعرفةِ، والمهارةِ، والخبرةِ، الّتي يجبُ أن تعودَ بالنّفعِ على مشروعكَ القادمِ.
إذاً، متلازمةُ تأسيسِ شركةٍ للمرّةِ الثّانيّةِ غالباً ما تكونُ حقيقيةّ، ولكن ميزةُ تأسيسِ شركةٍ للمرّةِ الثّانيةِ موجودةٌ كذلكَ.