الرئيس التنفيذي لـMicrosoft: Copilot سيغير طريقة عملنا
في حدثٍ خاص، أطلقت مايكروسوفت "كوبيلوت" للجمهور وأكدت على أنه سيغير جذرياً طريقتنا في التفاعل مع التكنولوجيا.
في حدثٍ خاصٍّ بمدينةِ نيويورك يومَ الخميسِ، 21 سبتمبرَ، قدّمتْ مايكروسوفتْ تحديثاتٍ لبرمجياتهَا وأجهزتهَا المحمولةِ من سلسلةِ Surface. ورغمَ أنَّ البعضَ قدْ يتطّلعُ للحاسوبِ المحمولِ الجديدِ من نوعِ Surface Laptop Go 3 أو Surface Laptop Studio 2، إلّا أنّني لا أعتقدُ أنَّ أيّاً منهمَا كانَ محطّ الاهتمامِ الأوّلِ فيمَا تحدثتْ عنهُ مايكروسوفت.
ذلكَ لأنَّ مايكروسوفتْ أعلنتْ خلالَ الكلمةِ الرّئيسةِ عن إطلاقِ مساعدهَا الذّكيّ المدعومِ بالذّكاءِ الصّناعيّ، المعروفِ باسمِ كوبيلوت، للعمومِ. إذا كنتَ تذكرُ، فقدْ أعلنتْ مايكروسوفت عن كوبيلوت في مارسَ الماضيّ.
ببساطةٍ، كوبيلوت هو أشبهُ بأنْ يكونَ لديكَ ChatGPT مدمجٌ في جميعِ تطبيقاتِ مايكروسوفت الخاصّةِ بكَ، مثلُ ويندوز، وإيدج، وإكسلَ، وباوربوينتْ. في الواقعِ، هو حرفيّاً ChatGPT، أو بالأحرى، يَحتوي على OpenAI مدمجٍ، لكنْ بدلاً من استخدامِ النّماذجِ اللّغويّةِ الكبيرةِ (LLMs) الّتي تمَّ تدريبهُ عليهَا فقطْ، فهوَ يعرفُ السّياقَ وقادرٌ على التّفاعلِ معَ بياناتكَ والبرمجيّاتِ الّتي تعملُ عليهَا على جهازِ الكمبيوترِ الخاصّ بكَ. وللأمانةِ، هناكَ أكثرُ من ذلكَ بكثيرٍ، لكنْ هذهِ هي الفكرةُ الأساسيّةُ.
وهَذا يعَني أنّهُ يمكنُ لكوبيلوت تلخيصَ بريدٍ إلكترونيّ في Outlook، أو صياغةِ ردٍّ بناءً على ملاحظاتِ الاجتماعِ في Word، أو تحليلِ جدولِ بياناتٍ في Excel، أو حتّى إعدادَ عرضٍ تقديميّ في PowerPoint استناداً إلى اقتراحٍ تسويقيّ. أو يمكنكَ ببساطةٍ تفعيلَ كوبيلوت في نظامِ التّشغيلِ Windows وكتابةِ "تفعيلِ الوضعِ الدّاكنِ" أو "بدءٍ مؤقّتِ التّركيزِ"، وسيقومُ بتنفيذِ ذلكَ.
بحسبِ ما أفادَ بهِ ساتيا ناديلا، الرّئيسُ التّنفيذيّ لمايكروسوفت، يُمثّل "كوبيلوت" فئةٍ حوسبيّةً جديدة ًبالكاملِ. إذْ لا يقتصرُ الأمرُ على حداثتهِ، بلْ يرى ناديلا أنّهُ سيعيدُ تشكيلَ طريقةِ عملنَا وتفاعلنَا مع الأجهزةِ الإلكترونيّةِ. وهناكَ احتمالٌ كبيرٌ أنْ يكونَ محقّاً في ذلكَ.
"تعادلُ أهميّةِ كوبيلوت تلكَ الّتي كانتْ للحاسوبِ الشّخصيّ في الثّمانينيات، وللويبِ في التّسعينيات، وللهواتفِ المحمولةِ في الألفيناتِ، وللحوسبةِ السّحابيّةِ في العقدِ الحاليّ"، هكذا عبّر ناديلا. "كمَا تُقلعُ بنظامِ التّشغيلِ للدّخولِ إلى التّطبيقاتِ، أو تستعرضُ الإنترنتَ باستخدامِ متصفّحٍ، ستدرجُ كوبيلوت ضمنَ روتينكَ لإنجازِ هذهِ الأنشطةِ وأكثرَ منهَا".
العروضُ التّوضيحيّةُ رائعةٌ، وروعتهَا لا تقتصرُ على عرضٍ واحدٍ، فكلُّ عرضٍ توضيحيٍّ للذّكاءِ الاصطناعيّ شهدتُهُ في الثّمانيّة عشرةَ شهراً الأخيرةَ فاقَ التّوقعاتِ. ونظراً لأنّ كلُّ شركةٍ تكنولوجيّةٍ تسعى لتقديمِ عروضهَا التّوضيحيّةِ، فقدْ شاهدتُ الكثيرَ منها. وما يستحقُ أنْ نقفَ عنده هوَ ما يترتّبُ على استخدامِ هذه التّكنولوجيا بشكلٍ يوميٍّ.
يقطع مايكروسوفت وعداً ضخماً بخصوص كوبيلوت. فقد غيّر الحاسوب الشخصي بشكلٍ جذري كيفية تفاعل الناس مع المعلومات والتواصل مع العالم، وكانت مايكروسوفت في صدارة هذا التحوّل.
حقّقَ الإنترنتُ أبعدَ منْ هذا، إذْ أتاحَ للنّاسِ البحثَ عنِ المعلوماتِ من أقاصي الأرضِ والتفاعلِ مع العالمِ بأسرهِ. ورغمَ أنَّ مايكروسوفت شاركتْ في هذا النّجاحِ، إلا أنّ تجربتنا الرّاهنةُ مع الشّبكةِ العالميّةِ تعودُ في جوهرهَا إلى عملاقٍ تكنولوجيٍّ آخرَ، وهوَ جوجلْ.
ومنَ المؤكّدِ، أنّ الهاتفَ المحمولَ هوَ الجهازُ الأكثرُ شخصيّةً بين جميعِ الحواسيبِ، ويُمثّلُ الوسيلةَ الأساسيّةَ الّتي يستعينُ بها النّاسُ للتّنقلِ في فضاءِ الإنترنت. وفي هَذا الإطارِ، تظلّ آبل هي القوّةُ الرّئيسةُ الّتي تشكّلُ هذه التّجربةَ، بينمَا تأتي مايكروسوفت في موقعٍ ثانويٍّ.
يُظهرُ الأمرُ جديةِ نوايا مايكروسوفت عندما تعتقدُ الشّركة أنَّ كوبيلوت والذّكاءَ الاصطناعيّ التّوليديّ قدْ يحملانِ أهميّةٍ تضاهي تلكَ الّتي كانَ للحاسوبِ الشّخصيّ، الإنترنت، والهاتفِ المحمولِ. ولا يُستبعدُ أنْ تسعى الشّركةُ بكلّ جهدٍ لاستعادةِ مكانتها الرّياديّةِ منْ خلالِ النّجاحِ في هذهِ المعركةِ الحاسمةِ.
"نحنُ على قناعةٍ راسخةٍ بأنّ لدى كوبيلوت الإمكاناتُ الكافيةُ، لتعزيزِ معرفتكَ وإنتاجيتكَ وإبداعكَ، بالإضافةِ إلى توطيدِ علاقاتكَ بالبشرِ والعالمِ المحيطِ بكَ"، هكَذا صرّحَ ناديلا.
ومعَ ذلكَ، أعتقدُ أنَّ هناكَ تحدّيين يواجهاننَا. الأوّلُ، هوَ هلْ سيهتمّ النّاسُ بذلكَ حقّاً؟
تعتمدُ الإجابةُ على مدى قدرةِ الذّكاءِ الاصطناعيّ على التّحوّلِ من مجرّدِ لعبةٍ تكنولوجيّةٍ إلى جزءٍ لا يتجزّأ منَ الحياةِ اليوميّةِ. منَ المفترضِ أنْ يدركَ النّاسُ فائدةَ هذه التّكنولوجيا، لكنَّ هَذا لا يعني بالضّرورةِ أنّهم سيتّبنونهَا.
بالنّسبةِ لكثيرٍ من الأفرادِ، وخصوصاً أصحابُ الأعمالِ الصّغيرةِ، تكمنُ الفائدةُ في التّطبيقِ العمليّ. القدرةُ على استخدامِ أداةٍ قادرةٍ على تلخيصِ المعلوماتِ، أو إطلاقِ مشروعٍ جديدٍ، أو حتّى تنظيمُ وفهمُ المشروعاتِ المعقّدةِ، تعتبرُ ميزةً لا تقدّرُ بثمنٍ. ليسَ منَ المؤكّدِ أنّها ستحلّ محلَّ الوظائفِ، لكنّها بالتّأكيدِ قادرةٌ على تعظيمِ إنتاجيّةِ الفريقِ بشكلٍ ملحوظٍ.
"تعلمونَ، انطلقتْ في مايكروسوفت برؤيةٍ تهدفُ إلى وضعِ حاسوبٍ شخصيٍّ في كلّ منزلٍ وكلّ مكتبٍ. اليومُ، نحنُ نطمحُ لجعلِ كوبيلوت أداةَ تمكينٍ لكلّ فردٍ وكلِّ منظّمةٍ على وجهِ الأرضِ لتحقيقِ المزيدِ"، صرّحَ ناديلا.
والسؤالُ الأكثرُ إلحاحاً يتعلّقُ بمدى استعدادِ النّاسِ لدفعِ الثّمنِ الّذي تحدّدهُ مايكروسوفت مقابلَ استفادتهمْ منْ كوبيلوت. حاليّاً، يتطلّبُ استخدامُ كوبيلوت ضمنَ مايكروسوفتْ 365 ترخيصاً مؤسسيّاً بقيمةِ 30 دولاراً للمستخدمِ الواحدِ، إضافةً إلى الاشتراكِ الأساسيّ.
يتمتّعُ هؤلاءُ المستخدمونَ بحمايةِ بياناتٍ مُعزّزةٍ، ممّا يضمنُ عدمَ استغلالِ بياناتهم في تدريبِ نماذجَ اللّغةِ. بالإضافةِ إلى ذلكَ، يحصلونَ على فرصةِ استخدامِ تجربةِ Bing Chat Enterprise ضمنَ كوبيلوت لنظامِ التّشغيلِ Windows 11.
"نحنُ نؤمنُ بأنَّ كوبيلوت سيعيدُ تشكيلَ علاقتنَا بالتّكنولوجيا جذرياً وسَيقودنا نحوَ عصرٍ جديدٍ من الحواسيبِ الشّخصيّةِ،" هكذا أكّدَ ناديلا. إنّهُ وعدٌ طموحٌ، لكنَّ مايكروسوفت تظهرُ عزماً قويّاً على تحقيقهِ.