الرئيسية الريادة قُد بذكاء: كيف تتحرّر من فخ المهام الصغيرة؟

قُد بذكاء: كيف تتحرّر من فخ المهام الصغيرة؟

استراتيجيات فعّالة للتّخلص من الأعمال الثّانوية والتّركيز على اتّخاذ القرارات المصيريّة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يعيش القادة في خضمّ ضغوطٍ لا تنقطع لتحقيق النّتائج وإدارة الفرق واتّخاذ القرارات الاستراتيجيّة، فضلاً عن التّكيّف مع تغيّراتٍ لا ترحم. ولكن، لنكن واقعيّين، كم من تلك المهامّ الّتي تملأ جدولك اليوميّ تحدث فرقاً حقيقيّاً؟ الحقيقة المؤلمة أنّ العديد منّا يغرق في المهامّ الصّغيرة، تلك الأعمال الدّقيقة الّتي تبدو ثانويّةً، ولا تسهم في تحقيق أهدافك، ولكنّها بطريقةٍ ما تلتهم وقتك وطاقتك.

تُشبه هذه المهامّ الصّغيرة الرّمال المتحرّكة، فهي تسحبك إلى الأسفل، وتفقدك تركيزك، وتبعدك عن الجوهر: الاستراتيجيّة والنّموّ والقيادة. وغالباً ما تتّخذ شكل أعمالٍ غير مرئيّةٍ، مثل التّخطيط لغداء الفريق، وتنظيم الاجتماعات، والقيام بالأعمال العاطفيّة غير المعترف بها والّتي تضمن سير العمل لدى الآخرين، بينما تعيق تقدّمك الشّخصيّ.

ما هي المهامّ الصّغيرة، ولماذا تعيق تقدّمك؟

حسب ما ورد في كتاب "تخلّ عن المهامّ الصّغيرة" (Ditch the Ditty) الصّادر عن "أونيون ريفر برس، 2025" (Onion River Press, 2025) الّذي ألّفه كلٌّ من ليندسي جودوين ومولي ماكغويغن وميريام نوفوتني، فقد آن الأوان للتّخلّي عن هذه المهامّ الصّغيرة نهائيّاً. فالمهامّ الصّغيرة ليست تلك الخطوات الاستراتيجيّة الكبيرة الّتي تدفع منظّمتك نحو النّجاح، بل هي الأعمال الروتينية واليوميّة الّتي تزحف إلى يومك؛ لأنّ رفضها قد يبدو أكثر صعوبةً من تنفيذها، ومن أمثلتها:

  • قبول كلّ دعوة اجتماعٍ، حتّى وإن كانت خارج نطاق اهتماماتك.
  • تولّي دور تدوين الملاحظات، تنظيم الفعاليّات أو حلّ المشكلات بشكلٍ افتراضيٍّ، لمهامٍّ لا تتماشى مع مسؤوليّاتك.
  • القيام بعملٍ إضافيٍّ لتجنّب الصّراعات أو الشّعور بالذّنب أو حتّى لتجنّب الانطباع السّلبيّ بأنّك غير متعاونٍ.

قد تبدو هذه المهامّ في ظاهرها بسيطةً وغير مؤثّرةٍ، لكن عندما تتجمّع تشكّل عقبةً تعرّق الإنتاجيّة والإبداع وقدرتك على القيادة. والأسوأ من ذلك، أنّها ترسّخ الانطباع بأنّك أكثر ملاءمةً لأعمال الدّعم بدلاً من القيام بمهامٍّ استراتيجيّةٍ، وهو تصوّرٌ يثقل كاهل النّساء بشكلٍ خاصٍّ.

لماذا تعدّ المهامّ الصّغيرة استنزافاً لطاقة القيادة؟

إنّ تخصيص وقتك للمهامّ الصّغيرة يعني أنّك لا تكرّس هذا الوقت لما هو مهمٌّ حقّاً، فالقيادة تتطلّب تركيزاً على الصّورة الكاملة: دفع الاستراتيجيّة قُدماً، وتوحيد جهود الفريق، وإلهام الابتكار، فكلّ دقيقةٍ تهدر في مهمّةٍ ذات تأثيرٍ ضئيلٍ تعدّ دقيقةً ضائعةً من وقت قيادتك

والمشكلة الأكبر هي أنّ هذه المهامّ الصّغيرة يُمكن أن تضعف مصداقيّتك كقائدٍ، فعندما تتكرّر أدوارٌ -مثل: منظّم الفريق أو محلّل المشكلات- لديك، قد يُنظر إليك كشخصٍ يتصرّف بدافع ردّ الفعل بدلاً من أن يكون استباقيّاً، ممّا يقلّ من فرصك في الانتقال إلى مهامٍّ ومستوياتٍ أعلى تتطلّب تأثيراً استراتيجيّاً.

لماذا تواجه النّساء معضّلةً خاصّةً في هذا السّياق؟

تُشير الأبحاث إلى أنّ النّساء يتحمّلن عبئاً غير متناسبٍ من المهامّ الصّغيرة، خاصّةً في بيئة العمل، فهنّ أكثر عرضةً لتولّي مهامٍّ غير مؤهّلةٍ للتّرقية، مثل: تنظيم الفعاليّات والتّعامل مع الأعمال الإداريّة، بينما يتركّز الرّجال على مشاريع ذات ظهورٍ أكبر وفرص ترقيةٍ أعلى.

والنّتيجة؟ تجد العديد من النّساء أنفسهنّ عالقةً في أدوارٍ لا تبرز إمكاناتهنّ القياديّة الحقيقيّة. ولتحطيم هذه الدّورة، يتطلّب الأمر أكثر من مجرّد بذل جهودٍ فرديّةٍ، بل أيضاً إحداث تغييرٍ نظاميٍّ يعيد تعريف من يتولّى المهامّ وما هي المسؤوليّات الّتي يجب أن تعزّز دور القيادة.

الخطوة الأولى: قيّم تركيزك القياديّ

ابدأ رحلتك نحو التّحرّر من المهامّ الصّغيرة بتقييمٍ شاملٍ لوقتك:

  • راجع جدولك: كم من الوقت تقضيه في الاجتماعات أو الأنشطة الّتي لا تتماشى مع أولويّاتك؟
  • تفحّص قائمة مهامّك: ما هي المهامّ الّتي يُمكنك تفويضها أو تأجيلها، أو حتّى التّخلّي عنها؟
  • قيّم طاقتك: ما الّذي يستنزف طاقتك ويتركك منهكا، وما الّذي يعيد إليك النّشاط والحيويّة؟

كن صريحاً مع نفسك، فالهدف هو فصل المهامّ الجوهريّة عن تلك الصّغيرة.

الخطوة الثّانية: استعد تركيزك بوضع حدودٍ استراتيجيّةٍ

إنّ التّخلّي عن المهامّ الصّغيرة ليس مجرّد مسألة إدارة وقتٍ، بل هو تغييرٌ في طريقة التّفكير، إذ يعرف القادة الفعّالون كيفيّة رسم الحدود وتطبيقها، وهنا بعض الاستراتيجيّات:

  • قل "لا" بلا تردّدٍ: عندما تعرض عليك مهمّةٌ لا تتماشى مع أولويّاتك، ارفضها بأدبٍ، واستخدم عباراتٍ مثل: "ليس لديّ القدرة على ذلك الآن" أو "هذه ليست من أولويّاتي في الوقت الرّاهن".
  • فوّض بذكاءٍ: لا تعني القيادة القيام بكلّ شيءٍ بنفسك. لذلك، أسند المهامّ إلى أعضاء الفريق الّذين يستطيعون التّعامل معها بكفاءةٍ، لا يحسّن هذا الأداء فحسب، بل يمكّن الآخرون أيضاً.
  • احم وقتك الثّمين: خصّص فتراتٍ للعمل العميق والاستراتيجيّ والتّزم بها، فلا يعدّ هذا تصرّفاً أنانيّاً، بل هو السّبيل لتقديم أعلى قيمةٍ لمنظّمتك.

الخطوة الثّالثة: استبدل المهامّ الصّغيرة بقيادةٍ ذات تأثيرٍ عالٍ

كلّما تخلّيت عن مهمّةٍ صغيرةٍ، فتحت لنفسك مجالاً لشيءٍ أكثر قيمةً:

  • ركّز على أهدافك الكبرى: استثمر طاقتك في المهامّ الّتي تعكس رؤيتك الاستراتيجيّة، سواءً كان ذلك من خلال إرشاد الموظّفين ذوي الإمكانات العالية، أو دفع عجلة الابتكار، أو تعزيز تماسك الفريق.
  • عزّز من تأثيرك القياديّ: استخدم الوقت الّذي استعدته لتظهر نفسك كقائدٍ فكريٍّ، فشارك رؤاك، وشارك في المناقشات الاستراتيجيّة، ودافع عن المبادرات الّتي تتوافق مع خبرتك.
  • مكّن فريقك: علّم أعضاء فريقك كيفيّة التّعرّف على المهامّ الصّغيرة والتّخلّي عنها بأنفسهم، فهذا لا يحسّن من إنتاجيّتهم فحسب، بل يبرز أيضاً دورك كقائدٍ يستثمر في نموّ الآخرين.

الخطوة الرابعة: ابن ثقافةً تتخلّص من المهامّ الصّغيرة

يبدأ التّغيير الحقيقيّ من داخل المنظّمة. وبصفتك قائداً، يمكنك تحديد نغمة العمل لفريقك ومنظّمتك، فشجّع الحوار المفتوح حول عبء العمل والأولويّات، وناقش تأثير المهامّ ذات القيمة المنخفضة، وتحدّ الافتراضات النّمطيّة حول من ينبغي أن يتولّى مهامّ معيّنةً، واحتفل بالمساهمات الاستراتيجيّة لأعضاء فريقك بدلاً من الاحتفاء بالأعمال الرّوتينيّة فقط.

عوائد قيادتك

حين تتخلّى عن المهامّ الصّغيرة، لن تحرّر وقتك فحسب، بل ستزيد أيضاً من تأثيرك القياديّ، إذ ستكتسب وضوحاً وتركيزاً أكبر، ممّا يتيح لك قيادة فريقك بكفاءةٍ وفاعليّةٍ، وستكون قادراً على اتّخاذ قراراتٍ استراتيجيّةٍ تلهم الآخرين لاتّباع خطاك، وتفسح المجال للابتكار والنّموّ وللأعمال الّتي تهمّ حقّاً.

لا يكتفي القادة العظماء بإنجاز المهامّ، بل يحرصون على إنجاز المهامّ الصّحيحة. لذلك، اسأل نفسك: ما هي المهامّ الصّغيرة الّتي تعيق يومك، وما الّذي ستتخلّى عنه لتصبح القائد الّذي تطمح أن تكونه؟ تبدأ رحلة قيادتك المتقدّمة بهذا السّؤال البسيط: هل أنت مستعدٌّ للتّخلّي عن المهامّ الصّغيرة؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: