التعامل مع العروض المحدودة زمنياً: استراتيجيات لمقاومة الضغط والإغراء
فهم ظاهرة FOMO؛ الخوف من فقدان الفرص وتأثيرها الشامل على قراراتنا
"لا تفوّت هذا الحدث الفريد من نوعه في الحياة، سجّل الآن قبل فوات الأوان!"، "مكافأةٌ حصريةٌ لأجلك فقط! سجّل الآن لتحصل على هذا العرض الخاص، ينتهي العرض اللّيلة!"، صُمّمت هذه الرّسائلُ لجذبِ أدمغتنا البدائيةِ، وتحفيزِ العملِ من خلال إثارةِ الخوفِ من تضييعِ الفرصِ، المسمّى اصطلاحاً (FOMO) [اختصاراً لـ fear of missing out]. وبينما من الممكنِ أن توفّر أساليبُ FOMO مكاسبَ قصيرةَ المدى، إلّا أنّها تأتي بتكلفةٍ باهظةٍ. [1]
إذ يمكنُ أن يؤدّي الاعتمادُ على الخوفِ من تضييعِ الفرصِ بالنسبةِ للشّركاتِ إلى سعي حثيثٍ نحو تفاعلٍ سطحيٍّ مع العملاء وتحقيقِ مبيعاتٍ قصيرةِ الأمدِ، بدلاً من تقديمِ قيمةٍ لهم تدومُ إلى أمدٍ أبعد وكسبِ المزيدِ من رضاهم. وتبعاً لهذا تصبح أهدافها رهناً للطمعِ، والجشعِ، وعدمِ الرّضا.
على الجانبِ الآخر، يعاني الأشخاصُ الذين يُمطَرون بوابلٍ من الرّسائلِ المحفّزةِ للخوفِ من تضييعِ الفرصِ من القلقِ المتزايدِ والشّعورِ بعدمِ الكفاءةِ. ولذلك فإنّهم يلاحقون باستمرارٍ التّجارب أو المنتجاتِ التي يأملون أنّها تُهدئ مخاوفهم.
- أهذا حقّاً ما تريده لموظّفيك؟ أو لعملائكَ؟
أمّا طريقةُ (أماري) Amare للقيادةِ المدعمةِ بالحبِّ، فهي تصبُّ تركيزها على اختيارِ الحبّ بدلاً من الخوفِ، واتّخاذِ الرّؤيةِ ذات الأفقِ البعيدِ، وإعطاءِ الأولويةِ للعلاقاتِ. إنّها تقدّمُ بديلاً دائماً ومربحاً للسّحرِ العابرِ الذي يصاحبُ منهجيّةَ الخوفِ من إضاعةِ الفرصِ.
أمثلة على استراتيجيات FOMO مقابل استراتيجيات Amare
- FOMO: تطلقُ الشّركةُ منتجاً مع عرضٍ لفترةٍ محدودةٍ، ما يخلقُ حالةً من الإلحاحِ والاستعجالِ، ولكن ليس بالضرورةِ الولاء من العملاء.
- Amare: تركّزُ الشّركةُ نفسها أيضاً على بناءِ مجتمعٍ حول منتجها، مع التأكيدِ على التّفاعلِ والقيمةِ على المدى الطّويلِ.
- FOMO: يدفع القائدُ نحو التّوسّعِ السّريعِ وغير المحسوبِ للتّفوّقِ على المنافسين، ما يهدّدُ بخطرِ الاحتراقِ الوظيفيّ ويؤثّر بالسّلبِ على الجودةِ.
- Amare: يؤثّر القائدُ نحو النّموّ الثابتِ والمستدامِ، مع إعطاءِ الأولويةِ لمصلحةِ الفريقِ والتّواجدِ في السّوقِ على المدى الطويلِ.
- FOMO: تعتمدُ الحملاتُ التّسويقيّةُ بشكلٍ كبيرٍ على النّدرةِ والإلحاحِ، ما يؤدي إلى زيادةٍ في حجمِ المبيعاتِ لفترةٍ قصيرةٍ مؤقتةٍ.
- Amare: يتمحوّرُ التّسويقُ حول روايةِ القصصِ والعلاقاتِ مع العملاءِ، ما يؤدي إلى استمراريةِ الولاءِ للعلامةِ التجارية.
شاهد أيضاً: أتريد الانتشار لعلاماتك التجارية؟ إليك أهم 5 اتجاهات للتسويق خلال 2024
بحكمِ خبرتي في العملِ مستشاراً ومدرّباً لمدّةِ 30 عاماً، فإنّ استراتيجيّاتِ Amare هي التي تنجحُ في نهايةِ المطافِ. فاختيارُ الحبِّ بدلاً من الخوفِ يعني اتّخاذ قراراتٍ مبنيّةٍ على التّعاطفِ والتّفاهمِ، بدلاً من مجرّدِ الاستجابةِ لضغوطِ السّوقِ أو المنافسةِ. وكذلك فإن تبني رؤيةً بعيدةَ المدى يتطلّبُ التّركيزَ على النّموّ المستدامِ والتّأثيرِ الدّائمِ، بدلاً من المكاسبِ القصيرةِ الأجلِ. وإعطاءِ الأولويةِ للعلاقاتِ يعني أنّك تكافئ الرّوابطَ العميقةَ الهادفةَ عبر صفقاتِ تبادلٍ بسيطةٍ.
- كيف تؤثّرُ استراتيجيّاتُ FOMO على خططكَ في العملِ؟ أو على حياتك؟
- كم مرّةً اتخذت قراراتٍ معتمداً على استراتيجياتِ FOMO بدلاً من أن يكون لديك رؤيةَ استراتيجيّةً واضحةً؟
خطوات عمل استراتيجية FOMO في 6 مجالات حيوية للأعمال
- القيادة: أجرِ تقييماً دورياً حول كيفيّةِ تأثيرِ الخوفِ من إهدارِ الفرصِ على قراراتِ قيادتك، واحرص على مطابقتهِ مجدّداً مع قيمكَ الأساسيّةِ وأهدافكَ طويلةِ الأمدِ.
- الثقافة: أنشئ بيئةَ عملٍ تعطي قدراً أكبر من الاهتمامِ لاتّخاذِ القرارات بعنايةٍ عوضاً عن الاستعجالِ والاعتمادِ على الحدسِ، وشجّع على الممارساتِ التي تعملُ على مواجهةِ عقليّةِ الخوفِ من إهدارِ الفرصِ.
- الابتكار: أعطِ الأولويةَ لتطويرِ حلولٍ تعتمدُ على احتياجاتِ المستخدمِ واتجاهاتِ السّوقِ طويلةِ الأمدِ، بدلاً من التّفاعلِ مع الاتجاهاتِ القصيرةِ الأمدِ أو أفعالِ المنافسين.
- التّسويق: صمّم استراتيجيّاتِ تسويقٍ تُعطي الأولويةَ لجذبِ اهتمامِ العملاءِ والاستفادةِ من ملاحظاتهم، بدلاً من استغلالِ خوفهم من إهدارِ الفرصِ.
- المبيعات: حدّد أهدافَ المبيعاتِ وهياكل التّعويضِ التي تشجّع على نموٍّ مستمرٍ ومستدامٍ، بدلاً من تحديدِ أهدافٍ متهورةٍ وقصيرةِ الأمدِِِ،، مدفوعة بالخوفِ من إهدارِ الفرصِ.
- النّجاح: حوّل مقاييسك من الإنجازاتِ القصيرةِ الأمدِ بدافعِ الخوفِ من إهدارِ الفرصِ إلى النّموّ والاستدامةِ على المدى الطّويلِ، موجّهاً دعمك للاستراتيجيّاتِ التي تعزّزُ العلاقاتِ طويلةِ الأمدِ مع العملاءِ.
شاهد أيضاً: التخطيط الاستراتيجي بأبسط حلّة: قاعدة السّاعة الواحدة
بصفتك قائداً، لديك القدرة على تشكيلِ مبادئ وأخلاقيّاتِ مؤسّستك. ومن خلال اختيارك لمسلكِ العملِ بحبٍّ، فإنك تلتزمُ بنمطٍ قياديّ من شأنه ألّا يكون أخلاقيّاً ومستداماً فقط، وإنّما أيضاً يدرّ عليك الكثيرَ من الرّبحِ ويمنحكَ الرّضا العميقَ عمّا حقّقته.
تعبّرُ الرّئيسةُ التّنفيذيةُ لشركةِ جنرال موتورز ماري بارا عن الفكرةِ بشكلٍ جيّدٍ، إذ تقولُ: "هدفنا هو بناءُ الثّقةِ مع عملائنا، وهو أمرٌ لا يحدث في ليلةٍ وضحاها. إنّه يأتي من خلالِ ممارساتٍ مستمرّةٍ وصادقةٍ ومستندةٍ إلى القيمِ، وليس من استغلالِ مخاوفهم من إضاعةِ الفرصِ".
فبدلاً الابتعادِ عن السّيرِ تبعاً للسّحرِ الخاطفِ الذي يصاحبُ منهجيّة الخوفِ من إهدارِ الفرصِ، يمكنك بناء رصيدٍ من العلاقاتِ الوطيدةِ، وعقد التّحالفاتِ الاستراتيجيّةِ، وتحقيق النّجاحِ الحقيقيّ.
تبدأ الرّحلةُ بتحوّلٍ بسيطٍ لكنّه في الوقتِ نفسهِ ينطلقُ من رؤيةٍ بعيدةِ المدى، ومن خلالها يتحوّلُ الخوفُ إلى حبٍّ، والصّفقاتُ إلى علاقاتٍ، والنّجاحُ القصيرُ الأمدِ إلى نجاحٍ دائمٍ.