كيف تُحارب زيادة الوزن أثناء العمل من المنزل؟
استراتيجياتٌ فعاّلةٌ لاحتراف فن التوازن بين العمل بإنتاجية والحفاظ على الصّحة النّفسيّة والجسديّة
في زمن العمل عن بعد، نتساءلُ جميعنا غالباً، عن كيفيَّة العمل من المنزل دون اكتسابِ وزنٍ إضافيٍّ، التَّحدّي الَّذي يفرضُ نفسهُ على معظمنا، حيث نشعرُ وكأنَّ هناك مغناطيساً يجذبنا نحو الثَّلاجة، فكيف يُمكن التَّعامل مع هذه المعضلة؟ أيضاً كيف نُهيّئ أنفسنا وركن عملنا بالطَّريقة الأمثل؟ هذا ما سأحاولُ مساعدتكَ به، فرافقني حتَّى النّهاية حيث تتواجدُ بعض الإرشادات الَّتي تُساعدكَ في الحفاظ على الرَّشاقة، حتَّى مع 8 ساعاتٍ من الجلوس خلف الشَّاشة يوميّاً.
كيفية العمل من المنزل
لا تعتمدُ شروطُ كيفيّة العمل من المنزل على نوع وظيفتكَ، فأيُّ عاملٍ عن بُعدٍ يستطيعُ متابعة عملهِ من كلِّ مكانٍ، ومن المُذهل حين تكتشفُ أنَّ أكبر تحدٍّ قد يُواجهك هو أنت نفسكَ، لا سيَّما في البداية؛ لذا سيكون من المُفيد أن تتعرَّفَ إلى النَّصائح التَّالية [1] [2]:
بناء عاداتٍ صحيّةٍ
أحد أفضل الأمور الَّتي يُمكنكَ القيام بها كعاملٍ عن بُعدٍ هو بناء عاداتٍ صحيَّةٍ، سواءً كانت جسديَّةً أو ذهنيَّةً؛ لذا تأكَّد من الحصول على قسطٍ كافٍ من النَّوم، وتناول طعامٍ صحيٍّ، والبقاء نشيطاً، إذ سيُساعدك ذلك على تحسين تركيزكَ ومستوى طاقتكَ وإنتاجيَّتك العامَّة، كما يُسهِم في تجنيبكَ الشُّعور بالعزلة والتَّوتُّر؛ ممَّا يُتيح لك تقديم أفضل ما لديكَ عند بدء العمل.
ارتدي ملابس العمل
على الرَّغم من أنَّ ارتداء ملابس المنزل واحدٌ من مزايا العمل عن بعد، إلَّا أنَّ ارتداء ملابس الخروج الخاصَّة بكَ قد يُدهشكَ من ناحية التَّأثير الإيجابيّ، فبارتدائك تلك الملابس تُهيئ عقلكَ ليوم عملٍ منتجٍ. ليس من الضَّروريّ ارتداء ملابس رسميَّةٍ، ولكن احرص على أن تكونَ مرتاحاً ومهندماً، فقد تحتاج للظُّهور فجأةً في مكالمة فيديو، كما أنَّ ترتيبَ شعركَ سيكون مفيداً جدّاً.
تحديد ساعات العمل
عند العمل من المنزل، قد يكون من السَّهل الانغماس في العمل طوال اليوم، ومع ذلكَ، يُمكن أن يؤدِّي ذلك بسرعةٍ إلى الإرهاق؛ لذا حدِّد ساعات عملٍ معيَّنةً، والتزم بها قدر الإمكان، إذ سيساعدكَ ذلك في الحفاظ على توازنٍ صحيٍّ بين العمل والحياة الشَّخصيَّة، وإذا شعرت بأنَّك تعمل أكثر ممَّا ترغب، لا تتردَّد بإعادة تقييم جدولكَ.
شاهد أيضاً: 3 أسبابٍ تجعل العمل من المنزل أفضل للأفراد والشركات والكوكب
خُذ فترات راحةٍ منتظمةً
بالإضافة إلى تحديد ساعات العمل، تأكَّد من أخذ فترات راحةٍ منتظمةٍ خلال اليوم، انهض وتحرَّك، تمدَّد، أو تناول وجبةً خفيفةً سريعةً، فهذه الفواصل الصَّغيرة ستجدِّد نشاطك العقليَّ والجسديَّ، ممَّا يجعلك أكثر إنتاجيَّةً، لا تنسَ الاستفادة من استراحة الغداء بعيداً عن مكتبكَ واحرص على الخروج من المنزل بانتظامٍ.
خُذ إجازةً عند الحاجة
على الرَّغم من أنَّك لن تنقلَ العدوى لزملائكَ عند العمل عن بُعدٍ، إلَّا أنَّ محاولةَ العمل وأنت مريضٌ قد لا تكون فكرةً جيّدةً، فإذا كُنتَ تشعرُ بالتَّعب، لا بأس من أخذ إجازةٍ مرضيَّةٍ، إذ ستؤدّي عملكَ بشكلٍ أفضل بعدَ أن تستعيدَ عافيتكَ، كما أنَّ أخذ يومٍ للاعتناء بصحَّتك النَّفسيَّة أمرٌ مقبولٌ تماماً، فقط تأكَّد من إبلاغ فريقكَ بغيابكَ، حتَّى يتمكَّنوا من التَّخطيط بناءً على ذلكَ.
حدّد توقّعاتك مع العائلة والأصدقاء
قد يكون من الصَّعب جدّاً التَّكيُّف مع العمل بوجود الأشخاص من حولكَ، مثل العائلة أو الأصدقاء؛ لذا من المهمِّ أن تخبرهم بظرفكَ قبل بدء العمل، كما تستطيعُ مشاركتهم معلوماتٍ حول جدول أعمالكَ، متى تكون متاحاًـ ومتى تحتاج للتَّركيز، ومن المُمكن أنّ تُجرّبَ استخدام إشاراتٍ بصريَّةٍ، مثل وضع لافتةٍ على باب مكتبكَ، حتَّى يعرفوا متى يمكنهم مقاطعتكَ ومتَّى يجبُ عليهم الانتظار.
أنشئ مساحة عملٍ مُخصّصةً
أتذكرُ تلك المرَّة الَّتي تساءلت بها عن كيفيّة العمل من المنزل أمام صديقتكَ، وأخبرتك بضرورة تواجد ركنٍ خاصٍّ بالعمل؟ حسناً لقد حان الوقتُ الآن، أنت تحتاجُ لمثل هذا الرُّكن كي تتجنَّبَ التَّشتيت. إذا لم يكن لديك غرفةٌ إضافيَّةٌ لاستخدامها كمكتبٍ، حاول تخصيص زاويةٍ من غرفة نومكَ أو غرفة المعيشة للعمل فقط، تأكَّد من أن تكونَ هذه المساحة مضاءةً بشكلٍ جيدٍ ومريحةً، حتَّى تتمكَّن من التَّركيز على عملكَ، وعند نهاية اليوم، يُمكنكَ إغلاق الباب تماماً، والانفصال عن العمل والاستعداد لممارسة نشاطاتكَ المُعتادة الأخرى.
استثمر في الأدوات المناسبة
تجهيز مكان العمل من المنزل لا يقتصرُ على مجرَّد مكتبٍ وكرسيٍّ، أنت تحتاجُ أكثر من ذلك بكثيرٍ، مثلاً تحتاج نوعيَّةً جيّدةً من أجهزة الحاسوب، واتّصال إنترنتٍ سريعاً، وربَّما برامج متخصِّصة بوظيفتك، إذ ستساعدكَ الأدوات المناسبة على التَّركيز وإنجاز عملكَ بسرعةٍ وكفاءةٍ.
ابقَ متاحاً
تأكَّد من أنَّك متاحٌ عندما يحتاجكَ فريقكَ من خلال الرَّدِّ بسرعةٍ على الرَّسائل الإلكترونيَّة ورسائل Slack، وأن تكونَ متاحاً لمكالمات الفيديو عند الحاجة، فالبقاء متَّصلاً مع فريقكَ يُتيحُ لكم العمل معاً بشكلٍ أكثر فعاليَّةً، ويمنع تعطيل عمل زميلٍ قد يحتاج إلى رأيكَ لإكمال جزءٍ من مشروعهِ.
حافظ على شبكةٍ آمنةٍ
لضمان سلامتكَ وسلامة زملائكَ، اتَّخذ خطواتٍ للحفاظ على شبكةٍ آمنةٍ، قد يتضمَّن ذلك استخدام VPN عند الوصول إلى معلوماتٍ حسَّاسةٍ، والتَّأكُّد من أنَّ جهاز الكمبيوتر الخاصِّ بك مُحدّثٌ بآخر تصحيحات الأمان، استخدم نقطة اتِّصالٍ شخصيَّةً بدلاً من شبكة Wi-Fi عامَّةً عندما تعمل خارج المنزل ليومٍ ما، ففي عصرنا الحالي، أصبحَ الأمن السّيبراني أمراً في غاية الأهميَّة؛ لذلك من الضَّروريّ اتِّخاذ جميع الاحتياطات اللَّازمة.
بناء علاقاتٍ مع زملائك
انتبه إلى افتقادكَ للقاءات العفويَّة الَّتي تحدثُ في المكاتب التَّقليديَّة، مثل تجمُّعات الاستراحة أو عند مُبرّد الماء، واجعل من بناء العلاقات هدفاً حتَّى في ظلِّ البعد الجغرافيّ، وحاول التَّعرُّف على زملائك كأشخاصٍ، وليس فقط كزملاء عملٍ، اكتشف ما يحبُّونه من هواياتٍ واهتماماتهم، إذ ستتفاجأ بمدى متعة اجتماعات Zoom الإلزاميَّة عندما تشعرُ بالتَّرابط مع الأشخاص الَّذين تعملُ معهم.
كن عضواً بارزاً في فريق العمل عن بعد
العمل عن بُعدٍ قد يكون تجربةً فريدةً من نوعها، لكن من المهمِّ أن تتذكَّرَ وجود أشياءٍ مهمَّةٍ عليك القيام بها لتكون عضواً متميّزاً في فريق العمل، فالأخير يبقى نفسه حتَّى لو كان عن بُعدٍ والجميع يسعى لإثبات جدارتهِ به.
تقليل عوامل التّشتيت
أنت بالطَّبع لا تريدُ لزملائكَ أن يسمعوا نباح كلبكَ، بينما تكون منغمساً معهم في أحد الاجتماعات المعقَّدة، على الرَّغم من أنَّ ذلك قد يكون لطيفاً، لكن بحال تكرَّر سيصبح مزعجاً، ببساطةٍ تستطيعُ استخدام سماعات الرّأس الَّتي تعملُ على إلغاء الضَّوضاء.
الخروج من المنزل
إنَّ التَّفكيرَ في كيفيّة العمل من المنزل وتحقيق أقصى استفادةٍ ممكنةٍ، لا يعني على الإطلاق أن نعيشَ في عزلةٍ بمفردنا، ولتجنُّب هذه المخاطرة، عليكَ التَّواصل مع العالم الخارجيّ باستمرارٍ من خلال مواعيد الغداء أو ممارسة الرّياضة، أو حتَّى تحديد يوم للعمل في المقهى بشكلٍ أسبوعيٍّ.
لا شكَّ أنَّ تجربةَ العمل عن بُعدٍ تجربةٌ مريحةٌ للغاية توفِّر لنا العديد من المزايا، لكن للأسف ما يزال هناك الكثير من التَّحدّيات، فهل فكَّرت مثلاً بأنّ زيادةَ الوزن أحد أكبر تحدِّيات هذا النَّوع من العمل؟
شاهد أيضاً: سر الجلسة السليمة أمام الحاسب: قل وداعاً لآلام الظهر والرقبة
كيفية العمل من المنزل دون زيادة الوزن
عندما تعملُ من المنزل، قد يبدو المطبخ وكأنَّه يُغريك في كلِّ لحظةٍ، ممَّا يجعلُ من الصَّعب مقاومة تناول الوجبات الخفيفة بين الاجتماعات والمهمَّات المتعدِّدة، ومع كلِّ خطوةٍ نحو الثَّلاجة، قد تبدأ في القلق بشأن زيادة الوزن غير المرغوب فيها. لكن لا تقلق! تعال نتشارك معاً استراتيجيَّاتٍ فعَّالةٍ حول كيفيّة العمل من المنزل، دون أن يتحوَّلَ الطَّعام إلى رفيقنا الدَّائم:
- قم بجدولة "فترات الحركة": اجعل من الرَّوتين أن تتحرَّكَ كلَّ ساعةٍ على الأقلِّ، اضبط منبّهاً للقيام بجولةٍ سريعةٍ حول المنزل، أو قم بتمارين خفيفةٍ، مثل القفز بالحبل أو التَّمدِّد، فهذه الفترات القصيرة من الحركة يُمكن أن تمنعكَ من الجلوس لفتراتٍ طويلةٍ وتزيد من حرق السُّعرات الحراريَّة.
- اجعل وجباتك صحيَّةً ومعدَّةً مسبقاً: خصِّص وقتاً لتحضير وجباتٍ صحيَّةٍ خفيفةٍ، مثل الخضروات المقطَّعة، الفواكه، أو المكسَّرات، عندما تكون مشغولاً، ستكون هذه الخيارات الصّحيَّة جاهزةً أمامكَ، ممَّا يُقلِّل من احتماليَّة اللُّجوء للوجبات السَّريعة أو التَّسالي الغنيَّة بالسُّعرات الحراريَّة.
- شرب الماء بشكلٍ منتظمٍ: في بعض الأحيان يختلطُ علينا الشُّعور بالعطش مع الجوع، احرص على شرب الماء بانتظامٍ طوال اليوم، يُمكنكَ وضع زجاجة ماءٍ بجانب مكتبكَ لتذكيرك بالشُّرب باستمرارٍ.
- حدِّد وقتاً للطَّعام: التزم بأوقاتٍ محدَّدةٍ للوجبات الرَّئيسيَّة وتجنَّب الأكل العشوائيَّ بين الوجبات، فوجود جدولٍ منتظمٍ للوجبات يساعد على التَّحكُّم في الشَّهيَّة ومنع الأكل الزَّائد.
- تجنَّب تناول الطَّعام أمام الشَّاشة: عند تناول الطَّعام، احرص على أن تكونَ بعيداً عن شاشات الكمبيوتر أو التّلفاز، فهذا يُساعدكَ على الانتباه لما تأكله ويمنعكَ من الأكل دون وعي، ممَّا قد يؤدِّي إلى زيادة الوزن.
- اختر السَّلالم بدلاً من المصعد: إذا كُنت تعيشُ في مبنى يحتوي على سلالم، حاول استخدامها بدلاً من المصعد، إنَّها طريقةٌ ممتازةٌ لزيادة النَّشاط البدنيّ خلال اليوم.
- إعداد منطقة عملٍ بعيدةٍ عن المطبخ: حاول إعداد مساحة العمل الخاصَّة بك في مكانٍ بعيدٍ عن المطبخ، فكلَّما كانت المسافة أطول بينك وبين المطبخ، قلَّت احتماليَّة تناول الوجبات الخفيفة بشكلٍ مستمرٍّ.
- امضغ ببطءٍ واستمتع بطعامك: تناول الطَّعام ببطءٍ يُساعدكَ على الشُّعور بالشَّبع بسرعةٍ أكبر، خصِّص وقتاً للاستمتاع بكلِّ لقمةٍ وتجنَّب الأكل بسرعةٍ أمام الكمبيوتر.
- مارس التَّمارين الرّياضيَّة: خصِّص وقتاً يوميّاً للتَّمارين الرّياضيَّة، سواءً كان ذلك قبل بدء العمل أو خلال فترة الاستراحة، ويُمكنكَ حتَّى شراء آلةٍ رياضيَّةٍ للمشي والقفز عليها كلَّما شعرت بالملل عوضاً عن اللُّجوء إلى الثَّلاجة.
في النّهاية، العمل من المنزل قد يكون مليئاً بالتَّحدّيات الصَّغيرة، من الحفاظ على التَّركيز إلى تجنُّب الإغراءات الغذائيَّة، لكن مع بعض التَّنظيم وروح الدُّعابة، يُمكنكَ أن تجدَ التَّوازن المثاليَّ بين الإنتاجيَّة والحفاظ على صحَّتك؛ لذا لا تنسَ أن تأخذ استراحةً صغيرةً للحركة، وتضع حدّاً للتَّجول نحو المطبخ، واستمتع براحة العمل من منزلكَ دون أيّ وزنٍ إضافيٍّ، إلَّا إذا كان وزن الإنجازات!