لا تنخدع وتكافئ الانشغال عند موظفيك!
بدلاً من ذلك، ركّز على الإنتاجية والتأثير وقم بقياسهما
بقلم برنارد كولمان Bernard Coleman، نائب الرئيس لشؤون الموظفين في شركة سوينج إديوكيشن Swing Education
في وظيفتي الأولى كمحترفٍ، كنتُ أفخرُ بوصولي إلى العملِ مبكّراً قبل وصول أيّ شخصٍ آخرَ وغالباً ما كنتُ أغادرُ العمل في السّاعة 6 مساءً لأعودَ إلى المنزل. كانت إنتاجيتي عاليةً واستفدت إلى أقصى حدٍّ من وقتي في العملِ. ومع ذلك، زميلٌ لي كان يأتي متأخّراً وبالتّالي كان يغادرُ المكتب متأخّراً أيضاً، ولكنّهُ كان يقضي معظم اليوم على الهاتفِ يتحدّثُ مع والدتهِ، وكان بصفةٍ عامّةٍ غير جديٍّ في عملهِ. [1]
على الرّغم من أنّني كنتُ أكثر إنتاجيّةً، إلّا أنّ "الانطباعَ العامَّ عن الانشغالِ" فضَّل زميلي الثّرثار الّذي يتأخّرُ عن العملِ. لم يكن أيّ شخص موجوداً في العمل عندما كنتُ أصل، لذلك لم يكن أحدٌ يعلمُ مقدار الوقتِ الّذي قضيته هناك، بينما بدا الّذين بقوا في العملِ حتّى وقتٍ متأخّرٍ أكثرَ تفانيّاً وإنتاجيّةً منّي لأنّهم ظهروا كأنّهم يبذلون مزيداً من الجهدِ.
لقد خسرت في حربِ الانطباعاتِ وفازوا بشارةِ الانشغالِ.
شاهد أيضاً: تأثير بيئة العمل على الإنتاجية بطريقةٍ إيجابية وبناءة
ليس هناك عيب في أن تكونَ مشغولاً، ولكنّ الأمرَ يصبحُ مضرّاً بالإنتاجيّةِ عندما تكونُ مشغولاً في الأمورِ الخاطئةِ. الأسوأُ من ذلك هو عندما يُخدعُ المدراءُ بسهولةٍ بهذا الأداءِ المزيّفِ. ونظراً لأنّنا جميعاً نناضلُ مع الوضعِ الجديدِ للفرقِ الموّزعةِ، والعملِ المختلطِ، وتحديدِ الفترةِ الزّمنيّةِ لاستعادةِ العملِ بعدَ الأزمةِ، فإنّ العديدَ من الشّركاتِ تأملُ في الحصولِ على حصيلةٍ إنتاجيّةٍ جيّدةٍ، ولكنّها في كثيرٍ من الأحيانِ تُكافئ الموظّفين على الانشغالِ المزيّفِ.
تكمنُ المشكلةُ في أنَّ كثيراً منَ المدراءِ لا يدركون مفهوم قياس جودة الأداء بشكلٍ كاملٍ. ونظراً لكوننا نتكيّفُ مع طرقِ عملٍ جديدةٍ، فمن المهمّ أن نعطي الأولويّةَ للحصيلة الإنتاجيّة على الانشغال المزيّف. ويمكنُ أن يكونَ تقييمُ الأداء بشكلٍ موضوعيٍّ أمراً صعباً، لذلكَ نقدّمُ لك بعض النّصائحِ، لتفكّرَ بها كمديرٍ، في تقديمِ التّغذيةِ الرّاجعةِ، وتقييم الأداء بشكلٍ حقيقيٍّ، وتجنّب منحِ شارةِ الانشغالِ.
الأداء فوق الشعبية
غالباً ما تحدّدُ الشّركاتُ أهدافاً ومؤشّرات أداءٍ رئيسيّةٍ شاملةٍ، ثمّ تعودُ ولا تقيّم تطوّر موظّفيها وفقاً لتلك الأهداف المحدّدة. فبدلاً من الحصيلة والتّأثير والقيمةِ المضافةِِ، تأتي الاعتبارات الذّاتيّةُ لتؤثّرَ سلباً على عمليّة إدارة الأداء.
لقد شاركتُ في العديد من جلسات معايرة مراجعة الأداء على مرِّ السّنين، ورأيتُ أنَّ الموظّفَ المحبوب والشّعبيّ يحصلُ على تقييماتٍ أعلى من الموظّف غير المعروف. لقد أثار التناقضُ شكوكي بما أنّنا لم نقم بتقييمِ أداءِ الموظّفِ بشكلٍ كاملٍ وفقاً لما كان من المفترضِ أن يحقّقهُ.
ما أراه عيباً في مراجعاتِ الأداءِ هو أنّ الموظّفين والمدراءَ يبنون مراجعاتهم على الحصيلةِ والمخرجاتِ، ولكنّهم لا يتحقّقون من أنّ المخرجاتِ متوافقةٌ مع ما كان من المقرّرِ تحقيقهُ أو حتّى يأخذوا بعينِ الاعتبارِ مدى تعقيدِ عملِ الموظّفِ بالمقارنةِ مع زملائه. يجبُ أن يكونَ هدفُ الأداءِ كجزءٍ من عمليّةِ المعايرةِ هو تحقيقُ هذا التّوافقِ، ومن ثمّ مكافأة أولئكَ الّذين أحرزوا تقدّماً في تحقيقِ الأهدافِ، والّذين يرقونَ إلى الصّفات المنشودةِ، ويجسّدونَ القيمَ، ويضيفونَ تأثيراً شاملاً على الشّركةِ.
لجعلِ دورة الأداء أكثرَ موضوعيّةً، يجبُ على المؤسّساتِ إدراج ورش عملٍ تناقشُ أنواع الانحيازِ المختلفةِ، وتضمنُ فهم الجميعِ لكيفيّة قياس الأداء، وتوضّح الأهداف والتّقدّم والتّأثير كمعايير ثابتةٍ.
شاهد أيضاً: طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم
احتكار العمل
شيءٌ رأيتهُ على مرّ السّنين في مسيرتي المهنيّةِ، خاصّةً بعد جولةٍ من التّسريحِ من العملِ، هو احتكارُ العمل. واحتكارُ العملِ هو عندما يحتفظ الأشخاص بالمهامِّ والمعلوماتِ التي يمكنُ مشاركتها أو تفويضها. يحدثُ ذلك لأسبابٍ كثيرةٍ، فأحياناً يكون الدافعُ وراءَه الرّغبةُ في الظّهورِ أكثر انشغالاً لضمانِ الاستقرارِ في الوظيفةِ، أو الرّغبةُ في السّيطرةِ، أو الحصولِ على مزيدٍ من التّقديرِ، أو الكماليّةِ، أو حتّى نقصٍ في الثّقةِ.
احتكارُ العملِ ليس ضارّاً للموظّف فقط، بل يمكنُ أن يؤثّرَ سلباً على الفريقِ والشّركة كذلك. يمكنُ أن يؤدّي إلى الاحتراقِ المهنيّ، وتقليل العمل الجماعيّ وتطوير المهارات، وتقليل فرص النّموّ. وللحدّ من هذهِ المشكلة، يجبُ على الشّركات تعزيز التّعاونِ بين الأقسام المختلفة، وتقديم تدريبٍ في تفويضِ المهامّ وإدارة الوقت كجزءٍ من عمليّةِ مراجعة الأداء.
شاهد أيضاً: الأخطار الخفية للسرية
التوزيع القسري
ما يزالُ بعض المدراء متمسّكينَ بمبادئ الإدارةِ القديمةِ مثل تصنيفِ الأداء، ثمّ إقالة نسبةِ 10% من أدنى التّصنيفِ، وهو مبدأ أصبحَ مشهوراً بفضلِ جاك ويلش. تمّ تجديدُ هذه المبادئ وتقديمها كأمورٍ مبتكرةٍ، ولكنّها لا تزالُ تشبهُ بشكلٍ كبيرٍ أسلوب الإدارة القديم لويلش، والّذي أعتبرهُ غير فعّالٍ، خصوصاً عندما نأخذُ في الاعتبارِ مدى اعتماد إدارة الأداء على العوامل الذّاتيّةِ والتّحيّزِ. على سبيلِ المثالِ، أظهرتِ الدّراساتُ الأخيرةُ أنَّ أنظمةَ تصنيف الأداء التّقليديّة غالباً ما تؤدّي إلى انعدام الحافز وتقييماتٍ غير عادلة.
تحتاجُ الإدارةُ الفعّالةُ إلى تحويلِ نفسها نحوَ غرسِ قيمٍ إداريّةٍ جديدةٍ. فطبيعةُ العمل المتطوّرة تتطلّبُ المزيدَ من التّفكيرِ العميقِ والطّرائقِ الجديدة مقارنةً بما كان يُعلنُ عنهُ قبل 40 عاماً، لأنَّ تلك الطّرائق لم تعد فعّالةً، وهناكَ شكٌّ في مدى فعاليتها في الأصل. الاستمرارُ في التّمسّك بالأساليب القديم يحافظُ على المظالمِ القائمة، سواءً كان ذلك قبل الجائحة أم الآن. وللمضيّ قدماً، يجبُ علينا أن نعطيَ الأولويّةَ للعدالة ونتخلّص من هذه الممارسات القديمة الّتي أكلَ الدهرُ عليها وشربَ.
دائماً سيكونُ هناكَ أداءٌ عالٍ وأداءٌ منخفضٌ، ولكنّ الوقتَ قد حانَ لإعادةِ تعريفٍ ما يمثّلُ النّجاحَ والقيمةَ في مكانِ العملِ، خصوصاً فيما يتعلّقُ بالاعترافِ بمساهماتِ الأشخاصِ الّذين يؤثّرونَ بصمتٍ. يجبُ أن نحتفي بالعملِ الجادِّ وتحسينِ العمليّاتِ، بدلاً من التّمثيلِ في مكانِ العملِ.
الاستحقاق
أخيراً، هناكَ مشكلةٌ كبيرةٌ يتجاهلها الجميع، ألا وهي الاستحقاقُ الذّاتيّ. إنّها تشملُ موظّفين يقلّلونَ من قيمة إنجازاتهم ولا يروّجون لأنفسهم. هذه المشكلةُ تؤثّرُ غالباً في الأشخاصِ من ذوي البشرة الملوّنة والنّساءِ ممّن لُقِّنوا أنّ العملَ الجادّ وحده يؤدّي إلى الاعترافِ العادل بهم. لكنّ الحقيقةَ المؤسفةَ هي أنّ العملَ الاستثنائيّ لا يتحدّثُ عن نفسه، بل إنّه يتطلّبُ دفاعاً ذاتيّاً وتأييداً لقيمته الحقيقيّة كي يُعترفَ بها.