كيف تكون شخصاً استثنائياً بخطوات بسيطة؟
اجعل التّميز عادةً من خلال القيام بالأشياء الملفتة الصغيرة، فهي بداية لسلسلةٍ من الأعمال المميزة اللاحقة
أترغب في أن تكون متميَّزاً؟ إذا كان الجواب نعم، ابدأ بالتَّصرف بنيّة أن تكونَ كذلك، حتَّى إذا كان ما تفعله لا أحدٌ يراه، أو خاصَّةً إذا كان لا أحد يرى ذلك. في كتابه "Unreasonable Hospitality" يروي ويل جويدارا قصَّةً عن مطعم Eleven Madison Park ويقول:
"لقد درّبنا الأشخاص الَّذين يعدّون مائدة الطَّعام لوضع كلِّ طبقٍ في مكانٍ معينٍ، بحيث إذا قلبه الضَّيف ليرَ من صنعه، سيكون الختم الخاصُّ بشركة Limoges ماثلاً أمامه بالاتِّجاه الصَّحيح. لكن ربَّما يقلب واحدٌ أو اثنان فقط من الضُّيوف هذا الطَّبق كلَّ شهرٍ، ولنفرض أنَّهم فعلوا ذلك، هل سيخمِّنون أنَّنا تعمَّدنا وضع الختم في ذلك المكان؟ كذلك قد يقلب بعض النَّاس الطَّبق بطريقةٍ غير متوقَّعةٍ، بحيث لا يكون ختم الشَّركة ضمن مجال رؤيتهم.
على أيَّة حالٍ، لا بأس في ذلك، لأنَّه سواءً قام شخصٌ ما بقلبه أم لا، فقد أدَّى الطَّبق الموضوع بطريقةٍ مدروسةٍ الغرض المطلوب بالفعل، وهكذا أدركنا أنَّ الطَّريقة التي يتبعها المرء لأداء شيءٍ واحدٍ هي الطَّريقة التي يؤدِّي بها كلَّ شيءٍ، واكتشفنا، مراراً وتكراراً، أنَّ الدِّقَّة في أصغر التَّفاصيل تترجم إلى دقِّةٍ في التَّفاصيل الأكبر".
إنَّ وضع الطَّبق بطريقةٍ معيّنةٍ حدَّد كيف أدَّى هو وفريقه مهمتهم، فالاهتمام، والتَّركيز، والالتزام في التَّميُّز في شيءٍ واحدٍ، ساعد في ضمان الاهتمام، والتَّركيز، والالتزام في التَّميُّز في كلِّ شيءٍ، وعلى هذا النَّحو تستطيع تحقيق التَّميُّز، وليس من خلال أفكارٍ عظيمة الشَّأن أو لفتاتٍ كُبرى، ولكن عن طريق فعل أمرٍ صغيرٍ لا يفعله أحدٌ آخر أو لن يفعله:
- كسائق سيارات السِّباق Nascar كورت بوش، الذي أرسل لي رسالةً نصيَّةً بعد ساعاتٍ قليلةٍ من مقابلتي له؛ ليسألني إذا كان لديّ كلُّ ما أحتاجه، فليس من عادة الرِّياضيين المحترفين إبداء الاهتمام والمتابعة، لكن كورت فعلها.
- كعازف الغيتار في فرقة Guns N' Roses داف ماكيغان، الذي عندما علم أنَّني بصدد إلقاء محاضرةٍ في TED قال: "دعنا نتحدَّث عن ذلك"، وقدَّم لي نصائح من أجل التَّحضير للإلقاء ونصيحةً ملهمةً كنت في أشدِّ الحاجة إليها، على الرَّغم من أنَّ الشَّخصيَّات المشهورة التي تروِّج لمنتجٍ ما أو لأمرٍ معينٍ (وهو السَّبب الوحيد الذي يوافقون فيه على المقابلات) لا يفعلون ذلك أبداً، لكن داف فعلها.
- كريتشارد برانسون الذي أرسل لي رسالةً لشكري على شيءٍ قلته عنه، وهذا أمرٌ لم نعهده لدى رجال الأعمال المرموقين الَّذين يتمتَّعون بالشُّهرة والثّراء، فهم في العادة لا يضطرون لشكر أحدٍ على أيِّ شيءٍ، لكن ريتشارد فعلها.
هل يمكن عدُّ مثل هذه الأمور لفتات عظيمة؟ لا أبداً، بل هي أمورٌ صغيرةٌ وبسيطةٌ، ومع ذلك، فهي ملفتةٌ ورائعةٌ، فإذا كنت ترغب في تحقيق نتائج مختلفةٍ، ابدأ بالتَّصرُّف بشكلٍ مختلفٍ، ولا تسبح مع التَّيار، ولا تفعل ما يفعله الآخرون وتتوقَّع تحقيق التَّميُّز، إن لم نقل التَّفوُّق، فهذا ما يفعله معظم النَّاس، وهذا هو السَّبب في أنَّك ستجد نفسك وحيداً عند بذلك جهوداً أكثر ممّا يفعله الآخرون.
وهذا هو أيضاً السَّبب في أنَّ بذل المزيد من الجهد بإمكانه أن يفتحَ باب الفرص أمامكَ على مصراعيه، وكأن تستيقظ باكراً، أو تسهرَ من أجل القيام بأمرٍ ما، أو من خلال إجراء المزيد من المكالمات الهاتفيَّة، أو إرسال المزيد من رسائل البريد الإلكتروني، أو القيام بالبحث أكثر، أو مساعدة العميل في تحميل شحنةٍ ما أو تفريغها، ولا تنتظر حتَّى يُطلب منك ذلك، بل بادر بفعل مثل تلك الأمور من تلقاء نفسك.
شاهد أيضاً: الخطوة الأولى نحو التميّز القيادي المستدام والأصيل
وفي كلِّ مرَّةٍ تقوم فيها بأمرٍ ما، فكِّر في أمرٍ إضافيٍّ يمكنك فعله، خاصَّةً إذا لم يكن الآخرون يقومون بمثل هذا الشَّيء، بالتَّأكيد أنَّك ستجد صعوبةً في ذلك، لكنَّ هذا ما سيجعلك مختلفاً، ومع مرور الوقت، سيجعلك شخصاً استثنائيَّاً ومتميّزاً. وكما يقول ستيف جوبز:
عندما تكون نجَّاراً تصنع خزانة أدراجٍ جميلةً، فلن تقوم باستخدام قطعةٍ من الرَّقائق الخشبيَّة المضغوطة على الخلف، حتَّى وإن كانت تواجه الحائط ولن يراها أحدٌ أبداً، ولكنَّك ستعلم أنَّها ستوضع هناك في مكانٍ ما، لذلك ستستخدم قطعةً جميلةً من الخشب على الخلف.
فعليك إذاً البدء بفعل شيءٍ واحدٍ، مجرَّد شيءٍ واحدٍ بنيَّة أن تكون متميّزاً، وقد لا يلاحظه الآخرون أو يرونه. لكنَّ ذلك سيؤدِّي إلى القيام بالمزيد من الأشياء الملفتة والمتميَّزة، مهما كانت صغيرةً، بادر بأخذ الخطوة الأولى، وسيتبعك الآخرون حتماً، ومع الوقت، سيلاحظ الجميع ما قمت به.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.