لا تضغط على زر "الإرسال" قبل اتّباع قاعدة أبراهام لينكولن
24 ساعة كافية لتحمي علامتَك التجارية وسمعتك من التّصرفات الطّائشة
خلالَ مسيرتي المهنيّةِ الّتي استمرّت 15 عاماً كمذيعٍ ومراسلِ أخبارٍ تلفزيونيّةٍ، لم يكن هدفي جعلكَ قائداً أفضلَ، بل إبقاؤكَ مستمتعاً متسمّراً أمام الشّاشة.
تركتُ مجالَ الأخبارِ التّلفزيونيّةِ عندما أدركتُ أنّ تغطيةَ الأحداثِ الّتي تجذبُ المشاهدينَ والتقييماتِ لن تُشبعَ رغبتي في توجيهِ الجيلِ القادمِ من القادةِ.
تتبّعُ الأخبارُ التلفزيونيّةُ صيغةً بسيطةً: إعطاءَ الأولويةِ للأخبارِ الّتي تثيرُ مشاعرَ قويةً مثل الخوفِ والصّدمِة والغضبِ.
اليومَ، أصبحتْ خوارزمياتُ وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيِّ أكثرَ قوّةً من أيِّ بياناتٍ كانت تمتلكها منظمّاتِي الإخباريةِ. هذا يعني أنّ الخوارزمياتِ تقرّرُ ما تراه، والأكثرَ إثارةً للقلق، تخطفُ مشاعرَكَ لتثيرَ ردودَ فعلٍ قويةً وعفويةً وفوريةً.
إذا كنتَ مؤسّساً أو صاحبَ عملٍ، فقد أنشأتَ شركتَكَ لتتمتّعَ بمزيدٍ من التحكّمِ على مسارِ حياتكَ وقراراتِكَ وكيفيةِ وصولِ أفكارِكَ إلى السّوقِ.
لماذا قد ترغبُ في التّنازلِ عن التّحكمِ في مشاعرِكَ لأيِّ شخصٍ أو لأيِّ شيءٍ آخرَ؟
في هذا المناخِ السياسيِّ المشحونِ، يكادُ يكونُ من المستحيلِ تجاهلُ جاذبيةِ وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيِّ. ومع ذلكَ، هناك نصيحةٌ بسيطةٌ يمكنُ أن تنقذَكَ من قولِ شيءٍ متسرّعٍ قد يضرُّ بسمعتكَ، أو يُبعدَ الناسَ عن العلامةِ التّجاريةِ التي كرّستَ حياتكَ لبنائها.
تأتي هذه النصيحةُ من قائدٍ ملهمٍ عاشَ قبلَ أكثرَ من قرنٍ من اختراعِ وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيِّ.
رسائلُ أبراهامَ لنكولنَ الغاضبةُ
عندما كانَ أبراهامُ لنكولنَ يغضبُ من شخصٍ ما، كان يكتبُ له رسالةً يُعَبِّرُ فيها عن غضبِهِ. لم يكن يُمسكُ نفسهُ، ويمنعها عن التّعبير. كيفَ نعرفُ هذا إذا لم يقمْ مستلمو تلكَ الرّسائلِ بنشرِها؟ نعرفُ ذلك لأنّ المؤرخينَ عثروا على مجموعةٍ من الرسائلِ التي كتبها لنكولنَ بعدَ سنواتٍ.
تكتبُ المؤرخةُ دوريس كيرنز جودوين في كتابِها "القيادةُ في أوقاتِ الاضطراباتِ" أن "لينكولنَ كتبَ رسائلَ ساخنةً يُعَبِّرُ فيها عن غضبِهِ المكبوتِ". ثمّ كانَ يضعُ الرسالةَ جانباً حتى يهدأَ ويتمكّنَ من معالجةِ الأمرِ برؤية واضحة لا تشوبها مشاعر الغضب. وعندما فتحَ المؤرّخونَ أوراقَ لنكولنَ في بدايةِ القرنِ العشرينَ، اكتشفوا مجموعةً من تلكَ الرسائلِ مع ملاحظةٍ تحتها من لنكولنَ: "لم تُرسلْ ولم تُوقَّعْ".
وفي درسٍ استثنائيٍّ عن حسن القيادةِ، طلبَ لنكولنَ ذاتَ مرةٍ من أحدِ أعضاءِ حكومتِهِ الذي كانَ غاضباً من زميلٍ له أن يكتبَ رسالةً يُعَبِّرُ فيها عن مشاعرهِ، ويعودَ بها في اليومِ التّالي. كتبَ العضوُ الرسالةَ، وأحضرها إلى لنكولنَ، ربما للحصولِ على تعليقاتِ الرّئيسِ أو تعديلاتهِ. لم يقرأْ لنكولنَ الرسالةَ، بل طلب منه أن يرميَها.
"أنت تشعرُ بتحسّنٍ الآنَ. هذا هو كلُّ ما هو يهمّني. والآن ارمِها في السّلةِ"، نصحَه لنكولنَ.
كانَ لنكولنَ سابقاً لعصرهِ؛ فقد أظهرتْ الدّراساتُ الحديثةُ أنّ كتابةَ مشاعرِكَ حولَ حدثٍ سلبيٍّ ثمّ تمزيقها أو التّخلصَ منها تخفّفُ من الغضبِ. وفي العديدِ من الحالاتِ، تقضي هذه العمليةُ على الغضبِ تماماً.
لقد تضرَّرتْ (وفي كثيرٍ من الحالاتِ دُمّرتْ تماماً)، العديدُ من المسيراتِ المهنيّةِ والسّمعةِ والعلاماتِ التّجاريةِ للشركاتِ؛ لأنّ النّاسَ لم يظهروا ضبطَ النّفسِ الذي أبداه لنكولنَ. غضب لنكولن ليس أعقل غضبنا، لكنّه استطاع التحكّمِ فيه بآليةٍ مبتكرة.
لا تُعَرِّضْ علامتَكَ التجاريةَ للخطرِ. لقد عملتَ بجدٍّ لبنائها. لذا في المرةِ القادمةِ التي تشعرُ فيها أنّكَ بحاجةٍ إلى الردِّ أو التّعليقِ أو التّعبيرِ عن نفسِكَ للعالمِ، خاصّةً في حالةِ الغضبِ أو الإحباطِ، لا تضغطْ على زرِّ "الإرسالِ" في منشورِكَ أو بريدِكَ الإلكترونيِّ أو رسالتِكَ النّصيةِ.
بدلاً من ذلكَ، اكتبْها وعدْ إليها بعدَ 24 ساعةٍ. قد تجدُ أنّ "عدم إرسالها" هو الخيارُ الأفضلُ.